وسط غضب جماهيري بعد رفع الأسعار روشتة إنقاذ ومطالبات للسيسي بتشريعات صارمة علي لطفي: انعدام الوعي السبب الحقيقي وراء السخط المجتمعي عبدالمطلب عبدالحميد: ضرورة عدم اتخاذ قرارات جديدة تمس الدعم للعامين المقبلين تجنبًا للغضب الشعبي أحمد معين: الاقتصاد تعدى الخطوط الحمراء ولا بديل عن القرارات الجريئة الغضب سيطر على جماهير الشارع المصري خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدًا مع بدء السنة المالية الجديدة، منذ أقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي بإصدار مجموعة من القرارات بهدف دعم الاقتصاد وتقليل عجز الموازنة العامة. "إن الشعب المصري لم يجد من يحنوا عليه".. بهذه الكلمات خاطب السيسي الشعب، مما أعطى طموحات كبيرة للمصريين حول تحسن الأوضاع وتغيير منظومة الفساد، إلا أن نحو 90 مليون مصري لم يدركوا أن ما ردده الرئيس الجديد، يحمل في طياته كل هذه الإجراءات من تخفيض للدعم دفعة واحدة دون النظر إلى آمال عشرات الملايين. فبرغم أهمية قرارات رفع الدعم الجريئة وفرض المزيد من الضرائب، إلا أنها تمثل خطورة تكمن في كونها جاءت دفعة واحدة دون مراعاة مبدأ الإصلاح التدريجي ودون مراعاة تهيئة الوضع لرفع الأسعار لتلافي ظهور طبقة المنتفعين والمحتكرين، خاصةً في وقت ترتفع فيه معدلات الفقر والبطالة والتضخم إلى مستويات غير مسبوقة. البعض وصف تلك القرارات - التي تهدد نحو 40% من ممثلي الطبقة الفقيرة، بالقوة والحتمية - بينما وصفها آخرون بالتسرع وسوء التوقيت، إلا إن كل خبراء الاقتصاد أجمعوا على ضرورة تلك القرارات ووجوبها خلال المرحلة الراهنة، لافتين إلى خطورة ما يتعرض إليه الاقتصاد المصري. ووضع خبراء الاقتصاد روشتة للخروج من أزمة الغضبة الجماهيرية ومواجهة طبقة المنتفعين، هذا بالإضافة إلى مطالبة الحكومة بعدم اتخاذ إجراءات تمس المواطن البسيط في الفترة الراهنة ولمدة لا تقل عن عامين، كما طالبوا الرئيس بسرعة اتخاذ القوانين والتشريعات الرادعة للمخالفين وتغليظ العقوبات عليهم فضلاً عن تشريعات تهيئة المناخ العام لجذب مزيد من الاستثمارات تعمل على زيادة الإنتاج وزيادة موارد الدولة وإيراداتها. إجراءات احترازية من جانبه، قال الدكتور علي لطفي، رئيس وزراء مصر الأسبق والخبير الاقتصادي، إن حالة الانزعاج التي أصابت المواطنين تعود إلى انعدم الوعي والتقدير الخاطئ لما تمر به مصر من خطر بالمرحلة الاقتصادية الراهنة، مشيرًا إلى أن الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات الاحترازية قبل خفض الدعم مثل زيادة الرواتب والمعاشات بنسبة 10%، فضلاً عن توسيع قاعدة المنضمين للضمان الاجتماعي من 1.5 مليون مستفيد إلى 3 ملايين مستفيد وتوفير السلع بأسعار مناسبة في المجمعات الاستهلاكية للتصدي لارتفاع الأسعار. أكد رئيس وزراء مصر الأسبق – في تصريحاته ل"المشهد" – أنه كان هناك دورًا فعالاً للقوات المسلحة في مواجهة الأزمة حيث دفعت بمركبات لنقل المواطنين بأسعار مخفضة وتوفير مراكز توزيع للسلع الأساسية بأسعار مخفضة لخدمة المواطنين. رفع الدعم أضاف الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية والإدارية، أن القرارات التي اتخذتها الدولة تهدف لإجراء إصلاحات هيكلية، وإعادة صياغة الموازنة العامة، وهو إصلاح لابد منه، مطالبًا الحكومة أن تنتظر معرفة مردود قرارت رفع الدعم الأخيرة خلال الفترة الراهنة وألا تتخذ أية قرارات جديدة على مدى العامين المقبلين تمس الدعم تجنبًا للمردود السلبي والسخط الشعبي. أكد عبدالحميد - في تصريحاته ل"المشهد" - أن الحكومة تواصل جهودها للقضاء على عملية ارتفاع الأسعار ومحاسبة المخالفين وتغليظ العقوبات مع استمرار توفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة فضلاً عن السعي وراء زيادة الإنتاج. تفادي الأخطاء تابع: إن هناك نوعين من الدعم أحدهما الدعم المباشر والآخر الدعم غير المباشر، والحكومة تعمل على تقليل نسبة الدعم غير المباشر دون المساس بالدعم المباشر الخاص برغيف الخبز والسلع التموينية، والتي تعد ذات حساسية عالية عند المساس بها ولكننا نحاول تقليل نسبة الدعم غير المباشر الذي تضخم بشكل كبير خلال الفترة الماضية. وأرجع عبدالمطلب سبب ذلك إلى أن قيمة الدعم المباشر تبلغ 34 مليار جنيه، بينما تبلغ قيمة الدعم غير المباشر 140 مليار جنيه، تم تخفيض 50 مليار جنيه منهم خلال قرارات رفع الدعم الأخيرة، لافتًا إلى أنه للمرة الأولى تتفادى الحكومة أزمة الحكومات السابقة بالمساس بدعم السلع الأساسية وتتجه إلى تقليل الدعم غير المباشر وهو ما عزاه إلى أن عائدها ضئيل مقارنة بالدعم غير المباشر الذي لو استمرت الحكومة في تقليله خلال ال5 سنوات القادمة ستكون حققت نجاحًا ساحقًا، قائلاً: "لقد قلناها مرارًا وتكرارًا إياك ورغيف الخبز". وتابع: لأول مرة تضع الحكومة أيديها على الأسس الصحيحة لعمل تصحيح هيكلي صحيح وهو الأمر الذي يعود بالإيجاب علينا خاصة أنه بدون مساعدات من صندوق النقد الدولي أو بمعونات خارجية، فنحن الآن على طريق تصحيح الملف الاقتصادي. قال إن الملف الاقتصادي بهذا الشكل سيكون في أفضل وضع ممكن، على عكس ما كان في عام الرئيس الأسبق محمد مرسي والذي فشلت المفاوضات في عهده على الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي والذي لو تم لكانت أضراره أكبر من أضرار رفع الأسعار الحالية، لافتًا إلى أننا أصبحنا اليوم تحت مظلة رجل يسعى إلى إصلاح الاقتصاد بشكل حقيقي. آثار اجتماعية أضاف: أننا اليوم نقوم بعملية معالجة على الرغم من وجود آثار اجتماعية سلبية ولكن يجب أن نتحمل ذلك في مقابل الأهداف الكبيرة التي سنحققها في المستقبل القريب، موضحًا أننا الآن في مرحلة تحسين الأداء بشكل مستمر، وأن محدودي الدخل ومتوسطي الدخل سيكون لهم عائد كبير حال ضبط عملية التصحيح، ولكن التركيز في الوقت الراهن على عدم وجود طبقة تستحوذ. وأوضح أن الدعم غير المباشر لم يكن موجود في الموازنة من الأساس ولكن مع امتداد منظومة الدعم أصبح موجودًا، وكان لابد من تصحيح الأسعار بشكل تدريجي ولكنه تضخم بصورة كبيرة لذا علينا الآن التخلص من الدعم غير المباشر خاصة وأنه يشكل خطرًا على تعافي الاقتصاد فضلاً عن أنه يعطي مؤشرات غير صحيحة، هذا بالإضافة إلى أن هناك نسبة كبيرة من الدعم كانت تخصص للأغنياء. الكفاءة والعدالة أكد ان تلك القرارات تعمل على إعادة توزيع الدعم لصالح الطبقات الأقل، وهو ما نسميه بلغة الخبراء "التمييز السعري"، حيث يجرى تحقيق الكفاءة في تخصيص الموارد وفي نفس الوقت تحقيق العدالة في التوزيع. أضاف أن الحكومة تسير نحو اتجاه تحقيق هذا الإصلاح، حيث أقرت قانون الحد الأقصى للأجور، كما اتسعت دائرة قانون الحد الأدنى بمبلغ 12 مليار جنيه لتشمل الحكومة بمفهومها الواسع حيث أصبح كل ماهو عام يطبق عليه الحد الأدنى، وهو ما تفادت به الحكومة أزمة شركات قطاع الأعمال العامة والتي خرجت بمظاهرات الفترة الماضية عند بدء القرار. سن قوانين واستكمل حديثه قائلاً: إن كل ذلك يعد معالجات تحت مسمى كل سياسة لها أضرارها، مضيفًا أن رئيس الجمهورية يملك السلطة التشريعية والتنفيذية بحكم طبيعة المرحلة الراهنة وبالتالي في يده أن يصدر القوانين التي تؤدي إلى أحداث هذه الرقابة وإنهاء الاحتكار وتحديد هوامش الأرباح، وهو ما يعد تصحيح قوي وإعداد للاقتصاد لدخول مرحلة تعافي بها كل الأبعاد سواء أبعاد الكفاء أو أبعاد العدالة. وطالب الخبير الاقتصادى بضرورة توفير السلع الاساسية للمواطنين والاهتمام بالمشروعات الصغيرة ورفع الأجور ووضع تشريعات جديدة للضرائب ورفع الدعم عن الأغنياء وزيادة حجم الضرائب الخاصة بهم، فضلاً عن العمل على وصول الدعم إلى مستحقيه، مؤكدًا على أهمية أن تعتمد السياسة على مفهوم تعبئة الموارد وليس فقط رفع الدعم وذلك للعمل على تثبيت الأسعار. الخطوط الحمراء قال الدكتور أحمد عبد الحافط معين، أستاذ الاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السياسى والإحصاء، إن الاقتصاد المصري تعدى الخطوط الحمراء وفي منطقة الخطر بالفعل موضحاً أنه لم يعد لدى متخذ القرار بديل وأن الاجراءات الاقتصادية الأخيرة من فرض الضرائب وخفض نسبة الدعم هى سبيل يكاد يكون الوحيد للخروج من الأزمة لافتاً إلى تضخم عجز الموازنة بشكل كبير خلال الثلاث الأعوام الأخيرة. وأوضح الخبير الاقتصادي – في تصريحاته ل"المشهد" -أن عجز الموازنة كان قد بلغ خلال العام المالي 2010/2011 نحو 115 مليار جنيه وأنه تضخم بصورة كبيرة متأثراً بتردي الحالة الاقتصادية المصرية خلال مرحلة عدم الاستقرار السياسي ليصل ليبلغ خلال العام المالي 2013/2014 نحو 240 مليار جنيه. توقف الإنتاج وأرجع معين أسباب زيادة عجز الموازنة إلي توقف الإنتاج إثر الاعتصامات والإضرابات وانتشار المطالب الفئوية، مشيرًا إلى أن قيمة بند الأجور خلال العام المالي 2010/2011 كان 83 مليار جنيه وقيمته الحالية تقدر بنحو 208 مليارات جنيه، الأمر الذي يشكل عبئًا على ميزانية الدولة في ظل ضعف الإنتاج وحالة البطالة المقنعة التي يعاني منها القطاع الحكومي والعام في مصر بما يحويه من بطالة مقنعة لأعداد هائلة من الموظفين الذين لا يقومون بعمل. أضاف أن قيمة الدعم الذي تتحمله الدولة يقدر بنحو 240 مليار جنيه يتمثل في دعم السلع الأساسية والسولار والبنزين والبوتاجاز، مشيرًا إلى أن تكلفة اسطوانة البوتاجاز على الحكومة تقدر بنحو 80 جنيه في حين أنها توفرها للمواطن بالمستودعات بنحو 8 جنيهات. كما اعتبر أن المستفيد الحقيقي من الدعم في مصر هم الأغنياء وليس الفقراء، حيث أنه لم تكن هناك آليات تحمي وصول الدعم لمستحقيه، مضيفًا أن قرار خفض الدعم هو خطوة أولى على الطريق الصحيح لوصول الدعم إلى مستحقيه من خلال عدة آليات جديدة ستطلقها الحكومة خلال المرحلة المقبلة. الاقتصاد غير الرسمي وطالب بضرورة ضم ما يسمي بالاقتصاد غير الرسمي في مصر والذي يمثل نحو 50% إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي، عن طريق توفير أسواق للباعة الجائلين تحت إشراف الحكومة وتقنين أوضاع العديد من التجار والتجارات الرائجة وغير الرسمية، مما يمثل زيادة كبيرة في الناتج القومي الرسمي وزيادة لموارد الدولة. كما طالب بضرورة تيسير تسجيل العقارات الغير مسجلة في الشهر العقاري مشيرًا إلى أن إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تشير إلى أن 90% من العقار في مصر غير مسجل، ومن ثم فإنه في حال تيسير إجراءات تسجيل هذا الكم الهائل من العقار في مصر سيوفر دخل كبير ومساهمة قوية في الناتج القومي، على حسب قوله. وأشار إلى أن حجم إيرادات قناة السويس سنويًا يتراوح ما بين 5 إلى 6 مليارات دولار، وأن حجم الدين العام في مصر يبلغ نحو 2 تريليون أي ما يعادل ألفي مليار جنيه تضاف عليه فوائد سنوية تقدر بنحو 220 مليار جنيه. اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل