عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة عرابة جنوب غرب مدينة جنين    بعد موقعته مع كلوب.. ليفربول يفرط في خدمات محمد صلاح مقابل هذا المبلغ    أزمة في "غرف" الأهلي قبل مواجهة الإسماعيلي في بطولة الدوري    مواعيد مباريات برشلونة المتبقية في الدوري الإسباني 2023-2024    «أمطار رعدية وتقلبات جوية».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين في مصر    الحجار يروى رحلة محمد فوزى فى 100 سنة غنا بالأوبرا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    مصنعو السيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن المركبات الكهربائية    أسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة.. روجينا تنعى المخرج عصام الشماع    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    عاجل.. حادث خطير لطائرة في مطار الملك خالد الدولي ب السعودية |بيان    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكرم القصاص يواصل فوازيره.. 15 فزورة تجعل حياة المواطن لغزا كبيرا.. المرتب والعلاوة ونسبة النمو والموازنة ونصف الكوب والعنقاء والخل الوفى
فوازير رسمية وفوازير شعبية ..
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 08 - 2010

◄◄ محدودو الدخل لايمكنهم إكمال خمسة أيام والحكومة ترد عليهم بلوغاريتمات الموازنة
◄◄ نصدر الغاز ونستورده ولا نجد ما يكفى لإنتاج الكهرباء.. المواطن يتظاهر ضد الحكومة ويجد نفسه فى مواجهة الداخلية
الناس على المقاهى وفى الشوارع والموظفون فى المكاتب والفلاحون فى الحقول والطلاب على الإنترنت وربات البيوت أمام التليفزيون مهمومون بحل الألغاز والفوازير وإذا كانت الحكومة والحزب الوطنى والنظام صنعوا فوازير سياسية واقتصادية تعجز أى عقول عن حلها، فالناس تعيش الألغاز والفوازير كل ساعة وكل يوم.
الحياة أصبحت فى مصر مجموعة من الألغاز. المواطنون الذى تسميهم الحكومة غير القادرين أو المحدودين، وهم الأغلبية الغالبية التى تشكل 60 مليونا على الأقل من الثمانين مليونا الذين يعيشون على أرض مصر. المواطن أمام فزورة تبدأ من المرتب أو الدخل ولا تنتهى مع أزمات ومشكلات بلا حل. كيف يمكن لكل هؤلاء المواطنين أن يعيشوا بدخل محدود لا يتجاوز العشرين جنيهاً فى اليوم ومن أول أسبوع من الشهر حتى آخره حائرون. لا يعرف المحدود كيف يبدأ الشهر أو ينهيه يعمل وظيفيتين والدخل لا يكفى. أكبر فزورة تعجز عن حلها الرياضيات والهندسة والفيزياء وحساب المثلثات لأنه يدخل ضمن الفراغية. وكل طرق الحساب تقول له إنه لا يفترض أن يكون حياً يرزق.
الأسبوع الماضى عندما تحدثنا عن فوازير السياسية والاقتصاد والفساد قال كثيرون إن الفوازير والألغاز أكثر بكثير لدينا 80 مليون لغز وفزورة تستعصى على الحل. المواطن يسمع ويقرأ تصريحات الحكومة التى تصف حاله أنه سعيد ومبسوط وتقدم أرقاماً تقسم برأس والدها أنه أسعد المخلوقات وهو لغز آخر فى الموازنة ونسبة النمو وخلافه.
مواطن ولا محدود ولا الهوا رماك ومن هو غير القادر؟
اعتادت الحكومة والحزب الوطنى أن يطلقوا على المواطن أسماء دلع منها المحدود وتقول إنها تعمل من أجل المحدود وتسهر على راحة المحدود، ويعنى العاجز عن تمضية خمسة أيام من الشهر بدون مشاكل.. هم فى البيانات والتقارير التنموية حوالى 40 مليونا لكنهم عند الدكتور عثمان محمد «أرقام» وزير التنمية الاقتصادية خفضهم أقل من عشرة ملايين. والخلاف حول نسبة الفقراء أحد الخلافات المنهجية بين المواطن والحكومة فالفقراء يملأون البلد فى القرى والعشوائيات. الحكومة تقول للمواطن أنت سعيد وكويس بينما يجد نفسه عاجزاً وضائعاً وفقيراً ومهاناً.
المواطن العادى المحدود الدخل والقدرة والذى بلا حول ولا قوة يعانى من كل المشكلات المزمنة والحادة. المواطن أصبح عاجزاً عن مجاراة الارتفاعات والقفزات فى الأسعار، التى تجاوزت قوانين السوق إلى نوع نادر من القوانين الاقتصادية لا يوجد إلا فى مصر.. الحكومة تتصور طوال الوقت أن الخلاف بينها وبين المواطن هو فقط فى الأرقام. أما المواطن فهو الاسم الذى تطلقه الحكومة والنظام والحزب الوطنى ويذكر فى بيانات الحكومة ومجلس الشعب ويتحدثون باسمه فى المنتديات والفضائيات. أو عندما يريدون منه المشاركة فى العملية الانتخابية التى لا يعرفها ولا يشارك فيها.
حسبة برما.. رصيدك انتهى ودخلك لا يكفى
نصف المصريين دخلهم أقل من 500 جنيه فى الشهر وربع المصريين دخلهم أقل من 200 جنيه فى الشهر ونصف الربع أقل من خمسين جنيها ومع هذا يعيشون أو يتنفسون، بحسبة عادية تكتشف أن المواطن يحتاج 200 جنيه عيش مدعم بعد الوقوف فى الطوابير، و150 جنيها انتقالات فى المترو والميكروباص والأتوبيس، وإذا أكل لحمة من الجمعية يحتاج 2 كيلو بسبعين جنيه لمرة واحدة، والفول والطعمية للإفطار يحتاج إلى 100 جنيه، لم نتحدث عن مغامرات لأكل اللحمة أو الفاكهة أو العصير، الحسبة غير مستقرة.. المواطن يعيش بعملين أو أكثر لن يؤدى فى أى عمل كما ينبغى. لأنه لا يحصل على أجر كما ينبغى. هذا المواطن مطلوب منه أن يحب البلد ويعيش بشكل عادى ويضحك ويقعد على القهوة ويزور ويزار.
لوغاريتمات بيان حكومة..
بيان الحكومة، كل حكومة يزدحم بالأرقام واللوغاريتمات ومئات المليارات الكثير من البرامج والوعود والمساكن والسلع والوظائف. والنشويات والإنشاءات والبروتينيات.
مثلاً الدكتور أحمد نظيف قال إن الحكومة تنحو باتجاه الواقعية وتكره الوعود الوردية البراقة والفضفاضة وللمفارقة فقد كانت هذه العبارة هى ذات نفسها التى قالها قبله الدكتور عاطف عند إلقاء بيانه الأول وبياناته التالية يرحمها الله. الدكتور أحمد أصر كما هى عادته على أن يكون معلوماتياً وإلكترونياً ونيوترونياً، بل وذرياً. بيان الحكومة ازدحم بالوعود عن تعيينات وفرص عمل ورعاية صحية غير مسبوقة وتعليم وتربية وترفيه وتسالى. يكاد يكون منقولاً من برامج الحكومات السابقة. تحدث عن محدودى الدخل والإسكان الاقتصادى والدعم بكلمات مطاطة.البرنامج يتكون من 10 برامج تنموية ذات خطوات تنفيذية, وصبغة تشكيلية، ومن الاستثمار إلى التشغيل, حتى تهيئة المناخ وإزالة الحواجز والشعر الزائد. مع تخفيف الأعباء، وتطوير القطاع وتحديث القواعد وعقد الاتفاقيات وفتح الأسواق الخارجية. مع ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه, بالباراشوت أو البريد الإلكترونى. فضلاً عن الخدمات وتوصيل المياه والكهرباء والإسكان الاقتصادى إلى المنازل. وإعادة الهيكلة وتنمية الأنشطة. وجودة التعليم, وتدعيم الرعاية الصحية. والحفاظ على الثروات والتركيب المحصولى والمناخ السياسى والتشريعى ودعم الديمقراطية, وتشجيع المشاركة وتعميق الممارسة وتصليح الحوار، والدخول الخارج نحو التواصل الانبعاجى المتواتر, وتعزيز المعزز وتوسيع الموسع وتسطيح المسطح كل هذا لم يتحقق واصبح المواطن العادى والمحدود عاجزاً عن فهم ماهو موجود فى برامج الحكومة وموازناتها.
برنامج العشرة برامج
رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف تولى رئاسة الحكومة منذ صيف 2004، وفى ديسمبر 2004 ألقى بياناً أمام مجلس الشعب أعلن عن برنامج «العشرة برامج» لم يترك فيه كبيرة ولاصغيرة تحدث عن الاستثمار والتشغيل، وإتاحة فرص، ووصول الدعم إلى مستحقيه، وتشديد الرقابة على الأسواق والسيطرة على التضخم، وتطوير الخدمات الضرورية للمواطنين خاصة محدودى الدخل. وتطوير الأداء الاقتصادى والتعليم والبحث العلمى. والخدمات الصحية. والجهاز الإدارى والرقم عشرة تحول مع حكومة الدكتور نظيف إلى لعنة. وبعد ست سنوات. انتهى الحديث عن التشغيل لمزيد من البطالة، وحماية الثروات انتهى إلى إشعال أسعار الأراضى ومستلزمات البناء والمساكن. أما الحديث عن محدودى الدخل فقد انتهى إلى مأساة علنية، بعد فشل الحكومة بكل إمكاناتها عن توقع الأزمة والتعامل معها، بالرغم من أنها حكومة إلكترونية ورقمية. حديث حكومة نظيف حول تطوير الخدمات الضرورية للمواطنين، الماء والصرف والبنية الأساسية، التى تشهد أسوأ أوضاعها. المياه تحولت إلى مأساة فى الصيف، لاتزال فى الذاكرة. ارتفعت أسعارها مع الكهرباء والصرف، فضلاً عن تردى حالة النظافة. ولايزال انقطاع الكهرباء يكاد يعيد مصر إلى عصور الظلام، ومع أن الحكومة تحصل على عشرة أضعاف ما كان يحصل للنظافة فإن حالة النظافة غائبة.
نصف الكوب.. هو فين الكوب؟
ورث منه الدكتور نظيف نظرية نصف الكوب الفارغ والمملوء، بالرغم من كون الكوب نفسه ليس موجوداً. ومازال يبحث عن الكوب. ولعل رئيس الوزراء والوزراء الذين اعتادوا إلقاء أرقام وردية لا علاقة لها بالواقع يتجاهلون تقارير التنمية والأبحاث الرسمية وشبه الرسمية.. رئيس الحكومة يتحدث عن نصف الكوب الملآن، والمواطنون لايرون لا النصف الملآن ولا الفارغ ولا الكوب أصلا، صفحات الحوادث بالصحف ترصد حروباً وصراعات وقتلى وجرحى على أبواب الأفران وفى الأسواق وحالات الانتحار عجزاً من قبل مواطنين يعجزون عن تدبير الحد الأدنى لحياة بشر.
الدعم العينى والنقدى والمقلم
منذ سنوات بعيدة والحكومة والحزب والنظام يتباهون بما يقدمونه من دعم للمواطنين للسلع والخدمات للتعليم والصحة والنقل والبنزين والسولار، وقبل أعوام قليلة أعلنت الحكومة على لسان رئيس الوزراء أنها بصدد إلغاء الدعم العينى وتحويله إلى دعم نقدى. لكن الرئيس نفى إلغاء الدعم، موازنات الحكومة تتحدث عن دعم بعشرات المليارات 101 مليار جنيه فى 2010-2011. و65 مليار جنيه دعما للطاقة، للبوتاجاز والمازوت والسولار والبنزين، وهو مايفوق دعم التعليم والصحة وخلافات حول أن هذه الأموال لاتذهب للمستحقين ولاتخدم قضية الفقر، فهل يمكن لساكن عشوائيات أو حتى محدود دخل، أن يصدق أن الحكومة تدفع دعما من الموازنة.. لغز الدعم يستعصى على فهم المواطن العادى أو المحدود. والأسعار التى ترتفع يوميا، وسط أكبر حالة من الاحتكار لتجارة السلع الأساسية وعجز الحكومة عن مواجهته. والحيرة بين اقتصاد سوق عشوائى، وتدخل عاجز. تضاعف سعر الرغيف غير المدعم، أما المدعم فقد تحول إلى أمر بعيد المنال، تفقد فى سبيله الأرواح ويقتتل من أجله المواطنون.
نصدر غازنا.. ولانجد غازا لمحطات الكهرباء
مثل الرجل الذى باع بيته لإدخال المياه والكهرباء.. فعلت الحكومة، فهى تصدر الغاز لإسرائيل ودول أوروبا وتفكر فى استيراد غاز لسد النقص، ويمكن للمجنون أو العاقل أن يسأل لماذا نصدر الغاز إذا كنا سنستورده، ولايمكن أن يكون الاستيراد أرخص من التصدير. الأمر الثانى أننا قرأنا عن الخلاف بين وزارتى الكهرباء والبترول، لأن الأخيرة لا تقدم الغاز لتشغيل محطات الكهرباء: كيف نصدر الغاز لإسرائيل، ثم نعود لنستورد غيره؟.
ومع أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع، فإن الغاز المصرى محرم على البيت والجامع ومحلل للمواطن الإسرائيلى والإسبانى، وهو لغز يصعب تصوره، ولا حتى فى سياقات السياسة ومعادلات الهندسة التحليلية ولوغاريتمات العمل الدبلوماسى.
طعام.. وماء مسموم فى بلد النيل
مصر أصبحت من أكثر دول العالم تلوثاً، الماء والهواء والتربة، كلها تلقى يومياً وعن عمد، وترصد آلاف الأطنان من السموم، وإذا نجوا من السحابة السوداء فى نهاية العام، لم يفروا من مياه ملوثة وتربة زراعية تتشرب السموم من المبيدات والأسمدة، والنتيجة أن مايقرب من نصف الشعب المصرى يواجه أمراضاً خطيرة ومزمنة، لعل أخطرها الفشل الكلوى والكبدى والسرطان، فضلاً عن أمراض الصدر والمناعة.
النيل الذى يرمز للمصريين أصبح رمزاً للانتحار القومى، المصدر الرئيسى لمياه الشرب والرى يتلقى أكثر من 4 مليارات متر مكعب سنويًّا من مخلفات الصرف الصناعى والصرف الزراعى والصرف الصحى. والمصانع الواقعة على ضفتى النيل تلقى بمخلفاتها فيه، وتشكل مصدراً خطيراً للتلوث من أسوان للإسكندرية، ومجلس الشعب والحكومة عاجزون عن اتخاذ أى إجراء لمواجهة التلوث والكل عاجز عن المواجهة.. البرلمان يلقى بالمسؤولية على الحكومة، والحكومة عاجزة.. المياه سواء للرى أو للشرب لا تقتصر فى تلوثها على الفقراء، بل تصيب كل ما هو حى فى مصر، وبالتالى فإن الدولة يفترض أن تتعامل مع النيل كقضية أمن قومى لكنها لاتفعل.. لغز آخر من الألغاز.
زحمة بقانون المرور وبدون
من يصنع الزحام ومن يفكه، وما فوائد قانون المرور الجديد الذى تفكر الحكومة فى تعديله بقانون جديد.. الزحام هو السمة الأساسية التى لا يعرف المواطن كيف يتعامل معها، يخرج الإنسان من منزله ولايعرف متى يصل إلى عمله، ولا كيف يعود إلى منزله، المحاور والأنفاق والتعديلات الجديدة على المحاور توقف الشوارع فى مصر تماماً، الحكومة أصدرت قانونا للمرور حددت فيه الغرامات والركن فى الممنوع والسير عكس الاتجاه ولم تحدد أى مكان إضافى للركن، فالسيارات كلها فى الممنوع وتترك الحكومة الممنوع لأنها لم تخلق المشروع. أما الزحام فإنه يتواصل ويستمر بلا حل أو إمكانية للحل المستقبلى أو العلمى، وتتضاعف أعداد السيارات التى يفترض أن القاهرة تستوعب 2 مليون سيارة وتسير فى شوارعها 6 ملايين، ولا يوجد أفق للحل، والمواطن أمام قانون المرور والزحام مفعول به وليس فاعلا، ولا من حقه أن يعترض أو يرفض وإلا تعرض للغرامات.
ومثل الزحام هناك تصورات المواطن الذى لا يعلم شيئاً عن المحاور القادمة والكبارى التى تنوى الحكومة عملها، ولا بديل له عن الزحام سوى الزحام.
ميكروباص ومترو وأتوبيس..
لن تصل
لغز المواصلات والزحام ملحوق وتابع للغز الميكروباص، هذا الكائن الخرافى الذى يتمرد على كل القوانين والأوضاع، فالميكروباص لا قاعدة له، شكلاً هناك تسعيرة، موضوعاً المواطن يدفع ثلاثة أو أربعة أضعاف بسبب تقسيم المسافات، الميكروباص يقف فى مطالع ومنازل الكبارى ووسط الطريق، ولا حل قانونيا له، وسائقو الميكروباص يعلمون أنهم فوق القانون، لأن الميكروباص أو السرفيس مملوك لرتب أو مناصب تحميها من القانون، ويبقى المواطن ضحية، وإذا كان المواطن من راكبى المترو فلن ينجو من الأعطال لأن الصيانة غائبة، أما أتوبيسات النقل العام فقد تحولت هى الأخرى إلى لغز يعجز المواطن عن مواجهته، فالخطوط غير واضحة والمواعيد غير محددة. والزحام هو الذى يحكم المواعيد، لم يعد أمام المواطن مفر إذا هرب من المترو، يجد الميكروباص أمامه، وأتوبيس النقل العام خلفه، والزحام من حوله، ومقابل هذا يدفع نصف دخله فى مواصلات لا توصله.
طيبون ومعتدلون.. مين الطائفى؟
إذا سألت أى مواطن مصرى عن علاقته بجاره المسيحى أو المسلم فسيقول لك إن العلاقة على أفضل ما يكون، وسوف يروى لك حكايات كثيرة عن نشأته بين أهله وأن المسيحى أخوه وجاره، والأمر نفسه مع المسيحى، ومع أن كل الناس يحكون ذلك فإن أبسط مشاجرة أو حادث مهما كان صغيراً يتحول إلى فتنة ويصور على أنه حرب حتى لو كان خلافاً على أولوية الركوب أو السير أو لعب العيال. حوادث طائفية قامت وتقوم بسبب بيع وشراء أو بسبب لعب العيال أو غيره، وكأن هؤلاء الملايين الثمانين الذين يعيشون معا ويعملون ويزرعون معاً يتفرغون للخلافات والصراعات. المصريون بمسيحييهم ومسلميهم معتدلون متسامحون ظلوا طوال الوقت مضرب المثل فى الكرم والتعامل مع الغرباء، فما بالهم أصبحوا نافذى الصبر مع بعضهم، فمن يصنع الطائفية؟ السبب هو أن الظلم اتسع وغابت العدالة وتكافؤ الفرص، البطالة للجميع ولا تفرق بين مسلم ومسيحى، ونفس الأمر فى السكن والوظيفة والانتخابات، فالمسلم المواطن والمسيحى يعانون نفس المشكلات ويواجهون نفس الأزمات من الأسعار للتعليم، للصحة، للعلاج، للفقر، للمرض، ومع هذا يفرغون طاقة الغضب فى بعضهم.. من يصنع الطائفية؟ الاغلبية مع الاعتدال لكن الطائفية مستمرة وتهدد بحرق البلد فى أى لحظة، والصمت سيد الموقف فى لغز بلا حل.
فرص عمل وفرص بطالة
الحكومة تخفض عدد العاطلين إلى أقل من مليونى عاطل، بينما ترتفع أرقام شبه رسمية بعدد العاطلين إلى 5 ملايين عاطل، البطالة تساهم فى انتشار الفقر، وتفجر العنف، وارتفاع معدلات الجريمة بجميع أشكالها، ومع النتائج العكسية للخصخصة والانخفاض المتوالى لقيمة الجنيه وزيادة العجز فى الموازنة العامة وارتفاع الدين المحلى والارتفاع المستمر فى أسعار معظم السلع الأساسية، وسوء الخدمات الصحية والتعليمية والسكانية المقدمة للمواطنين، كل هذه مؤشرات واضحة لا تحتاج إلى تبرير، لكن الحكومة تقلب كل هذا إلى نجاح، إذا اشتكى المواطن من انخفاض الدخل وقلة الحيلة ترد الحكومة بأنها نجحت فى تجاوز الأزمة العالمية الاقتصادية، وتبتكر كل يوم وسيلة للهرب من مسؤوليتها، والمواطن الذى يعيش بين رحا الفقر والأسعار لا يجد لدى الحكومة رداً غير أنها تقدم له أرقاماً ضخمة لا يمكنه فهمها أبداً.
سر الموازنة العامة
المواطن من 60 مليون حول خطوط الفقر وتحت خط الستر لا يجد رداً على تساؤلاته، ويقف بفقره ومرضه أمام الحكومة التى ترد عليه دائما بأنها صنعت أكبر موازنة فى تاريخ مصر.. تريليون جنيه أى ألف مليار. المواطن يبحث لنفسه عن مكان تحت ظلال هذه الموازنة فى الخدمات والأجور والدعم.. المواطن لا يرى له نصيبا منها أبداً ويصعب عليه أن يموت فى الحوادث، ولايجد علاجا لأمراضه، والدعم المليارى يختفى عندما يجد المواطن نفسه عاجزا عن مواصلة الحياة بأى طريقة، أو يعجز عن قراءة الموازنة العامة، موازنة بلا فائدة ويفترض أن يراقبها برلمان يمثل الشعب، هو فى الواقع يمثل عليه، الضرائب غير عادلة والخدمات غير موجودة والنظام غائب.
لغز نسبة النمو الرسمية
نسبة النمو هى أحد الألغاز الكبرى لحكومة الدكتور نظيف، الوزراء لا يكفون عن الإعلان عن ارتفاع نسبة النمو بشكل كبير وأنها تصل إلى 7 % لولا الأزمة العالمية، لكن المواطن لا يشعر بالنسبة المذكورة، فالمواطن فى العشوائيات أو خارجها لم ير تلك النسبة، ولايجدها فى الأسعار أو الخدمات، فى الطرقات أو القطارات، فى العمل أو المستشفيات، كأنها نسبة سرية، وكلما ازدادت نسبة النمو عند الحكومة، يتوقف نمو المواطن.
الاسم للحكومة.. والفعل فى لاظوغلى
الإضرابات والاعتصامات السياسية والشعبية فى مواجهة الغلاء والفقر موجهة إلى السياسات، وإلى النظام والحكومة، ضد البطالة والأسعار والتسلط والتزوير والأجور الهزيلة، والسياسات التى أدت إلى الاحتكار. مطالب المواطنين موجهة إلى الدولة، ورئيس الوزراء، ووزراء المالية والتضامن والاستثمار والاقتصاد، والمحافظين، والحزب الوطنى، وهؤلاء يتجاهلون الأمر، ويتم تصدير وزارة الداخلية وأجهزة الأمن لتصبح الحكومة الفعلية فى لاظوغلى، وهو تحميل للأمن أكثر من طاقته، وخصم من جهده فى حفظ النظام وتطبيق القانون، لصالح تأمين النظام والحكومة من الغضب على سياساتها.. الحكومة تفشل والداخلية هى التى تعتقل وتواجه.. آلاف التقارير وقرارات الاعتقال الإدارى والوقائى ومراقبة التليفونات والتحضير لساعات صفر غير معلنة، ومناورات حرب ضخمة تدور أغلبها فى الخفاء، تظهر منها قمة جبل الجليد فى عساكر الأمن المركزى بملابسهم السوداء وهراواتهم، هؤلاء الجنود يواجهون الكثير مما يواجهه المواطنون يصرخون من فقر أدت إليه سياسات اقتصادية واجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.