عشرات من الأطفال يتحركون بشكل عشوائى على عجلة من أمرهم، جميعهم يرتدون زيا موحدا، يحاولون بكل جهدهم عبور شريط قطار السكك الحديدية.. منهم من لا يتجاوز عمره السنوات الست فأصبح يتنقل فى صعوبة فوق هذه القضبان الحديدية ومنهم من بلغ الحادية عشرة من العمر بدا متلهفا لعبور القضبان غير مهتم بمراقبة اتجاه القطار القادم.. للوهلة الأولى تظن أنهم تلاميذ إحدى المدارس بالمنطقة أرادوا السير عبر هذه القضبان لأمر ما.. إلا أنك سرعان ما تدرك أنه هو الطريق الوحيد والرئيسى للعبور إلى مدرسة وردان للسكة الحديد الابتدائية، وهو ما أكده جميع سكان قرية وردان التابعة لمحافظة 6 أكتوبر. رغم خطورة المكان الذى أنشئت عليه المدرسة منذ عشرات السنين، وتواجدها بمحاذاة شريط قطار السكك الحديدية، فإن الأهالى لا يعرفون بديلا لها حتى يعلموا أبناءهم فيها. فكما يقول محمد صابر، صياد وأحد سكان المنطقة: «تربينا على وجود هذه المدرسة بهذا الشكل وأولادنا يتعلمون فيها، وكثيرا ننبه على أولادنا أن ينتظروا عبور القطار ثم يعبروا القضبان للوصول إلى المدرسة»، ويتابع: «هنكلم مين على خطورة المدرسة فى المكان ده، عمرهم ما هيفكروا يعملوا لنا كوبرى مشاة يحمى أولادنا من الخطر»، وأضاف: «المسؤولين قالوا إنهم مبيعملوش مزلقان إلا لمرور السيارات.. إنما أولادنا وأطفالنا وكبار السن مش موجودين فى خطط المسؤولين علشان يعملوا مزلقان يحميهم». صابر شأنه شأن باقى سكان القرية الذين لا يعرفون مكانا آمنا ليتلقى أطفالهم تعليمهم فيه فتقول عزة محمد: «لدى طفلان بالمدرسة أخشى عليهما كل يوم فى فترات مرور القطار بجوار مدرستهم خاصة أنه لا يوجد مكان بديل إلا من خلال عبور هذه القضبان، ويزيد قلقى كلما سمعنا عن حوادث القطارات وبعد رؤيتنا لأكثر من حادث فى المكان». ذكريات حوادث القطارات تتعلق بأذهان جميع سكان القرية ولم يخل الأمر من رؤية الأطفال لهذه الكوارث فيقول محمد سعد طالب بالصف السادس الابتدائى: «رأيت القطار يدهس شخصا كبيرا كان يمر عبر شريط السكة ولم ينتبه لعبور القطار خاصة إنه كان أصماً، ومنذ ذلك الوقت أخشى عبور هذه القضبان ولكنى تعودت عليها لأنها الطريق الوحيد إلى مدرستى». بين حين وآخر يدوى صفير القطار فى كل مكان فيصاب كل من كان يمر على قضبان السكة الحديد بارتباك يجعله يتحرك بسرعة فائقة قد تؤذى أحدهم حين تعلق ملابسه فى حديد القضبان المنبعجة من جوانبها، الأمر قد يتسبب فى فقدان أحدهم خاصة أن قضبان السكة الحديد هى الطريق الوحيد لعبور أهالى وسكان البلدة إلى الجانب الآخر والأكثر حيوية حيث توجد الأسواق والمواصلات إلى البلاد المجاورة وذلك بعد عبورهم نهر النيل عن طريق معدية بدائية الصنع لاتزال تعمل من خلال سلسلة حديدية تصل الجانبين بعضهما ببعض، تقول سيدة عبدالله، إحدى السكان، والبالغة من العمر 65 عاما: «من يوم ما طلعنا للدنيا واحنا منعرفش طريق تانى غير السكة الحديد واتعودنا نسمع عن حوادث القطر بشكل مستمر فلا يكاد يمر اسبوع إلا وتنتشر الحكايات بين الجميع خاصة لو وقعت الحوادث فى البلاد المجاورة». صلاح الصعيدى، أحد سكان القرية، مهما قيل له عن حوادث القطارات لن ينسى تلك المرة التى فقد فيها ابن عمه أثناء عبوره شريط القطار بعد انتهاء يومه الدراسى، يتذكر المشهد المؤلم ويخرج عن صمته فى حزن قائلا: «منهم لله المسؤولين عمرهم ما حسوا بينا وبمشاكلنا.. إحنا كل يوم بنشوف الموت أمام عنينا بس مين هيفكر يحل لنا مشاكلنا». وأضاف الصعيدى: «نتمنى أن يهتم المسؤولون وينشئوا كوبرى للمشاة يحمينا ويحمى أولادنا من الموت.. أو يعملوا مزلقاناً للمرور ويكون تحت إشراف أحد من عمال السكة الحديد حتى يكون الأمر تحت المراقبة خاصة أن أطفال المدارس بلا رقيب والأطفال يلعبون ويلهون دون أدنى اهتمام بخطورة المكان». فيما رفض مدير مدرسة وردان الابتدائية التعليق على الأمر مؤكدًا أن الأمر ليس بيده وأنه لا يوجد أمامهم سوى تقديم النصيحة للصغار بعدم اللعب أو اللهو على شريط القطار. فيديو بوابة الموت للصغار على الرابط التالى: http://www.almasryalyoum.com/multimedia/video/children-danger