ذرفت عينى دمعة بغتة، سألتُها لماذا تدمعين يا عين ألفراق فارس من فرسان الكلمة؟ أجابت تعنى الأستاذ مجدى مهنا؟ قلت نعم!.. فاتسعت عينى وتلاحقت الدموع، ثم قالت صدقنى لا أعرف إن كنت أبكيه أم أبكى لحال الوطن، وصمتت عينى قليلاً إلا من دموعها، فاستدرت وقلت للدمعة إلى أين أنت ذاهبة فأجابت إلى قلم يحوينى وورق يحملنى لأسطر كلمات ترثى فارس الكلمة الحرة، فسألتها أترين فى الكلمات عزاء كافياً؟ أجابت: لا ولكنها أضعف الإيمان.. ثم بادرتها ولمن ستتوجهى يا دموعى بالعزاء؟ فتنهدت دمعتى تنهيدة ساخنة وطويلة تطل منها الحيرة ثم قالت إلى أهله!! فأحمر وجهى غضباً وقلت لها: لأهله فقط ألا ترى أن كل شعب مصر مستحق العزاء لفراق رجل اعتاد قول الحق، وكانوا ينتظرون سطوره لترفع عن كاهلهم حملاً ثقيلاً كلت عن حمله، ثم استطردت قائلاً إن الأستاذ مجدى نفسه إذا ما سألتيه اليوم لقال لك خيراً لى أن رحلت قبل أن أرى الملايين تعطى للاعبى الكرة ومنكوبو السيول يأخذون الفتات!! خيراً لى أن أرحل قبل أن أرى مصر تستورد الغاز وفى نفس الوقت تصدره، فى حين أغلب منازلها تعيش على الجلة بدلاً من الوقود!! فشعرت بسخونة دمعتى على خدى مما قاطع استرسال أفكارى وكلماتى معها وسألتها عن سر ذلك فعاجلتنى قائلة.. ومن قال إننى لا أعنى شعب مصر فقلت لها أنتِ التى قلت أعزى أهله، فقالت ألا ترى فى هذا الشعب الودود بكل فئاته وطبقاته أهلاً لذلك الرجل الذى أبى أن يعيش لنفسه من قلمه كما فعل بعض ضعاف النفوس من الكتاب وهادنوا الحكومة بينما عاش هو للطبقات الكادحة مدافعاً عن قضيتها، والعجيب أنه رغم ذلك استمر بأدبه الجم وأخلاقه العالية محافظاً على علاقات وطيدة مع كل فرد ناله قلمه بالهجوم! وإلى هنا سكت وسكتت دمعتى مواصلة طريقها على خدى نحو الأرض حيث سنذهب كلنا، ولكننا ننسى ذلك فى وسط هموم وأعباء الحياة، ونعيش نظلم ونطغى ونثير حولنا الكراهية والضغائن ونسهى عن أننا فى يوم ما سنقف أمام وجه كريم يسألنا عما فعلنا مع أحبابنا وعما فعلنا لمن حولنا ممن كانوا محتاجين للمساعدة، كيف ظلمنا كل من هو تحت أيدينا وسحقنا آمال كل طامح وأمل فى غد أفضل، أستاذ مجدى رحلت عنا ولكن مقالاتك باقية، غادرت حياتنا ولكن آراءك باقية سراجاً لكل من يطمح فى العدل فالذكرى للإنسان عمر ثان. مينا ملاك عازر - ماجستير تاريخ