تعرضت مصر فى عهد ما قبل الثورة لأبشع صور الفساد الممنهج والمنظم، بدءًا من الفساد التشريعى وانتهاءً بالفساد المؤسسى، حيث ثبت أن هناك مؤسسات ترعى الفساد وتحمى الفاسدين، وهو ما يستدعى بالضرورة السؤال عن دور الأجهزة الرقابية، وعلى رأسها الجهاز الرقابى الأول فى مصر، وهو الجهاز المركزى للمحاسبات. الجهاز المركزى للمحسابات أيضاً أثير حوله الكثير من علامات الاستفهام، وحول أدائه وأداء رئاسته على مدار 12 عاماً مضت، حيث تشكلت جبهات داخل الجهاز المركزى للمحاسبات تؤكد أن هناك تستراً على الفساد والفاسدين من قبل الجهاز، وكان ل"المشهد" هذا الحوار مع نائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات منيرة عبد الهادى، التى صدر قرار المجلس العسكرى الحاكم للبلاد بتعيينها لتكون القائم بأعمال رئيس الجهاز. بداية ما تقييمك لأداء رابطة "رقابيون ضد الفساد" التى تؤكد وجود تقارير فساد تم التستر عليها؟ لا يوجد مانع للجلوس معهم، والاستماع إليهم بهدوء، وليس بالصوت العالى، بدون وقوع أية تجاوزات، أو الإساءة لأي شخصية. ما تقييمك لأداء رئيس الجهاز السابق المستشار جودت الملط؟ الدكتور الملط له كل التقدير والإعزاز من قبل أعضاء الجهاز، ومسيرة العمل داخل الجهاز المركزى للمحاسبات مستمرة، ولن تتوقف والجهاز يعمل بها أكثر من 12 ألف موظف. هناك الكثير من التهم وجهت من قبل للجهاز فيما يتعلق بالتستر على تقارير الفساد لرموز النظام السابق؟ هناك قانون يقول: إن التقارير يجب إرسالها إلى جهات معينة، وهى رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء، والوزارات المعنية، ومن يدعون أن هناك تقاريرا حبيسة الأدراج عليهم أن يعلنوا عنها، ويظهروها لمحاسبة من قام بإخفائها، وهناك 12 ألف موظف يقومون بأعمال التفتيش والرقابة من خلال الإدارات والشعب، وما يتم عرضه على رئاسة الجهاز هو التقارير السنوية، كما أن الإدارات المركزية تصدر التقارير التى يجرى الرد عليها ثم تعرض على رئيس الجهاز. كثير من التقارير يقال إنها لم تسلم إلى النائب العام؟ لو حدث أن إدارة من الإدارات وجدت مخالفة تمثل اختلاساً أو استيلاءً على المال العام تحيلها للنائب العام، المهم يتوفر فيها أركان الجريمة الجنائية، ومن يدعى عكس ذلك عليه إخراج التقارير التى يقال إنها لم تسلم للنائب العام. هل تمت مراجعة رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والرقابة الإدارية والمركزى للمحاسبات؟ أنا بنفسى عملت فى مراجعة هذه الجهات، حيث قمت بمراجعة رئاسة الجمهورية والرقابة الإدارية، ولا توجد أية جهة فوق الرقابة، فقد تمت مراجعة وزارة الخارجية والمخابرات العامة والقوات المسلحة وفقاً لقانونها، حيث ترسل لوزير الدفاع ورئيس الجمهورية هذه التقارير. تردد أن صندوق الخدمات الطبية ونادى العاملين بالجهاز لم يتم مراجعته، وهناك الكثير من المخالفات به؟ صندوق الخدمات الطبية المنشئ منذ عام 1976 ينص على أنه يتولى أمانته أحد وكلاء الجهاز ويرفع به تقريراً إلى رئيس الجهاز، وإذا كان هناك مخالفات سيتم المحاسبة عليها بشكل مستمر. كما أن نادى العاملين له شخصية اعتبارية، لأنه منشأ وفق قوانين الأندية الرياضية، وخاضع لمديرية الشباب والرياضة، وهى المسئولة عن التفتيش. هل سيتم إعادة النظر فى ملف القمح المسرطن، الذى اتهم الجهاز المركزى بالتستر على تقاريره فى الفترة الماضية؟ الجهاز المركزى للمحاسبات غير مسئول عن هذه القضية هناك لجنة مشكلة من خمسة جهات، هى الرقابة على الصادرات والواردات، وهيئة السلع التموينية، ووزارة الزراعة، وعضو من هيئة الطاقة الذرية، ومركز البحوث الزراعية، والجهاز يتسلم التقرير من هذه الجهات ليقوم بتسليمه إلى الوزارات المعينة، وبالفعل تم تقديمها إلى الجهات المعنية، وهى وزارة الزراعة والتجارة والصناعة والتنمية المحلية والتضامن الاجتماعى ومركز البحوث الزراعية. ما الدور الوطنى للجهاز فى استرداد أموال مصر من الخارج؟ هناك جهات منوط بها استرداد هذه الأموال، ممثلة فى التعاون بين جهاز الكسب غير المشروع، ووزارة الخارجية، ووحدة مكافحة غسل الأموال التابعة للبنك المركز المصرى، وهذه اللجنة تم تأسيسها برئاسة نائب رئيس محكمة النقض، وعضوية مجموعة من الخبراء ومنسقى الاتصال بكل البنوك لتتبع الحسابات للشخصيات محل الشبهات. ومن يطالب بتدخل الجهاز المركزى للمحاسبات فى استرداد أموال مصر عليه أن يضع خطة العمل والآليات التى يمكن الاعتماد عليه. هناك شركات مشتركة بين القطاعين العام والخاص قد تكون هذه الشركات متورطة فى تهريب أموال للخارج لصالح رموز النظام السابق؟ الشركات المشتركة يراقب عليها الجهاز المركزى للمحاسبات، والجمعية العمومية تقوم بتعيين مراقب حسابات بحكم قانون الشركات، وهناك اثنان من المراقبين، أحدهم من المركزى للمحاسبات، والآخر من أحد المكاتب الخاصة، ولا توجد أية مخالفة فى شركة إلا وتم رصدها فى تقرير مراقب الحسابات، الذى يعرض على الجمعية العمومية، التى تشكل من المساهمين بما فيهم مساهمو المال العام، كما أن الجهاز لم يسكت على أية مخالفة للشركات فى القطاع الخاص، حيث تم إبلاغ وزير الاستثمار السابق بالقضية الشهيرة، وهى قضية أرض توت آمون ولم يخشَ الجهاز من أية تسلط من النظام. أين الجهاز المركزى للمحاسبات من محاكمة رموز النظام السابق؟ الجهاز أرسل تقاريرا تخص محاكمة رموز النظام السابق، وعلى سبيل المثال مخالفات المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق، ووزير الإعلام السابق أنس الفقى، وتم تقديم تقارير المحاسبات إلى الجهات القضائية، وما يتعلق بالإنتاج ومخالفات قطاع الإنتاج إلى النائب العام، كما تم تقديم تقرير هشام طلعت مصطفى الخاصة بقضية مدينتى، وأحد المحامين حصل عليه وتقرير العلاج على نفقة الدولة وتقرير جامعة النيل.