- "الضغوط السياسية والحشد العالمي".. حلول مطروحة - لا جدوى من التفاوض مع إثيوبيا.. والمشاركة الشعبية شماعة لفشل الحكومة - خبير مائي: استمرار المفاوضات "عبث ومضيعة للوقت" - للجوء للقضاء الدولي مكسب لدولة السد نهاية أكتوبر الجاري، ربما تعقد اللجنة الوطنية الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، جولتها التاسعة من المفاوضات؛ في قلب القاهرة، بعد إرجاءها لعدة مرات، عقب تملص إثيوبي وصفه مراقبون ب"المماطلة"، خاصةً في ظل اكتمال بناء ما يقرب من 43% من جسم السد، فيما وصفت تصريحات مسؤولي وزارة الري، تأجيل الاجتماع لظروف تشكيل حكومة جديدة في إثيوبيا، إضافة لبعض الارتباطات لدي للدولتين، بكونها تصريحات دبلوماسية لا تمس الواقع في شئ، حيث زامن تأجيل اللقاء استمرار العمل في بناء السد، وهو ما رآه متخصصون فشل آخر يضاف لسجل المنوط بهم إداراة ملف المياه في مصر. وبالرغم من تحديد ميعاد مسبق للجولة التاسعة من المفاوضات، إلا أن بيان رسمي من وزارة الري كشف عن احتمالية فشل جديد للاجتماع المقبل بهروب إثيوبي جديد، حيث أشار البيان نصًا: إلى أنه "جارٍ التشاور لإمكانية حضور وزراء المياه في الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، الاجتماع المقررعقده". اجتماع موسع تشارك فيه جميع الجهات الوطنية المصرية والمعنية بمتابعة ملف سد النهضة، استعدادًا للجولة التاسعة من المفاوضات.. ربما تذكرنا تلك المشاركة حال حدوثها بلقاء الرئيس الأسبق محمد مرسي، عندما التقى بعدد من القوي السياسية لمناقشة نفس الملف، ولكن مع التطورات الأخيرة للملف؛ يري متابعون أن لقاء القوى الوطنية لن يكون ذو فائدة، خاصة وأن الوضع الحالي يحتاج لخطوات وقرارت سريعة لإنقاذ ما يمكن، كما وصف البعض الدعوة "المتأخرة" بأنها مناورة حكومية للهروب من تهمة الفشل الذي سيظل ملازما لها في إدارة ملف السد، كما أنها تريد أن تلقي مسؤوليتها على المشاركة الشعبية التي لن تخرج بجديد. كان وزير الري، قدم عرضاً متكاملاً لمسار المحادثات الفنية في إطار أعمال اللجنة الثلاثية، خلال اجتماعه مع وزير الخارجية، سامح شكري، الخميس الماضي، في إطار الاستعداد لجولة المفاوضات الجديدة، ولا تزال نقطة الخلاف المحورية بين إثيوبيا وبين دولتي المصب (مصر والسودان)، هي كيفية عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين الفرنسي، والهولندي، المنوط بهما القيام بالدراسات الفنية اللازمة لرصد تأثير سد النهضة، حيث من المقرر أن تدور المفاوضات المقبلة، حول توصيف المهام الخاصة بالمكتبين الاستشاريين. وأرجع مسؤولون بالملف المائي، الأزمة بين المكتبين، إلى إصرار إثيوبيا على أن يعمل المكتب الهولندى كمقاول من الباطن مع المكتب الفرنسي، كما أصرت إثيوبيا على أن يكون المكتب الفرنسي، هو المسؤول الوحيد عن إدارة الأعمال الخاصة بتنفيذ الدراستين، بينما ينفذ المكتب الهولندى ما يوكله إليه نظيره الفرنسى من أعمال فى حدود نسبة أقصاها 30%.. وهو ما رفضه المكتب الهولندي، في سبتمبر الماضي، معلناً انسحابه رسميًا من دراسات تقييم آثار سد النهضة، بعد 3 أشهر من المفاوضات مع الشريك الفرنسي، حول الكيفية التي ستتم بها الدراسات، لعدم توافر مبدأ الاستقلالية في إجراء الدراسات. من جانبه، أكد الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري، أن اجتماع القاهرة المقبل سيسعى لحل الخلافات بين المكتبين الفرنسي "بي آر آل آي" والهولندي "دلتارس"، وتقريب وجهات النظر بينهما حسب النسب المتفق عليها (70% للفرنسي، و30% للهولندي)، حتى يمكنهما البدء في تنفيذ الدراسات حسب خارطة الطريق المتفق عليها. وفي تصريحاته ل"المشهد"، كشف مغازي، أن المفاوضات الأخيرة نجحت في إيجاد حلول لكافة النقاط العالقة، موضحًا أن المدة المحددة مسبقا للقيام بالدراسات، هي 11 شهرًا؛ وذلك عقب توقيع العقد النهائي مع المكتبين. "تجرى حاليًا مشاورات بين الدول الثلاث؛ لدراسة النقاط الخلافية ومحاولة الوصول لحلول والتوفيق فيما بينهما".. وهو ما أكده الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري، لشؤون السدود ونهر النيل، مرجعًا الخلافات إلى أسلوب التعاون في تنفيذ دراسات تحديد الآثار الجانبية لسد النهضة. من جهته، استنكر الدكتور نادر نور الدين، عضو لجنة حوض النيل وأستاذ الموارد المائية والري، هذه المماطلة في المفاوضات، قائلاً: "أربع سنوات ونصف نتفاوض مع إثيوبيا منذ وضع حجر أساس سد النهضة في 2 إبريل 2011 بلا نتيجة ولم نتقدم خطوة واحدة للأمام"، متسائلاً: "هل هذا أمر طبيعي؟ هل تفاوضت أي دول مع بعضها أربع سنوات ونصف وبلا تقدم؟، ياترى كام سنة أخرى نحتاجها لنصل إلى نتيجة؟". “لا جدوي من التفاوض مع إثيوبيا على مر التاريخ”.. هذا ما أكده نور الدين، قائلا: ”المطلوب وفورًا تدويل القضية وحشد رأي عام عالمي مؤيد لعدالة الموقف المصري الواضح أو توقيع إتفاقية فورية لتقسيم حصص المياه، متابعا: "غير ذلك عبث ومضيعة للوقت". وحول إرجاء اجتماع الدول الثلاث، قال: إنه بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع ديسالين رئيس الوزراء الإثيوبي المنتخب في نيويورك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، أصدرت رئاسة الجمهورية المصرية بيانًا، بأنه تم الاتفاق على تقديم موعد اجتماع الوفود الفنية للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا إلى 4-5 أكتوبر الجاري وصدرت التوجيهات لوزارة الري المصرية بسرعة إرسال الدعوات لجميع الوفود ومعها المكتبان الإستشاريان الهولندي والفرنسي، وكعادتها تراجعت إثيوبيا عن موعد الاجتماع نتيجة للإتفاق الرئاسي المشترك، وطلبت تأجيله إلى نهاية الشهر مرة أخرى وكأن رئيس وزرائهم ليس له كلمة ولا عهد ولا مصداقية. بينما رأي الدكتور مصطفى الفقي، المفكر والسياسي، أن الضغوط السياسية هي الحل، ويجب الضغط على إثيوبيا بشكل قوي من أجل التوقف عن استمرار بناء سد النهضة، موضحًا أن جزءًا كبيرًا من المعلومات حول سد النهضة لم تصل إلى مصر. واتفق الكاتب محمد حسنين هيكل، معه في الرأي، حيث قال إن التفاوض والحلول الدبلوماسية هي الحل الوحيد لحل أزمة سد النهضة، مشددًا على أن علاقاتنا مع إثيوبيا لا يجب أن تتأثر، واصفاً اللجوء إلى القضاء الدولي بأنه مكسب لدولة السد، حيث أن الوقت في صالح إثيوبيا، مؤكدًا أن مصر لا تملك رفاهية الدخول في صراع مع إثيوبيا. وكانت اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة قررت، خلال اجتماعاتها يومي 20 و21 أغسطس، منح المكتبين الاستشاريين لسد النهضة، مهلةً حتى الخامس من سبتمبر المقبل لتسليم العرض الفني المعدل ومراجعته من قبل خبراء الدول الثلاث خلال الاجتماع التاسع للجنة بالقاهرة. في أوائل أبريل الماضي، اعتمد وزراء المياه والري بالدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، مكتبين استشاريين لشركة فرنسية وأخرى هولندية، لإجراء دراستين حول سد النهضة، من بين 9 مكاتب جرى ترشيحها فى وقت سابق من قبل الدول الثلاثة، استجابة للمقترح الذى تقدم به وزير الرى السودانى معتز موسى، لحل خلاف قام فى وقت سابق بين مصر وإثيوبيا بشأن اختيار مكتب واحد لإجراء الدراستين أو مكتبين، والمدة المحددة لإجراء هاتين الدراستين. وشهدت العاصمة السودانية (الخرطوم)، في مارس الماضي، قمة ثلاثية بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبى هيلا ميريام، لتوقيع وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان. من العدد الأسبوعي من العدد الأسبوعي