سعر الدولار الآن رسمياً في البنوك بعد القرار الأخير    نائب وزير المالية: إرساء دعائم الحياد الضريبي من أجل تمكين القطاع الخاص    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    تركيا: عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين هجوم همجي    إعلام إسرائيلي: سقوط عدد من الصواريخ في مناطق مفتوحة قرب مستوطنات شمال الجولان    غزة خلال 24 ساعة.. انتحار جندي إسرائيلي وتهديد مباحثات وقف إطلاق النار    "النواب العراقي" يدين القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات بغزة    مواجهات قوية في تصفيات كأس العالم واستعدادات اليورو.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    «لدغة» إندريك تمنح البرازيل الفوز على المكسيك    محافظ بني سويف يُراجع مع التعليم الترتيبات النهائية لامتحانات للثانوية العامة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن    «تجنب تعريض الموبايل للتكييف».. طرق حماية الهواتف الذكية من ارتفاع درجات الحرارة    ضبط المتهم بالتعدى على شقيقه من ذوى الهمم ببنى سويف    بعد صفع شاب.. عمرو دياب يضع ليلى علوي في موقف محرج    خالد العناني يلقي ندوة "الحفاظ على الإرث "بمكتبة الإسكندرية    بسمة داود تنشر صور كواليس مسلسل «الوصفة السحرية»    أفضل الأدعية والأعمال في يوم التروية    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    وزارة المالية: العاملون بالدولة يبدأوون بصرف مرتبات يونيو اليوم الأحد    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    إخماد حريق داخل معرض ملابس فى الموسكى دون إصابات.. صور    تضمنت قائمة بأدلة الثبوت.. إرسال قضية سفاح التجمع إلى النائب العام    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    أجندة قصور الثقافة.. عروض لفرق الأقاليم المسرحية واحتفالات بيوم البيئة العالمي    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    تشكيل الحكومة الجديدة.. تدخل برلماني لتحديد معايير اختيار الوزراء والمحافظين الجدد    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اصطباحة


ما أحوجنا اليوم إلى أن يحكمنا يزيد الناقص
الفرق بين يزيد الناقص وبين الحكام العرب أنه كان ناقصا من حيث الاسم فقط. وهو نقص مقدور عليه فى كل الأحوال. اسمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، لم يسموه بالناقص لأنه باع شعبه وبلاده بالرخيص، أو لأنه فتحها على البهلى للفرنجة، أو لأنه أكل مال النبى وحلّى بمال الصحابة، بل لأنه أنقص رواتب الجنود لأنه رأى أنهم لا يستحقونها.
عندما قرأت سيرته فى كتاب المفكر العراقى الراحل هادى العلوى «شخصيات غير قلقة فى الإسلام» أدركت أن ما نحن فيه من عشرة مع الاستبداد وحنين إلى الحكم الفاسد ليس وليد اللحظة بل هو للأسف كامن فى جيناتنا كأمة تعشق التخلص من أفضل ما فيها، ولذلك قتلت يزيد الناقص الذى كان يمكن أن يكون أعدل حاكم شهده تاريخ الأرض قاطبة.
بوصول يزيد إلى الحكم كانت المعارضة المتمثلة فى طائفة القدرية التى أسسها معبد الجهنى أحد تلاميذ أبى ذر الغفارى رضى الله عنه قد نجحت فى إنجاز ثانى انقلاب سلمى خلال العهد الأموى. كان يزيد قد تأثر بأفكار القدريين الذين رفعوا شعار أن الإنسان خالق لأفعاله ومسؤول عنها وأنه مخير لا مسير كرد فعل لمذهب الجبرية الذى تبناه الأمويون لتبرير سياساتهم الجائرة.
قبله كان القدريون قد نجحوا فى تجنيد خليفة أموى سابق هو معاوية الثانى بن يزيد بن معاوية، وذلك من خلال مؤدبه عمرو المقصوص الذى كان أحد نشطاء القدريين بلغة عصرنا، وقد نجح فى السر فى جعل معاوية الصغير ينسلخ من عباءة بنى أمية ويحن للعهد الراشدى، حتى إنه عندما جاءته الخلافة مبكرا وهو فى أوائل العشرينيات خطب بعد استخلافه بشهر مهاجما والده وجده واتهمهما باغتصاب الخلافة من الراشدين، وأعلن عدم استعداده تحمل خطايا أهله، لكنه لم يكن قويا بما يكفى للوقوف ضد التيار فأعلن التنازل عن الخلافة، وكما يروى هادى العلوى فى كتابه الرائع عن تاريخ التعذيب فى الإسلام فقد تحرت أسرته عن سر انقلابه ووصلت إلى عمرو المقصوص الذى تم القبض عليه وقتل تحت وطأة التعذيب العربى.
منذ ذلك الوقت أصبح القدريون المطلوب الأول على قوائم البطش السياسى الأموى، حتى وصل البطش بهم إلى أوجِّه خلال خلافة الوليد بن يزيد الذى كان مشهورا بنزقه ومجونه وطغيانه الذى لحق ليس فقط بالقدرية بل حتى بمن لا يملكون موقفا سياسيا واضحا كأهل قبرص الذين قرر إجلاءهم عن جزيرتهم إلى بلاد الشام، فضلا عن عشرات القرارات الجائرة والهوجاء التى وحدت قوى المعارضة ضده بقيادة القدريين الذين نظموا تحركا سريا ضده قاده يزيد الذى لم يكن ناقصا بعد،
وتم إسقاطه عقبال الحبايب خلال غيابه عن دمشق وسفره إلى الأردن، المفارقة أن تجمع المعارضة تم فى قرية المزة القريبة من دمشق والتى أصبحت تشتهر بسجنها الرهيب الذى احتضن خيرة مثقفى سوريا فى عصور الاستقلال السعيدة. بعد إسقاط الوليد بن يزيد بويع ليزيد بالخلافة ولأخيه إبراهيم بولاية العهد، واستولت المعارضة على دمشق وأرسلت إلى الوليد قوة قتلته فى الأردن ليستتب الحكم ليزيد وللمذهب القدرى الذى يعتنقه.
الغريب أن الوليد على ما اشتهر به من بطش ومجون وجد فى عصرنا من يعتبره واحدا من أنصار الحداثة والخروج على التقاليد التى كان ينتهكها فى حياتنا اليومية، هكذا وصفه الدكتور طه حسين فى (حديث الأربعاء)، وهو ما يعلق عليه هادى العلوى وهو المثقف اليسارى الرفيع الطراز بقوله الذى أترك لك التعليق عليه «لقد التبس الأمر على مؤسس الفكر العربى الحديث فالوليد ليس فردا عاديا ولا هو مثقف مستقل حتى يكون لمسلكه مردود محول للمجتمع فهو خليفة،
وقد سيّر الإمبراطورية لحسابه الشخصى، وقدّم مثلا سيئا للحاكم الذى يسخّر كل شىء لخدمته ولا معنى لاعتبار مثل هذا عنصر تحديث كالذى يقال عن أبى نواس مثلا. بل إن من يستحق أن يوصف بالحداثة هم القدرية الذين ثاروا على هذا اللص القائل بالجبرية وهم بحق متنورو زمانهم، وطه حسين فى هذه المسألة يصدر عن فهم أعرج للحداثة يشترك فيه مع كتاب الحداثة من الجيل الحالى».
وإلى الغد.
* يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.