السؤال: كما درست في كتاب التوحيد أن الطلب مثل (أن أطلب من جارتي أن تعمل لي أكلا) ينقص من كمال التوحيد، ولكني أطلب منها شيئا، وأقوم بإعطاء شيء لها مقابل طلبي لها بدون علمها، حتى لا تتضايق أن هذا مقابل عملها؛ لأني لا أريد أن ينقص عندي كمال التوحيد. فهل هذا ينفع بحيث لا ينقص كمال التوحيد؟ وجزيتم خيرا. الفتوى: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فالطلب من المخلوق لا يكون قادحا في كمال التوحيد بإطلاق، وإنما يقدح ما كان فيه التفات بالقلب، وشعور بالدونية، والاستعطاف، والاستذلال للمطلوب منه، فإن خلا الطلب من ذلك، لم يكن قادحا. جاء في شرح كتاب التوحيد للحازمي: وما كان من سؤالٍ في أمور الدنيا، فإن كان مع استعطافٍ، واستذلال فهو مذموم، وقادحٌ في تحقيق التوحيد، وما لا، فلا، فإن لم يكن فيه نوع استعطاف، واستذلال نقول: هذا لا يقدح في التوحيد، كما أنه ليس بقادحٍ في التوكل، فما لا يقدح، ولا يكون باستذلالٍ في الغالب كالطلب من الأب، الابن يطلب أباه أعطني مالا؟ اشتر لي سيارة، زوجني؟؟ هذا طلب أو لا؟ سؤال أو لا؟ سؤال من غير الله تعالى، قد يلتفت القلب إلى ذلك، لكن في الغالب أنه لا يكون فيه نوع التفاتٍ إلا من جهة تحقيق المصالح العامة، حينئذٍ نقول: هذا لا يكون قادحًا في التوحيد، كذلك الأب يطلب ابنه يسأله افعل لي كذا، وافعل كذا نقول: هذا سؤالٌ لمخلوق في أمرٍ من أمور الدنيا، وليس فيه استعطاف، واستذلال؛ لأن الأب أكبر من الابن، ومن الزوج: الزوجة تطلب زوجها، هذا لا يكون فيه استعطاف في الغالب، وقد يكون، أو الزوج يطلب زوجته، هذا في الغالب لا يكون فيه استعطاف إلا من رحم الله، والخادم، والصديق، والتلميذ نقول: هذه كلها ليس فيها سؤال استذلالٍ، ولا استعطاف، حينئذٍ تعاطي هذه الأسباب عندهم، عند الشُّراح الذين عمَّموا لا يعُتبر قادحًا في التوكل، حينئذٍ لا يكون قادحًا في تحقيق التوحيد؛ لأنه ليس فيه استعطاف، ولا استذلال بمعنى أنك لا تشعر بأنك تطلب من شخصٍ أرفع منك، هذا الذي يكون ضابطًا، إذا شعرت بالدون حينئذٍ السؤال هذا استعطاف، وتذلل، إذا شعرت بالمساواة، أو العلو حينئذٍ ليس فيه استعطاف، ولا تذلل؛ ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلب من زوجاته، وهو ليس فيه استعطاف، وخادمه ما يحتاجه، وهذا أمر متواتر. اه. وعلى هذا، فإن خلا طلبك مما ذكرنا، لم يكن قادحا في توحيدك، سواء أعطيت جارتك مقابلا أم لا، ثم إن رأيت أن إعطاءك إياها شيئا مما يذهب عن قلبك الشعور بما ذكرنا، فلا بأس بذلك. وعموما، فالأولى ترك سؤال الناس بقدر المستطاع. وانظري للفائدة الفتويين التاليتين: 49184، 267397. والله أعلم.