أكد الرئيس حسنى مبارك أنه لن يحل مجلس الشعب «إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحّة»، موضحاً أن جل همه الآن هو إكمال برنامجه الانتخابى من أجل الشعب وليس مسألة إعادة ترشحه للرئاسة أو عدمه. وأشار مبارك، فى حديث لقناة «بى بى إس» الأمريكية أجراه معه المذيع الشهير تشارلى روز، إلى أنه لا يتفق مع ما يقال من أنه لن يكون هناك رئيس لمصر لا يحظى برضا المؤسسة العسكرية. ونوه، فى الحديث الذى تم بثه أمس، أن «هناك صحوة كبيرة فى مصر وفى العالم العربى، وأجيال جديدة ودماء جديدة فى الخدمة العامة، وتغير يحدث فى أوصال هذه المنطقة». وعما يشاع من أنه لن يأتى زعيم لمصر لا ترضى عنه المؤسسة العسكرية، قال الرئيس مبارك: «ربما.. وربما يتغير ذلك لاحقا حيث لا يعلم أحد من سيأتى». وقال روز فى المقابلة: «سيدى الرئيس، مع احترامى، يقول كثيرون إنه لن يكون هناك قائد لمصر غير مقبول من الجيش، كما كنت أنت، وكما كان (الرئيس السابق) أنور السادات، وكما كان الرئيس ناصر، جميعكم تتبعون نفس التقاليد، تقاليد الضباط الأحرار، وهذا لم يتغير فى مصر، وأنت تعلم هذا، وأنا أعلم هذا». وفى رده قال مبارك: «هذا الأمر ربما.. يمكن أن يتغير بعد ذلك. هذا ربما يتغير. لا أحد يعرف من سينجح، فنحن لدينا انتخابات، وعندما يأتى الوقت للانتخابات، سيصوت الناس». وأضاف: «ناصر كان ضابطا فى الجيش، والسادات كان ضابطا فى الجيش، وأنا ظللت فى الجيش والقوات المسلحة حتى وصلت إلى أعلى منصب، وشهدت التحرر فى أكتوبر، وتم تقليدى أرفع الأوسمة على أعلى المستويات، وهذه ليست نقطة سلبية. لقد عملت نائبا للرئيس وقمت بالعديد من الجهود طوال ست سنوات كنائب للرئيس، ثم توليت منصب الرئيس». لكن روز استطرد: «نعم هذه النقطة التى أعنيها، وهى أنه لن يصبح هناك رئيس لمصر غير مقبول من الجيش»، فأجاب الرئيس المصرى: «لا، لا، لا.. لا أوافق على هذه العبارة». وأعلن الرئيس، فى تصريحاته للإعلامى الأمريكى فى برنامجه الذى يحمل اسمه، ويعد من أبرز البرامج الحوارية فى الولاياتالمتحدة، أنه لن يحل مجلس الشعب إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحّة «لايبدو أنها ماثلة فى الوقت الراهن». وعما إذا كان يحب أن يخلفه نجله جمال فى الحكم، قال مبارك إنه لم يتطرق إلى هذا الأمر مع نجله الذى بدأ حياته العملية فى المجال المصرفى لدى بنك «أوف أمريكا» ثم فى لندن قبل أن يعود إلى مصر. وقال إن جمال لم ينضم إلى الحزب الوطنى إلا بعد جهود طويلة، مؤكدا أن مسألة توريث نجله الحكم ليست فى خاطره، لافتاً إلى أن اختيار وانتخاب الرئيس مفتوح لكل الناس الذين يعود لهم القرار فيمن يختارونه ممثلاً لهم وليس اختياره هو. وأردف الرئيس أن قرار انتخاب من هو أهل للثقة يعود للناس، وقال إن هناك عامين لكى يتبين من هو هذا الرجل. وعما إذا كان جمال جاهزا لكى يكون رئيسا للبلاد قال الرئيس : «سأسأله، أو يمكنك أن تسأله أنت. فلا تسألنى». وقال مبارك فى رد على سؤال عما حققه لمصر طوال فترة حكمه إنه أمضى 60 عاماً فى الخدمة العامة، وأعاد بناء بلاده بعد انتهاء الأعمال العسكرية، وإنه ما كان ليحقق شيئا «لو كانت مصر دولة رجل أوحد كما يقال». وأضاف: «أصلحنا البنية التحتية فى مصر بالكامل. نعمل على تحسين التعليم. نمد نطاق التعليم.. نبنى جامعات. نفعل العديد، العديد من الأشياء الأخرى». وعن طبيعة العلاقة بين مصر والولاياتالمتحدة فى ظل رئاسة باراك أوباما، قال الرئيس مبارك إن الرئيس أوباما اتصل به مرتين بعد أن فاز فى الانتخابات كما اتصل به بعد أن دخل البيت الأبيض.وأعرب مبارك عن تفاؤله بشأن الخطوات التى سيتخذها أوباما الذى وصفه بأنه «متوازن فى الخطابات كافة فضلاً عن خطابه فى القاهرة الذى فتح أفقا جديدا للسلام». وأقر مبارك بأنه لم يكن يشعر بأى ارتياح تجاه إدارة بوش، وأن هذا ماجعله يعزف عن زيارة الولاياتالمتحدة منذ 2004 على الرغم من الشائعات التى زعمت أن السبب فى ذلك هو المسائل المتعلقة بالإصلاح السياسى فى مصر. وقال إن إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش لم تكن على صواب فى الطريقة التى انتهجتها فى نشر الديمقراطية بالمنطقة، «حيث إن مصر لا تقبل ضغوطاً من أى إدارة مع احترامنا لكل الحكومات». وأكد الرئيس مبارك أن الإخوان المسلمين لايمكنهم أن يشكلوا حزبا سياسيا، لأن الدستور لايسمح بقيام حزب سياسى على أساس دينى، و«هذا أمر جوهرى فى الدستور الذى عدله الشعب». واستدرك قائلاً إنه مع هذا فهناك نحو 80 عضواً من الإخوان فى البرلمان خاضوا الانتخابات كأفراد. وقال إنه يعلم أن للإخوان بعض الصلات بحركة حماس وبالمتطرفين الإسلاميين وبحزب الله، وأن هذا أمر معروف، كما أن لهم اتصالات بالعديد من المنظمات الأخرى وبعناصرالتنظيم العالمى للاخوان فى جنيف ومواطن أخرى، «ونستطيع أن نحتوى هذا الأمر ونتعامل معه بالشكل اللائق ولانخشى هذه الأمور». وأشار إلى أن قانون الطوارىء موجود منذ الاحتلال البريطانى لمصر حيث كان يسمى القانون العسكرى، ويقتصر استخدامه حالياً على جرائم الإرهاب، موضحاً أن هذا القانون تم إقراره من قبل الأغلبية ولم يستخدم قط لإغلاق صحيفة أو لتقييد حرية الحركة، وأن أى جدل آخر فى هذا الموضوع لا أساس له. وعن عملية السلام والدور الذى تلعبه مصر، قال الرئيس مبارك إن هذا الدور معلوم للجميع، وأن استقرار هذا الجزء من العالم يعنى استقرار العالم العربى، بيد أن الفشل فى حل هذه المشكلة سيهدد استقرار العالم بأسره. وأوضح أن مصر تحاول جسر الهوة بين «حماس» والسلطة الفلسطينية، «لأنه دون التقريب بينهما لن يكون هناك استقرار حتى فى إسرائيل حيث سيعود العنف ومن ثم ستكون الحقائق على الأرض فى غاية الصعوبة». وأشار إلى أنه كانت هناك مظاهرات فى طهران بعد الانتخابات وأنها كانت تردد شعارات «لا غزة ولا لبنان.. دماؤنا فدا طهران»، وأن هذا يشير إلى «حماس» فى غزة وحزب الله فى لبنان اللذين لايكترث الشعب الإيرانى بهما وهذا يفسر الأمر كله. وقال مبارك إن رسالته لإيران هى أنه «إذا كنتم تشكون من التدخل فى شؤونكم الداخلية عقب الانتخابات فلا تتدخلوا فى الشؤون الداخلية لدول عربية مثل لبنان وحماس وآخرين». وقال إن علاقة مصر بإسرائيل هى من أجل الصالح العام ومن أجل الاستقرار، وليست ضد أى بلد. وقال مبارك إنه لامجال للمقارنة بين مصر وإيران «التى ليست بلدا عربيا»، مشيراً إلى أن طهران تحاول الهيمنة على مناطق معينة «لكنها لن تفلح». وقال مبارك فى حديثه إن مبادرة السلام العربية واضحة، وإذا استطاعت إسرائيل حل المشكلة بينها وبين الفلسطينيين وأقيمت الدولة الفلسطينية «فإننا نحن العرب يمكننا أن نقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل». وأشار إلى أنه على الرغم من وجود بعض المشاكل مع دمشق إلا أن سوريا «بلد عربى صديق، ولا تستطيع أن توقف عملية السلام لكن يمكنها أن تعطلها من خلال التدخل الإيرانى لأن رئيس المكتب السياسى لحركة حماس موجود فى سوريا». وقال مبارك إن قطر يمكنها أن تلعب دوراً جيداً فى عملية السلام إذا أرادت، وعندها «سنصفق لها».