«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل    محافظ مطروح يلتقي قيادات المعهد التكنولوجي لمتابعة عمليات التطوير    تعرف على طقس غسل الأرجل في أسبوع الألم    تنفيذ 3 قرارات إزالة لحالات بناء مخالف خارج الحيز العمراني في دمياط    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    بايدن: الحق في الاحتجاجات الطلابية لا يعني إثارة الفوضى    صحيفة يونانية: انهيار القمة الأمريكية التركية.. وتأجيل زيارة أردوغان إلى البيت الأبيض    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولى على قرية أوشيريتين    الأهلي يطلب ردًّا عاجلًا من اتحاد الكرة في قضية الشيبي لتصعيد الأزمة للجهات الدولية    سون يقود تشكيل توتنهام أمام تشيلسي في ديربي لندن    صحة مطروح تتأهب لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    مهرجان كان يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية الفخرية    معرض أبو ظبي.. نورا ناجي: نتعلم التجديد في السرد والتلاعب بالتقنيات من أدب نجيب محفوظ    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    خالد الجندي: الله أثنى على العمال واشترط العمل لدخول الجنة    هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء تطلق حملة توعية تزامنا مع الأسبوع العالمي للتوعية بقصور عضلة القلب    «كانت زادًا معينًا لنا أثناء كورونا».. 5 فوائد غير متوقعة لسمك التونة في يومها العالمي    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وطني ولو كان شجرةً أو كومةَ حجارة
نشر في المشهد يوم 29 - 08 - 2014


على جذعِ شجرةٍ قديمةٍ قويةٍ متينةٍ اتكأت،
هي صديقتها منذ زمنٍ بعيدٍ، تحبها وتحكي معها،
تزين بيتها، وتُعَّلم مكانه، وتُجمِّل أيامها، وتقيها حر الصيف، وتحميها من أشعة الشمس،
بينهما عِشْرة عمر، قد عرفتها وهي صبية، ورعتها عندما كبرت،
ترويها إذا عطشت، وتقلمها إذا شذت أغصانها، ونأت عن الأصل فروعها،
تُسر إليها وتسمع نجواها، فهي الصديق القديم الباقي الذي لم يتغير،
تحن عليها وتكاد نسمع أنينها، وتحس بحزنها إن حزنت، فهي الكائن الحي الجميل الندي الخالص الطاهر،
تعرف الصغار وتحب الكبار، وتحنو على الجميع، وتراهم يحيونها حباً كلما مروا تحتها،
يرفعون رؤوسهم لينظروا إليها، وتشخص عيونهم نحوها إذا تأملوا فيها،
يهتمون بها، ويخافون عليها، وتحت ظلالها يستريحون،
تأوهت، وقالت يا الله، لك الحمد،
جذورنا في الأرض كما الشجرة،
عميقةٌ ممتدة، تستمد من الأرض الحياة، وتتسامى بأغصانها قبلة السماء،
تلمستها بيديها المعروقتين المرتعشين،
قد أشقاهما الزمن، وأضناهما التعب، ونالت من نضارتهما الحياة،
إنها شجرةُ كافورٍ كان قد زرعها زوجها، وتعهدها في حياته، وأورثها من بعده أولاده،
تكاد تعانقها وقد أحاطتها بذراعيها، ففيها الماضي كله، والذكريات الجميلة التي مضت،
قبلتها بحبٍ وشغف، وشوقٍ وحنين، فهي رفيقة العمر، وأنيسة الزمن، وكاتمة الأسرار،
حدثتها وخاطبتها، الحمد لله قالت، أنك هنا باقية، جذعٌ في عمق الأرض صامدة،
أنت أصلٌ ومنك كان الفرع أصيلٌ كالأصل، من ماء الأرض يرتوي، وقبلة السماء يتجه،
ما بال أوراقك قد تساقطت، أهو الخريف الذي يزورك كل عام،
وما بال أغصانك قد تكسرت، أهي الرياح والعواصف،
أم هي يدٌ عابثةٌ مخربة، هوجاء مدمرة، غاظها وقوفك، وأغضبها ثباتك، واستفزها في عمق الأرض وجودك،
فاستهدفك العدو الغادر كما البشر، وقصفوك كما الحجر، وأنت خير الشجر،
ظنوك ستركعين، ولهم ستخضعين، وتحت وابل نيرانهم ستحترقين،
ظنوا أنك ستصبحين رماداً يتطاير، وبقايا حطبٍ يتبعثر، وجذعاً في الأرض قد ماتت جذوره،
كانت هامتك المرفوعة تحزنهم، وقامتك المنتصبة تخيفهم، وفروعك المتنامية ترعبهم،
خافوا من نسلك، وأقلقهم خلفك، وما تفرع منك، والبذور المتساقطة من زهرك، تزرع الحياة وتبقي الأمل،
قصفوك بلا رحمة، وحرقوا أغصانك بلا شفقة، وأطلقوا النار غزيراً على ساقك المنتصبة،
لكن قد خاب ظنهم، وطاش سهمهم، وانقلبت حساباتهم،
لم تنحنِ لك قامة، ولم ينكسر ساقك، ولم تضعف كل أغصانك، ولم تسقط كل أوراقك،
بل بقيت تقاومين الموت، وترفضين الاستسلام، وتصنعين بشموخك الحياة،
وكأنك تقولين أننا ها هنا باقون، نورث الحياة لمن بعدنا، ما بقيت الأرض والسماء،
ستعودين يا شجرة الحياة وارفةً كما كنت، كبيرةً كما عرفتك، نستظل تحت فيئك كما عهدنا،
وستعود إلى أغصانك ودوحك العالية عصافير الصباح وبلابله المغردة، بألوانها الزاهية، وأصواتها الطربة،
تزقزق وتشقشق، وتبعث في الدنيا الحياة، وتبشر بصباحٍ آخر، وغدٍ جديد،
كل شئٍ حولها مبعثرٌ مهشمٌ مدمرٌ محطم،
الجدران منهارة، والسقوف ساقطة، وأواني المطبخ مبعثرة، وكراريس الأطفال ممزقة، وألعابهم الصغيرة محطمة،
لكن الحياة من حولها باقية، الشجر والبشر ما زالوا هنا، رغم عصف القصف ما زالوا باقين،
نادت على أولادها وأحفادها أحمد ومحمد وحسين وعلي، وفاطمة ومريم وخديجة،
قالت لهم بصوتٍ لا يعرف التردد، ولا تعوزه القوة، ولا ينقصه اليقين، ومنه يشع الأمل،
هاكم شجرتنا، ما زالت باسقة الأفنان عالية، تعاند بكبرٍ، وتتحدى بصلابة،
تساقطت بعض أوراقها، وتكسرت بعض أغصانها، واحترقت أطرافها في أكثر من مكان،
لكنها أبت أن تركع، وبقيت واقفةً لم تنحنِ، ولم تخضع،
ستبقى شجرتنا وسنبقى، وسنبقى واقفين كما الأشجار ولن نخضع،
ستخضر يا أولادي أرضنا، وستورق أشجارنا، وستنبت تربتنا من جديد،
احفظوها عهداً كما حفظناها، واجعلوها إرثاً كما تسلمناها،
هي يا ابنائي العهد والوفاء، وهي البقاء والنماء، وهي العطاء وللصبر خير الجزاء،
أما عدونا فسيبور جهده، وسيفشل سعيه، وسيفل عزمه.
سيرحل عن أرضنا، وسيحل عليه بأيديكم الفناء،
كونوا واثقين يا أولادي أن الغد لنا، وأن النصر حليفنا، وأن هذه الأرض ستعود لنا.
هذه هي صورة عن الأم الفلسطينية، الصابرة المعطاءة، الصادقة المضحية، المخلصة الوفية، التي تعطي بصدق، وتربي بأمل، وتنشئ على عقيدةٍ وبصيرة، فلا يموت عندها الأمل، ولا يخبو في صدرها الرجاء، ولا تنطفئ في قلبها جذوة الحنين إلى الوطن، والشوق إلى الديار، وستبقى تحفظه ولو كان شجرةً باقية، أو كومة حجارةٍ مدمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.