منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الاثنين الماضي عن بدء سحب معظم قواته من سوريا اعتبارا من اليوم التالي بعد تحقيق معظم الأهداف يحاول المحللون إيجاد تفسير منطقي للخطوة الروسية المفاجئة. موقع "ديبكا" المقرب من المخابرات الإسرائيلية كان له تفسير يختلف عما قيل من رغبة في تقليص النفقات العسكرية والتي كانت تتراوح بين 3 إلى 4 ملايين دولار يوميا ، وعن توافق بين روسيا والولايات المتحدة على حدود "اللعبة" في سوريا . ويؤكد "ديبكا" نشوب خلافات حادة بين موسكووطهران من جهة ، وخلافات أخرى بين بوتين وبشار الأسد بشأن مستقبل الحرب في سوريا والمستقبل السياسي لبشارفي الحكم. ويقول الموقع : "رغم فجائية هذا الإعلان، تشير مصادرنا إلى ضرورة الانتظار لمعرفة أي أجزاء من قوات الجيش الروسي ستنسحب من سوريا، فمعظم القوات الروسية المقاتلة في سوريا سوف تبقى ولن تنسحب، إلا إذا قرر بوتين إخلاءها ، وهو أمر مشكوك فيه، حيث لم يتنازل الرئيس الروسي عن القاعدتين الجوية والبحرية في سوريا، وذلك للحفاظ على وجود عسكري شرق البحر المتوسط". مع ذلك يقول "ديبكا" إنه يجب الانتباه، إلى أن بوتين أعلن عن بدء سحب قواته من سوريا، لكنه لم يحدد فترة زمنية للانتهاء من عملية الانسحاب، كذلك لم يعلن أن روسيا لن تخفض نشاطاتها العسكرية في سوريا بعد الانسحاب المفترض. وكانت تقديرات دوائر عسكرية واستخبارية أنه حال حدوث تطور جديد في الحرب لا يصب في صالح الأسد مع تجدد القتال، فبإمكان موسكو العمل عسكريا عن بعد، أي من خلال سفنها الحربية في بحر قزوين والبحر المتوسط. وكان الجيش الروسي قد أطلق في فبراير الماضي قطارا جويا وبحريا ضخما إلى سوريا، مزودا جيش الأسد بدبابات ثقيلة متطورة من طرازT-90 وأنظمة مدفعية ثقيلة ذاتية الحركةووقتها قدرت دوائر استخباراتية أن بوتين يريد من خلال توريد تلك الأنظمة حسم الحرب بالأخص في الشمال السوري حول مدينة حلب، وفي الجنوب تحديدا في درعا.لكن يبدو الآن أن الكرملين استهدف تمكين جيش النظام السوري وحلفائه من الاستمرار في القتال وخوض المعارك بأنفسهم دون الاعتماد على تدخل الروس، عبر توريد تلك الأنظمة. ويقول الموقع المقرب من المخابرات الإسرائيلية :” أن هناك صدعا حدث بين بوتين والقيادة السياسية والعسكرية الإيرانية منذ زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى موسكو في 19 فبراير الماضي ، حيث طلب الإيرانيون من بوتين عدم المشاركة في جهود غربية وأممية للتوصل إلى هدنة في سوريا. وأن الإيرانيين الذين اعتقدوا في البداية أن موسكو تتعاون معهم في سوريا، اندهشوا عندما شاهدوا بوتين في نهاية الأمر يتعاون مع إدارة أوباما، وهي خطوة لم تخطر لهم على بال. أما الخلافات بين بوتين والأسد فتدور حول اعتقاد الروس بضرورة الانسحاب التدريجي للأسد من الحكم، بعد استقرار وقف إطلاق النار، وهو ما يعارضه الأخير، كما يمكن أن يكون بوتين قد ضاق ذرعا من استمرار الحوار مع الإيرانيين والنظام السوري، الذي لا يفضي في رأيه إلا لحل واحد هو استمرار الحرب. الآن وضع بوتين طهران ودمشق أمام واقع: إذا ما أردتم استمرار الحرب فليكن ذلك بدون مشاركة الجيش الروسي.