شكلت قضية استئناف المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أبرز القضايا التى تعيشها السلطة الفلسطينية والفصائل على حد سواء، ويبدو واضحاً أن الرئاسة الفلسطينية تعول كثيراً على بيان اللجنة الرباعية الدولية الذى ستعلن فيه موقفها من هذه المفاوضات. بيان الرباعية المرتقب يحدد مرجعية المفاوضات، واللجنة الرباعية تجرى مشاورات مع الولاياتالمتحدة بهذا الشأن، وفى ضوء ذلك، ومع المشاورات التى تجريها السلطة مع الأطراف العربية وشملت مصر والأردن وقطر، فإن الرئيس محمود عباس سيحدد الموقف النهائى بقول نعم أو لا، فهذا يعتمد أيضاً على ما سيسمعه عباس من مساعد المبعوث الأمريكى ديفيد هيل، وما سيسمعه عباس أيضاً من آراء عربية، وإذا ما كان سيلبى ما لا تعتبره السلطة شروطاً كما تحاول إسرائيل أن تصور، فهى متطلبات وأسس لعملية السلام سبق أن اعتمدت ووافقت عليها الأطراف المعنية. وحتى الآن فإن كل الاقتراحات الثلاثة التى تقدمت بها السلطة لبدء المفاوضات المباشرة لم تلق تجاوباً كاملاً، فهناك رفض إسرائيلى لجهة عقد اجتماع ثلاثى، وبالتالى فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية ترفضه أيضاً، كما أن فكرة اللجنة الرباعية يجرى النقاش حولها الآن بين الرباعية والإدارة الأمريكية والجانب الفلسطينى، وهناك أكثر من طرف عربى دخل على الخط خصوصاً مصر والأردن ومن ضمن النقاط التى يتم بحثها، شكل بداية المفاوضات، وأين ومن سيشارك، فهذه النقاط مطروحة على الطاولة، ومن هنا فإن التركيز يتم الآن على قيام اللجنة الرباعية بإصدار بيان خلال أيام، مطالبة فيه بأن يتضمن عناصر ورقة بياناتهم فى مارس فى موسكو، وفى نيويورك سبتمبر الماضى، وفى إيطاليا فى يونيو الماضى والتى حددت هدف عملية السلام بإقامة دولتين على حدود 1967 مطالبة الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان، وهدم البيوت وتهجير السكان من القدس. وفى الاتجاه المعاكس تقود وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون التحرك الدبلوماسى باتجاه إطلاق المفاوضات المباشرة فى ظل تفاؤل بين المسؤولين الأمريكيين بأن هذه المفاوضات ستنطلق فى وقت عاجل، وسط تأكيد بأن المبعوث الأمريكى جورج ميتشيل يتطلع إلى محادثات ذات سقف زمنى محدد للوصول إلى اتفاق على حل الدولتين، وأن أحد الإجراءات للالتفاف على التعقيدات فى تطبيقها هو فى إعطائها خطوات تنفيذية مرحلية. وتعكس تصريحات المسؤولين الأمريكيين وأجواء وزارة الخارجية الأمريكية استعجالاً لاستئناف المفاوضات قبل انتهاء فترة تجميد الاستيطان الجزئى فى نهاية سبتمبر المقبل، حيث تتوقع الإدارة الأمريكية فى قيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتجديد التجميد الاستيطانى فى حال بدأت المفاوضات المباشرة، وهذا يفسر الضغط الأمريكى فى هذا الاتجاه. وهناك محطات بغاية الأهمية تبدو فى الأفق مع نهاية الشهر المقبل بدءاً من انتهاء التجميد الجزئى للاستيطان، ومن ثم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفتح الاحتمالات على قمة ثلاثية أخرى بين أوباما، والرئيس محمود عباس، ونتنياهو، وسخونة ملفات إقليمية أخرى على الساحتين اللبنانية والإيرانية، ومن هذا المنطلق تحاول واشنطن فى استراتيجيتها للدفع بالمفاوضات المباشرة إنقاذ فرص تمديد التجميد الاستيطانى الذى لا يمكن أن يتم من دون استئنافها، وتحصين عملية السلام، والوضع الفلسطينى - الإسرائيلى من أى ارتدادات إقليمية قد تحدث فى المرحلة المقبلة. وفى إسرائيل، فإن القيادة السياسية ترفض شروط اللجنة الرباعيةالدولية بالدعوة إلى مفاوضات على أساس وقف الاستيطان، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 ويأتى الموقف الإسرائيلى ليلقى بعض الشكوك حول موعد إطلاق المفاوضات المباشرة التى تقول إسرائيل إنها متوقعة هذا الأسبوع إذا ما صدر بيان متزن للرباعية. ومن وجهة نظر السلطة الفلسطينية، فإن بيان الرباعية ربما يكون المخرج الوحيد لحفظ ماء الوجه وتجاوز الأزمة الحالية فيما يخص المفاوضات المباشرة، أما بالنسبة لإسرائيل فإنها تنتظر بياناً يتسم بالتوازن ويراعى مصالحها ولا يشمل أى شروط مسبقة لإطلاق المفاوضات، وبالنسبة لحركة حماس وباقى الفصائل الفلسطينية، فهو ليس أكثر من بيان شكلى وبمثابة غطاء للاحتلال، فالذهاب إلى المفاوضات المباشرة من وجهة نظرها ستكون له نتائج كارثية على صعيد القضية الفلسطينية، وسيتشكل طوق نجاة للاحتلال من الملاحقة الدولية؟!