لو أن الأحبة الذين فارقونا يمرون بنا مثلك يا ست.. يا ستنا العدرا.. لو فقط نلمس منهم الأكف ونسمع الصوت الذى خبا؟ وقوفا نحن على أبوابك نزرع الأرجل فى لياليك انتظارا لحضرة تجليك العظيم.. تجليك المراوغ. فتعالى كيفما أردت: نورا.. ظلا.. نجما.. طيرا.. أو مريم حائرة أنت ومحيرة.. فى حياتك ومماتك.. فى رقودك.. وقيامك. فى حضورك وغيابك.. فى عزوفك ورضاك.. لم يحدث أبدا عبر بلايين السنين أن لاقت امرأة قدرا متساويا من القدسية والهوان مثلما لاقيت.. ولم يحدث أبدا فى تاريخ الأديان أن حصلت سيدة على حب الله مثلما حصلت. يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. حائرة أنت ومحيرة.. تبعثين وترسلين إلينا بعد ألفى عام فوق قباب الكنائس طيفا.. نحن الذين لم نعرف لك قبرا إلا شجرة قد مررت بها يوما مع رضيعك المسيح عيسى تقدس اسمك واسمه فى السماء والأرض. حائرة أنت ومحيرة.. ما الذى جاء بك الآن؟ ما الأمر الجلل الذى تحملين؟ وأى نص لنا ترسلين؟ وكيف اقتحمت مساءاتنا المعتمات ونثرت فى وجوهنا فجر صباحاتك الندية؟ هذه الآلاف منا - مسلمين ومسيحيين - تجمعوا وتحلقوا حول نورك. هل تعلمين يا مريم أن هذا هو التجمع الكبير الثانى لنا خلال هذا العام.. كان الأول أثناء حرب الكرة مع الجزائر.. والثانى حين أرسلت ضيك فى أعيننا فأعدت تشغيل جهاز مناعتنا المعطل من قديم.. وكأنك إيزيس تلمين فتات الروح وتصوغين من عظامنا النخرة وقلوبنا المتحللة بشرا سويا.. فنلتئم وننضم ونجتمع حول الحمام الذى سبق قدومك. حول قباب الكنائس العتيقة.. حول ترانيم القسيسين والرهبان وذكر الله الحكيم. ننتمى إليك نحن وإلى زينب والحسين وذى النون والحسن الشاذلى والسيدة نفيسة والليث.. ننتمى للأرض والسماء والنهر.. لله الواحد فقط. حائرة أنت ومحيرة.. حملت وأنت العذراء حين بشرتك زوجة زكريا (آلى صابات) بابنك يسوع وكانت هى الأخرى حبلى بيوحنا المعمدان.. فكان أن قام بتعميد ابنك فى نهر الأردن. وكان زكريا كلما دخل عليك المحراب وجد عندك رزقاً فى الناصرة قد ولدت عيسى.. فى أحد مقاراسطبلات الجيش الرومانى.. يومها اتهمك اليهود بأنك حملت من ابن جندى رومانى.. لكن يوسف النجار حين رأى فى المنام ملاكا يقول له: لاتترك مريم لأنها أنجبت من الروح القدس.. ولأنه - أى يوسف - كان خطيبها فلم يتركها. حتى حين أمر الحاكم الرومانى بتسجيل وتوثيق هويات المواليد الجدد بعد أن جاءته أخبار بأن ملكه سوف ينتهى على يد مولود جديد.. قد ذهبت يا عذراء أنت وابنك ويوسف النجار وقمت بتسجيل اسم المسيح فى السجلات الرومانية ولم نعرف كيف ولا ماذا وضعت فى خانة الأب؟ حائرة أنت ومحيرة. أنت التى قد ولدت فى مملكة يهوذا وقد شاهدت مشهد صلب المسيح جلياً واضحاً وطويلا ولم تكونى واحدة من حوارييه.. وهو الذى أشار إليك أثناء صلبه أن اتخذى من يوحنا أصغر حوارييه - ابنا بديلا عنه.. وأنت التى روى البعض عنك قصة زواجك وإنجابك من يوسف النجار. وفى رسالة يعقوب المسمى ب(أخو الرب) أن أمه وأخوته لم يكونوا يؤمنون به.. ثم أمن به إخوته.. فهل كان يعقوب أحد أبناء يوسف النجار؟ يحكى الكاثوليك والأرثوذكس أنك لم تتزوجى أبدا ويحكى البروتستانت عن إمكانية زواجك وإنجابك يقول الكاثوليك أنك أم الله وملكة السماء والشفيعة وأنك حية فى السماء، وليس لك قبر على الأرض؛ لأنك صعدت بالروح والجسد. أما نحن المتحلقين حولك منذ مساءاتك فى برد ديسمبر من عام 2009، فنؤمن إيمانا قاطعاً أن عودتك تحمل نبوءة عظيمة وأمرا جللاً وخبرا سوف يجمع المصريين حوله طويلا.؟