التعاون المصري الروسي "انحسار" للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط قنديل: روسيا تتخوف من صعود "الشراذم" إلى سدة حكم سوريا خبيرة روسية: زيارة "بوتين" لمصر مهمة ولكن محفوفه بالمخاطر أكد الخبراء العسكريين والاستراتيجيين على ضرورة الاستفادة من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإعادة التوازن في سياسات مصر الخارجية، والخروج من تحت عباءة الولاياتالمتحدة، كما يجب التوجه إلى آسيا والإستفادة من فتح مجالات لللتعاون الثنائي في مختلف المجالات سواء سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. قال اللواء محمد يسري قنديل الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الدول الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، وبتبني استراتيجيتها حسب المتغيرات التي تطرأ على الساحة، والتي تخدم على مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية، والمتتغيرات في الشرق الأسط تتمثل في ثورات الربيع العربي التي قفذت عليها "الشراذم"، ومصر كدولة محورية فهي محل اهتمام العالم كله، حتى أمريكا التي انحازت إلى الاخوان غيرت موقفها لأن لها مصالح في توازن علاقتها بمصر، مشيرًا إلى أن "عبد الناصر" هو من فتح لروسيا التواجد في المياه الدافئة. وأضاف قنديل أن زيارة الرئيس الروسى بوتين تعد ثورة فى الحسابات الاستراتيجية فى المنطقة وذلك لمجموعة من الأسباب على رأسها السماح للدب الروسى بإعادة علاقته بمصر بكل ما تتمتع به من ثقل استراتيجى فى المنطقة وذلك على خلفية توتر العلاقات المصرية الأمريكية بسبب دعمها للإخوان، كما تفتح افقا لزيادة التعاون العسكري المصرى الروسى بما يخل من نظم التسليح ليس فى مصر وحدها وإنما فى المنطقة وذلك لمكانة مصر وقوة تأثير توجهات السياسة الخارجية المصرية بما تتضمنه من بعد عسكرى على المنطقة بأسرها، كما تزيد هذه الزيارة من حجم الفجوة الكبيرة التى تتسع يوميا بين مصر وعدد من الدول العربية من ناحية وبين امريكا من ناحية أخرى وتساعد على تقليص حجم النفوذ الأميريكى فى المنطقة. وأكد، أن القوات المسلحة تنظر للأمن القومى المصرى باعتباره أمرًا مصيريا يعلو فوق جميع المصالح والالتزامات الدولية، ومن هذا المنطلق فإنها تضع بدائل كثيرة ومتعددة لتلبية احتياجاتها العسكرية والتسليحية ومواجهة موقف الإدارة الأمريكية المتعنت، ومن بين هذه البدائل روسيا، لكنها ليست الدولة الوحيدة المنتجة للسلاح الذى يضارع السلاح الأمريكى، وإنما ستكون هناك اتفاقيات مع دول أخرى فى الفترة المقبلة. وأضاف الخبير العسكري، أن الدراسات أثبتت أن الفكر السوفيتي الاشتراكي كان من ضمن اسباب نجاحنا في حربي الإستنزاف واكتوبر كما أن الاتحاد السوفيتي وقف بجانب مصر كثيرًا، مؤكدأ أن روسيا تعلم أن دول الخليج تسعدنا ومستعدة لدفع تكاليف التسليح، ولذلك بتسعى للاستفادة من هذه الفرصة لفتح سوق لها وتوزيع جزء كبير من أسلحتها، في مصر ودول أفريقيا، كما إنها بتدعم الرئيس السوري حافظ الأسد خوفًا من صعود "الشراذم" إلى سدة الحكم في سوريا. وعن سوء العلاقات مع روسيا وتنديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحكم الأخوان، قال المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، إن مصر بعد ثورة 25 يناير كان يهمها عدم المد الأسلامي، لأن الأسلاميين متهمين بالتطرف والأرهاب، وروسيا عانت من الأرهاب كثيرًا، ولذلك كانت العلاقات معا متوترة خلال الفترة التي حكم "مرسي" الذي كان يتبنى السياسية الأمريكية ويسعى إلى تنفيذها في الشرق الأوسط، ولذلك كانت روسيا تتخذ مواقف واضحة ضدهم. وأوضح الخبير الاستراتيجي، أن التعاون العسكري مع روسيا سيفتح مجال للجيش المصري لتنويع مصادر التسليح سواء من روسيا أو من الصين أومن كوريا، وجميعها مصادر مهمة جدًا وتجعلنا نتفوق على اسرائيل في السلاح دون أن يملي علينا أحد شروطه، قائلًا نحن جربنا السلاح الروسي في الحروب السابقة وانتصرنا به في حرب 1973، كما أن اسلحتهم تتناسب مع الاستخدامات المصرية أكثر من الاسلحة الأمريكية وفي ذات السياق قال اللواء الدكتور سامح أبو هشيمة الخبير العسكري والاستراتيجي، عن زيار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه يوجد "توجسات" من أن يعيد التاريخ نفسه، خاصة، أن الدول الكبرى لاتسمح للدول الأخرى اللعب على "الحبلين"، لأنه يعنيها دائمًا الاستقطاب الكامل كما فعلت روسيا خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مؤكدًا أن مصر لن تنجح مطلقًا في اللعب على الحبلين، لأننا ليس أذكى من أمريكا أو من روسيا، كما أن الاستقطاب الكامل فيه خطورة علينا، خاصة وأن روسيا في السابق لم توفر ل "عبد الناصر" كل مايطلبه ، وأيضًا امريكا، كانت تتلاعب بنا كثيرًا، ولذلك علينا التحرر، وأخذ اتجاه محايد. وأضاف، أنه يوجد صراع بين القطبين "الغربي" المتمثل في امريكا ودول أوروبا، والشرقي المتمثل في روسيا والدول السوفيتية، فمطلوب من مصر الحياد وعدم الإنحياز إلى أي طرف ، ويجب عليها التحرر من الطرفين والتعامل معهم بأستقلالية. وأكد أبو هشيمة أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كانت خطوة استباقية من أمريكا لأمرين الأمر الأول محاكمة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي والأمر الثاني، والأهم هو أنه يوصل رسالة لنا أن امريكا سوف تراضينا، وأنه لايصلح أو من غير الصحيح أن نخرج من تحت عباءتها، ولذلك يجب أن تكون علاقتنا بروسيا، أو بامريكا تبعد عن الانحياز. ولفت المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لن يأتي إلى مصر إلا إذا كانت هناك اتفاقيات إيجابية بين البلدين، وتصب في صالح "روسيا" لأنه بدا يتخوف من وضع سوريا بعد رحيل الرئيس بشار الاسد، لأنه لايعلم من الرئيس القادم لسوريا، وهل سيستمر في التعاون معه كما كان يفعل بشار أم سوف يرتمي في حضن أمريكا، وهذا سوف يؤثر على تواجده في المنطقة، ولذلك هو يتجه إلى مصر كبديل، وكبوابة لأفريقيا. واضاف أبو هشيمة أن روسيا تريد أن تضع موطن قدم في منطقة المياه الدافئة خاصة البحار المؤدية إلى المحيطات، كما تريد أن تدخل لأسواق افريقيا عن طريق مصر خاصة وأن "بوتين"، فتح المجال للمستثمرين داخل البلاد وخارجها، لافتًا أن التعاون الاقصادي مع روسيا سيكون مجدي لمصر خاصة وأنهم يريدون الاستثمار في الصناعات الثقيلة، مثل مشروعات "الطاقة، والحديد والصلب. وتابع الخبير العسكري والاستراتيجي، أن ما نشر على موقع "ديبكا" الاسرائيلي عن أن روسيا تريد بناء قاعدة بحرية عسكرية في مصر، هو ضربة استباقية من العدو الصهيوني، كنوع من الضغط على مصر عن طريق وسائل الاعلام، حتى تثير نوع من البلبلة، فبالتالي لاتتمادى مصر في علاقتها مع روسيا، ولا توافق على إنشاء او بناء هذه القاعدة، مؤكدًا أن مصر لن تمنح أي دولة قاعدة لها على ارضيها، ولكن مدى التعاون بيكون في التسهيلات المقدمة من مصر تجاه السفن الحربية للدول الأخرى، وهي قبول إنزال طاقمها للراحة والتزود بالمؤن والوقود، وإلى أخره. وعن خسائر أمريكا واسرائيل، من إعادة العلاقات المصرية الروسية، قال أبو هشيمة أن الخاسر الوحيد هي أمريكا، لأنه سينحصر نفوذها في المنطقة، إنما إسرائيل في كلا الحالات "كسبانة"، وأنها تلعب على جميع الإتجاهات وكانت روسيا من أول الدول المؤيدة لقيام دولة أسرائيل في بداية نشأتها، وبالنسبة لمكاسب مصر، فهو "التحرر" في قراراها من أي قيود رغم معارضة الطرف الأخر. وأشار إلى إن العلاقات الروسية المصرية كانت منقطعة في عهد "الاخوان"، لأن الرئيس الروسي يعلم جيدًا أن مرسي بعيد تمامًا عن التوجهات الشرقية، ومعروف أنه يتبنى السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ويسعى إلى تنفيذها، بالإضافة أنه كان ضد التوجهات الروسية في سوريا. وأستطرد المحاضر بأكديمية ناصر العسكرية، أن التحول من عقيدة إلى عقيدة ليس سهل خاصة في اسلوب التسليح، والجيش المصرية له عيقدة عسكرية لأنه تبنت اكثر من عقيدة خلال العقود الماضية سواء العقيدة "الشرقية أو الغربية". وأضاف أبوهشيمة أن العلاقات مع روسيا وخاصة العسكرية لن تنقطع رغم تبني التوجهات الأمريكية، لأنه يوجد بعض الأسلحة التي نعتمد فيها على الشرق وخاصة السلاح الجوي، مبيًنا أنه يتم استيراد الأسلحة الجوية من روسيا، لأنها تتلائم مع طبيعة الاستخدام المصري، فضلًا عن أن التكنولوجيا الروسية أقل سعرًا من الأمريكية، وسهلة الاستخدام كما أن اغلب القادة الكبار في القوات المسلحة، متدربين في الاتحاد السوفيتي، ولذلك مازالت عقيدة الشرق موجودة بداخلنا. وبالنسبة للجانب الاقتصادي قال السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، ان تحسن العلاقات المصرية الروسية خطوة إيجابية لإحداث التوازن في علاقتها الدولية وعلىينا أن تستفيد من التعاون الجديد في مجالات الاقتصاد المختلفة سواء في السياحة أو الصناعة، وخاصة الصناعات الثقيلة كما كان في السابق، حيث كان 68% من تجارة مصر مرتبطة بالسوق السوفيتي، ولكن في الفترة الأخيرة تراجعت. وأضاف، أن حجم التبادل التجاري بين مصر ورسيا وصل إلى 3.6 مليار دولار خلال العام المالي 2011- 2012، وعلينا الاستفادة من السوق الروسي، كما كان في السابق. وأضاف بيومي أن الاتحاد السويتي، خلال فترة حكم عبد الناصر ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية، وبينها السد العالي في أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي ومد الخطوط الكهربائية أسوان – الإسكندرية، وتم في مصر إنجاز 97 مشروعا صناعيا بمساهمة الاتحاد السوفيتي، وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينات بأسلحة سوفيتية، ولكن العلاقات توترت في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وأضاف بيومي، أن العلاقات تحسنت بشكل نسبي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتتطور العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني، وجاءت الزيارة الرسمية الأولي للرئيس مبارك إلى روسيا الاتحادية في سبتمبر 1997، وقع خلالها البيان المصري الروسي المشترك وسبع اتفاقيات تعاون، وقام حسني مبارك بزيارتين إلى روسيا عام 2001 و2006 وأعدت خلالهما البرامج طويلة الأمد للتعاون في كافة المجالات والبيان حول مبادئ علاقات الصداقة والتعاون. كما أن الروس يسعون للأستثمار في مصر خاصة في إقامة منطق صناعية روسية ، لأنشاء معمل لصنع قطع الغيار للسيارات والطائرات ومشاريع الطاقة الروسية، حيث شهد التعاون بين البلدين في مجال الطاقة على التقدم الملحوظ للتعاون الروسي المصري الأمر الذي يبدو واضحاً في ميادين استخراج وإنتاج النفط والغاز الطبيعي، وتتابع شركة "لوكويل" النفطية الروسية بنجاح نشاطها في مصر، وقد وقعت شركة "نوفاتيك" في عام 2007 اتفاقية حول إنشاء مؤسسات مشتركة مع شركة" ثروة" لاستخراج وإنتاج الغاز في حقول بلدة العريش. كما تعمل شركة النفط والغاز الروسية العملاقة "گازپروم" بنشاط في مصر. فيما ذكرت ميلا اليكبروفا، الخبيرة الروسية فى العلاقات الدولية والعضو فى مجلس الاتحاد الروسى، في تصريحات سابقة لها، أن زيارة بوتين إلى مصر مهمة جدا ولكنها محفوفة بالكثير من المخاطر، لافتة أن مصر منطقة إستراتيجية وتمثل مصالح القوى الكبرى فى الشرق الأوسط، ولكن مع الوضع غير المستقر تحاول الدول الرائدة إعطاء الشعب المصرى فرصة ليقرر مصيره بنفسه. وقالت إن الزيارة المرتقبة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين مطلع الشهر المقبل إلى مصر، من أجل استعادة العلاقات العسكرية المصرية – الروسية المتوقفة منذ حرب 1973، هى إحدى الثمار الإيجابية الكثيرة التى بدأ يجنيها الشعب والحكومة من ثورة 30 يونيو، معتبرا أن "أى اتفاقات تتم فى إطار هذه الزيارة ستكون "صفعة" على وجه الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة بعد الموقف المتعنت لواشنطن تجاه القوات المسلحة والشعب المصرى معاً، من خلال تأييد ممارسات الإخوان الفوضوية.