قرار المركزي الأوروبي بخفض الفائدة يحرك الأسواق العالمية، وصعود تاريخي لأسهم منطقة اليورو    هدد بوتين وتصرف بطريقة غربية، ملخص كلمة بايدن في إحياء ذكرى إنزال النورماندي (فيديو)    وزير الخارجية يؤكد على مواصلة مصر تكثيف جهودها لوقف الحرب الإسرائيلية ضد غزة    موعد سفر منتخب مصر لمواجهة غينيا بيساو في تصفيات كأس العالم    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب تروسيكل على طريق المحيط بالمنيا    ضبط 37 طن لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقاهرة    هند صبري: غيرنا بعض التفاصيل في مفترق طرق ليتماشى مع المجتمع الشرقي المحافظ    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة شاملة لقرية شابور بالبحيرة    جيش الاحتلال ينفي إعلان الحوثيين شن هجوم على ميناء حيفا الإسرائيلي    وزير العمل يلتقى نظيره التركي لبحث أوجه التعاون في الملفات المشتركة    البدري يكشف.. سبب رفضه تدريب الزمالك.. علاقته بالخطيب.. وكواليس رحيله عن بيراميدز    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    رابط التقديم وشروط الحصول على زمالة فولبرايت في عدة مجالات أبرزها الصحافة    حركة تغييرات محدودة لرؤساء المدن بالقليوبية    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 الجزائر وفقا للحسابات الفلكية؟    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الإمتحانات بكلية التمريض    جميلة عوض تودع السنجلة بصحبة صديقاتها.. صور    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نقابة المهن التمثيلية تنفي علاقتها بالورش.. وتؤكد: لا نعترف بها    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    واعظة بالاوقاف تقدم أفضل الأدعية المستحبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    «الإفتاء» توضح أفضل أعمال يوم النحر لغير الحاج (فيديو)    هل يحرم على المضحي الأخذ من شعره وأظافره؟.. الإفتاء تجيب    حج 2024| 33 معلومة مهمة من الإفتاء لزوار بيت الله    الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة يلتقي منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجلس الأمن القومي الأمريكي    للراغبين في الشراء.. تراجع أسعار المولدات الكهربائية في مصر 2024    هيئة الدواء تستقبل رئيس هيئة تنظيم المستحضرات الدوائية بالكونغو الديموقراطية    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    لوكاكو: الأندية الأوروبية تعلم أن السعودية قادمة.. المزيد يرغبون في اللعب هناك    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وطقوس ليلة العيد    الأقوى والأكثر جاذبية.. 3 أبراج تستطيع الاستحواذ على اهتمام الآخرين    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    والدة الأبنودي مؤلفتها.. دينا الوديدي تستعد لطرح أغنية "عرق البلح"    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    تصفيات آسيا لمونديال 2026.. تشكيل هجومي متوقع للسعودية لمواجهة باكستان    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا خرجت مصر من التاريخ «5-6»
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 08 - 2009


■ انهيار البحث العلمى والتعليم العالى
عندما دخلت مصر لأول مرة سباق اللحاق بالعصر أيام محمد على، وهى الفترة التى دخلت فيها اليابان نفس السباق، استطاعت فى أقل من ثلاثة عقود إنشاء مصانع للأسلحة والسفن وأدوات ميكانيكية تفيد مشروعات مدنية كثيرة، وكان ذلك بأيد مصرية تعلمت فى الخارج واستعانت ببعض الخبرات الأجنبية، وتكون جيل من المبتكرين المصريين الذين أسسوا صناعة حديثة فى دولة متخلفة بمقاييس ذلك الوقت، وفى نفس الوقت أنشئت المدارس العليا ومنها مدرسة المهندسخانة ومدرسة الطب ومدرسة الحقوق وتخرج فى هذه المدارس جيل من الخبراء والمفكرين.
ومرة أخرى خلال العقود الثلاثة الأولى فى القرن العشرين بدأت ملامح نهضة مصرية فى التعليم العالى وذلك بتجميع المدارس العليا وإنشاء كليتى العلوم والآداب لتصبح الجامعة المصرية هى مستقبل التعليم العالى والبحث العلمى.
وبالرغم من إنشاء الجامعة رغم أنف الإنجليز وفى ظروف صعبة استطاعت قلة من أساتذة الجامعة فى ظل استقلال الجامعة وحرية التفكير والبحث العلمى القيام ببحوث علمية متقدمة، وربما كانت أبحاث الأستاذ «مشرفة» وتلاميذه قادرة على دخول مصر العالم النووى فى الخمسينيات من القرن العشرين لو استمرت الجامعة والبحث العلمى على هذا المنوال.
وبعد أن سيطرت قيادة الثورة على الجامعة وتوسعت فى التعليم العالى والبحث العلمى، وصاحب ذلك مجانية التعليم وتم إنشاء المركز القومى للبحوث، وهى أشياء جيدة ولكن لأن الهاجس الأول كان السيطرة الأمنية على الجامعة ففى أقل من عقدين انهارت البحوث فى الجامعة ثم تلا ذلك انهيار التعليم الجامعى واختفى البحث العلمى باستثناء بؤر بسيطة يقودها محاربون فى ظروف صعبة وهى نفس الفترة التى نهض فيها التعليم والبحث العلمى فى دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وقبلهما الصين، هم يتقدمون ونحن نتأخر.
فقدت مصر أيضاً التعليم الفنى المتقدم، واختفى العامل الفنى الأسطى الماهر المدرب تدريباً عالياً، الذى كان يعد حلقة الوصل فى أى صناعة مصرية، ومدارس الدومبسكو التى أنشأها الإيطاليون فى القاهرة والإسكندرية أهملناها بدلاً من محاكاتها وأنشأنا تعليماً صناعياً فاشلاً لا يفيد فى شىء.
لا يمكن فى العصر الحديث أن يحدث أى تقدم اقتصادى حقيقى دون بحث علمى متطور قادر على تصدير تكنولوجيا ثمنها مرتفع. ولا يمكن التقدم دون خريجى جامعات على مستوى عال فى جميع الفروع التكنولوجية والهندسية والبيولوجية والإنسانية، ولا يكفى أن نقوم بتخريج موظفى بنوك ورجال أعمال فى جامعات خاصة لتحقيق التقدم. وللأسف لم يؤمن وزراء التعليم العالى فى العقود الماضية بأن هناك أملاً أو رجاء فى البحث العلمى، وذلك يرجع إلى ضيق أفقهم وعدم قدرتهم على الحلول المبتكرة.
لم يفكر أحد فى حلول لدولة مشابهة فى المشاكل مثل نهرو فى الهند، عندما قيل له إن البحث العلمى مكلف ولا نتوقع عائداً منه، قال إننا دولة شديدة الفقر، لدرجة تجعل تمسكنا بالبحث العلمى هو الأمل. الهند اكتشفت أن هناك صعوبة بالغة فى إصلاح الجامعات والبحث العلمى بسبب كثرة الأعداد وقلة الإمكانيات، فقررت إنشاء مراكز التميز العلمى، فأنشئ مثلاً مركز متميز للعلوم النووية تدرب فيه خيرة الطلاب، وتقدم البحث العلمى فيه خطوة بخطوة حتى صنعت الهند القنبلة النووية واستغلت الطاقة النووية فى صناعة الكهرباء، كل هذا بأيد هندية تعلم بعضها فى الخارج والأغلبية فى الداخل. هذا النوع من المراكز له معاملة خاصة فى كل شىء من ناحية الرعاية والرواتب والتمويل.
لم يرأس الوزير مجلس إدارة المعهد أو طلب أعضاء الحزب الوطنى الهندى تعيين أقاربهم الفاشلين بالوساطة فى هذا المركز، وأنشئت أيضاً مراكز تكنولوجية متقدمة فى علوم الكمبيوتر والعلوم الكيمائية وعلوم البيولوجيا والعلوم الطبية، كلها بنفس الطريقة، وقادت هذه المراكز الهند للتقدم العلمى والتكنولوجى والاقتصادى، وخرجت بها من مستنقع التخلف الذى تعيشه.
لم يكن هذا المثال الهندى غريباً عن مصر، بل قُدمت هذه الأفكار عدة مرات، لكن الرفض كان حليفها لعدة أسباب أهمها عدم وجود رؤية استراتيجية عند وزراء التعليم وتفرغهم لحل مشاكل المجاميع والتعليم المفتوح والمقفول، وهناك أسباب أخرى من ضمنها ضعف الوازع الوطنى، لأن هذه المشروعات طويلة الأمد لن يراها من بدأها ولن يهتم بها إلا الوزير الوطنى الذى يحب مصر ويقضى عمره مكافحاً من أجلها وليس الوزير الذى يجرى ويلهث طول النهار والليل خلف صاحب السلطة يحاول أن يرضيه من ناحية ويرضى البنك الدولى من ناحية أخرى حتى يبقى لفترة أطول فى منصبه الوهمى الذى لا يقدم ولا يؤخر.
لقد عرض أحمد زويل مشروعاً متكاملاً لبناء مركز مصرى متقدم للعلوم الأساسية منذ عشر سنوات فى عهد مفيد شهاب، ثم عرض المشروع على هانى هلال، وكلا الوزيرين شاركا فى دفن المشروع الذى لن يفيدهما شخصياً، أما مصر فلا يهم مستقبلها، لو أنشئ هذا المشروع لكان قد بدأ إنتاجه يظهر، ومدرسته العلمية تتفتح وتكون نواة لمراكز أخرى. كل المطلوب كان 2 مليار جنيه، أى أقل من ثلث ما صرف على مشروع توشكا المظهرى عديم الفائدة الاقتصادية.
إن تدمير التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر هو جريمة ارتكبتها الدولة، فأخرجت مصر من التاريخ والمستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.