17 عاماً مرت على مطالبة المستثمرين الزراعيين، فى كفر داوود ومدينة السادات بمحافظة المنوفية، بإنشاء خط سكة حديد لنقل البضائع. كانت البداية فى عهد المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، حتى يصبح الخط محوراً للتنمية مع الطريق الإقليمى القائم بالفعل هناك. وعلى الرغم من تحقق حلم المستثمرين بإعلان الحكومة نيتها إنشاء خط حديدى، يربط بين كفر داوود ومدينة السادات، فإنهم فوجئوا بأن المسار المقترح يتسبب فى تدمير مزارعهم، على حد زعمهم. ومع مرور الوقت فوجئوا بوجود خط سكة حديد قائم بالفعل فى قرية «الاتحاد»، مما دفعهم للشكوى واقتراح ربط هذا الخط بشمال مدينة السادات، الأمر الذى يوفر ملايين الجنيهات على الدولة، ويحمى استثماراتهم من الدمار، كما يقول الدكتور رضا النحراوى، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى مدينة السادات. الحلم فى تحويل الصحراء إلى مزرعة خضراء راود الدكتور حمدى السكوت، أستاذ الحضارة العربية بالجامعة الأمريكية، وأحد المستثمرين الزراعيين، الذى قرر منذ عام 1979 توجيه استثماراته نحو الصحراء، وتحديداً إلى الزراعة فى منطقة كفر داوود بمحافظة المنوفية، وهو ما اعتبره أصدقاؤه وأقاربه وقتها «ضرباً من الجنون»، وما إن بدأت الأرض تخرج خيراتها، حتى بدأ كثيرون فى التوجه إلى المنطقة للزراعة بها. ويقول «السكوت»: «بمرور الوقت تكللت جهودنا بالنجاح عندما سلمنا الرئيس حسنى مبارك عقود تملك الأرض بنفسه فى الثمانينيات، وأخذت زراعاتنا واستثماراتنا فى النمو باستخدام وسائل غير تقليدية وآمنة لتصل إلى 9 مليارات جنيه حتى اتجهنا إلى التصدير، إلا أننا استيقظنا من أحلامنا على (كابوس فظيع)». ويضيف: «فوجئنا بتعديل مسار خط سكة حديد الذى طالبنا بإنشائه عام 1992، مما سيؤدى إلى تدمير استثماراتنا من مزروعات وثلاجات لحفظ الفاكهة والخضروات، وقدمنا شكاوى إلى الجهات المعنية واقترحنا بدائل للمسار الموجود، قبل أن نكتشف معلومات جديدة، وهى وجود خط سكة حديد قائم بالفعل يمكن مده وربطه بمدينة السادات ليكون محوراً جديداً للتنمية، دون الإضرار بالاستثمارات القائمة». وكرد فعل أرسل مستثمرون زراعيون فى منطقة «كفر داوود - السادات»، شكوى ضد هيئة السكة الحديد للدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس محمد لطفى منصور، وزير النقل، والدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، وأحمد المغربى، وزير الإسكان، يعترضون فيها على مقترح بتعديل مسار خط السكة الحديد المزمع إنشاؤه بين مدينة السادات وكفر داوود، مؤكدين أن تحويل المسار الأصلى للخط الحديدى إلى منطقتهم يترتب عليه تدمير مزارعهم «الحاصلة على أرقى الشهادات العالمية» وفقاً لما جاء بشكواهم. وعلى الرغم من تأكيد المهندس محمد لطفى منصور، وزير النقل، فى تصريحات صحفية أن خط السكة الحديد يربط مدينة السادات ومنوف لخدمة نقل البضائع، وأن الوزارة وجدت أن الخط سيمر بأحد الأديرة وبالتالى غيرت المسار لوجود بدائل، إلا أن جورج خلف الله، المتحدث باسم أديرة منطقة الخطاطبة قال ل«المصرى اليوم»، إن المسار المقترح للخط الحديدى سيضر مزارع تابعة لأحد أديرة المنطقة، وسيقتطع منها قرابة 30 فداناً. وقال الدكتور رضا النحراوى، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى مدينة السادات: «تم إنشاء كوبرى فوق الرياح الناصرى على بعد 3.25 كيلومتر من الطريق الإقليمى «كفر داوود - السادات»، وأمام الكوبرى 3 مزارع سيتعرض كل منها لضرر طفيف لأن المسار يسير فى طريق ترابى عرضه 10 أمتار، ويبعد الخط الحديدى عن الطريق الإقليمى ويوازيه بمسافة لا تقل عن 3.25 كيلومتر وتصل أحياناً إلى 5 كيلومترات، ويشكل بذلك محوراً جديداً للتنمية فى المنطقة، وهو المسار الأقصر والأقل ضرراً والأكثر أمناً». وأضاف: «التنمية التى تمت فى المزارع الواقعة جنوب الطريق الإقليمى تشتمل على 120 ألف فدان تم استصلاحها واستزراعها، واستثمار ما يقرب من 9 مليارات جنيه، إلا أن المسار المعدل سيسد ويغلق جميع الطرق الترابية المؤدية للطريق الإقليمى، وسيتعذر دخول العاملين الدائمين والمؤقتين إلى المزارع ويصل عددهم إلى نحو 150 ألف فرد تقريباً، وبالتالى طالبنا المسؤولين باحترام المسار الأصلى الذى بُنى على أساسه الكوبرى فوق الرياح الناصرى». وأشار النحراوى إلى وجود خط سكة حديد قائم منذ 25 سنة شمال كفر داود يصل بين قرية الاتحاد وحتى الدخيلة، ويمكن ربطه بشمال مدينة السادات حتى كفر داوود، واستطرد: «سيمر فى هذه الحالة فى أرض بور ولن يضر بالاستثمارات الزراعية القائمة». من جهة أخرى قال مصدر فى هيئة السكك الحديدية، طلب عدم ذكر اسمه، إن الهيئة أسندت دراسة المسار إلى لجنة محايدة من كلية الهندسة جامعة القاهرة، وأن الهيئة لن تتخذ أى إجراء قبل موافقة المجالس المحلية والمحافظة، مؤكداً أن المسار «غير نهائى». وقال المهندس حمدى الطحان، رئيس لجنة النقل فى مجلس الشعب، «مشروع توصيل السكة الحديد إلى مدينة السادات وربطها بالشبكة أمر مهم للصالح العام، ولكن إذا مر الخط من فوق النيل وصولاً إلى منوف فهذا ما أعترض عليه، لأنه سيحتاج تكلفة كبيرة جداً، تتخطى ال600 مليون جنيه، أما إذا مر الخط فى مزارع فيجب دفع تعويضات مناسبة لأصحابها». وتابع: «إذا أرادت الحكومة مد خط سكة حديد فيمكنها الاستفادة من خط البضائع فى قرية الاتحاد حتى الدخيلة فى الإسكندرية، وسيخدم المصانع فى منطقة السادات، وكل ما يجب التفكير فيه حالياً هو تخفيف الأضرار والخسائر، والجلوس على مائدة للتشاور بين الجهات المختصة والمستثمرين بما يحقق الصالح العام فى النهاية».