قررت نيابة الأموال العامة، أمس، حفظ التحقيقات فى قضية «عقد مشروع مدينتى» لثبوت عدم توافر أى جرائم فى إجراءات التعاقد، بين المهندس محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان السابق، بصفته المسؤول عن هيئة المجتمعات العمرانية، ورجل الأعمال المحبوس هشام طلعت مصطفى، بصفته رئيس مجلس إدارة شركات «طلعت مصطفى» وكانت «المصرى اليوم» قد انفردت بنشر خبر الحفظ فى عدد 22 أغسطس الجارى. وجاء فى بيان أصدره مكتب النائب العام، أمس، أن المستشار على الهوارى، المحامى العام الأول، أمر بعد موافقة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بحفظ التحقيقات، التى أجرتها نيابة الأموال العامة العليا فى البلاغ المقدم من 45 عضواً فى مجلس الشعب، حول تخصيص مساحة 8 آلاف فدان من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى المسماة بمشروع «مدينتى». وأكد البيان أن نيابة الأموال العامة العليا قد باشرت تحقيقات موسعة فور تلقى البلاغ، الذى أشار إلى أن تخصيص تلك المساحة قد تم بالمخالفة للقانون والقواعد المقررة، حيث تم البيع دون تحديد ثمن الأرض، كما خلا من نظام محدد لسداد الأقساط وبمقابل عينى لبعض الوحدات السكنية، وأن هذا التخصيص تم بالأمر المباشر بالمخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية بما نتج عنه إهدار المال العام، وأضاف البلاغ أن شركة المقاولون العرب حصلت على أرض ملاصقة لأرض مشروع مدينتى بشروط أشد قسوة، مما تضمنه العقد محل البلاغ. وأجرى التحقيقات المستشار الدكتور محمد أيوب، رئيس النيابة، بإشراف المستشار على الهوارى، المحامى العام الأول لنيابة الأمواال العامة العليا، حيث تم سؤال مقدم البلاغ ومسؤولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وعلى رأسهم المهندس محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان السابق، وكذلك نائب رئيس الهيئة، والمسؤولون بشركة المقاولون العرب، والمسؤول عن الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى، وقد تم ضم المستندات المتعلقة بعملية البيع والتخصيص ودراستها لبيان ثمن المتر وقت التخصيص، وتم تشكيل لجان من إدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة بوزارة العدل لفحص الواقعة فانتهت إلى عدم وجود ثمة ضرر بالمال العام من جراء التعاقد حيث تحصل هيئة المجتمعات العمرانية على مبالغ تصل إلى 13 مليار جنيه نظير الحصة العينية المتفق عليها، بما مؤاده قيام الشركة بشراء متر الأرض بمشروع «مدينتى» بمبلغ يصل إلى 391 جنيهاً للمتر دون مرفقى الكهرباء والاتصالات، وهو سعر يزيد على سعر المتر الذى كانت تبيع الهيئة به للغير وقت التخصيص عام 2005 الذى لم يصل إلا إلى 237 جنيهاً للمتر بكامل مرافقه. أشار النائب العام إلى أنه تمت دراسة تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الوارد بشأن ذات العقد الذى أشار إلى بعض المخالفات التى لا يستدل منها على ما يقطع بأن هذه الأرض قد تم تخصيصها بسعر يقل عن ثمن الأرض وقت التخصيص، كما أن ما أشار إليه ذات التقرير من وجود إضرار بالمال العام، مستنداً إلى قيام الهيئة ببيع متر المبانى المسلمة إليها بسعر 3315 جنيهاً، فإن ذلك لا يتفق مع المستقر عليه من أن الهيئة غير ملزمة بالبيع بهذا السعر، وأن البيع سيكون بسعر السوق الذى يصل إلى 5500 جنيهاً للمتر. وقال البيان إنه ثبت من التحقيقات أن القيمة السعرية التى تم البيع بها لأرض مدينتى بطريق الأمر المباشر وقت التخصيص تزيد على أسعار البيع بطريق المزاد، حيث إن آخر مزاد سابق على تخصيص أرض «مدينتى» أجرته الهيئة عام 2004 على مساحة 100 فدان بمدينة القاهرةالجديدة وتم بيع المتر بسعر 200 جنيه بكامل مرافقه وهو أقل من سعر المتر فى أرض مدينتى الذى يصل إلى 391 جنيهاً للمتر، على الرغم من تميز الموقع فى مدينة القاهرةالجديدة، واكتمال المرافق فيها، خلافاً لموقع أرض مدينتى وعدم اكتمال مرافقها، فضلاً عن أن آخر مزاد علنى أجرته الهيئة بعد تخصيص أرض مدينتى قد تم عام 2007 ولا يجوز القياس على سعر الأرض الذى بلغه هذا المزاد وهو 660 جنيهاً للمتر، وذلك لأسباب حاصلها اختلاف التوقيت، إذ أن هذا المزاد تم بعد عامين من تخصيص أرض مدينتى وهى فترة ز منية ارتفعت خلالها أسعار العقارات بقدر كبير، وكذا اختلاف الموقع، إذ إن هذا المزاد تم على أرض تمثل مركزاً لمدينة القاهرةالجديدة وبعد تمام إعمارها إضافة إلى اختلاف الحالة إذ إن المزاد تم على أرض مجهزة بعد تمام تسويتها وتوصيل كامل المرافق لها، كما أن الأرض التى ثبت تخصيصها لشركة المقاولون العرب والبالغ مساحتها 11 ألف فدان بقيمة تم تقديرها بمبلغ 42 جنيهاً للمتر وهو مبلغ لا يقارن مع سعر المتر بأرض مدينتى. وانتهت التحقيقات إلى استبعاد شبهة جرائم التربح للغير وتسهيل تعدى الغير على أرض مملوكة لجهة عامة والإضرار بالمال العام، حيث ثبت عدم قيام الهيئة ببيع الأرض بسعر يقل عن سعر المتر ولم يثبت تغليب مسؤولى الهيئة للمصلحة الخاصة للغير على المصلحة العامة لجهة عملهم، ودون حاجة إلى بحث الآراء المختلفة بشأن مدى سريان قانون المناقصات والمزايدات على تصرفات الهيئات العامة التى تخضع لأحكام قوانين خاصة ومنها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وفى ظل اختلاف هذه التأويلات فإنه لا صلة أو تأثير لها فى ثبوت أو انتفاء عناصر الجرائم الجنائية، إذ إن البحث فى عناصر المسائل الجنائية يختلف عن البحث فى عناصر المسائل الإدارية والمدنية، فقد يتبع الموظف العام أحكام قانون المناقصات والمزايدات من الناحية الإدارية وتثبت فى حقه عناصر جرائم جنائية إذا تعمد وضع شروط معينة لمصلحة الشريك أو أفشى له أسرارها أو غيرها من الأفعال التى ترشح اتجاه قصده إلى تمكين الغير من الحصول على ربح بغير حق، وقد يخالف الموظف العام أحكام هذا القانون عن اعتقاد خاطئ بعدم سريان أحكامه أو عن علم بها دون أن يعمد إلى تربيح الغير أو تسهيل تعديه على أملاك الدولة بغير حق بأن يحصل منه للدولة على ما يستوفى حقوقها أو ما يزيد عليها دون مساس بحقوق الغير فيقف فعله عند حد مخالفة قانون المناقصات والمزايدات التى قد تتحقق بها المساءلة الإدارية فى حقه دون أن تمتد إلى المساءلة الجنائية التى تستلزم ثبوت توافر عناصر القصد الجنائى للجريمة من علم بعناصرها وإرادة تنفيذها على وجه القطع واليقين. وأوضح النائب العام أن التحقيقات والمستندات كشفت أن هناك جهات أخرى غير هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مثل هيئات المساحة الجيولوجية ومشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتنمية الثروة السمكية والتنمية السياحية قد أجرت تصرفات فى أملاكها وفق أحكام قوانينها الخاصة بعد إصدار قانون المناقصات والمزايدات الجديد الأمر الذى لا يصح أن يستدل به على أن مجرد عدم اتباع أحكام هذا القانون تتوافر به أركان جرائم جنائية والقول بغير ذلك مؤاده انطباق الوصف الإجرامى على جميع تصرفات تلك الهيئات مع المتعاملين معها وهو ما لا يتصور قانوناً أو منطقاً. وانتهت التحقيقات إلى انتفاء جريمة الإضرار بالمال العام لما ثبت من أن الهيئة ستحصل على مبلغ 13 مليار جنيه من حصيلة هذا البيع وإلى قيام الشركة العربية للمشروعات بتنفيذ التزاماتها الواردة بملحق العقد فيما يتعلق بتسليم الوحدات السكنية، حيث قامت بتسليم الحصة الأولى من المرحلة الأولى بواقع 8 عمارات قبل الموعد المتفق عليه فى العقد، وفى حالة تقاعس الشركة عن تسليم باقى الوحدات السكنية فى موعدها طبقاً للجدول الزمنى المتفق عليه فى ملحق العقد، فإن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بما لها من حق الامتياز على كامل أرض مشروع مدينتى تضمن الحصول على كامل مستحقاتها. من جانبه، قال المهندس محمد إبراهيم سليمان، فى اتصال هاتفى عقب قرار الحفظ، إن براءته الآن أصبحت بالورق والمستندات، وقال «لا كلام الآن بعد قرار النيابة فهى الجهة العليا.. وأنتظر انتهاء التحقيقات فى القضية الثانية بالحفظ أيضاً».