فيما وصف بالتحول الدرامي غير المتوقع في السياسات الروسية تجاه نظام بشار الأسد، زعم موقع ديبكا الإسرائيلي في التاسع والعشرين من الشهر الجاري أن موسكو اتخذت خلال الأيام الأخيرة ثلاث خطوات عسكرية تتعلق بسوريا، تتضمن سحب سفن الأسطول الروسي من أماكن تمركزها في شرق حوض البحر المتوسط قبالة السواحل السورية، ووقف عمل القاعدة البحرية الروسية الموجودة في ميناء طرطوس السوري، ووقف إرسال شحنات الأسلحة الروسية إلى سوريا. هذا وتشير المصادر الاستخباراتية لموقع ديبكا إلى أن روسيا أثبتت بخطواتها هذه أنها ليس فقط تحد من علاقاتها العسكرية مع سوريا، بل أنها أيضا ترغب في إبعاد قواتها عن المنطقة بشكل سريع، حتى لا تجد نفسها متورطة في صدام عسكري إذا ما قررت الولاياتالمتحدة ودول أوروبا الغربية وعدد من الدول العربية، التدخل عسكريا في سوريا، ومعنى هذا أن هناك تكهنات استخباراتية في موسكو ترى أن التدخل العسكري الغربي - العربي المباشر بات وشيكا أكثر من أي وقت مضى. هذا وتشير المصادر العسكرية لموقع ديبكا إلى أن انسحاب القوات الروسية من سوريا هو خطوة لا يمكن أن تُتخذ إلا بأمر مباشر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن اعتراض عدد من كبار القيادات العسكرية الروسية لهذه الخطوة هو الذي أدى إلى خروج تصريحات روسية متناقضة على مدار الأيام الماضية بشأن مستقبل القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وبشأن استمرار بقاء القوات الروسية في سوريا.
فقد صرح قائد الأسطول الروسي فيكتور تشيركوف في الأسبوع الماضي بأنه إذا وصل القتال الدائر في سوريا إلى طرطوس، فمن المحتمل أن تقرر موسكو جلاء قواتها من هناك، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها قائد عسكري روسي رفيع المستوى عن احتمالية إخلاء القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، ولكن بعدها بعدة أيام خرج رئيس الأركان الروسي الجنرال نيكولاي ماركوف ليصرح بأنه لا يوجد أي تغيير في خطة عمل قواته الموجودة في سوريا، وأن القاعدة البحرية في طرطوس لن يتم إخلاؤها، وعندما سأله أحد الصحفيين: هل تعتزم روسيا إنهاء تدخلها العسكري في سوريا؟ لم يرد الجنرال نيكولاي ماركوف بالإيجاب ولا بالنفي، بل رد بسؤال عام: ما الذي يقلقك إلى هذا الحد من الوضع في سوريا؟ وبوجه عام يؤكد موقع ديبكا العبري القريب من العناصر الاستخباراتية الإسرائيلية أن موسكو قامت بخمس خطوات عسكرية هامة على مدار الأسبوعين الماضيين إزاء علاقاتها بسوريا تتمثل في الآتي: ** تم إلغاء المناورة البحرية الروسية الضخمة Caucasus 2012 التي كان من المقرر أن تُجرى في البحر المتوسط قبالة السواحل السورية منتصف أغسطس الجاري. ** كان الأسطول الروسي ينشر في شرق البحر المتوسط 11 سفينة حربية، تابعة للأساطيل البحرية الروسية الثلاث: الأسطول الشمالي، والأسطول البالقاني وأسطول البحر الأسود، إلا أن جميع تلك السفن قد غادرت البحر الأبيض المتوسط خلال الأسبوعين الأخيرين وعادت إلى قواعدها. ** أخبرت موسكو مؤخرا الرئيس السوري بشار الأسد بأنها ستوقف مساعداتها العسكرية المقدمة لقواته، لكنها ستواصل دعمها الاستخباراتي، والاستشاري بشأن المسائل اللوجيستية. ** رغم أن المصادر الروسية لم تصرح علانية أنه سيتم وقف شحنات السلاح الروسية لسوريا، بما في ذلك قطع غيار الأسلحة الروسية التي تعد ركيزة أسلحة الجيش السوري النظامي، إلا أن الروس استخدموا عبارة "ليس من المخطط إرسال شحنات أسلحة روسية إلى سوريا في المستقبل". ** السفينة الروسية الوحيدة التي ما تزال راسية في طرطوس، هي عبارة عن عوامة عسكرية طراز PM-138 وهي أيضا في طريقها لمغادرة ميناء طرطوس خلال شهر سبتمبر، متوجهة إلى البحر الأسود، حيث أكد مصدر عسكري روسي أن جميع أفراد الأسطول الروسي في طرطوس موجودون على سطح هذه السفينة، باستثناء فردين فقط على الساحل، ومعنى هذا أن جميع أفراد الأسطول الروسي في طرطوس جاهزون للإبحار في أي وقت لمغادرة طرطوس.