هذه القصة حكاها لى صديقى وأستاذى الراحل د.أحمد مستجير، وبطلها هو جيفريز، مكتشف البصمة الوراثية نفسه البالغ من العمر 34 عاماً، والذى كان يسكن على بعد أميال من قرية الرعب الإنجليزية «ناربرة»، وقد اكتسبت هذه الصفة لأنه قد اغتصبت فيها فتاتان بشكل مرعب وقاس، الأولى الصبية ليندا مان «15 عاماً» والتى اغتصبت فى 21 نوفمبر 1983 وعثر على جثتها مغتصبة ومخنوقة ولا أثر للجانى إلا سائله المنوى، والثانية دون آشويرث «15 عاماً» والتى اغتصبت بنفس الطريقة فى 31 يوليو 1986، ولكن اغتصابها تكرر بعد موتها مع جثتها بمنتهى الوحشية، وعندما ذاع صيت اكتشاف جيفريز أرسلت له النيابة عينة من دم المتهم ريتشارد بكلاند وعينة من السائل المنوى الذى وجد مختلطاً بالجثتين، والغريب أن المتهم بكلاند كان قد اعترف بأنه اغتصب الثانية ولكنه لم يغتصب الأولى، ولكن الظاهر أن اعترافه تم بالطريقة البوليسية المصرية الشهيرة التى جعلت الممثلة «حبيبة» تعترف بقتل زوجها بمفرمة الديمقراطية!، وذلك لأن العالم الشهير قرر بعد الفحص أن المتهم لم يغتصب أو يقتل أى فتاة منهما!، وبدأت أعجب مطاردة فى التاريخ حين أمرت النيابة بأخذ عينات من دم ولعاب كل شباب ورجال القرية والقرى المجاورة، والتى تم نقل وقائعها على الهواء مباشرة حتى تم التوصل إلى القاتل المغتصب كولين بيتشفورك الذى حكم عليه بالسجن فى 23 يناير 1988 بالسجن مدى الحياة. إنها قصة عجيبة وغريبة، ولكن الأعجب والأغرب والأكثر إدهاشاً قصة الDNA نفسه الذى يحمل سر الحياة فى داخله، والذى مازال يلفه الغموض، والذى احتفل العالم منذ سبع سنوات فى 2003 بمرور خمسين سنة على اكتشافه، الذى بدأ ببحث من ورقة واحدة فى مجلة نيتشر عام 1953، ولكنه الاكتشاف الذى زادنا حيرة، فالصندوق الأسود للحياة مازال مغلقاً لم يطلع عليه أحد، وباب مغارة الكون مازال مستعصياً على عبارة على بابا «افتح يا سمسم». أصبحت الأمية الآن أمية ال«دى إن إيه» وليست أمية القراءة والكتابة، من لا يعرف الحروف الأربعة لأبجدية الحياة فى ال«دى إن إيه» هو أمى العصر الحديث وليس الذى يجهل الثمانية وعشرين حرفاً لأبجدية اللغة العربية!!، ومن لا يعرف خريطة الجينوم البشرى وقصتها منذ إشراف «واطسون» عليها حتى دعم كلينتون لمشروعها وخروجها إلى النور فى وقت قياسى وأسطورى، هو شخص يجهل الكثير وعليه أن يراجع أولويات قراءاته ومعارفه ومعلوماته، فهذه الخريطة بعد سنوات قليلة ستصبح بطاقة هويتك، سيطلبونها قبل التعيين فى أى وظيفة لأنها ستتنبأ بأمراضك المستقبلية، ستصبح ثورة العلاج الجينى عند أطراف الأصابع ليدخل المريض مركز الصيانة الجينى فيقص الجين المعطوب ويلصق الجين السليم ليخرج المريض على الزيرو!!. أرجوك اقتنص فرصة معرض الكتاب لتتخلص من أمية الثقافة العلمية وابحث عن كتاب «اللولب المزدوج» من ترجمة الدكتور مستجير الذى يحكى سيرة حياة «واطسون» مكتشف سر الحياة فى الحمض النووى، إنها سيرة ممتعة وساحرة لاكتشاف عبقرى وثورى غيّر نظرتنا إلى الكون والحياة.