أنهت أجهزة محافظة البحر الأحمر استعداداتها لاستقبال مليون مصري بدأوا في التوافد مبكرا على وادي حميثرة على بعد 150 كم من مدينة مرسى علم للاحتفال بمولد القطب الصوفي "سيدي أبى الحسن الشاذلي". أمر المحافظ اللواء محمود عاصم بتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الاحتفالات وتوفير جميع الخدمات اللازمة للزوار من مياه ورعاية طبية وخدمات مختلفة. كما أعلن اللواء مصطفى بدير -مدير الأمن - حالة الطوارئ بين مختلف الأجهزة الأمنية لتأمين الاحتفالات ونشر فرق مرورية لتأمين حركة الطرق من وإلى مكان الاحتفالات التي تستمر عشرة أيام متتالية وتنتهي مع تكبيرات صلاة عيد الأضحى المبارك ووسط طقوس شعبية يغلب عليها الطابع الديني والفلكلوري الذي اعتاد عليه المصريون في احتفالهم بموالد أوليائهم وقديسيهم. يذكر أنه ما أن يقترب عيد الأضحى المبارك حتى يجتمع آلاف المواطنين في مصر خاصة من محافظات الصعيد ليشدوا الرحال إلى جبل حميثرة على ساحل البحر الأحمر حيث ضريح الصوفي الورع العابد العالم قطب زمانه سيدي أبو الحسن الشاذلي.. والمشهد يكاد يتكرر في كل القرى: سيارة نقل وعشرات من الأسر تضم الرجال والنساء والأطفال يفترشون سطحها ومعهم هديهم وطعامهم ويعلو كابينة القيادة مكبر صوت يردد التواشيح والأغاني الدينية على هيئة مهرجان ديني كبير وتدق الطبول والمزامير لتهون من مشقة الطريق إلى صحراء "عيزاب" عن طريق إدفو أو القصير أو قنا فكل الطرق تؤدى إلى حميثرة حيث يتجهون بقلوبهم إلى عرفات الله ويقضون العيد فى رحاب ساحة الشيخ العابد. وسيدي أبو الحسن الشاذلي من أشهر من وفد إلى مصر من صوفية المغرب العربي فى القرن السابع وقد وفد إليها مع مجموعة من تلاميذه ومريديه واستوطنوا مدينة الإسكندرية وكان ذلك عام 642ه 1244م ، وكونوا بالإسكندرية مدرسة صوفية مشهورة ومن تلاميذه سيدي أبو العباس المرسى وسيدي ابن عطاء الله السكندري. وقد تعلم سيدي أبو الحسن على يد شيخه عبد السلام بن مشيش (635ه/1228م) في المغرب. ولد أبو الحسن الشاذلي في أواخر القرن السادس الهجري ( 593ه/1196م) في إقليم غماره بالقرب من مدينة سبته بالمغرب. وهو تقي الدين أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف وهو حسنى علوي ينتهى نسبه إلى على بن أبى طالب رضى الله عنهم. تلقى علومه الأولى وحفظ القرآن في غماره بالمغرب ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف الى أن أذن له شيخه وأستاذه عبد السلام بن مشيش فى أن يرشد غيره فاتجه إلى شاذلة، وهى قرية فى تونس ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله وأحرز فيها درجة فى المقامات والأحوال واعتبر من أهم أقطاب الصوفية في مصر. وأهمية مدرسة الشاذلية الصوفية التى تضم أكثر من مائة طريق فى المغرب واليمن والسودان ومصر ترجع إلى طريقته – حسب قول الباحث المصري عبد المنعم عبد العظيم - وعمقها وعدم سطحيتها فهى لا تدعو إلى التواكل والتكاسل والعزلة وإنما تدعو إلى العمل والسعى وإعطاء المثل حيث كان الشاذلى نفسه يعمل بالزراعة وكان يدعو إلى التبحر فى العلم خاصة علوم الشريعة واعتبر الجهل من الكبائر. وكان يحض تلاميذه ومريديه على المحافظة على المظهر العام والمحافظة على الكرامة وكان يرفض فكرة تعذيب النفس. وفى طريقه إلى الحج مع مريديه توفى الشاذلي ودفن في وادى حميثرة بالبحر الأحمر حسبما أوصى تلاميذه.. ومن يومها أصبح ضريحه مزارًا وملجأ للمتصوفة والباحثين عن الهدوء والتأمل ووسيلة يجد فيها المتشوقون للحج ما يعينهم على الصبر حتى يأذن الله لهم بساعة يطوفون فيها حول بيته الحرام ويزورون قبر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.