كتب السيد عادل درويش مقالاً فى جريدتكم الغراء، يوم الخميس 6/8 تحت عنوان: «اللى يمس النيل.. حاقطع إيده».. وهذه عبارة منقولة عن الرئيس الراحل أنور السادات. وعلى الرغم من أننى أتفق مع الكاتب فى كثير مما قال، والذى يحكى مقاله أنه صاحب معرفة وعلم بالحدود والقوانين وأحواض المياه وأسباب نشوب الخلافات والصراعات فيها، فإننى أختلف مع نقاط أساسية ومفاهيم تضمنها مقاله وأراها تمثل خطورة على مصالح مصر، وأسجل هذه الملاحظات على النحو التالى: أولاً: أن أكثر من 96٪ من مواردنا المائية قادم من خارج حدودنا، وبصفة خاصة من إثيوبيا، بالإضافة إلى ما يأتى إلينا من دول المصب السبع الأخرى، وعلينا أن ندرك ذلك ونعيه جيدًا، ومن ثم فإنه يجب تغيير صيغة الخطاب، لأن هذه الدول ليست من ممتلكاتنا، وليست مجرد آبار تأتى إلينا منها المياه، أو أنه يحق لنا استغلالها كيفما نشاء، دون الالتفات إلى احتياجات هذه الدول سواء فى توليد الطاقة والكهرباء أو إقامة مشروعات تنموية. ثانيًا: الحديث فى عام 2009 عن اتفاق تم توقيعه عام 1929 والذى- حسب كلام درويش- صاغه السياسى العظيم ونستون تشرشل، وبالتالى هو اتفاق وضع منذ فترة طويلة وفى ظروف معينة، حيث كانت بريطانيا تحتل مصر والسودان، آنذاك. كما أن كلام الكاتب عن كتاب (حرب النهر) الصادر عام 1899 والذى يضم شهادات وقصصًا نقلها تشرشل نفسه عندما كان يعمل مراسلاً عسكريًا ضمن الحملة البريطانية التى ذهبت لضرب التمرد فى السودان، وذلك بعد أن سبق لبريطانيا احتلال مصر عام 1882، كل هذا الحديث ومحاولات استدعائه فى ظل الظروف الراهنة إنما هو جزء من نمط استعمارى وصفحة يجب طيها، فلم يكن تشرشل يعتبر مصر سوى جزء من ممالك بريطانيا العظمى ولم تكن بلاده تخوض حروبًا من أجل مصر أو السودان بل من أجل تأمين كميات المياه اللازمة لزراعة القطن الذى كانت تقوم عليه صناعة النسيج التى كانت تعتبر من أعمدة الاقتصاد الإنجليزى آنذاك. ثالثاً: الدبلوماسية هى الأساس بالنسبة لمصر للتعامل مع مثل هذه القضايا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه علينا أن نقارن بين كميات الكهرباء التى تستخدم فى مصر وتلك التى تستفيد منها إثيوبيا التى تغرق مدنها فى ظلام دامس عندما يحل الليل. إننى لا أرى خطورة فى بناء السدود التى تقام من أجل توليد الكهرباء. أما بالنسبة لسد «التكيزى» الذى أثار المشاكل الأخيرة وتسبب فى ضجة كبيرة فى وسائل الإعلام فإن دولة آسيوية كبرى وحديثة وأخرى أوروبية مهمة ولنا معها علاقات هما اللتان قامتا ببناء هذا السد، كما أن مصر والسودان وافقتا على بنائه عام 2003، والمعنى هنا إذا كانت الحكومات تعرف فمن حق الشعب أيضًا أن يعرف. رابعاً: على نفس الدرجة من الحرص على استمرار تدفق كميات المياه الواردة لمصر يجب أن تكون عمليات ترشيدها واستخدامها فى الداخل وتنقيتها وإعادة استخدامها لأكثر من مرة، وهو أمر يعد مسؤولية الدولة والمجتمع. نلتمس من السيد عادل درويش وغيره من الغيورين على مصالح مصر وأمنها المائى أهمية الحديث اللين مع دول المنبع، والتوصل معهم إلى تفاهمات ومشروعات تفيدهم ولا تلحق بنا الضرر ولا تسمح لأطراف خبيثة بالاصطياد فى الماء العكر.