فى هذا التاريخ من كل عام تحتفل محافظة بورسعيد بعيدها القومى ذكرى جلاء قوات العدوان الثلاثى.. العدوان الذى جاء رداً على قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بتأميم القناة.. والذى جسدت فيه المقاومة الشعبية ملحمة فى الدفاع عن أرض الوطن ضد قوات بريطانيا وإسرائيل وفرنسا. وأفرزت هذه البقعة من الوطن شخصيات قدمت دماءها الغالية فداء للوطن مثل الشهيد جواد على حسنى الذى تصدى بمدفعه لمجموعة من القوات الفرنسية، التى ظنت أنها تقاتل مجموعة كبيرة، وظل الشهيد يطلق الرصاص من مدفعه ويلقى بالقنابل عليهم حتى سقط مغشياً عليه إثر إصابته، وتفقده الفرنسيون، فوجدوه شاباً فى مقتبل عمره نزف فى دمائه فنقلوه إلى معسكر الأسرى فى بورفؤاد، فكتب قصة تعذيبه بدمائه على أحد جدران المعسكر، ثم جاء قائد القوات الفرنسية بنفسه ليستجوبه، ولكنه رفض أن يبوح بأى كلمة من أسرار الوطن، فأوهمه أنه سيطلق سراحه وأمره بالخروج من حجرة الأسرى وأثناء سيره أطلق الجنود الفرنسيون رشاشاتهم على ظهره فسقط شهيداً فى الثانى من ديسمبر 1956.. والبطل محمد مهران الذى تم أسره وهو يتصدى لكتائب الإنزال الجوى البريطانية فى منطقة الجميل، بعد أن كبدهم خسائر بشرية هائلة هو وزملاؤه والذى اعدت له محاكمة بريطانية حكمت عليه باقتلاع عينيه وقد تمت مساومته على إبقاء عين له حتى لا يعيش ضريراً فى مقابل الإفشاء عن خطط المقاومة، والحديث الكاذب عن استقبال الشعب البورسعيدى الحافل للقوات البريطانية وسب الرئاسة المصرية وهو ما قابله بالرفض التام.. والبطل سيد محمد عسران الذى قتل الميجر ويليامز قائد المخابرات البريطانية الذى كلف بالبحث عن خاطفى الملازم مورهاوس وهو من العائلة البريطانية المالكة وخطفه محافظ بورسعيد الأسبق الملازم محمد سامى خضير، وزملاؤه حينذاك ووقف البطل سيد محمد عسران ممسكاً رغيف خبز بداخله قنبلة وفى اليد الأخرى ورقة يلوح بها للميجر ويليامز، حتى ظن الأخير أنه مواطن يريد تقديم شكوى له فتوقف الميجر بسيارته فألقى البطل بالقنبلة عليه التى على إسرها فارق ويليامز الحياة.. وكانت جدران المبانى فى بورسعيد تمتلئ بعبارت باللغة الإنجليزية تعبر عن غضب الشعب البورسعيدى والتى نالت إعجاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حينما قام بزيارة لبورسعيد بعد العدوان.. نعم إن المساحة هنا لا تكفى لسرد تاريخ الأحرار.. وسوف تظل بورسعيد قادرة على إنجاب الأبطال.. وبموقعها الجبار قادرة على لفت الأنظار.. وليس كما يقال إن البورسعيديين لا يعرفون إلا أن يكونوا تجاراً.. فقد أثبت التاريخ أنهم قادرون أن يخترقوا النار!! شامخ طه محمود- بورسعيد [email protected]