الذين شاهدوا المهندس ياسين منصور - الذى لا أعرفه - وهو يتكلم مع خيرى رمضان فى برنامج «مصر النهاردة» مساء الإثنين، لابد أنهم قد أحسوا بأنه صادق فيما يقوله، خصوصاً حين قال إن أحداً لو سأله اليوم عن مهنته، فسوف يرد ويقول: لا مؤاخذة رجل أعمال! ولابد أن الشىء الذى جعله ينطق بهذا المعنى، هو إحساسه بأن صورة رجل الأعمال بوجه عام، فى كثير من وسائل الإعلام، إن لم يكن فيها كلها، صورة سيئة، مع أن رجال الأعمال، كفئة فى المجتمع، شأنهم شأن أى فئة أخرى، فيهم بالضرورة السيئ، وفيهم الجيد! كانت مناسبة الكلام، ما يدور حالياً حول صفقة قرية آمون فى أسوان، التى أصدر الرئيس قراراً بإلغائها وإعادة البيع فى مزاد علنى بحق الانتفاع! وحين سمعت من جانبى ما سمعته، خلال البرنامج، مع غيرى طبعاً، اكتشفنا أن الأخ ياسين منصور يكشف فى حديثه عن معلومات يتبين لنا منها أن أغلب ما وصل الناس عن القضية، منذ قرار الرئيس، إنما هو خاطئ تماماً! للمرة الأولى، نكتشف - مثلاً - أن الشركة التى باعت القرية، وهى شركة قطاع عام، كانت قد باعتها لشركتين من وراء بعضهما البعض فى وقت واحد، بما يعيد تذكيرنا بالذين كانوا زمان، ولايزالون، يبيعون الشقة الواحدة لأكثر من مشترٍ، فيذهب الواحد منهم لتسلم الشقة التى اشتراها، فيكتشف أن هناك من اشتراها من المالك نفسه، من قبل!! وفهمنا من كلام الرجل، للمرة الأولى أيضاً، أن القرية محل النزاع، ظلت «خرابة» من عام 1996 إلى الآن بما يعنى أن مساءلة عسيرة يجب أن يتعرض لها الذين تركوها مأوى للغربان هكذا، على مدى 14 عاماً كاملة! والشىء المدهش، أن محافظ أسوان، اللواء مصطفى السيد، كان قد ظهر فى البرنامج نفسه قبل أسبوعين، وقال إن المبالغ التى دفعتها الشركتان، كمقدم شراء لشركة القطاع العام إياها، فى الحفظ والصون، وسوف تعود إلى أصحابها، فإذا بنا نرى من خلال حديث الأخ ياسين منصور أن هناك ثلاث ضحايا لشركة القطاع العام المالكة، وأن هؤلاء الضحايا هم: أصحاب الشركة الأولى، ثم أصحاب الشركة الثانية، ثم المحافظ ذاته، الذى أكد فى لقائه أن ما حصلت عليه الشركة المالكة من أموال، سوف تردها إلى أصحابها فوراً، فإذا بها تماطل فى رد ما حصلت عليه، وإذا المحافظ ضحية لها ربما دون أن يعلم.. بالإضافة طبعاً إلى أن ماحدث، قد أساء إلى وزيرين، أحدهما حالى والآخر سابق، لاعلاقة لهما بالموضوع أصلاً، على مسؤولية المهندس منصور، وحسب نص كلامه فى البرنامج. لا أعرف أى طرف من أطراف القضية من أولها إلى آخرها، ولا تهمنى كلها فى شىء، ولكن ما أعرفه أن الرأى العام، فى هذا البلد، من حقه تماماً أن توضع أمامه الحقائق كاملة عن هذه القضية وعن غيرها.. وما أعرفه أيضاً، وأرجو أن أكون على خطأ فيه، أن شركة القطاع العام مالكة القرية لم تمتلك الشجاعة الكافية منذ البداية لتصارح الناس بالحقائق المجردة عن الموضوع، ولا تمتلك الآن، الأمانة الكافية، لرد ما حصلت عليه من الذين كانوا قد اشتروا، ثم جاء قرار رئيس الدولة ليعيد المسألة إلى بدايتها!.. نريدها شركة قطاع عام حقاً، لا شركة خداع عام شغلت الرأى العام بربع الحقيقة فى الموضوع!