اختلف الخبراء المصرفيون والاقتصاديون حول مدى صحة اعتماد الحكومة بشكل مستمر فى سد عجز الموازنة العامة على سندات وأذون الخزانة، والاتجاه المتزايد لذلك هذه الفترة من قبل وزارة المالية، حيث رأى بعض الخبراء أن اعتماد "المالية" بشكل شبة كامل على أذون الخزانة لتغطية احتياجاتها سيؤدى إلى تضخيم حجم الديون والأعباء المحلية على الحكومة خاصة مع ارتفاع سعر فائدة سندات وأذون الخزانة الحكومية ليصل إلى 15%، الأمر الذى يؤدى إلى تراكم الأعباء المستقبلية وإثقالها على الأجيال المقبلة، فى حين رأى البعض أن هذا الاتجاه يعد الاتجاه الوحيد المناسب لسد عجز الحكومة بالسبل والطرق المحلية، فضلاً عن التأثير الإيجابى لهذا الاتجاه فى سحب السيولة المتزايدة من السوق ومن ثم التصدى لزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار. في البداية يقول محسن الخضيرى - خبير مالى -: "إن القطاع المصرفى المصرى به قدر كبير من السيولة يمكنه من إقراض وزارة المالية هذا الكم المطلوب من الأموال وأكثر منه أيضًا، مشيرًا إلى أن احتياجات الدولة أكثر بكثير من حجم مواردها ولذلك فإنها تلجأ إلى الاستدانة من الخارج والداخل وترشيد نفاقتها حتى تستطيع تحقيق متطلباتها كافة، مشيرًا إلى أن اتجاه وزارة المالية إلى طرح أذون الخزانة والسندات الحكومية بشكل مستمر يرجع إلى رغبتها فى امتصاص حجم السيولة الموجودة داخل السوق المصرى وذلك بهدف رغبتها فى تخفيف أعباء التضخم الاحتكارى والتصدى له من خلال تقليل القدرة على الشراء لدى المستهلك". وأضاف الخضيرى أنه يجب على الحكومة فرض أسعار جبرية لامتصاص السيولة الموجودة وعدم وجود سياسات احتكارية فى تحديد الأسعار ومن ثم ارتفاعها. فى المقابل أكد حمدي عبد العظيم - الخبير الاقتصادي - أنه على الرغم من أن البنوك تفضل استثمار السيولة المتاحة لديها في أذون الخزانة والسندات الحكومية وذلك لأنها تعطيها سعر فائدة مرتفع يصل إلى 15% بالإضافة إلى أنها ذات مخاطرة أقل لأنها مضمونة من قبل الحكومة ممثلة فى وزارة المالية، إلا أن هذا الاتجاه سيؤدى إلى زيادة الأعباء الحكومية حيث إن الديون ذاتها ستكون سببًا فى تراكم الديون مرة أخرى على الدولة، الأمر الذى يعد حل مؤقت للمشكلة ولا يضيف فائدة للاقتصاد المحلى. وأضاف عبد العظيم أنه يجب على البنوك استثمار هذه السيولة فى تمويل القطاعات الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية التنموية التى تساعد على زيادة الإنتاج المحلى داخل الدولة وهو ما سيكون له أثر إيجابى ذو صدى أعلى على الاقتصاد المصرى. واتفق معه محمد فاروق - الخبير المصرفى - في أن عدم وجود منظومة اقتصادية شاملة للسياسات المالية والنقدية والإنتاجية وعدم وضوح الرؤية المستقلبية تجعل حجم الاستدانة التراكمى يزداد بشكل كبير حيث إن وزارة المالية تلجأ إلى الاستدانة من القطاع المصرفى بشكل مستمر وذلك ليس فقط لسد عجز الموازنة بل أيضًا لسداد قيمة الأذون والسندات الحكومية التى طرحتها سلفًا، وهو ما يجعل من هذا الاتجاه مشكلة تراكمية. وأشار إلى أن احتياج الحكومة الملح للحصول على أموال لسد عجزها يجعلها تلجأ إلى الاستدانة من البنوك باعتبارها الوسيلة الوحيدة المتاحة والسريعة محليًا، لافتًا إلى أن الحكومة تحتاج خلال الفترة من يناير إلى مارس 2012 ما يتراوح بين 170 إلى 182 مليار جنيه لتغطية احتياجاتها. وأضاف: إن المفاوضات التى تجرى حاليًا بهدف الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى تتعرقل بالعديد من الشروط التي تصب فى نهاية المطاف ضد مصلحة المواطن المصرى لأنها لا ترمى إلى خطط إنتاجية ذات عوائد اقتصادية بل إنها تعمل على تلبية احتياجات ضرورية وقتية منها المأكل والمشرب والأجور، كما أنه نتيجة القروض المتتالية والكبيرة التى تقترضها الحكومة اضطر البنك المركزى إلى زيادة سعر الفائدة على الودائع وذلك فى محاولة لجذب مدخرات صغار العملاء وذلك لتدبير السيولة اللازمة لتعويض سحب مقترضات الحكومة، مؤكدًا أن هذا يعد كارثة اقتصادية حقيقية تؤجل إلى الأجيال المقبلة حيث إنه يؤدى تراكم تأثيراتها السلبية إلى حكومات متلاحقة، لافتًا إلى أننا فى أمس الحاجة إلى إقامة استثمارات إنتاجية حقيقية تدر عوائد مالية واقتصادية. وأكد فاروق أنه كان يجب أن يوجد تضافر جهود بين كل من الحكومة والقطاع المصرفى خاصة البنوك الوطنية أو الحكومية وكذلك الشركات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام بهدف استكمال وإنشاء مشروعات استثمارية منتجة تجعل المناخ داخل الدولة جاذب للاستثمار ويعمل على عودة الاستقرار مرة أخرى.