افرض وتخيل لو أن الصحف الأمريكية خرجت على الأمريكان والعالم بعد حادث تفجير برج التجارة العالمى بمانشيت يقول: «طائرة تغير مسارها فى مانهاتن»!، أعتقد أن موقف المواطن الأمريكى الطبيعى هو أن يستخدم هذه الصحف كقراطيس هامبورجر أو مناديل كلينيكس!، لا تندهش فقد فعلت جريدة الأهرام هذا الفرض الخيالى الذى أترك لكم تسميته ووصفه، ففى عدد «الخميس» الماضى على صفحة 9 نشرت «الأهرام» خبراً كتبه الصحفى، حسام زايد، عن انخفاض فاعلية الإنترفيرون المصرى الذى يجبر مرضى التأمين الصحى الغلابة على تناوله، كان المانشيت الذى وضعته «الأهرام» وصدقونى سأنقله كما هو وأنا لست فى حالة هلاوس أو ضلالات: «عقار الإنترفيرون المصرى لعلاج فيروس سى دون آثار جانبية». مانشيت مغرض أعتقد أن الصحفى، كاتب الخبر، لم يكتبه بهذه الطريقة الساذجة المتحيزة، وأن يداً خفية لابد أن نعرفها هى التى لعبت فى المانشيت وحولته إلى مقطع كوميدى عبيط من أفلام المقاولات، وفى مجتمع لا يقرأ معظم أفراده إلا المانشيتات تصبح صناعة المانشيتات مسؤولية وفناً وحرفة، وفى مجتمع وصل فيه الفساد للأعناق لابد أن نسأل عما وراء كتابة المانشيت بهذا المقاس وهذا التحيز وهذا الغرض الواضح الذى يقصد تزييف الوعى وغسل الدماغ وتوجيه بوصلة المرضى والمسؤولين إلى حيث مصلحة شركة الأدوية لا مصلحة المريض، ولابد أيضاً أن ندافع عن سمعة جريدة نحترمها والمفروض أنها صوت الدولة الرسمى ومن هنا كانت الصدمة. الخبر يتناول بحثاً علمياً لفريق طب المنصورة برئاسة، الدكتور جمال شيحة، استمر 14 شهراً على ما يسمى بالإنترفيرون المصرى، عرض البحث على جمعية الكبد العالمية ووافقت على نتائجه هى والمؤتمر الآسيوى للكبد، خرج البحث بنتائج مذهلة منها أن نسبة فاعلية هذا الإنترفيرون المصرى 25% فقط مقارنة ب62% للأجنبى، والأخطر هو أن نصف المرضى المعالجين بالإنترفيرون المصرى يتم إقصاؤهم بعد 12 أسبوعاً وإيقاف الحقن لعدم الفاعلية فى حين أن نسبة نجاح الدواء العالمى لنفس المدة 90%، وأكدت الدراسة أن الانتكاسة بعد الإنترفيرون المصرى 50% ونسبة من تمكن من إنهاء العلاج بعد 48 أسبوعاً 40%، وبعد كل هذا تترك جريدة الأهرام كل هذه الكوارث الرقمية وتكتب فى المانشيت أن العقار دون آثار جانبية!، لماذا لم تكتب أنه أقل فاعلية أو على الأقل يحتاج مزيداً من الدراسة؟!، لماذا تم دفن الخبر بلغة الصحافة فى زاوية مهملة أسفل صفحة داخلية فى حين تحتل أخبار مثل الخبر المفبرك الدعائى عن مستشفى المنصورة لعلاج الشلل الصفحة الأولى؟! المانشيت انحياز صحفى وفن إبداعى وبوصلة فكرية وليس مجرد رص كلام، وأى طالب فى أولى إعلام يعرف أن المانشيت يعبر عن فحوى الموضوع، وسلم لى ع المهنية!.