إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    شهداء وجرحى في قصف لطيران الاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة (فيديو)    5 أندية في 9 أشهر فقط، عمرو وردة موهبة أتلفها الهوى    احذروا ولا تخاطروا، الأرصاد تكشف عن 4 ظواهر جوية تضرب البلاد اليوم    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخ إمام على رحمان رئيس طاجيكستان: كرسى الكتابة أهم من كرسى الرئاسة
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 08 - 2009

عادة ما يهتم الحكام فى دول العالم ب«مستقبل» بلادهم دون النظر للتاريخ، لكن لأن رئيس دولة طاجيكستان «إمام على رحمان» مفكر وكاتب ومؤرخ قبل أن يكون سياسياً، فقد فضّل النظر إلى الماضى والمستقبل معاً، فقرر أن ينظر إلى «تاريخ» بلاده بمنتهى العمق، لأن التاريخ من وجهة نظره- مثلما يؤكد- أساس كل تقدم.
ورغم شواغل الرئاسة وهموم السياسة فإنهما لم تمنعا أبداً حبه الشديد ل«التأليف»، فالكتابة- كما يراها- هى المتعة الحقيقية التى يستطيع ممارستها إلى جانب مسؤولياته الكبيرة كرئيس.
الرئيس «إمام» ألّف كتاباً أو «مجموعة تاريخية» صدر منها ثلاثة مجلدات تحمل عنوان «الطاجيك فى التاريخ»، واحتفل مؤخرا فى القاهرة بصدور طبعتها العربية عن دار الفكر العربى.
«المصرى اليوم» انفردت بالحوار مع «الرئيس المؤرخ»، لمعرفة تفاصيل تجربته الرائدة والمثيرة، وأبحرت معه وسط بحور الأدب بعيداً عن أوجاع السياسة وهموم الاقتصاد والعلاقات الدولية.. وإلى تفاصيل الحوار.
فى البداية نشير إلى أن الكتاب أو المجموعة مكونة من 4 مجلدات صدر منها 3، يحتوى المجلد الأول على تاريخ الطاجيك من الآريين إلى السامانيين، وهى من أقدم الحقب فى تاريخ الشعب الطاجيكى، الذى يعد من أقدم الشعوب فى آسيا الوسطى، والثانى يتناول، فى 4 فصول رئيسية، اتساع الدولة والحضارة الآرية فى عهد الأكمينيين، وغزو الإسكندر المقدونى ومحاولة شعبى باختر وصغد نيل الاستقلال، ثم الأسرة التورانية وإيران منذ القدم وحتى اليوم، والقرن الواحد والعشرين.. قرن السلم والإنسانية فى طاجيكستان، والمجلد الثالث يتناول دولة الساسانيين قبل نفوذ الترك وظهور الإسلام ونشأة الخلافة الإسلامية وبداية الفتح العربى لإيران والروم، ثم انتشار الإسلام فى خراسان وما وراء النهر.
والمجلد الرابع قيد التنفيذ، كما يقول الرئيس رحمان، فقد تأجل قليلاً بسبب المهام الرئاسية الكبيرة، لكنه أوشك على الانتهاء منه، وسيكون جاهزاً للطباعة نهاية العام الجارى، ويتناول التاريخ المعاصر للطاجيك.
حول أهمية صدور هذا العمل يقول الرئيس إمام على رحمان: هو إضافة للحضارة الشرقية ومحبيها، فهو لا يقتصر على تاريخ الطاجيك وما أثروا به الحضارة الإنسانية فقط، بل يتعرض لتاريخ جميع شعوب المنطقة الناطقة بلغتنا، خاصة ما يتعلق بالدين الإسلامى وحضارته، فشعب الطاجيك حافظ على عاداته الإسلامية الأصيلة طوال التاريخ، حتى إبان العهد السوفيتى، ولم يغيّر التزامه بالفروض الدينية أو العبادات، وهو ضارب العمق فى التاريخ الإسلامى، والعديد من كبار علماء الدين وجهابذته كانوا ذوى أصول طاجيكية مثل كبار أئمة الإسلام ومنهم (البخارى، والترمذى، والغزالى، وأبوحنيفة النعمان، وجلال الدين الرومى، وسلمان الفارسى، وابن سينا).
ويشير الرئيس الطاجيكى إلى أن ارتباط الطاجيك بالعالم الإسلامى يمتد إلى آلاف السنين، وهو ما أخذ حيزا كبيرا فى الكتاب، قائلا: «كنا طوال عقود مضت نختبئ وراء كيان يطلق عليه الاتحاد السوفيتى، ولم نكن نحن فحسب بل أكثر من مائة قومية أخرى، غير أن اللغة العربية كانت تدرس فى مدارسنا المتوسطة وكليات الجامعة وعبارة (السلام عليكم) كانت تربطنا بالعالم الإسلامى منذ ما يزيد على الألف سنة، والديانة الرسمية فى البلاد هى الإسلام، لكن الكثيرين على مستوى العالمين العربى والإسلامى لا يعرفون شيئا عن ثقافة وحضارة وإسلام الطاجيك، لذا جاءت فكرة هذا الكتاب».
ويضيف: «هناك أسباب أخرى وراء تأليف الكتاب أو المجموعة، لعل أبرزها أن الشعب الطاجيكى لم يكن يعرف تاريخه حق المعرفة وخصوصا إبان حقبة العهد السوفيتى، خاصة أن التاريخ الطاجيكى ممتد وذو حضارة ضاربة القدم تاريخياً لا يعرف عنها الكثير من شعوب العالم، خاصة العالمين العربى والإسلامى، ولقد قمت بجولات كثيرة للعديد من دول العالم سواء العربية أو الإسلامية أو دول الاتحاد السوفيتى السابقة للإلمام بكل ما يتعلق بتاريخ الطاجيك تاريخيا».
وشأنه شأن أى مبدع يقوم بعمل أدبى، يقول الرئيس على رحمان: «عانيت كثيرا مثلما يعانى أى مبدع فى الكتابة، وكانت فترة المخاض عسيرة وطويلة، خاصة مع شعورى العميق بالألم وأنا أقرأ عن تاريخ الطاجيك، وقد عانيت معهم فترة الحرب الأهلية والاقتتال الداخلى، فجاء هذا الكتاب للتأكيد على أننا شعب ذو حضارة ولا يمكننا الدخول فى حرب أهلية نقتل بها بعضنا البعض». ويوضح أنه فى العهد السوفيتى كانت للشعب الطاجيكى جمهورية تابعة للاتحاد السوفيتى، واستمرت حتى إعلان الاستقلال الوطنى بعد انهيار الاتحاد فى 9 سبتمبر 1992، وسرعان ما دخلت البلاد فى حرب أهلية واقتتال داخلى داما 5 سنوات وقد تم إخماد فتيل الحرب الطاحنة بفضل جهود جبارة من أبناء الوطن، من خلال توقيع اتفاقية السلام والمصالحة الوطنية عام 1997.
وانضمت إليها جميع القوى والفصائل المتناحرة، وتعتبر تجربة تحقيق المصالحة الوطنية فى طاجيكستان من التجارب الفريدة من نوعها وغير المسبوقة فى العالم، وتستحق دراستها وتعميمها فى باقى المناطق الساخنة من المعمورة التى يمزقها التناحر، ويشتعل فيها لهيب الحروب الأهلية. ومنذ ذلك الحين التأم الجرح وتم لم الشمل بعودة أبناء الشعب اللاجئين إلى الوطن الأم، وتحقق الكثير من أجل تعزيز الوحدة والاستقرار فى طاجيكستان ذات السيادة وهى تمضى اليوم بخُطاً واثقة فى طريق النهضة.
وحول توقيت كتابة المجلدات الثلاثة، حيث يقع المجلد الواحد فى أكثر من 300 صفحة، يقول الرئيس الطاجيكى: «جاءتنى فكرة تأليف الكتاب منذ 12 عاما تحديدا، ولكنها نضجت قبل وصولى إلى الحكم، ومع الاستقلال الوطنى كنت قد بدأت كتابتها».
ويضيف الرئيس إمام على رحمان: «سيندهش القارئ عندما يقرأ عن ثقافة الشعب الطاجيكى العريقة والأصيلة، التى امتزجت بما جاءت به الفتوحات الإسلامية لتشكل ثقافة قومية تعلو فيها القيم والأخلاقيات الإسلامية السامية، فالشعب الطاجيكى صاحب الأدب الراقى والعلوم الزاهية خرج من بين أبنائه فى القرن التاسع الميلادى الشاعر الكبير أبوعبدالله الرودكى ليصبح ملكاً لشعراء العجم (وسيحتفل فى خريف هذا العام بذكرى مرور 1150 سنة على ميلاده) والطبيب الفيلسوف العظيم أبوعلى بن سينا والأئمة الأجلاء فى علوم التفسير والحديث والفقه وكوكبة من العلماء والفضلاء والشعراء، الذين أسهموا فى ازدهار الحضارة الإنسانية منذ أقدم العصور، حيث يعد الشعب الطاجيكى من أقدم الشعوب القاطنة فى وسط آسيا، وتمتد حضارته إلى جذور عميقة تصل إلى آلاف السنين قبل الميلاد.
وحول ما إذا كان الكتاب سيُطرح للبيع فى المكتبات العامة للقارئ العادى، يقول: «لم يدر بخلدى أن يطرح هذا الكتاب للبيع، شأنه شأن أى عمل إبداعى أو تاريخى لأى كاتب، لكننى أردت من خلاله توثيق تاريخ بلادى وحضارتها على أن يكون متاحاً فى المكتبات القومية الكبرى فى البلدان العربية والإسلامية والناطقة باللغة العربية وغيرها من اللغات، كذلك فقد ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات منها الفارسية والإنجليزية والفرنسية، وحاليا بعد أن طبع باللغة العربية فإن ذلك يعد إضافة حقيقية للكتاب».
المثير للانتباه أنه سبق للرئيس «رحمان» أن كتب العديد من المؤلفات التاريخية، خاصة قبل توليه فترة الرئاسة، وله العديد من المقالات والترجمات فى الفلسفة الإسلامية، وهذه المجموعة التاريخية لم تكن الأولى له فى عالم الكتب والغوص فى بحار الكلمات والعبارات، سواء كانت تاريخية أو فلسفية، يقول الرئيس: «كرسى الرئاسة لم يغير من شغفى للكتابة والتأليف، بل أضفى بعدا أكبر فى المهام الجسام الملقاة على عاتقى منذ توليت رئاسة البلاد، لكن حبى للكتابة والتاريخ يظل هو المتعة الحقيقية التى أستطيع ممارستها إضافة إلى مسؤولياتى الكبيرة، وحينما كتبت كتبى كنت مجردا تماما من أى منصب أو كرسى أجلس عليه، بل مجرد مواطن طاجيكى مسلم يمسك بالورقة والقلم لعله يستطيع أن يقدم شهادة للتاريخ».
ولا ينكر الرئيس الطاجيكى أن نشأته فى أسرة بسيطة مترابطة كان لها أبلغ الأثر فى أن يرصد فى كتابه أصول الشعب الطاجيكى وعاداته وثقافته الحقيقية الضاربة فى القدم والمتوارثة على مر الأجيال، فيقول: «مما لا شك فيه أن خروجى من أسرة بسيطة، عاشت فى بيئة قروية متماسكة ومترابطة، وتجسدت فيها تقاليد الشعب وعاداته الأصيلة، كان له أبلغ الأثر عندما بدأت التفكير فى كتابة هذا الكتاب، فقد حملت معى زادا كبيرا من الخبرات المتراكمة من أجيال قديمة فضلا عن تجارب حياتية مختلفة كانت عوناً لى فى التعمق إلى أدق تفاصيل حياة الشعب الطاجيكى».
وبالرغم من الرئيس الطاجيكى لا يتقن اللغة العربيةفإن هناك عادة عرفتها عنه «المصرى اليوم» من المحيطين به، وهى أنه يبدأ يومه فى الصباح الباكر بقراءة القرآن ويُنهى يومه الرئاسى قبل النوم بقراءته، وعن هذه العادة يقول الرئيس «على رحمان»: «القرآن الكريم له أبلغ الأثر فى نفس كل مسلم، حتى وإن كان مترجما.
 ولكن الحقيقة أننى على مدار سنوات عمرى اعتدت على هذه العادة، التى تجعل من ذهنى أكثر اتقاداً وقدرة على التفكير وفيه راحة لى من كل الهموم، كما أنها تعطينى دوماً معانى عميقة وتفتح لى مدارك متواصلة بتكرار قراءته، أنه معجزة الله فى الأرض فعلا، ولعلى أقول إن قراءة القرآن الكريم يوميا- صباحا ومساء- كانت حجر زاوية فى قدرتى على التفكير العميق وترتيب الأفكار لعدد لا نهائى من القراءات الأدبية والتاريخية وفى شتى مجالات الكتابة لكى تبلور الصورة النهائية لمضمون الكتاب».
ويضيف: قراءة التاريخ ليست سهلة، ودراسته بتدقيق كبير أمر ليس هيناً أيضاً، ولعلى هنا أذكر كاتبا ومؤلفا مهما أستطيع أن أقول إنه معلمى الأول وهو بابا جان غافاروف) وهو أول من كتب مؤلفات عظيمة عن حضارة الطاجيك، أما عن أفضل من قرأت لهم فلا أستثنى أبدا الكاتب المصرى العظيم نجيب محفوظ فى أعماله المترجمة وهناك أبوالقاسم الحكيم الفردوسى وعمر الخيام والسعدى والشيرازى وغيرهم.
وبالرغم من حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه كرئيس جمهورية، فإن الرئيس على رحمان يؤكد أنه لا يغفل أبدا عن تربية أبنائه وأحفاده على أسس التربية الإسلامية الصحيحة، بالرغم من عددهم الكبير، فيقول ضاحكا: «لقد كانوا 7 أبناء قبل أن أكون رئيسا، ثم زادوا اثنين بعد أن توليت الرئاسة ليكون المجموع 9 من الأولاد والبنات.
 ورغم محبتى العميقة لهم فإننى أعتقد أننى أب وجد صارم للغاية فى تربية أبنائى وأحفادى، وأجاهد دوما لزرع كل أسس التربية الإسلامية القائمة على الأخلاق فى نفوسهم باستمرار، وكونى رجل سياسة فإن هذا لا يعنى ألا أكون أبا وجدا محافظا على تقاليد وعادات أهل بيته، ولقد ربيت أولادى وأحفادى على حب القراءة والتعمق فى دراسة التاريخ، لأنه بدون قراءة التاريخ وأخذ العبر والإشارات والدلالات منه، فلا حاضر ولا مستقبل للمرء.
وحول هواياته الخاصة يقول: «بالطبع القراءة ثم القراءة، خاصة التاريخ بكل فنونه وأشكاله، يضاف إليها ركوب الخيل وتنسيق الزهور والاعتناء بها وسماع الموسيقى الكلاسيكية والشعبية، ويشاركنى فيها أحفادى وأبنائى كذلك».
ويشير الرئيس إمام على رحمان إلى وجود الكثير من الصور النادرة والمخطوطات الأثرية، فيقول: لقد جُبت البلد شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، لأجمع هذه الوثائق، فضلا عن زيارتى لجميع بلدان الاتحاد السوفيتى السابقة ومعظم الدول العربية والإسلامية للوقوف على امتداد الحضارة الطاجيكية فى هذه البلدان، ومن الوثائق النادرة التى حوتها المجموعة الوثائق الخاصة بالحضارة الإسلامية خاصة (وثائق البلعمى)، الذى يعد أحد كبار رجال الإدارة والسياسة فى عهد الدولة السامانية وأخرى عن تاريخ الدولتين الآرية والسامانية.
مشروع إسلامى
الرئيس إمام على رحمان له العديد من المشروعات التى تهتم بالحضارة الإسلامية وتراثها، ومنه مشروع إسلامى قومى «لكل أسرة المصحف الشريف بترجمة معانيه بالطاجيكية» مع طباعته على حسابه الخاص، ومشروع ترجمة وطبع كتاب الفقه الحنفى «هداية شريف» وغيره من كتب الفقه الإسلامى بالطاجيكية على حسابه الخاص.
 كما أعلن عام 2009 عام الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان فى طاجيكستان، حيث ستقام احتفالات رسمية فى شهر سبتمبر المقبل بمناسبة مرور 1310 سنة من مولده بمشاركة جمع غفير من الضيوف من أنحاء العالم الإسلامى كافة، وله كتاب شهير يحمل عنوان (نظرة إلى الحضارة الآرية وتاريخها».
سنوات فى حياة الرئيس
■ ولد الرئيس إمام على رحمان يوم، 5 أكتوبر 1952م بناحية دانغره ولاية ختلان بجمهورية طاجيكستان، وبعد التخرج فى المدرسة المتوسطة (1971) وأداء الخدمة العسكرية (1971-1974) عمل فى معمل الزيوت بمدينة قرغان تبه (1974-1976).
■ فى الفترة من 1976-1992م تم تعيينه أميناً لمجلس الإدارة ثم مديراً للمزرعة الجماعية فى مسقط رأسه ثم موظفاً مسؤولاً فى السلطات الحزبية بناحية دانغره.
وفى سنة 1982 تخرج فى جامعة طاجيكستان باختصاص اقتصادى وفى سنوات 1990-1995 انتخب نائباً فى البرلمان، وفى سنة 1992 تم تعيينه رئيساً للجنة التنفيذية بولاية كولاب وبعد بضعة أشهر من السنة نفسها رئيساً للمجلس الأعلى لجمهورية طاجيكستان.
■ فى 6 نوفمبر سنة 1996 خرج فائزاً فى الانتخابات الرئاسية ليصبح رئيساً لجمهورية طاجيكستان ثم أعيد انتخابه مرتين لهذا المنصب فى 7 نوفمبر سنة 1999 و7 نوفمبر سنة 2006.
■ حاز كثيرا من الأوسمة الوطنية والأجنبية تقديراً لجهوده الجبارة وخدماته الجليلة فى إخماد فتيل الحرب الأهلية فى طاجيكستان.
جمهورية طاجيكستان
■ تبلغ المساحة العامة لجمهورية طاجيكستان، 143.1 ألف كم2، تقع فى وسط آسيا المركزية المعروفة عند العرب باسم «ما وراء النهر»، تحدها أوزبكستان وقرغيزستان غرباً وشمالاً، وأفغانستان جنوباً والصين الشعبية شرقاً.
وإدارياً تنقسم إلى ثلاث ولايات وهى ولايتا الصغد فى الشمال وختلان فى الجنوب وولاية بدخشان الجبلية فى الشرق. وعاصمتها مدينة دوشانبه (أكثر من 700 ألف نسمة).
■ عدد سكانها يزيد على 7 ملايين نسمة، حسب إحصاء عام 2007، يمثل الطاجيك 80 % منهم، وتقطنها أقليات قومية أخرى الغالب فيها الأوزبك ويمثلون 15 %، واللغة الرسمية هى الطاجيكية المشابهة للفارسية فى إيران والدرية عند معظم سكان أفغانستان، والألفباء خط السريليك، والديانة الإسلام من المذهب الحنفى ما عدا القلة القليلة بولاية بدخشان الجبلية تعتنق الإسماعيلية.
■ طاجيكستان بلد جبلى، حوالى 93 فى المائة من مساحته جبال شاهقة تبلغ 7495 مترا ارتفاعا عن سطح الأرض وأهم أنهارها سيحون وجيحون مع روافدهما.
■ جمهورية طاجيكستان نالت استقلالها الوطنى فى 9 سبتمبر من عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.