أكد المهندس صلاح دياب، رجل الأعمال ومؤسس صحيفة «المصرى اليوم»، وعضو مجلس إدارتها، أنه لم يتعامل على الإطلاق مع إسرائيل، ولم يصدّر الغاز لها أو لغيرها، ولم يزرها طوال عمره، ونفى استخدام الجريدة فى تسيير أعماله، مشيراً إلى أن استثماراته كانت كبيرة وقديمة قبل تأسيس الجريدة، وأنه لا يتدخل فى السياسة التحريرية، مستشهداً بأرشيف 5 سنوات من الصدور اليومى. وأضاف دياب فى حوار للإعلامى البارز تامر أمين، أمس الأول، فى برنامج «البيت بيتك» على شاشة التليفزيون المصرى، أن الصحافة الخاصة هى الأساس فى تاريخ هذه الصناعة، سواء فى مصر أو العالم كله. وإلى نص الحوار: ■ لماذا يكون ظهورك الإعلامى قليلاً جداً؟ وهل هى سياسة تتبعها أم أن الظرف هو الذى يفرض عليك الظهور؟ - ظهورى قليل لأننى لست نجماً فى التمثيل أو كرة القدم، فأنا أعمل فى مجالات خاصة لا تحتاج لظهورى بشكل دائم ومستمر. ■ لكن ألا ترى أن رجال الأعمال أصبحوا أكثر نجومية من رجال الفن والإعلام؟ - بلى، ولكن إذا كان هذا الظهور الإعلامى يخدمهم، لكن ظهورى الإعلامى غير ضرورى، وإذا أردت التنويه عن عمل أقوم به فإننى أقدم دعاية مباشرة له. ■ نريد أن نوسع دائرة المعرفة ونسأل من هو المهندس صلاح دياب؟ كيف بدأ وكيف دخل إلى عالم الأعمال؟ - دخلت فى مجالات كتير لعبت الصدفة دوراً فيها، حاولت فى عدد من تلك الصدف أن أحولها إلى فرص حقيقية، ولم يحالفنى النجاح فى أمور كثيرة جداً، وهو جانب لا يعرفه الكثير لأن الناس لا تعرف عنى سوى مشروعاتى التى لاتزال على قيد الحياة. ■ أعطنا مثالاً لعمل لم توفق فيه وتمنيت بشكل كبير نجاحه؟ - هناك العديد من الأعمال فشلت وسعدت بذلك، فما يعنينى هو المحصلة النهائية للأعمال وأنا راض عن تلك المحصلة بشكل كبير، فقد بدأت مثل باقى جيلى من الجيل الأول لرجال الأعمال فى أواخر السبعينيات، فبعد القرارات الاشتراكية بدأنا أنا وزملائى من الصفر، لذلك عملت فى عدة أعمال بعضها لا أملك خبرة فيه. ■ دعنا نبدأ من تصريح لك قلته مؤخراً.. هل ترى أن المجتمع العربى مدرب على الفشل؟ - لا، فمن الناحية الاستثمارية التى تعنينى على سبيل المثال هناك عدة شركات عربية ومصرية استطاعت أن تصل للعالمية، والعالمية هنا هى قدرة تلك الشركات على فتح أسواق كبيرة فى الخارج. ■ هل تعتقد أن رجال الأعمال فى مصر نجحوا بالصدفة أم من خلال النظام أم استغلالاً للفرص؟ - الصدفة هى أساس نجاح أغلب رجال الأعمال فى مصر، فالصدفة يجب أن تحترم ويتم تحويلها إلى فرصة كبيرة، ويمكن أن تهدر، لأن الصدفة هى رسالة من السماء. ■ وما أول مبلغ مالى محترم حصلت عليه؟ - كنت أسكن - صدفة - فى شارع أمريكا اللاتينية، وكان العقار ملكاً لهيئة الأوقاف التى طرحته للبيع فى مزاد علنى فتقدمت للمزاد وأنا لا أملك سوى 200 جنيه رغم أن رسم التأمين 500 جنيه، وكان وكيل الوزارة فى ذلك الوقت هو الوفدى على سلامة، وعندما سألنى عن اسمى وأجبته، سألنى عما إذا كانت لى صلة قرابة بتوفيق دياب، فأجبت بأنه جدى، فسألنى يختبرنى عن شعار جريدته «الجهاد»، فقلت له «قف دون رأيك فى الحياة مجاهداً.. إن الحياة عقيدة وجهاد»، فنادى على الجميع بتخفيض قيمة التأمين إلى 200 جنيه، وكان ذلك أول محل حلويات، وأول فروع «لابوار» وكان ذلك فى سنة 1973، وأذكر أننى سألت زوجتى يومها هل ممكن أن أصل إلى 100 جنيه مبيعات، فلم ترد أن تحبطنى وطمأنتنى. وفى عام 1974 فشلت فى مشروع كان سيدر علىّ مبلغاً كبيراً، فهيئة قناة السويس كانت تعتزم إزالة العوائق الموجودة فى القناة، فبحثت عن الشركة التى أزالت العوائق فى حرب 1956 وكانت شركة أمريكية، وتقدمت إلى الهيئة مع الشركة الأمريكية بعرض أكبر مالياً من عرض الشركة الهولندية المتقدمة وقتها، وذهبت للسفارة الأمريكية وكانت العلاقات مقطوعة بعد الحرب، وكتبت للمسؤول أن هذه هى الفرصة لتظهر أمريكا حسن نيتها تجاه المصريين، وطالبتهم بتخفيض المبلغ الذى نتقدم به حتى يمكننا أن نحصل على العملية، فى اليوم التالى تم تخفيض مبلغ ال5 ملايين دولار الذى تقدمنا به إلى نصف مليون دولار، والإمضاء كيسنجر - هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق - وكانت أرباحنا من الصفقة 600 ألف دولار، وظللت أحلم بما سأفعله بهذه الأموال، إلى أن جاء كيسنجر وقدم العملية بالكامل منحة للحكومة المصرية، وبذلك راح ربحى من الصفقة. ■ لماذا أقدمت على المشاركة فى تأسيس جريدة «المصرى اليوم»؟ - أنا لم أشارك فى تأسيس «المصرى اليوم»، لقد أسستها وجلبت عدداً من المستثمرين لأنه بحكم القانون لا يحق لى إلا امتلاك 10٪، وهناك الكثير دعوتهم واستجابوا للدعوة، والبعض الآخر لم يوافق، مثل المهندس إبراهيم المعلم لأن النشر مهنته الأساسية، وحدثت ظروف حالت دون دخوله، إلى أن وفقه الله بإصدار«الشروق». ■ ولماذ تؤسس جريدة؟ - لأنى تربيت فى منزل يهتم بالصحيفة، فجدى توفيق دياب، كان صاحب جريدة «الجهاد» ودائماً ما كنت أنظر إلى أرشيف الجريدة القوى، وكنت أتخيل أننى يجب أن أكون صحفياً بسبب نشأتى لكننى انشغلت بالأعمال، وعندما أتيحت لى فرصة شراء رخصة صحيفة أسبوعية تسمى «الزمان»، تقدمت للمجلس الأعلى للصحافة وأقنعت نجيب ساويرس وأحمد بهجت وشريف ودود وأكمل قرطام وأخرين بالاشتراك معى فى إصدار «المصرى اليوم». ■ بخلاف الحس الصحفى الموجود.. هل تقدمت لإصدار جريدة «المصرى اليوم» لانتقادك الصحافة الموجودة فأردت تأسيس مدرسة صحفية مختلفة أم أن الصحف يمكنها أن تخدم رجال الأعمال أم أن الصحيفة يمكنها أن تكون منصة لإطلاق الصواريخ ضد من لا يحبهم مالك الصحيفة؟ - عندما أسست الجريدة منذ 5 سنوات، كنت أعمل بقوة ولا أحتاج إلى صحيفة لتعزيز موقفى، ثانياً.. يمكنك أن تذكر لى خلال تاريخ الجريدة كم صاروخاً أصبنا به أحداً.. إطلاقاً فنحن لا نقوم بذلك. ■ هناك صاروخ يمكن أن أذكره فقد قيل إن الحملة الشرسة التى شنتها الجريدة ضد أمين أباظة، وزير الزراعة، فى مسألة أراضى الطريق الصحراوى وعملية تقنين الأراضى كانت بسبب تماس الأمر مع مصالح صلاح دياب لذلك وجه الصحيفة لشن حملة للحفاظ على مصالحه؟ - إطلاقاً، بالعكس، فمن المفترض لو أننى سأوظف الجريدة لمصلحتى إنى أدلل الوزير الذى تتماس مصالحى معه، لكننى لا أملك أى مصالح شخصية، ورجل مثل وزير الزراعة تحديداً مفوه ويستطيع الرد، لكننى لم أرى أى حملة، ويسأل فى ذلك الجانب التحريرى من الجريدة، لكننى لا أستخدم أى حملة لمصلحة ما، وإطلاق الاتهامات أسهل الأمور فى الدنيا، فعندما تذكر أن صلاح دياب كويس فده مش خبر، ثم أن أمين أباظة استجاب لما كشفته «المصرى اليوم» مؤخرا حول الزراعة فى بعض المناطق بمياه الصرف الصحى. ■ هل معنى كلامك أنك لا تتابع الجريدة؟ - بالعكس، فأنا أشترى نسخة الجريدة ليلاً مثل باقى القراء، ولا تصل الجريدة إلى منزلى ولا أرى بروفة ويمكنك أن تسأل، بالعكس هناك أشياء كثيرة فى «المصرى اليوم» أعترض عليها كقارئ ولا تعجبنى، وما لاحظته عن وزير الزراعة هو بعض مقالات الرأى فى صفحة الرأى تخص أصحابها، ولو كانت هناك حملة لكنت أكدتها. ■ لكن أنت لك مصالح كبيرة فى السوق فكيف يمكن أن تكون على الحياد.. خاصة أن الكلمة الواحدة فى الجريدة يمكن أن تكون سبباً لمكاسب أو خسائر. - لو عندى ضمير فهذا ثمن يجب أن أرتضيه، فلقد أسست الجريدة وأنا مستقر فى استثماراتى ولست مبتدئاً، فليست هناك فرصة أن أكسب، وإنما الفرصة أن أخسر، وليست لى اتصالات بالدولة، فأنا أبيع خدمات بترولية لشركات البترول فى مصر وخارج مصر فى المكسيك، وأبيع «جاتوه» ليس للدولة وإنما للناس، وأقوم بزراعات تدخل فيها أسمدة ومبيدات للناس وليس الحكومة، فما هو المنح الذى أحتاجه هنا. ■ فئة ليست بالقليلة دخلت فى مجال الإعلام مع البيزنس ورجال الأعمال وقامت باستئجار عدد من الأقلام لشن حروب على أعدائها.. وبالتالى ممكن أن تفيدك الجريدة إعلامياً فى مجال الأعمال. - رجل الأعمال الفاسد لا يحتاج إلى قناة تليفزيون أو جريدة حتى يفسد بها، فالفاسد فاسد بطبعه، ولكل منا ظروفه، فمثلاً الزميل إبراهيم المعلم يعمل فى مجال النشر، وأصدر مجلة «وجهات نظر» ثم جريدة «الشروق» وهو امتداد طبيعى، وأحمد بهجت مثلاً كان من كبار المعلنين بسبب منتجاته، وحسبها وقال الفاتورة اللى باعمل بيها إعلانات أعمل بيها قنوات تليفزيونية، فرجال الأعمال أيضاً يرغبون فى الحصول على عضوية مجلس الشعب، ولكن بعضهم يفعل ذلك للاقتراب من السلطة والآخر لخدمة المواطن بالفعل. ■ وهل تكسب «المصرى اليوم» أم لا؟ «المصرى اليوم» خسرت 7 ملايين جنيه فى العام الأول، و6.7 العام الثانى و400 ألف جنيه فى العام الثالث، لكنها حققت فى عاميها الرابع والخامس مكاسب «مش بطالة»، و«المصرى اليوم» تركز فى تطوير نفسها وليس هدم الآخرين، فبعد أن كنا نمتلك شقة فى جاردن سيتى، أصبحنا نمتلك طابقين، واشترينا مطبعة وأرضاً فى 6 أكتوبر، ونسعى لعمل مركز دراسات وآخر بحثى. ■ هل «المصرى اليوم».. صحيفة خاصة أم مستقلة؟ الصحافة فى العالم بأكمله وفى مصر منذ نشأة الصحافة وهى خاصة، فالأهرام استمرت 90 عاماً صحافة خاصة، والصحف الخاصة ليست بدعة، فالصحف الحكومية فقط موجودة فى الدول الشمولية، ثم إن المجلس الأعلى للصحافة هو من يمنح التراخيص لكل تلك الصحف. ■ وإذا قصدنا التوجه وليس الكيان القانونى؟ كلمة صحيفة خاصة ليست إهانة وليست سبة وإنما ميزة، ويجب أن تكون الصحيفة مستقلة كل ما يهمها هو الخبر والحقيقة والقارئ، وأن تكون جميع توجهاتها وطنية. ■ وفى رأيك كقارئ.. ما نسبة الانحياز أو التلون فى الصحف الخاصة المصرية؟ هناك أخبار أقرأها ولا أرتاح لها، فمثلاً قرأت خبراً فى «المصرى اليوم» عن موقع الضبعة فيه مبالغة ضد الحلم النووى المصرى، وأتمنى أن يكون مجدى الجلاد، رئيس التحرير، مشاهداً ليعرف أن الخبر لم يرق لى كقارئ. ■ وهل تفعل ذلك وترفع سماعة التليفون لتخبره بالأخبار التى رأيتها «ملونة» أم تفعل ذلك من خلال البيت بيتك فقط؟ نعم أفعل ذلك كقارئ ومستعد أن أفعل ذلك كل ليلة إذا دعيت «للبيت بيتك» يومياً، فمثلاً خبر بيع جريدة «الدستور» لعدد من رجال الأعمال يجب أن يكون معلناً من «الدستور» ثم إنه لا يستحق أن يكون خبراً فى الصفحة الأولى طالما لم يتم بيعها. ■ وكيف تفصل بين وضعك كمالك وكقارئ؟ أنا أيضاً مالك «لابوار» هل معنى ذلك أننى أصنع الجاتوه بنفسى، ولكن لى رأى كمتذوق فى الحالتين. ■ ولكن دائماً ما يقال كيف يتحدث صلاح دياب عن الوطنية وهو يعمل مع الإسرائيليين؟ «التهم الملفقة معلهاش جمرك».. وما أكثرها، أولاً التطبيع عملية مطاطة جداً، والتصقت بنا هذه التهمة بعد دخولنا مجال الزراعة الصحراوية التى شجعتنا الوزارة عليها، فبدأنا البحث عمن يقومون بزراعة وتصدير محاصيل صحراوية، ووجدنا أن إسرائيل هى التى قامت بزراعة صحراوية للخوخ والفراولة، فبحثنا عن أصول الزراعات إن كانت أمريكية أو أوروبية واستوردناها مثلما فعلوا هم تماماً، ولا عمرى رحت إسرائيل ولا عملت عقد مع إسرائيل. ■ ولا بتصدر غاز لإسرائيل؟ ولا لغير إسرائيل، فأنا لا أصدر الغاز أساساً، وقد تعرضت للشائعات كثيراً منها مثلاً أننى اتهمت فى أثناء أزمة الخبز بأننى أسرق الدقيق المدعم، رغم أننى استورد القمح من نفس المصدر منذ 25 عاماً. ■ هل دخول صلاح دياب فى الإعلام أكسبه عداوات؟ قطعاً ضايق الكثيرين لكنه أكسبنى «حب ناس وضمير مرتاح»، ثم إن الجريدة تصدر يومياً فالخطأ وارد كل يوم، ولكننا حريصون دائماً على الاعتذار عند إدراك الخطأ.