في قصيدته "الماءُ والجراد، اصمدوا " المكتوبة في فبراير الماضي، يتنبأ الشاعر أحمد سراج بمقتل القذافي قبل مصرعه بنحو 9 أشهر. وحول مسألة التنبؤ الأدبي، يرى سراج أن أهداف العلم هي التفسير والتنبؤ والتحكم، فما بالنا بالنص الأدبي، فالنبوءة -كما يقول- "محاولة لثقب النفق المظلم، لا يوجد فن دون نبوءة، ولكنها في الأساس محاولة وليست تكهنًا". ويضيف سراج ل"المشهد"، أنت لا تقول إنني أرى بعين الغيب، لكنك تدفع من يقاوم إلى استكمال المقاومة، عد مثلا إلى قصيدة "الآن تسقط من قرون" ديسمبر 2003، كانت هناك نبوءة بسقوط كل شيء، هل عدم تحققها يعني فشل النص، وهل تحققها يعني نجاحه: أبكِيكِ وحدِي دُرَّتِي رَغمَ القُيودِ على حُدُودِ القلبِ تَنجُو زفرتي هو ذا فؤادِي مِزقَةٌ فامحِي بِهِ بَعضَ الدموعِ الطّاهِرَة يا طاهِرَة أبكِيكِ وحدِي مُهجتي أبكيكِ أنتِ بلا وداع أبكِيكِ فِردَوسًا مُضاع ويؤكد صاحب ديوان "الحكم للميدان" أن دوره هنا متعدد حسب الأدوار التي يلعبها، ويضيف: "أنا مواطن يجب أن يثور في ميدانه ومسرحي له مشروعه المقاوم بدءًا من نص " زمن الحصار" المطبوع 2003 وحتى "السيف الأعمى" ومرورًا ب"القرار والقلعة والعصفور"، والشاعر له نصوصه التي لا تنفصل، وبعد محاضرتي الأخيرة في (ساقية الصاوي) عن الشعر والثورة أحاول تطوير هذه الدراسة لتكون كتابًا". و"المشهد" تقدم لقرائها قصيدة تنبأ فيها سراج بمصرع القذافي:
الماءُ والجراد.. اصمُدوا (1) قل مَرةً أخرى لأنَّكَ لم تَقُل يا أيها الأخضَر، إما شُعُوب الأرضِ لا تفقه كلامًا مُعجما من عندِ آلهةٍ تَراها في تَجلِّيكَ المداوم هائمًا؛ فترى الزحامَ خَلاء وترى النِّداءَ هُراء وترى الجموعَ سُكارَى إِما لَدِيكَ مَخازِنُ الشعبِ الجديدِ بضغطةٍ سَنَرَى طَلائِعَها تُجَدِّدُ مَجدَكَ الدامِي تُصَفِّقُ حِينَ تَصمت، حِينَ تَنسَى وحيَكَ الكَونِي...! يا مالكَ الأسرارِ قل يا صاحِبَ الأخبارِ قل قل: أين شعبُك؟ أين؟ قل: أينَ وحيُكَ؟ أين؟ (2) أنا من رَعيتُ ومن زَرَعتُ ومن صَنَعتُ أَنا البلادُ أَنا العِبادُ أنا أنا يا أيها الجِرذانُ إني دائمٌ مِثلِي الحقيقةُ والشَّرِيعَة مِثلِي الرُّجُولةُ والأنُوثة فلترحَلُوا من أَرضِ أبنائِي الكِرامِ الطائِعِينَ الطاهِرِين ولتَخرُجُوا من جنتي الكُبرَى التي خلقَتْ يداي (3) يا أيها الثُّوار، لكم البِدايةُ والنِّهايَةُ فاصمُدُوا سَيمُرُّ هذا الأخضَرُ الملعونُ من نَسل الجرادِ فَصَمِّمُوا من صَبرِكُم فُلكًا يُحِيطُ ولا يُحاطُ ومن دمِ الشهداءِ طوفانًا عَصيًّا قاهِرًا وتجمَّعوا من كِلِّ مَلحَمَةٍ فَتاهَا لَكُم البلادُ ومَا سِواكُم لا يُرى فلتَصمُدُوا ولتَصمُدُوا، ولتَصمُدُوا (4) الأخضرُ الملعونُ في كُلِّ الكتب أرأيتَ مثلَك في الجُنُون أرأيتَ مِثلِي في الغَضَب أرأيتَ مثلكَ في الجُحور أَرأيتَ مثلي في الشهب ادفع سلاحَكَ للأجِيرِ ومالنا ولجحركَ المجهولِ فِر ولحصنك المذعور فر إِنّا سَنأتي إِنّا سَنأتي