مرت الأيام سريعاً.. وها هى الذكرى الأربعون تهل علينا.. ففى يوم «السبت» الموافق 31 أكتوبر 2009، توقف قلب العالم الموسوعى الجليل الدكتور مصطفى محمود عن الخفقان، مات العالم، الطبيب، المسرحى، الأديب، الفيلسوف، الباحث فى سر الكون، بعد حياة مليئة بالعلم والإيمان، لم تكن شخصية الدكتور مصطفى محمود شخصية عادية، ولكنه كان شخصية مثيرة للجدل، وذلك لأنه لم يكن نمطياً فى تفكيره، بل كان متأملاً باحثاً عن طبيعة الأشياء وأسبابها، مما جعله يصطدم بأهل اليمين وأهل اليسار، فانقلب عليه أهل اليسار، ورماه أهل اليمين بالكفر والإلحاد، حتى إن الشاعر الكبير كامل الشناوى، قال له عندما التقاه «لقد قالوا إنك مُلحِدً فوجدتُكَ تُلحد على سِجادة صلاةِ». لقد كان الدكتور مصطفى محمود علامة فارقة فى تاريخ الأدب والثقافة والسياسة، فقد ألف ما يربو على 88 مؤلفاً ما بين القصة والرواية القصيرة والكتب العلمية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، وقدم برنامجه الأشهر «العلم والإيمان»، والذى لم يلتف العالم العربى حول برنامج من قبل مثلما التف حول برنامجه، فقد جمع هذا البرنامج حوله كل فئات المجتمع من أول رئيس الجمهورية الرئيس الراحل أنور السادات، وحتى العامل فى المصنع والفلاح فى الحقل. وأنشأ جمعية مصطفى محمود الخيرية، بحى المهندسين بالجيزة، والتى تُعد مشروعاً خيرياً متكاملاً، يضم المسجد والمستشفى والمعامل والمراكز البحثية ولقاءات الدعوة. ولقد خدمت هذه الجمعية منذ إنشائها الآلاف إن لم يكن الملايين من الفقراء، لذلك لم يكن عجيباً أن يُشَيعُ الفقراء جسمانه إلى مثواه الأخير، وهم يذرفون الدمع الغزير حزناً على رحيله، وهو من كان مهموماً بهم وبأحوالهم ومشكلاتهم. كان د.مصطفى محمود عاصفة فكرية قبل أن يمرض وتتدهور حالته، وكان نموذجاً للمفكر والباحث ونبراساً لتنوير العقول، وترك بصمات واضحة فى العلم والفكر والبحث وأضاء الطريق لملايين من الناس حول العالم. فاللهم ارحم عالمنا الجليل واشمله برحمتك وغفرانك واجعل مثواه الجنة، فأنت ولى ذلك والقادر عليه. عبداللطيف فايز على [email protected]