مصر بخير. لم أكن أعرف أن بها هذا العدد من الضالعين فى الفيزياء حتى وقعت فى خطأ جعلنى أذكر سهوا أن مكتشف النظرية النسبية اسمه إسحاق أينشتاين، ففوجئت بسيل من الإيميلات ما بين مُنَقِّح ومُلَقِّح وشامت وشاتم، وللأمانة لم يخل الأمر من متعاطف تعامل معى كأن أول أعراض الزهايمر ظهرت علىّ، طيب أنا آسف أيها العلماء الأجلاء، مكتشف النظرية النسبية اسمه ألبرت أينشتاين، مع أنه لو كان اسمه إسحاق أينشتاين أو عبدالغفار أينشتاين لن يفرق ذلك فى شىء معنا جميعا، لأن ما بيننا يجب أن يكون دائما أكبر بكثير من هذه الشكليات. رسائل المصححين والملقحين على رأسى من فوق، وأرجو أن يكون الله قد غفر لى بنشر هذا التوضيح ما تقدم من خطئى وما تأخر، وعذرى أننى وعدت فى آخر تصحيح نشرته بأن أقع فى المزيد من الأخطاء، وها أنا قد وفيت بوعدى، وحتى نلتقى فى خطأ قادم، أحب أن أتوقف عند رسالة جاءتنى من المهندس أحمد سرحان يقول فيها غاضبا: «بصراحة عيب قوى تغلط فى معلومات بسيطة لا تكلف المرء أبسط مجهود ليتيقن منها، فكيف إذاً للقراء أن يثقوا فيما عدا هذا من معلومات تساق سوقا وتحشر حشرا فى مقالات الكتاب»، أفترض أن يكون الباشمهندس قد أخذ فى المدرسة عبارة «جل من لا يسهو»، ولذلك لن أكررها له، مع أن تكرارها يبدو مغريا، فقط سأشكره لأنه أعطانى فرصة لكى أوضح للجميع ما كنت أظنه واضحا، وهو أننى لا أكتب لكى أزرع الثقة فى الناس، بل أفضل أن أكون من الذين يزرعون فيهم الشك اقتداء بالمرحوم ديكارت الذى لا أعرف اسمه الأول، ولو كنت أعرفه لذكرته خطأ لمزيد من زعزعة الثقة، خاصة أننى أعتقد «ومستعد أن أشك فى اعتقادى» أن مشكلتنا أننا واثقون أكثر من اللازم ولا نشك بالقدر الكافى للتقدم الذى يقترن بالشك. على أى حال يا عزيزى الباشمهندس سرحان يبدو أننى كنت سرحانا يومها فاعذرنى، وصدقنى كنت أتمنى أن يكون لدىّ ككل كتاب الأعمدة اليومية فى الصحف العالمية فريق عمل مساعد يجمع لى المعلومات ويترجم لى التقارير ويكشف على أى اسم أدخله فى مقالاتى ويتحقق مما يرد فيها من أرقام وتواريخ، لست هنا ألوم إدارة تحرير «المصرى اليوم» أو أحملها خطئى، فيكفى أنها تتحملنى أساسا، ولو أنها إن قامت بتشكيل مثل هذا الفريق لكل كاتب من كتابها لأسهمت مساهمة فعالة فى تحقيق برنامج الرئيس مبارك بتوفير خمسة ملايين فرصة عمل، خاصة أن البرنامج قارب على الانتهاء بينما لم يعد الكثيرون فى النظام مهتمين إلا بتوفير فرصة واحدة لشخص واحد كلكم تعرفون اسمه الرباعى. القارئ «غيور على دينه» نبهنى إلى أن غلطتى قرصة أذن من عدالة السماء لكى أتوقف عن نشر الكفر، فقد غيّب الله ذاكرتى لأننى خالفت تعاليم دينى وافترضت أن إسحاق أينشتاين مغفور له، شُفت، ها أنا من جديد ذكرت اسم أينشتاين خطأ لأننى على ما يبدو لم أعتبر ومازلت أرجو أن يُغفر لأينشتاين ولنا. ثمة قارئ كريم يتتبع كل ما يكتب عنى على الإنترنت ويرسله لى لكى يثلج صدرى أحيانا ويولِّع فيه أحيانا أخرى، بعث إلىّ برابط لمنتدى نشر موضوعا كاملا عن غلطتى بعنوان «غلطة الشاطر بألف»، وساق الله لى قارئا يرد غيبتى ويظن بى خيرا أكثر مما أظنه بنفسى، إذ قال: «ماتنسوش إنه كاتب ساخر وأكيد يقصد يجمع ما بين إسحاق نيوتن وألبرت أينشتاين فى اسم واحد»، لولا بقية من ضمير لقلت إننى كنت أقصد ذلك الجمع الخبيث لسبب أحب أن أحتفظ به لنفسى، لكننى لن أفعل لعل الفضاء الإلكترونى ينشق عن قارئ بحاثة يكشف أننى لم أخطئ ولا حاجة، وأن المرحوم أينشتاين اسمه الثلاثى ألبرت إسحاق أينشتاين، لكن كما قال الشاعر ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، وليس كل ما يدركه المرء كان يتمناه، كما أقول أنا. تسألنى الآن وأنت تستشيط غضبا: بالله عليك ماذا استفدت أنا من كلامك الفارغ الذى أضعت معه وقتى الثمين، وأنا لن أجادل فيما إذا كان وقتك ثمينا أم لا، لكنى سأطلب منك أن «تتقى» الله ولا تبخس الناس أشياءهم، فمن المؤكد أنك حصلت على فائدة عظيمة بقراءة كلامى الفارغ، إذ عرفت أن المغفور له أينشتاين اسمه الأول ألبرت وليس إسحاق. أى خدمة. * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]