مواصلة الارتفاع.. تعرف على أسعار الذهب اليوم السبت 11 مايو    إيجابية نتيجة تحليل المخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا وقرار جديد ضده    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    تفاصيل إعلان أمير الكويت حل مجلس الأمة وتوقيف العمل ببعض بنود الدستور.. فيديو    تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الغرفة التجارية: توقعات بانخفاض أسعار الدواجن والبيض الفترة المقبلة    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    زى النهارده.. الأهلى يحقق رقم تاريخى خارج ملعبه أمام هازيلاند بطل سوازيلاند    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    اليوم.. الاجتماع الفنى لمباراة الزمالك ونهضة بركان فى ذهاب نهائى الكونفدرالية    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    ل أصحاب برج الثور والعذراء والجدي.. من هم أفضل الأصدقاء لمواليد الأبراج الترابية في 2024    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي ونموذجه الجديد
نشر في المشهد يوم 06 - 11 - 2011

لطالما كان الإسلام السياسي قريباً من المعسكر الغربي بقيادته الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي "الشيوعي الملحد" خلال الحرب الباردة، لكن القطيعة بين الاثنين بدأت في فبراير من العام 1992 عندما صدر عن حلف الأطلسي إعلان ينظر فيه إلى "الأصولية الإسلامية" بوصفها تهديداً قد يحل محل التهديد الشيوعي المنصرم، كانت الولايات المتحدة المنهمكة في إعادة ترتيب النظام الدولي بحاجة إلى "تهديد" ذي طابع كوني حضاري يحل محل التهديد الشيوعي الذي عمل مثل شماعة أو ذريعة لكل السياسات الدفاعية والخارجية الغربية، فكيف يمكن تبرير تقوية وتدعيم حلف الأطلسي بدل حله كما فعل حلف وارسو؟ وكيف يمكن تبرير إنفاق تسلحي هائل بعد نهاية الحرب الباردة؟ وكيف يمكن تبرير سياسات هجومة دولية في غياب تهديدات حقيقية؟ وبالطبع جاءت هجمات 11 سبتمبر لتصب في اتجاه السياسة الدولية المرسومة للولايات المتحدة وحلف الأطلسي.
بعدها سالت دماء كثيرة في أفغانستان والعراق وغير مكان في عالم عجزت واشنطن عن التحكم بمساره، فاضطرت إلى انكفاء نسبي قد يكون مؤقتاً أو دائماً بحسب التطورت المستقبلية، ولم تعد ثمّة من حاجة إلى الاستمرار في استثمار التطرف الإسلامي المتمثّل بتنظيم القاعدة، فأعطت واشنطن الأمر بتصفية قائده جسدياً، ويبدو أنها اقتنعت بفكرة ريتشارد هاس التي يقاسمه إياها مفكرون أوروبيون كثر، والقائلة إنه ينبغي السماح للأحزاب الإسلامية بالوصول إلى السلطة حتى يتبين فشلها، فتفقد مصداقيتها وشعبيتها، ذلك أنها ستكون أعجز من غيرها عن حل المشكلات البنيوية الاقتصادية والاجتماعية التي تَعِدُ بحلها في حال ارتقت إلى السلطة، كان الفرنسي أوليفييه روا قد قال هذا الكلام في كتاب موسوم ب"فشل الإسلام السياسي" صدر في العام 1993 تعليقاً على إجهاض العملية الانتخابية الجزائرية بعد اتضاح نجاح الإسلاميين فيها، وقد حصل الأمر نفسه بعد نجاح حركة (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، رغم أن هذه الانتخابات جرت تحت إشراف غربي (برئاسة جيمي كارتر) شهد على حريتها ونزاهتها.
هذا الموقف من الانتخابات الجزائرية ثم الفلسطينية، سدد ضربة قاصمة للادعاءات الغربية عن قيم الحرية والديمقراطية والاقتراع.
لكن يبدو أن الولايات المتحدة والغرب عموماً قد اتخذوا القرار بالسير في ركاب الثورات العربية أملاً في استغلال نتائجها، ولو أنها قد ترفع الإسلام السياسي إلى الحكم، فهذا الأخير لن يكون متطرفاً إذا وصل إلى السلطة عن طريق الاقتراع العام وبتأثير من النموذج التركي الناجح المتمثل بحزب العدالة والتنمية، لقد توصلوا إلى القناعة أن الديكتاتوريات المتشددة هي التي تقوي عضد الأصولية المتشددة كرد فعل على القمع والإرهاب السلطوي، وكان مشروع دمقرطة الشرق الأوسط الكبير قد فشل، لأن فريقاً أمريكياً متشدداً هو الآخر حمله إلى المنطقة بالطائرات المقاتلة والبوارج الحربية، كان لابد للديمقراطية من أن تنبثق من الشعوب المعنية لا أن يتم إسقاطها من الجو أو فرضها بالقوة أو استيرادها معلبة.
انتخابات المجلس التأسيسي في تونس تأتي في هذا السياق، سياق الديمقراطية التي تنبع من المجتمعات ولا تفرض من الخارج، وإذا كانت النتائج المنبثقة عنها قد أعادت إحياء المخاوف من حلول الإسلاميين في السلطة محل الديكتاتوريات المنحلة، فإن المراقبة الموضوعية تفرض وضع الأمور في نصابها الحقيقي بدل الانسياق وراء كتاب غربيين مسكونين بالخوف من الإسلام لأسباب غير موضوعية.
صحيح أن هذا الخوف أججه إعلان رئيس المجلس الانتقالي الليبي عن تطبيق الشريعة الإسلامية وعودة التعددية الزوجية وما شابه، واحتمال فوز الإخوان المسلمين في مصر في الانتخابات التشريعية المقبلة، وعودة الإخوان المسلمين السوريين إلى الساحة بعد غياب قسري، إلا أن ليبيا انتخبت رئيساً لحكومتها الانتقالية لا علاقة له البتة بالإسلام السياسي، وفي مصر فإن خطاب الإخوان لا ينفك يتقدم في طريق الاعتدال والانفتاح، وفي سوريا يلتزم الإخوان النموذج التركي ويسكنون العواصم الأوروبية، أما حزب النهضة التونسي الذي فاز في انتخابات المجلس التأسيسي فإن خطاب زعيمه راشد الغنوشي بعد الفوز لم يبتعد خطوة واحدة عن قناعاته المعلنة منذ تأسيسه في ثمانينات القرن المنصرم عن الحريات العامة في الإسلام كما يراه الحزب، والذي يتقدم ربما على مفاهيم الحريات العامة في الفكر الليبرالي الغربي نفسه، أكثر من ذلك فإن نموذج الحكم الذي يبدو أنه يتبلور أمامنا في تونس من خلال ائتلاف ثلاثي وهو نموذج عروبي إسلامي علماني حداثوي يمثل تعريباً أو تَوْنَسَةً للنموذج التركي الذي سبق أن امتدحه راشد الغنوشي خلال حملته الانتخابية، وقد حرص الغنوشي على إعطاء أكثر الإشارات طمأنة للسوق حين ذهب إلى مركز البورصة بعيد إعلان نتيجة الانتخابات التي فازت فيها أكثر من أربعين سيدة على لوائح حزب النهضة ومنهن المحجبات والسافرات لا فرق، وحين أعلن الرغبة بالعمل مع المتدينين وغير المتدينين، وحين هنأ وتلقى تهنئة خصومه في هذه الانتخابات.
في الغرب نفسه لم تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات يوماً الثمانين في المئة، كما حدث في تونس ولم يقف الناس ساعات طوالاً تحت الشمس الحارقة في انتظار وصولهم إلى صندوق الاقتراع، ولم تبلغ الانتخابات هذا القدر من النزاهة والحرية تحت إشراف محلي خالص، ولا ننسى أنها المرة الأولى في تاريخ تونس والعالم العربي كله، لقد شكلت تونس نقطة انطلاق الثورات العربية أو حجر الدومينو الأول الذي دفع الأحجار الباقية إلى التساقط واحداً بعد الآخر، وها هي تشكل التجربة الديمقراطية الأولى التي تقول للعالم أجمع إن العرب قادرون على ممارسة الديمقراطية بكل تفاصيلها، وإن الإسلام السياسي ليس بعبعاً أو فزاعة، وهو يفوز في انتخابات ويفشل في غيرها كحال الأحزاب العلمانية والقومية واليسارية واليمينية منها، وفوزه هذه المرة لا يعني بالضرورة أن الديكتاتوريات البائدة تركت مكانها لأحزاب ذات طابع محدد، بل لديمقراطيات حرة، فيها المجال يتسع لكل العقائد والأيديولوجيات والبرامج.
-------------------------------------
عن صحيفة "الخليج" الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.