يحتفل جوجل اليوم، الموافق الخامس والعشرين من نوفمبر، بذكرى ميلاد الفنانة اسمهان السورية المصرية ال 103 ،عبر مؤشره الرئيسي. وذلك نظرا لما قدمتة من اعمال فنية على الصعيدين السورى والمصرى ، جدير بالذكر ان الغالبية من معظم متابعى الجانب الفنى للمشاهدين وبخاصة من فئة صغار السن ، الغالبية العظمى لا تعرف بان الفنانة اسمهان هى شقيقة المطرب والملحن والممثل والموسيقار فريد الاطرش . اسمها الحقيقى هى امال فهد الاطرش ، وولدت فى جبال الدروز فى سوريا لعائلة الاطرش الشهيرة التي كانت تحكم تلك المنطقة ، امها لبنانية هى علياء المنذر والفنانة اسمهان لها ثلاثة اشقاء هم مراد وفريد وانور وشقيقة تدعى وداد ، ولكن قبل مجيئهما الى مصر توفى كل من وداد وانور ، قبل مجيئهما الى مصر . جاءت آمال الأطرش إلى مصر مع عائلتها بعد وفاة والدها في سورية، وسكنت في حي "الفجالة"، وكانت الأسرة كريمة الأصل تعاني الفقر بسبب موت عائلها الوحيد، ما دفع الفتاة الشابة إلى أن تشارك أخاها "فريد" احتراف الغناء، فكانت بدايتها في صالة "ماري منصور" بشارع عماد الدين بالقاهرة. تزوجت أسمهان من الأمير "حسن الأطرش" في العام 1934، وانتقلت إلى العيش في جبل الدروز بسوريا، وأنجبت هناك ابنتها الوحيدة "كاميليا"، لكن حياتها الزوجية انتهت بعد 6 سنوات في العام 1940. عادت إلى القاهرة لاستكمال مسيرتها الفنية تحت اسم "أسمهان"، الذي اختاره لها مكتشفها داوود حسني، ولكن القدر لم يمهلها حيث ماتت بعدها بأربع سنوات، في حادث سيارة وهي في سن 31 عامًا، بحصيلة سينمائية فيلمين فقط "انتصار الشباب"، عام 1941 و"غرام وانتقام" عام 1944، الذي صورت جميع مشاهده، باستثناء مشهد النهاية الذي ماتت قبل تصويره، وقام يوسف وهبي بتغيير النهاية بسبب وفاتها، مرحلة صعود نجم أسمهان الفاني تزامن مع أحداث الحرب العالمية الثانية، حيث التوتر يسود بين كل القوى السياسية في العالم. أثيرت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاونها مع المخابرات البريطانية، وتقول إحداها أنه في شهر مايو 1941 تم أول لقاء بينها مع أحد الساسة الانجليز العاملين في منطقة العربية جرى خلاله الاتفاق على أن تساعد أسمهان الحلفاء بقيادة انجلترا في تحرير الشام (سوريا ولبنان وفلسطين) من قوات فيشي الفرنسية وقوات النازي الالماني وذلك عن طريق إقناع زعماء الدروز بعدم التعرض لزحف جيوش التحالف. وقد قامت بمهمتها خير قيام بعد أن أعادها الانجليز إلى زوجها السابق الأمير حسن، فرجعت أميرة الجبل من جديد، وهي تتمتع بمال وفير أغدقه عليها البريطانيون، وبهذا المال استطاعت أن تحيا مرة أخرى حياة الترف والبذخ وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع ولم تقصر في الوقت نفسه في مد يد المساعدة لطالبيها وحيث تدعو الحاجة. إلا أن وضعها لم يستقر، فساء الحال مع زوجها الأمير حسن من جديد، كما أن الإنجليز تخلوا عنها وقطعوا عنها المال لتأكدهم من إنها بدأت تعمل لمصلحة فرنسا، ويقال إنها بدأت ترفض طلباتهم حيث وجدت نفسها ستدخل سلسلة لا تنتهي من المهام، وارتأت هي أنها فنانة لا تريد أن توقع نفسها في هذا الشرك. عادت للعمل في الغناء والسينما في مصر رغم أن زواجها من المخرج السينمائي الشهير وقتها احمد سالم لم يكن سعيدًا، وفي الوقت الذي كانت تقوم فيه ببطولة فيلم غرام وانتقام استأذنت من منتج الفيلم الممثل يوسف بك وهبي بالسفر إلى رأس البر المدينة المفضلة للاغنياء لتمضية فترة من الراحة هناك فوافق، فذهبت إلى رأس البر صباح الجمعة الرابع عشر من يوليو 1944 ترافقها صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في الترعة (ترعه الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا)، حيث لقت مع صديقتها حتفهما أما السائق فلم يصب بأذى وبعد الحادثة اختفى، وبعد اختفائه ظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون جواب، لكن ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو:المخابرات البريطانية وإلى زوجهاالأول الأمير حسن الأطرش. ومن قصص أسمهان في مصر أنها انزعجت من صوت المضخات البخارية بترعة الساحل في طلخا، ووصفته بأنه "صوت جنائزي"، وكان هذا دليلا على شفافية روح الفنان داخلها بدرجة عالية، فقد لقيت مصرعها في المكان نفسه بعد 4 سنوات فقط. عن المعاناة التي ترافق الفنان منذ أول لحظة له في الحياة حتى آخر نفس له فيها يمكن أن تحدثنا "أسمهان"، التي تركت لنا تاريخا من المآسي والآلام، يملأ حياة قصيرة زمنيا لكنها عظيمة الأوجاع، حياةً تشبه حركة موج البحر الذي تلقى هذه الطفلة، التي عاشت تبحث عن "أرض" ثابتة بعد أن سأمت أرجحة الموج، فكان لها روح دائمة القلق، دائمة التطلع، تخاف الاستقرار، حتى وصل الأمر إلى أنها لم تستقر على بيت واحد أو زوج واحد أو حتى ملحن واحد لمجموعة أعمال. لا يعرف أغلب المصريين عن "فيينا" سوى أنها "روضة من الجنة"، وأن "ليالي الأنس" لا تحلو سوى في هذه المدينةالغربية، واحتل هذا التصور مكانة بارزة في ذاكرة المصريين نتيجة ارتباطه بإحدى أنجح وأخلد الأغنيات في تاريخ الطرب العربي "ليالي الأنس في فيينا" التي شدت بها أسمهان في فيلم "غرام وانتقام"، والذي رحلت قبل أن تكمله أو تكمل عامها الثاني والثلاثين، لكنها تركت تراثا فنيا قليل العدد بعيد الأثر، خالدا حتى الآن. "كاميليا" هي الابنة الوحيدة للأميرة السورية "أسمهان"، نتاج زواج لم يدم سوى 6 سنوات من الأمير حسن الأطرش، وضعتها في القاهرة وجعلت منها خيطا رفيعا يربطها بعاصمة أحلام الأميرة، فكانت تعود إلى الجبل بجوار زوجها ثم لا تلبث أن تتركه بحجة زيارة ابنتها في القاهرة، لكن السبب الحقيقي هو الاشتياق لأضواء الشهرة في هوليوود الشرق. عاشت "أسمهان" ظروف "اللجوء" وهي مازالت في رحم أمها، ثم ذاقتها وهي في مرحلة الصبا، حيث كانت تعي معاني "الغربة، الفقر، اليتم" قبل أن تدرك معاني مثل "الحب، الثراء، اللهو"، فدفعها ذلك دفعا إلى مجموعة من التعويضات العاجلة، انتهت بها إلى مجموعة من التجارب القصيرة العميقة، لم يترك الألم تفصيلة منها إلا وسكنها، وكذا كانت ضريبة المعرفة والشهرة لفنانة تسهر العيون الآن منتشية من ندى صوتها. "إمته هاتعرف" تعتبر من الأعمال الفنية القليلة التي تحولت إلى ثيمة في حياة كل العرب، فما اجتمع حبيب بحبيبه قبل مرحلة البوح إلا وكان هذا اللحن بهذه الكلمات في خلفية المشهد، بل يمكن أن تكون النظرات ذاتها التي ينظر به المحب إلى هدفه المنتظر تحمل بصمة عيون "أسمهان"، تلك العيون التي كان مضرب المثل في الجمال.
الصدفة وحدها، وكالعادة، قادت "أسمهان" إلى الأضواء، حين استمع داوود حسني لصوت رخيم خلال زيارته للملحن الشاب "فريد" في منزل العائلة، وحين علم أنها الأخت الصغرى له طلب منه أن يستمع إليها مجددا، فقدمت له الصبية الشيء الوحيد الذي تملكه ذاكرتها إلى جانب الألم، وهو مجموعة من أغنيات أم كلثوم وعبد الوهاب، فأطلق عليها داوود حسني اسما فنيا هادئا كموج البحر ملكيا كأصلها: "أسمهان"، وأطلق معه موهبتها التي بلغت الآفاق. أول تجارب أسمهان الفنية كانت في صالة "ماري منصور" في شارع عماد الدين في القاهرة،إلى جوار أخيها فريد الأطرش، وفتحت لها أبواب الشهرة، وفي فترة وجيزة انهالت كلمات الإشادة والإعجاب من كبار الملحنين في هذا الوقت على الصبية، ثم انقطعت خلال سنوات زواجها عن الوسط الفني، ومالبثت أن عادت تدفع أمواج إبداعها رياح الشوق، فقدمت العديد من الأغنيات وفيلمين، ولم يمهلها القدر أن تكمل ثانيهما، وتوقفت حياتها قبل تصوير "النهاية السعيدة" في فيلم غرام وانتقام، فاضطر المخرج إلى تغيير النهاية لتلائم وفاتها، وتتشابه مع نهاية مسلسل حياتها الحزين. ولدت أسمهان في "الماء" وانتهت حياتها في "الماء"، فقد رزق الأمير فهد الأطرش بابنته "أمال" على متن باخرة أثناء رحلة العائلة من تركيا إلى الشام، كذلك توفيت أمال غرقا بعد أن انقلبت بها السيارة في ترعة الساحل بطلخا، غريبة جاءت.. غريبة عاشت.. غريبة رحلت، كعادة كل العظماء. عزف الكثيرون بعد وفاة أسمهان ألحان الشائعات، بإلهام من هذه النهاية المفاجئة المفجعة الغامضة، فذهب بعضهم إلى أن أصلها الأميري وتدخلها في السياسة بسبب مكانتها بين الدروز واتصالها بالمخابرات الإنجليزية إبان الحرب العالمية الثانية كان سببا مباشرة في اغتيالها بعمل استخباراتي، وأفتى آخرون بأن علاقتها بأحد رجال القصر الملكي في مصر وغرامه بها أثارت غيرة "الوالدة باشا" فقررت التخلص من هذا العزول، وكأن هذه الشائعات قد كتب لها الحياة أكثر من أسمهان لتكمل دائرة الأسرار التي بدأتها الموهبة الفذة في المهد مع الجمال الآخاذ مع الوفاة الغامضة.