صدرت ضمن سلسلة "كتاب الدوحة" الصادر في قطر طبعة جديدة من كتاب "الإسلام وأصول الحكم.. بحث فى الخلافة والحكومة فى الإسلام" للشيخ على عبدالرازق، مع مقدمة للدكتور حيدر إبراهيم، وتعقيب مهم من الشيخ التونسى محمد الطاهر بن عاشور. كتاب "عبدالرازق" يطرح نفسه بقوة هذه الأيام، فى ظل ما تعيشه الدول العربية من ربيعها الخاص، ووقوعها فى إشكالية شكل الدولة، مع زيادة المد الإسلامى، وظهور التيارات الإسلامية بشكل قوى، خاصة فى مصر وتونس، وكذلك مع تعالى أصوات البعض بالدعوة للعودة إلى دولة الخلافة الإسلامية. سبب آخر يجعل إعادة طرح هذا الكتاب المهم، هو التجربة التركية ذات الخلفية الإسلامية والشرعية العلمانية، والتى يقودها رجب طيب أردوغان وحزب "العدالة والتنمية"، والتى يُنظر لها الآن فى العالم العربى بإعجاب شديد، رغم أن هذا ما كان يدعو له الشيخ على منذ ما يقارب 85 عاما، وهو ما قام به أتاتورك بإسقاطه الخلافة العثمانية، وإحيائه فكرة القومية التركية، ثم ظهور حزب العدالة والتنمية بعد تحديثات الإسلاميين الأتراك لفكرتهم وتصورهم عن الدولة فى الإسلام، ومقاربات نجم الدين أربكان وحزب الفضيلة، والتى تتناص مع مقاربات الشيخ على عبدالرازق عن شكل الدولة الإسلامية الحديثة. وفى مقدمته "على عبدالرازق.. معاصراً" يرصد د. حيدر إبراهيم جوانب الحياة والمعاصرة فى كتاب "عبدالرازق" الذى أثار ضجة كبيرة عند صدوره، أدت لإقالة الشيخ على من الأزهر. ويؤكد د. حيدر أن أسئلة عبدالرازق حول علاقة الدين والدولة دينية أو مدنية الدولة فى المجتمعات العربية الإسلامية، ماثلة وحية، وملحة، طالما استمر جدل الفكر السياسى الإسلامى حول هوية الدولة من غير حسم قاطع وإجماع بين المسلمين. سؤال آخر ركز عليه د. "حيدر" فى طرحه لحداثة عبد الرازق، وهو سؤال لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟، وهو ما أرجعه عبدالرازق لنظام الحكم. أرجع "حيدر" ما تعرض له عبدالرازق بسبب كتابه الذى نشر عام 1925 لتدشينه مرحلة التناول النقدى لبعض الثوابت الدينية من داخل المؤسسة الدينية (الأزهر)، مما جعل ردود الأفعال فى مثل هذه الحدة، واعتبر البعض صدور الكتاب أشد وقعا من قرار مصطفى كامل أتاتورك، إلغاء الخلافة، لأنه مجرد قرار سياسى لم يستهدف العقيدة مباشرة، حسب قول بعض الفقهاء. تتناول المقدمة أيضا طرح شكل الدولة عند الشيخ على، حيث كانت "مقاربة عبد الرازق بعدم ضرورة وإلزامية الخلافة، هى مدخله للمطالبة بدولة إسلامية مدنية قائمة على الشورى". تضم الطبعة الجديدة أيضا تعقيبا ونقدا علميا قدمه الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور، التونسى، رحمة الله عليه، يختتمه برفضه لفكرة عبد الرازق، بأن من يطالع كتب الحديث والسيرة والتاريخ يرى أن علماء المسلمين وقواد جيوشهم بايعوا أبو بكر على كتاب الله وسنته، فإذا كانت الخلافة خطة سياسية فما وجه ربطها بالكتاب والسنة". ويقسم عبدالرازق مشروعه لثلاثة كتب (الكتاب الأول الخلافة والإسلام) ويقسمه لأبواب "الخلافة وطبيعتها .. فى حكم الخلافة.. فى الخلافة من الوجهة الاجتماعية" و(الكتاب الثانى الحكومة والإسلام) وبه "الرسالة والحكم.. ورسالة لا حكم ودين لا دولة" و(الكتاب الثالث الخلافة والحكومة فى التاريخ)، ويقسمه الشيخ إلى "الوحدة الدينية والعرب.. الدولة العربية.. والخلافة الإسلامية".