تعد منظمات المجتمع المدنى بمثابة قنوات مهمة لتوصيل الخدمات الاجتماعية وتنفيذ مشروعات التنمية الأخرى فى المناطق التى يضعف فيها التواجد الحكومى، أو فى حالات ما بعد انتهاء الصراعات العسكرية، أو حيث تلعب خبرات المجتمع المدنى دوراً متمماً للعمل الحكومى. ومثلما حدثت طفرة فى المجتمعات عامة، حدثت طفرة كبيرة أيضاً فى حجم ونطاق وقدرات المجتمع المدنى فى العالم على مدى السنوات الماضية، وساعد على هذه الطفرة العولمة والاتصالات السلكية واللاسلكية، والتكامل الاقتصادى، فبعد أن كان عدد المنظمات غير الحكومية الدولية 6000 منظمة فى عام 1990 وصل إلى 26000 منظمة فى عام 1999. كما أصبحت منظمات المجتمع المدنى من العناصر الفاعلة والمهمة فى تنفيذ المساعدات الإنمائية الدولية. وهذه المقدمة البسيطة لابد منها، للتعريف بأهمية منظمات المجتمع المدنى للدول والشعوب ولحقوق الإنسان والعمل الوطنى، وقد أعجبنى البيان الختامى للندوة التى عقدها مركز «ماعت» الحقوقى قبل عدة أيام لتقييم المجلس الدولى لحقوق الإنسان، والتى جاءت تحت عنوان: «ولّى زمان الفضح والتشهير.. والحوار الجاد هو الحل»، حيث تم التأكيد على أن منظمات المجتمع المدنى المصرية أمامها فرصة تاريخية الآن، لتثبت من جديد أنها جزء رئيسى من منظومة العمل الوطنى، وقادرة على التواصل الفعال والبنّاء مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، ووضع يدها على مواطن الألم الحقوقى فى جسد المجتمع وتشخيص أسبابه وصياغة روشتة علاجه، وعدم الوقوف عند حقوق الفضح والتشهير والاكتفاء بتبنى سياسة «شرشحة» الحكومة وكشف عوراتها. الصديق العزيز الأستاذ نجاد البرعى، المحامى، قال إن المشكلة الرئيسية فى مجلس حقوق الإنسان هى تحكم بعض الدول فيه، كالمجموعة الأفريقية التى تقودها مصر مثلاً، وأن التحدى الرئيسى أمام هذه المنظمات ليس فقط فى تقديم تقارير موازية ولكن فى التواجد فى جنيف وتقديم أسئلة للدولة من خلال المنظمات التى ستتاح لها فرصة المشاركة أو الدول الأعضاء فى المجلس. المهم أن كثيراً من المنظمات غير الحكومية فى المنطقة العربية عموماً، ومنها مصر، لاتزال بعيدة نسبياً عن مجال التأثير والوجود القوى فى الآليات الدولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، حسبما أكد الناشط الحقوقى أيمن عقيل، مرجعاً ذلك إلى أخطاء مزدوجة يقع فيها الطرفان الحكومى وغير الحكومى. ومن هنا يجب أن تفتح منظمات المجتمع المدنى حواراً جاداً مع الحكومة لإعداد تقاريرها، والاتفاق على أجندة عمل وإصلاحات حقوقية فى الفترة المقبلة، على أن تراقب تنفيذها فى ضوء الاتفاقات التى التزمت بها مصر طوعاً، عندما ترشحت لعضوية المجلس. ولابد أن نشيد بالتقدم الذى حدث فى مصر فى أوضاع المرأة والطفل، والذى لابد أن يكون هناك تقدم مماثل فى بقية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية إذا أرادت، وكان فى استطاعة منظمات المجتمع المدنى أن تلقى بثقلها فى هذه الحلبة. ولذلك نطالب بضرورة أن يكون هناك حوار بين منظمات المجتمع المدنى والحكومة، على أن تبادر هذه المنظمات إلى هذا الحوار وتدعو إليه، لأنه سيكون الضامن الرئيسى لتحسين الأحوال الحقوقية فى مصر والوصول به إلى ما يتمناه الشعب المصرى. المختصر المفيد اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ. [email protected]