حقق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، إنجازاً سياسياً كبيراً، بعد إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عن استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين فى واشنطن مطلع الشهر المقبل، رغم أن موافقة السلطة الفلسطينية على هذه الدعوة جاءت نتيجة ضغوط أمريكية أكثر مما عبرت عن قناعة فلسطينية بنجاعة هذه المفاوضات. الإنجاز السياسى لنتنياهو تمثل فى نجاحه فى أن يكون استئناف المفاوضات وفقاً للشروط التى أصرَّ عليها، وفى مقدمتها عدم تضمين الدعوة إشارات وجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووقف الاستيطان واعتبار القدس عاصمة للدولتين، وهى النقاط الرئيسية التى كان يفترض أن يتضمنها بيان الرباعية، إلا أن رفض تل أبيب لها أجهض هذا البيان ليصدر بيان عام وليحل محله الإعلام الأمريكى، الذى لم يتضمن أى إشارات صريحة إلى هذه النقاط. ولا يخفى الجانب الفلسطينى تشاؤمه من انعدام فرص نجاح هذه المفاوضات بسبب عدم توافر الضمانات بعد تكرار تجربة التفاوض السابقة التى تواصلت لسنوات طويلة دون تقدم أو نجاح فى وقف النمو الاستيطانى، لذا فقد وجه الرئيس الفلسطينى محمود عباس رسائل إلى أطراف اللجنة الرباعية الدولية، حدد فيها الأسس الفلسطينية للمفاوضات المباشرة، مهدداً بوقفها فى حال استأنفت إسرائيل طرح عطاءات بناء استيطانية جديدة فى الأراضى الفلسطينية، وذلك فى محاولة لاستدراك استغلال إسرائيل غياب الضمانات والمرجعيات. وعليه فإن الإدارة الأمريكية تحاول جاهدة التخفيف من حدة التوقعات المتشائمة بشأن المفاوضات، فهى تجرى محادثات مكثفة مع إسرائيل على أكثر من مستوى لإيجاد صيغة توفيقية لموضوع البناء الاستيطانى، حتى لا تنفجر المفاوضات المباشرة بعد ثلاثة أسابيع على استئنافها، فهى تخشى أن تنفذ الحكومة الإسرائيلية قرارها باستئناف البناء الاستيطانى فى 26 سبتمبر المقبل، فينسحب الفلسطينيون، احتجاجاً على ذلك، علماً بأن حزب «إسرائيل بيتنا» هدد فى الأيام الأخيرة بالانسحاب من الحكومة إذا لم يستأنف البناء وانسحابه يعنى سقوط الحكومة. إن طرفى التفاوض غير متفائلين بنتائج المفاوضات المباشرة قبل أن تبدأ فقد خرجت الصحافة الإسرائيلية بسلسلة مقالات تحليلية أجمعت على التشكيك فى قدرة نتنياهو على إدارة مفاوضات سلام جادة، بسبب تاريخه ومواقفه الأيديولوجية، لذا فقد أدخل نتنياهو نفسه فى مطب لن يخرج منه إلا بالتحول إلى رجل سلام، وهذا صعب، أو صدور موقف فلسطينى رافض، خاصة بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة التى يطمئن بها حكومته وشعبه بقدرته على تمرير أى اتفاق يتم التوصل إليه فى المفاوضات، شرط وجود تجاوب فلسطينى فى 3 قضايا. وهى ترتيبات أمنية حقيقية، والاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودى من خلال قضية اللاجئين الفلسطينيين بما فيها حق العودة فى إطار الدولة الفلسطينية، وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تنهى الصراع تماماً بين الطرفين، والتى سارعت السلطة الفلسطينية ورفضتها بشدة.