الأنبا باخوم يترأس صلوات خميس العهد بكنيسة عذراء السجود بشبرا    فيديو.. شعبة مواد البناء: أسعار الحديد انخفضت بأكثر من 60% خلال شهرين فقط    الحكومة: مزيد من انخفاض الأسعار في الفترة المقبلة    هيئات فلسطينية تعلن استشهاد رئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء في سجن إسرائيلي    الشرق الأوسط الجديد.. بين الرؤية الإسرائيلية الأمريكية والرؤية الإيرانية    روسيا وفيتنام تعملان على توسيع التعاون بين البلدين في مختلف مجالات التفاعل الثنائي    مصرع 48 شخصا في حادث انهيار طريق سريع في الصين (تفاصيل)    لوكاكو أساسيا.. التشكيل الرسمي لمباراة روما وليفركوزن بالدوري الأوروبي    محمد عبد المنعم يحتفل بأول مئوية مع الأهلي    «الأرصاد» تحذر المواطنين من حالة الطقس الجمعة 3 مايو 2024.. ودرجات الحرارة المتوقعة    محمد سلماوي: الحرافيش كان لها دلالة رمزية في حياة نجيب محفوظ.. أديب نوبل حرص على قربه من الناس    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل    محافظ مطروح يلتقي قيادات المعهد التكنولوجي لمتابعة عمليات التطوير    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    مهرجان كان يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية الفخرية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    خالد الجندي: الله أثنى على العمال واشترط العمل لدخول الجنة    هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء تطلق حملة توعية تزامنا مع الأسبوع العالمي للتوعية بقصور عضلة القلب    «كانت زادًا معينًا لنا أثناء كورونا».. 5 فوائد غير متوقعة لسمك التونة في يومها العالمي    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك فكرية.. النثر الفنى
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 09 - 2009

رأى الدكتور زكى مبارك أن كتابه «النثر الفنى» الذى أصدره عام 1934م، منقحاً عن رسالته للدكتوراه التى حصل عليها من السوربون عام 1933م، رأى فى هذا الكتاب أنه يشكل دعامة مذهبه الأدبى، وأشار إلى أنه عكف على إنجازه طيلة سبع سنوات، كما أنه عصارة لجهود عشرين عاماً قضاها فى دراسة الأدبين العربى والفرنسى.
وقال مشيراً لخصومه المتوقعين: «فإن رأوه أصغر من أن يورث للمؤلف شيئاً من الزهو فليذكروا أننى ألفته فى أيام سود لقيت فيها من عنت الأيام ما يقصم الظهر والعمر».
لقد لقى هذا الكتاب لزكى مبارك معارضة من أحد المستشرقين الكبار وهو «مرسيه»، الذى خالف مبارك الرأى وخالفه مبارك وغضب «مرسيه» لذلك، وأمر بحذف الفصلين موضع الخلاف فى الدكتوراه، بحجة أنهما استطراد لا يوائم روح البحث على النحو الفرنسى،
ورفض مبارك وأصر على إبقاء الفصلين بزعم أنهما الأساس الذى تنهض عليه نظرية النثر الفنى، لكن بعيداً عن «مرسيه» كان هناك من يتربص بزكى مبارك، وهو طه حسين الذى هاجم الفصلين نفسهما فى الكتاب ونقض رأى مبارك فى الرسالة كلها، واستمرت المعركة أشهراً ودخلت أطراف أخرى فى المعركة، وهى أطراف وقفت فى خندق طه حسين لتكيل الانتقادات لزكى مبارك، ومن هؤلاء محمد فريد وجدى.
ومن أبرز الآراء التى أثارت عاصفة النقد على كتاب زكى مبارك «النثر الفنى» أن مبارك قال إن العرب كانوا على قدر من الحضارة، فلما جاء الإسلام دفعهم إلى الأمام، وأن النثر الفنى كان موجوداً لدى العرب قبل الإسلام، وأن القرآن كان شاهداً من شواهد الشعر الجاهلى، ونعرض من فصول هذه المساجلة مقال محمد فريد وجدى ورد زكى مبارك عليه.
محمد فريد وجدى: كتابك معلول
1- إن استدلال الدكتور زكى مبارك على وجود ذلك النثر الفنى عند العرب بالقرآن لا نزال نراه معلولاً ولا يصح الإصرار عليه، فإنه إن كان القرآن وحياً سماوياً أو فيضاً وجدانياً من أى طريق روحانية فلا يجوز الاستدلال به على ما يظهر أن لدى الجاهليين من نثر لانقطاع الصلة بين ما هو إلهى وما هو بشرى. وإن كان ليس بنثر ولا بفيض وجدانى من طريق روحانية تميزه فلا يجوز الاستدلال به أيضاً فى هذا الوطن. لأن هذا الكتاب اعتبرته أمة بأسرها كتاباً إلهياً معجزاً للإنس والجن مجتمعين، ولشىء لا يعتبر إلهياً ومعجزاً إلى هذا الحد إذا كان فوق قدرة الذين يدينون بهذه العقيدة على الأقل.
كيف يفترض أن يكون لفئام الناس من الأميين نثر فنى وهو نقيض الكتابة والتمييز. أليس لو كان لهم شىء من ذلك لكان كتاباً يعتبرونه أساساً لديانتهم يقدسونه ويحتفظون به ككل أمة متدينة فى الأرض. إن الأمة التى ليس لها كتاب مقدس لا يعقل أن يكون لها شىء مكتوب على الإطلاق وإذا عدم المكتوب فقد عدم النثر الفنى ولا يجوز السؤال عنه ولا البحث فيه.
2- إنى لمعجب بالأسلوب العلمى الدقيق وبمهارته فى نقل المباحث الأدبية من مجال الظنون والأوهام إلى مجال النظر المباشر المجرد عن الملابسات الدينية والتقاليد.
ولسنا ننكر أن سلوك هذه الجادة على وضوحها واستقامتها لا يخلو من الخصال التى تستدرج الباحثين إلى ما لا يتفق والأسلوب الذى يحرصون على تطبيقه، فيضربون فى متاهاتها بمعزل عن الأعلام العلمية ويكون مثلهم فى تصرفهم فى تطبيق الأسلوب الأمثل كمثل خصومهم الذين يتخبطون فى بحوثهم بغير دليل.
إنى أوافق الدكتور زكى مبارك على أن حقيقة الحياة الأدبية عند العرب الجاهلية لا يصح أن تؤخذ عن الذين كتبوا فيها من المؤلفين الذين تأثروا بالروح الدينية ونحوا فى وضعها نحوا يتفق وروايات رجال ليس مرماهم تقرير الحقائق ولكن الإغراب والزلفى من الحاكمين.
3- رأى زكى مبارك أن العرب الجاهليين كانوا قد دخلوا فى تطور نحو ثلاثة قرون قبل البعثة عارضناه فيه، وأثبتنا له أن ثلاثة قرون تمضى فى التطور ولا تثمر لذويه توحيد كلمتهم وتعين غايتهم ولا تبعث فيها داعياً يهيب بهم إلى الأخذ بالأسباب وهو شرط لا محيص من وجوده.
إن مثل هذا التطور المجرد من جميع مميزاته المعروفة لا يصح القول به فى عرف علم الاجتماع، فإن من شروط الافتراضات العلمية أن تكون مرجحات وأعلاماً وإلا لفظت إلى عالم الأوهام.
زكى مبارك: هذا رأى المستشرقين
يرجع أصل الخلاف إلى رغبتى فى نقض ما أصر عليه فريق من المستشرقين، وشايعهم عليه الدكتور طه من أن النثر الفنى عند العرب لم يعرف إلا فى أواخر العصر الأموى حين اتصل العرب بالفرس واليونان، فهو فن اكتسبه العرب بعد الإسلام، ومن رأى المسيو مرسيه أن العرب يدينون فى نثرهم إلى الفرس وكان ذلك رأى الدكتور طه ثم عاد فقرر أن العرب يدينون فى نثرهم إلى اليونان، وحجة هؤلاء الباحثين أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم وجود أدبى ولا عقلى وأنه يمكن فقط الاعتراف بأنه كان عندهم شعر. لأن الشعر فن ساذج يوجد عند الأمم الهمجية.
ولا كذلك النثر فإنه لغة العقل: والعرب فى رأيهم كانوا قبل الإسلام يعيشون عيشة أولية لا يعرف فيها كيف تكون طرائق البيان، تلك حجتهم وذلك أصل الخلاف.
أما أنا فقد تطلعت إلى تحقيق هذه المسألة منذ سنوات، فقد نشر الدكتور طه حسين فى مجلة المقتطف سنة 1926 مقالاً عن النثر فى الخمسين سنة الماضية فقد تكلم عن بداية النثر العربى وتكلم عن المقفع، وكيف كان يلحن ويحرف الكلم عن مواضعه لأنه فى ظنه كان أول الثائرين ولا يخلو مبتدئ من تعثر واضطراب.
فلما ذهبت إلى باريس سنة 1927 وجدت المستشرقين يبدئون ويعيدون فى هذه المسألة، وعرفت أن المسيو مرسيه هو صاحب الرأى القائل بأن الغرب أخذوا مناهج النثر عن الفرس لأن أول ناثر عند العرب هو ابن المقفع وكان فارسى الأصل وبعد تأملات طويلة اهتديت إلى أن للنثر العربى أصولاً أخرى غير الأصول الفارسية، وتلك الأصول هى النثر عند الجاهليين وبذلك يكون النثر الأموى نثراً متطوراً عن النثر الجاهلى ولم ينقل نقلاً عن نماذج النثر الفارسى ثم بحثت عن الشواهد فرأيت القرآن أنصح شاهد وأصدق دليل.
ولما اطمأننت إلى نظريتى أعلنتها للدكتور طه حسين سنة 1928 على أنها محاولة، فراعه ذلك ورأى أن نظريته أو نظرية المسيو مرسيه أصبحت فى مهب الأعاصير ثم قال فى انفعال:
«إنت عاوز تكفر»
يرى خصوم نظرية النثر الجاهلى أن العرب قبل الإسلام لم يكونوا أهل معارف ولا أهل تفكير، وإنما كانوا يعيشون عيشة فطرية لا تساعد على إنشاء النثر الذى يخاطب العقل، وإن أمكن أن يكون لهم شعر وأن يكون لهم خطب صغيرة وأسجاع وأمثال فذلك لا يستلزم أن يكونوا عرفوا وتخاطبوا به متراسلين.
ونحن ننقض هذا الاعتراض ونعلن أن الإسلام كان تاجاً لنهضة أدبية وعقلية واجتماعية عند العرب، ونرى أن العرب أعدتهم الأيام للملك والفتح فى تطور طويل لا يقدر بأقل من ثلاثة قرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.