طلاب أولى إعدادي بالقاهرة: امتحان الدراسات سهل وسؤال بما تفسر أصعب جزء (فيديو)    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    وزير الأوقاف: من ينكر مكانة السنة النبوية جاحد ومعاند    الأنبا يواقيم يرأس صلوات قداس عيد استشهاد الأم دولاجى وأولادها الأربعة بكنيستها بالأقصر (صور)    1695 طالبا يؤدون الامتحانات العملية والشفوية بتمريض القناة (صور)    طرح 5 أطنان طماطم ب5 جنيه للكيو من إنتاج مشروعات بحيرة باريس في الوادي الجديد    تحديث الصناعة يوقع اتفاقية تعاون لإطلاق مشروع تعزيز الشركات الصغيرة    محافظ كفر الشيخ: اعتماد المخططات الاستراتيجية ل 23 قرية مستحدثة    "جهينه" تخفض ديونها بنسبة 71% في نهاية الربع الرابع من 2023    وزيرة الهجرة تبدأ جولة في بني سويف ضمن مبادرة «مراكب النجاة»    الدفاع المدني بغزة: جيش الاحتلال يواصل اغتيال طواقمنا    متحدثة أممية: 450 ألف فلسطيني دون مأوى بسبب النزوح القسري    سامح شكرى يترأس وفد مصر باجتماع مجلس الجامعة العربية بالبحرين    اعتقال جنرال روسي رفيع المستوى بتهمة ارتكاب "جريمة جنائية"    كوريا الجنوبية تعزز جاهزية الجيش للرد على جميع التهديدات    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل تجاه وسط رفح    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ألافيس في الدوري الإسباني    وفاة ملاكم بريطاني في أول نزال احترافي له    إبراهيم حسن يوضح حقيقة تصريحات شقيقه الصادمة بخصوص لاعبي المنتخب    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    "وش السعد".. ألقاب الأهلي على ملعب رادس قبل نهائي دوري الأبطال    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 50 مليون جنيه    اتخاذ الإجراءات القانونية حيال أحد الأشخاص بالقليوبية لقيامه بغسل 50 مليون جنيه    خلال 24 ساعة.. ضبط 14028 مخالفة مرورية متنوعة على الطرق والمحاور    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات (صور)    تكثيف أمني أمام جلسة محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    إلغاء العام الدراسي لطالب ورسوبه بسبب الغش واستخدام الهاتف المحمول في الجيزة    آنيا تايلور جوي تتعرض لمضايقات بعد وصولها فرنسا لحضور مهرجان كان (فيديو)    أنور وجدي.. أبرز صُناع السينما المصرية في تاريخها.. حلم بأن يكون النسخة المحلية من شارلي شابلن.. أول أجر حصل عليه قرشان.. وهذا هو اسمه الحقيقي    كل ما تريد معرفته عن أضرحة الجامع الأزهر.. قبر الأمير علاء الدين طيبرس والمدرسة الأقبغاوية وجوهر القنقبائي أبرزهم.. والمشيخة توضح حكم زيارة الأضرحة    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    وزير الصحة يطالب بضرورة مكافحة انتشار الأمراض المعدية في المجتمعات المحرومة    نصائح مهمة يجب اتباعها لإنقاص الوزن بشكل صحي    طريقة عمل وافل الشيكولاتة، لذيذة وسهلة التحضير    جامعة القاهرة تقرر زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين    صوامع وشون القليوبية تستقبل 75100 طن قمح    مصر تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة صلاح الدين بالعراق    5 أبراج تتميز بالجمال والجاذبية.. هل برجك من بينها؟    الثقافة: فتح المتاحف التابعة للوزارة مجانا للجمهور احتفاءً باليوم العالمي للمتاحف    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    يوسف زيدان يهدد: سأنسحب من عضوية "تكوين" حال مناظرة إسلام بحيري ل عبد الله رشدي    اللجان النوعية بالنواب تواصل اجتماعاتها لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة.. اليوم    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى «كايسيد» للحوار العالمي    وزير النقل يلتقي وفود 9 شركات نمساوية متخصصة في قطاعات السكك الحديدية    الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانًا بمدينة حدائق أكتوبر    تعرف على إرشادات الاستخدام الآمن ل «بخاخ الربو»    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    ختام امتحانات النقل الإعدادي بالقاهرة والجيزة اليوم    الحكومة التايلندية توافق على زيادة الحد الأدنى الأجور إلى 400 باهت يوميا    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    طارق الشناوي: بكاء شيرين في حفل الكويت أقل خروج عن النص فعلته    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن الأبنودى: تلقيت أكبر طعنة فى حياتى من التليفزيون المصرى
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 09 - 2009

أعلن الشاعر عبدالرحمن الأبنودى عن ثورة غضبه إزاء ما يقوم به التليفزيون المصرى من إذاعة حلقات السيرة الهلالية فى وقت متأخر من الليل، واعتبر ذلك أكبر طعنة تلقاها فى حياته، فضلاً عن أنه لم يحصل على أجره عن هذا العمل، مشيرا إلى الدور الإيجابى لعبداللطيف المناوى، رئيس قطاع الأخبار، صاحب المبادرة فى تسجيل هذه الملحمة للبطولية لصالح التليفزيون المصرى.
وقال فى حواره ل«المصرى اليوم» إنه تحت الإقامة الجبرية فى إحدى قرى محافظة الإسماعيلية تحت ظلال أشجار المانجو والنخيل بعيدا عن تلوث القاهرة مناخاً وقولاً، مؤكدا أنه لم تنقطع صلته بأبنود، مسقط رأسه، وأنه لو يملك الطاقة لأرسل برسائل جديدة لفاطنة عبدالرحمن من حراجى القط يخبرها بمشروعه الجديد الذى يربط بين الصعيد والبحر الأحمر.. وإلى نص الحوار
■ فى البداية طمئنا على حالتك الصحية؟
- لنا أعمار افتراضية، وأيضا وهبنا قدرة على التنازل فى الطاقة والتشغيل، نتواءم مع حالاتنا الصحية والعقلية، وأنا أمر بطور من هذه الأطوار، ولكن أحمد الله أن فكرت فى أن تكون لى هذه القطعة الصغيرة من الأرض أمارس عليها مهنتى القديمة وهوايتى الأصلية وهى الفلاحة، أعيش فى ظل أشجار المانجو والنخيل، ذلك لأن هذه المنطقة من ريف الإسماعيلية هى من أقدم مناطق زراعة المانجو، ولأن الرئة تعبت من التدخين القديم، نُصحت بل أُمرت من الأطباء الفرنسيين أن أغادر القاهرة فورا إلى مكان به أشجار وأكسجين طبيعى.
■ كنا نعتقد أنك ستتجه لمسقط رأسك أبنود وليس الإسماعيلية؟
- هنا فى الإسماعيلية خلقت أبنود أخرى، فأبنود بعيدة، وهناك لا يزرعون الأشجار لأن جذورها تلتهم قطعة من الأرض ولأن المساحة الخضراء ذات قيمة كبيرة جدا فإنهم يزرعونها لآخر رمق، وبالتالى لا يعطلون أنفسهم بزراعة شجرة وأنا فى حاجة إلى الأشجار من أجل الأكسجين، وحين حاولت مرة واحدة، بناء على طلب طبيبى د. كمال شاروبيم أن يرانى فى القاهرة فإنه بمجرد وصولى إلى بيتى فى المهندسين اضطررنا إلى تركيب الأكسجين، وانتظرنا الصباح بفارغ الصبر لتأخذنى نهال وتعود بى إلى هذا المكان الذى «والحمد لله»أعشقه كثيرا والذى هو مجرد فدان أرض واحد وليس كما يشيع البعض بأن مساحة المكان فى حجم مساحة الجزائر العاصمة ولكنه فى النهاية مكان يحتضن أزمتى الصحية بعيدا عن تلوث القاهرة مناخاً وقولاً.
■ البعض اعتبر وجودك فى هذا المكان هو انفصال عن الجنوب؟
- بوادر الأزمة الأخيرة حدثت معى وأنا أصعد بالطائرة من الأقصر إلى القاهرة بعد زيارتى لأبنود، إذن علاقتى بأبنود علاقة حميمة غير قابلة للفصال.
■ ولكن كيف تتواصل مع جمهورك من هذا المكان؟
- إن خبرة الشاعر وحنكته وقدرته على التواصل بجماهير أمته تأتى من صفاء التوجه وصميم مواقفه أو موقفه من الوجود والحياة والعالم الذى يعيش فيه وتبنيه لدوره منذ البداية، أما الخبرة فتأتى عن طريق الممارسة الشعرية، إضافة إلى قراءة من سبقنا، وقضية الممارسة تولد ما يسمى التراكم، ومن خلال هذا التراكم نكتسب الخبرة لأنه قد يكون لديك أفكار لا تستطيعين تحقيقها والتعبير عنها بصورة شعرية حقيقية تتمكن من قلوب من تقصدينهم بهذا العطاء، إذن فالشاعر الكبير ليس بكبير مهما كان خبيرا بالكيمياء، إذ يظل صوت الصنعة أعلى من صوت الموهبة، فأنا من هنا لا أغار من شاعر آخر، فأنا أعرف طريقى جيدا بطرق سهلة إلى قلوب أحبابى، ومن هنا أملك هذه الخاصية، أن تردد الناس أشعارى، وأن أقدم القصائد التى كتبتها والتى مازالت على قيد الحياة.
■ وما هى قنوات الاتصال بعد عام من الابتعاد عن القاهرة؟
- كما يعرف الجميع أننى سجلت أشعارى بصوتى، حين وجدت من يقلدونها بطريقة سخيفة، وكأنه يكفى عوج «بُق» لكى يعبرَّ عن شعر صادق عن عالم الصعيد الحقيقى وعن مأساة البشر هناك، وعن الغنى الذى تحمله الشخصية الصعيدية والذى هو سر تفردها وعظمتها من وجهة نظرى، وأعتقد أن هذا المشروع بعد نجاحه غير المحدود فقد أصبح الكثيرون يهدونها الآن فى أعياد الميلاد والمناسبات وحين يطلب أحد المغتربين هدية من مصر فإنه لا يطلب غير حقيبة الأشعار المسموعة، وأعتقد أن هذا يحقق اتصالاً مستمراً ومباشراً بينى وبين أحبابى على الرغم من البعد. ثانيا وإن كانت حركتى بطيئة فإنه للصدفة الجميلة أن برنامج «الجذور» الذى سجلته على مدى 6 سنوات والذى يحكى مراحل كبيرة من حياتى أذيع منذ فترة قريبة على 50 حلقة، وكل حلقة ساعة وكذلك 45 حلقة من السيرة الهلالية التى سجلتها فى بيت السحيمى فى رمضان الماضى للتليفزيون المصرى.
■ علمنا أنك غير راض عن موعد اذاعة السيرة الهلالية على شاشة التليفزيون المصرى؟
- من أكثر الطعنات التى تلقيتها فى حياتى ما قام به التليفزيون المصرى، بأن ألقى بالسيرة الهلالية فى آخر الليل وتخللتها النشرة الإخبارية وكأنها طريقة مقصودة لقتلها، صحيح أن الملحمة الهلالية لا تأتى بأى إعلانات مثل المسلسلات وكان من الممكن أن يجدوا نصف ساعة بدلا من البرامج الكلامية التى تكرر بعضها، ولكن أغلب الظن أنهم لم يدركوا طبيعة جمهور هذا العمل أو أنهم يحتقرون هذا الجمهور الشعبى خاصة أن فرقتى تلبس الجلابيب وعم سيد الضوى الشاعر العظيم وفرقته أناس فقراء ولكنهم يحتضنون فى صدورهم الياذة العرب، وهذا العمل أيضا سعيد أننى أنجزته وإن كنت اتفقت على تسجيل الجزء الثانى، ولكنى لن أفعل إلا إذا أعيد بثه بعد رمضان بصورة محترمة.
■ أذن أنت تهدد التليفزيون بالمقاطعة؟
- على ما يبدو أنه لا يوجد فى التليفزيون من ينتبه إلى عظمة هذا العمل سوى عبداللطيف المناوى، رئيس قطاع الأخبار، الذى قال بأن هذه الوثيقة وبهذه القيمة لا يمكن أن ندعها تذهب سدى، خاصة أنه لاحظ أننى والحاج سيد الضوى بدأنا رحلة النزول، وكان شعراء السيرة الهلالية قبل ذلك يموتون وتدفن معهم أشياؤهم، وكانت تجربتى هى الأولى فى التدوين والجمع، ولهذا كتبت النصوص الشعبية والتهمت من عمرى أكثر من 30 عاما، إلى جانب الأشرطة المسموعة بصوت عمى جابر أبو حسين آخر حلقة فى بيت السحيمى ولأسباب أقمتها فى بيت السحيمى على «11 رمضان»، ويعود الفضل فى ذلك إلى فاروق حسنى، وزير الثقافة، وطبيعى جدا ما يحدث للسيرة الهلالية فى التليفزيون المصرى لأن هناك حالة من اللخبطة والاضطراب إذ إننى حتى الآن لم أتقاض مليما واحدا عن أجرى فى برنامج «الجذور» الذى هو 50 حلقة وأذيع على قناة نايل لايف، ومع ذلك أنتظر كى يعطينى أجرى، ولعبة العطاء بالقطارة فضيحة فى الإنتاج إذا لم تفصلها جهة إنتاجية.
■ مازلت تحمل الحب والتقدير لعم جابر خاصة أنكما قدمتما السيرة الهلالية مسجلة للإذاعة؟
- منذ أيام توفى عم جابر أبوحسين وكنت أحلم بأن ينتبه أحد لقيمة هذه الملحمة العربية لنقدمها قبل أن يموت الرجل ولكنه رحل دون أن يستطيع أحد أن ينتبه إلى عظمته فيما تملك فرقته مثل شعراء السابقين الذين دفنوا ولكن لم تدفن حاجته أشياءه، كنت قد سجلت للرجل وأقمت معه حوارا قد أتفرغ لكتابته عقب انتهائى من كتابى «ابن الروس معجزة». وعادة الملحمة تروى على ربابة الغجر والحلب دفاعا عن وجودهم وتبريرا على وجودهم فهم مهانون فى النهار ومقدسون فى الليل يجلس إليهم البشر مهما كانت مواقعهم القبلية ولكن جابر أبوحسين شذ عن هذه القاعدة بضربه للسيرة لأنه من السكان الأصليين للوادى ولكنه ضرب بالسيرة وسار خلف شوارعها فى الوجه البحرى ثم حين عاد للصعيد تعلم المربع لأن السيرة فى الصعيد تروى بالمربع، والمربع كما شرحنا مراراً وتكرارا هو بيتان من الشعر متشابهان الشطر الأول والثالث من جانب والثانى والرابع من جانب آخر وهو يعنى حق محب للصعيد.
■ ماهى ذكرياتك مع السيرة الهلالية للإذاعة؟
- حين أذيعت هذا العمل من قبل بإنشاد عم جابر أبوحسين وسيد الضوى على شبكة الشعب أثناء تولى فهمى عمر رئاسة الإذاعة المصرية وصلنى خطاب من شخص بإحدى قرى الصعيد يقول فيها ربنا يخليك يا شيخ عبدالرحمن يا أبنودى أنا بعمل 40 كوب شاى لضيوفى كل يوم أثناء استماعنا للسيرة. وأذكر أن سجناء الطور - ولم أكن أعلم أن هناك سجناء فى الطور - أرسلو لى خطاباً بإمضاء 186 يقولون أن السجن لم يعد سجنا منذ بدأت فى إذاعة هذا العمل وكذلك تجار الخضار وعمال السوق ومواطنون من مرسى مطروح أرسلوا لى خطاباً ب90 إمضاء يشكرون الحكومة شكرا كبيرا على أن وضعت هذا العمل فى راديو الحكومة.
■ لماذا تحمل السيرة الهلالية النفحة الدينية دائما؟
- يعتبر الشاعر نفسه يحمل أمانة مقدسة غير قابلة للتغير وهناك روايات عديدة مختلفة وقد تكون مقنعة من الرواية التى يرويها الشاعر الكبير الذى ورثها هكذا فهو يعتقد أنها رسالة دينية تحمل قداستها كما يعتقد أنه مكلف بإيصالها للبشر وأن هذه القداسة الدينية منذ سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام فكل السير التى تلت ذلك تحمل هذا الطابع الدينى، ولذلك كان لابد أن يجد وصلة دينية تربط أبو زيد الهلالى بأل البيت وكما يقولون إن أمه خضرة الشريفة تنتسب إلى النبى محمد، الأمر الآخر أنه لا يغنى فى السيرة الهلالية قبل أن يمدح الرسول. كما أن السيرة تصلح للتعبير عن الحرب والنزال وتنابذ الفرسان والقص الروائى والسرد الطويل للوقائع. ملخص الأمر أن السيرة هى تجسيد لبطل يقود الأمة فى صراعتها من أجل تحقيق أهدافها، فضلا عن أنها السجل الكبير الذى حفظ القيم والمفاهيم الأصلية المفتقدة.
■ ولماذا يرمى البعض إلى أن السيرة هى نسيج من الواقع يشوبه الكثير من الخيال؟
- فى حالة السماع للسيرة يحدث انفصام، بمعنى أن الشاعر الجيد يستطيع الانتقال بجمهوره إلى زمن السيرة وإلى شخوصها وأفعالهم والغياب تماما عن واقع اللحظة المعاشة فهم يؤمنون بأنه كان ثمة زمن عربى نقى لم يلوث، وهى فكرة رومانسية فى الواقع، وإنهم كونهم سلالات وقبائل عربية مهاجرة من الجزيرة العربية قديما يلتحمون مرة أخرى فى هذا العالم الذى يجسد له نقاء وبطولة عالمهم القديم، والسيرة ترمى كثيرا بظلالها على الواقع الحالى وهى فى مجملها عمل رمزى مقاوم، لذلك فأنها كانت تروج فى لحظات غزو المغول والتتار والمماليك ولذلك فإنها تعج بقصص البطولات. إذن السيرة ليست «تحشيشة» ولا غياب عن الواقع ولا سينما خيالية.
■ من هم جمهور السيرة الهلالية؟
- أنا شاعر مدلل وعلى صلة حميمة بالشعب التونسى يصفوننى فى السودان بأننى الشاعر السودانى الكبير الذى ضل طريقه إلى القاهرة وفى الإمارات العربية يمتلئ مجمع الثقافى بالمحبين. اكتسب محبة الجماهير فى العالم العربى ومصر. أظن أنه لم يحدث لشاعر عامية مصرى أن استمع إليه بهذا القدر وهذا الترحيب فهناك من أحبنى كشاعر، وهناك من أحبنى كمتحدث وهناك من أحبنى كباحث فى الأدب الشعبى والسيرة الهلالية وإن كنت أعتقد أن العالم العربى يعرفنى كشاعر عرب بينما يعرفنى المصريون بكل الصفات التى ذكرت ربما الشعر فى الترتيب الثالث أو الرابع والسبب الرئيس فى عدم معرفة البعض للسيرة هو أجهزة الإعلام الذى يتجاهل مثل هذه الفنون.
■ إذن أنت ترى أن وزارة الثقافة أكثر جدية من الإعلام؟
- وزارة الثقافة أكثر رحابة وترحيباً ووعيا واحتضانا وصندوق التنمية الثقافية موَّل هذا العمل على مدى تلك السنوات السابقة وكان كريما معنا.
■ هل يرجع هذا الاهتمام لصلتك الطيبة بوزير الثقافة؟
- علاقتى الطيبة بفاروق حسنى ترجع لسبب أساسى وهو أنى أشترط مبالغ معينة للشعراء من الأصل ونحن الذين نحوم حولهم وإذا لم نحافظ على حياة هؤلاء الشعراء وعلى سلالتهم والتى سوف يخرج منهم شعراء المستقبل نكون جاحدين وغير محييين حقيقيين للسيرة، وإن كان هناك بعض الذين يدَّعون اهتمامهم بالسيرة والحفاظ على هذا العمل بأن يأتون بشرائط عم جابر أبوحسين ويعطونها للشعراء كى يحفظوها.
■ وما العيب فى هذا؟
- الأصل فى الأدب الشعبى هو الانتقال الشفاهى بمعنى أن يحفظ الشعراء من الشعراء، ثم يضفى كل منهم وعيه وموقفه الطبيعى وإحساسه على روايته وعلى الرغم من أن سيد الضوى تتلمذ على صوت جابر أبوحسين وتبعه فترة لا بأس بها إلا أننا حين نستمع إلى الاثنين فى موقعة واحدة سوف نجد عالمين مختلفين وقيمة أشبه بالمنفصلين، السيد الضوى آخر شاعر كبير على قيد الحياة لأن هناك من يتغنون بأطراف من السيرة ولكنهم رواة فى الأغلب على الرغم من استخدامهم نفس الألات الموسيقية والوسائل الغنائية إلا أنهم لم يكونوا عالما كبيرا، خاصة وكما قلت فإنه يتم حقنهم بشرائط جابر أبو حسين وسيد الضوى وغيرهما.
■ ولكن فى الآونة الأخيرة أنت تعلن اختلافك مع فاروق حسنى؟
اختلفت معه على قصة التطبيع، أو بالأحرى فى معالجته لقضايا التطبيع، وفاروق حسنى من أكثر الناس الذين ساندونى منذ مجيئهم إلى الوزارة، بل هو السبب فى أسفارى للعلاج ويعتبر أهم من من وقف معى فى هذا الأمر وكذلك كل ما طالبته لأصدقائى من الأدباء الذين مرضوا والذين توفوا وتركوا أسرهم على فيض الكريم لم يقصر معى ولو مرة واحدة وما أطلبه منه لا يمكن أن أطلبه من وزير آخر أو أى منفذ من منافذ السلطة، فهو يثق بى واختلافى معه جاء من معالجته لقضية الرد على إسرائيل والاعتذار عن الجملة التى استفُز فقالها لأحد أعضاء مجلس الشعب وأخذتها الصحف فحاولت بصفتى صديقه ألا يسخن موقفه علينا، فنحن غير مرشحين لليونسكو ولا شىء يجبرنا على الحديث عن تطبيع مع عدو مازال يمزق المنطقة وحربه مستمرة معنا، فإذا كان الوزير فعل ذلك من أجل بلوغه منصب اليونسكو فأنا كواحد من الناس غير مستعد للموافقة على هذا السلوك، وإن كنت أتمنى أن يصل لليونسكو، ولكن ليس على حساب أى ثابت من الثوابت الوطنية والقومية خاصة أنه عاش كل عمره الوزارى وموقفه من التطبيع ومن العدو الإسرائيلى قوى وشريف وواضح وضوح الشمس
■ بمناسبة شهر رمضان استمعنا اليك تردد مقولة «الجوع كافر»؟
- لا يذل الإنسان سوى الجوع والبطالة ويشعر الإنسان بأنه لا قيمة له فى هذه الحياة وأن الدولة لا تريده، وأنه عبء على الأمة هذه الأشياء قاتلة بالنسبة للشعب المصرى لأنه شعب يعبد العمل وفى الظروف الحقيقية التى تتيح له أن يفجر طاقته فهو الشعب الذى بنى السد العالى والمصانع، ولا يمكن أن يتهم بالكسل، ولكن يصاب بالأعطال بل إنهم الذين يعطلونه ويبطلونه، واليوم لا يوجد عمل إلا عند المستثمرين ورجال الأعمال الذين تضع أمامهم ألف علامة استفهام. أموالنا التى استولوا عليها وكل ما يدَّعونه عن حل مشاكل الشباب تكشف فى النهاية أنها شعارات وأن الوقت وسيلة لاستنزاف بقية مال الشعب المصرى، وعادت مصر إلى أزمنة النهب والسلب، وكأننا نعيش فى عصر المماليك والآن لا صلة بين «طبقة الغطاء والطبقة داخل الحلة».. الشعب المصرى فى طبقاته الدنيا عاطل وجائع ومذلول ومهان، وأبناؤه يتعلمون أسوء تعليم فى الدنيا وموارده تجف يوما بعد يوم لدرجة أن الرغيف اختفى ويحتاج إلى معارك أشبه بمعارك تحرير الأوطان وهو شىء كان يحدث أيام المماليك .
■ ولكن هناك حركة للتعبير عن هذا الغضب نجدها فى الاعتصامات والاضرابات؟
- هذا كله ناتج من فوضى الاستنفاع على حساب الجانب العامل من الشعب المصرى وأن تلك الاعتصامات والإضرابات والوقفات والتظاهرات التى تتم فى كل مكان تعكس أزمة غير مسبوقة وكأننا داخلون إلى الفترات التى حكى عنها المقريزى حيث يأكل الناس بعضهم البعض من الجوع والحاجة، ولذلك نفذت الجماعات الدينية إلى عمق الواقع، و«كراتينهم» أصدق بكثير من كراتين الدولة التى استولى عليها موزعوها ولم تصل إلى الفقراء إلا فى إعلانات التليفزيون وتحويل الشعب المصرى إلى متسول بمعنى أن يفضح أجهزة الإعلام بحالته نطلب المساعدة، بينما هذه حلول كان يحب أن تحل بقرار من الدولة فلا يجوع الناس فى الواقع وإنما يجوع الناس حين لا يكون هناك من يحول بينه وبين الدولة، وفى الحقيقة دولتنا تعيش فى عالمها الخاص وكل هذه الضغوط تولد الانفجار، وسوف تنفجر مصر وفى فترات الانفجار السابقة لم تنفع الجحافل من البوليس أو نزول الجيش إلى الطرقات فالجوع كافر وأعمى، وعموما لم تعد تجدى النصائح للدولة لأننا حين نذكر وننبه إليه نتحول إلى معاديين للدولة من وجهة نظر الأجهزة، ونراقب ونطارد أحيانا وتحاك لنا المصائب .
■ لو عاد حراجى القط يكتب خطاباته إلى «فاطنه» ماذا يروى لها بعد مشروع السد العالى؟
- هناك مشروع كبير يربط بين مدن الصعيد والبحر الأحمر وهذا المشروع يحقق الكثير لأبناء الصعيد ومع شكنا الدائم فى الدولة وعدم الاهتمام بالناس فإننا نسكت عن مثل هذا الانجاز بعد أن فقدت الناس الأمل فى أى مصلحة تتحقق من وراء الحكومات وأرجو أن نتنبأ بالخير لهذا الإنجاز ولو كنت فى نفس طاقتى القديمة لكتبت عنه عملا مماثلا وأنا أعلم أن قيمة هذا العمل ستحرك الصعيد اقتصاديا خاصة أنه على ضفاف هذا الطريق سوف تزرع الصحراء وتقام مناطق سكنية للبشر والعاملين، ومن حسن الحظ أن هذه المناطق بعيدة لا تصلح لإقامة مناطق سياحية، أو قرى نموذجية للأكابر .
■ كيف تجسد لنا أزمة الشباب الجديد؟
- الظروف التى مر بها جيلنا كانت تتحرك وتمور بالحركة والصخب فقد كنا نقاتل الأعداء ونقاوم الإستعمار، ونقوم بحركة تنمية كبرى وكانت الكلمة لها قيمة ووزن ومعنى، أما الآن فهذا جيل يخرج إلى بركة راكدة ويحاط بإعلام غير صادق، ومن جانب آخر عدم اهتمام الدولة به وفقدان الأمل وتسلم الدولة بمقدرات الرأسماليين وسد جميع منافذ الحياة والمستقبل فماذا يمكن أن يخرج فى مثل هذه الظروف سوى هذا الجيل المأزوم، فهناك قول قديم يقول « مادامت الظروف هى التى تصنع الإنسان فعلينا إذن أن نصنع له ظروفا إنسانية».
■ وماذا عن جيل الشباب من شعراء العامية؟
- أنا مبسوط من بعض الشعراء الجدد، ومنهم مصباح المهدى من المنصورة، وهيثم دبور ينتظره مستقبل كبير، ومن جيل الوسط هناك حالة تشابه كبيرة بينهم ولكنهم جميعا خريجو مدرسة واحدة وأذكر هنا عبدالناصر علام من نجع حمادى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.