مِلحُ البَحْرِ وَعَذْبُ النِّيلْ عَزمٌ وَجِهادٌ وَهَدِيلْ مَجدٌ تَرسُمُهْ الأَجيَالْ فَخرٌ يَصْنَعهُ الأَبْطَالْ تِينٌ وَكُرُومٌ وَنَخِيلْ مِلحُ البَحرِ إِذا يَتَحَدَّى يَجدُ بِلادِى تَرسُمُ مَجْدَا وَيَرَى الهِمَّةَ فِى الأَبنَاءْ وَيَرَى الأُمَّةَ فِى خُيَلاءْ تَصْدُقُ قَولاً، تُنْفِذُ وَعْدَا عَذبُ النِّيلِ يَبُلُّ الرُّوُحْ وَيُبَلْسِمُ آَثَارَ جُرُوحْ يَجْرِى فِى الشَّرْيَانِ حَيَاةْ عَذبُ النِّيلِ نَعِيمُ اللهْ جَلَّ المَانِحُ وَالمَمْنُوحْ عجيب هذا الارتباط المذهل بين تاريخ مصر ومائها العذب والمالح، بحيث تستطيع وأنت مطمئن أن تؤكد أن صفحتى النيل والقناة كانتا دائما أزهى الصفحات التى يكتب عليها المصرى تاريخه العريق والحديث، بل ويستشرف عبرهما مستقبله المنشود، لن أعيد عليك كلمات هيرودوت ولن أجدد الجدل الشهير حول كون مصر هبة للنيل أو هبة للمصريين أو تفاعلاً فريداً بين النيل فى تفرده الجليل والهمة المصرية فى فرادتها الاستثنائية، ولن أحدثك عن محمد على وقناطره، ولا عن سعيد وإسماعيل وقناتهما، ولا عن عبد الناصر وزعامته الممتدة من السد إلى القناة، ولا حتى عن فاروق الباز وواديه المقترح. ولكنى سوف أحدثك حديثاً آخر عن المصرى الذى يعلمنا من جديد درس الإحساس بالمشروع القومى والالتفاف المذهل حوله من أجل أن يخوض التحدى وينجح فيه. لطالما قلنا صادقين : إن قضية المصريين ليست قضية قدرة، وإنما هى قضية إرادة و إيمان ، إرادة سياسية صادقة، وإيمان شعبى عميق، وإن قدراتهم كانت مكبلة بغياب الإرادة السياسية للفعل والإنجاز. نعم قلنا كثيرا: جربوا عزيمة المصريين وقدرتهم وأنتم مطمئنون، فهم إذا صدقوا وآمنوا بالتوجه والإرادة أذهلوكم بقدرتهم المدهشة على الإنجاز. افتتاح الفرع الجديد لقناة السويس ليس مجرد مشروع كبير يضاف إلى قدرات مصر الاقتصادية، وإنما هو فى جوهره تأكيد على ذلك المخزون الرهيب من الطاقة والقدرة فى الكيان المصرى، فاصدقوا مع مصر واثقين أن المصريين لن يخذلوكم أبداً، وأوسعوا أفق الحلم ولا تقزموا الأحلام ولا تختصروها، وسوف تكونون أنتم أول المفاجئين بقدرة المصريين على تحويل الأحلام إلى حقائق. ليكن الفرع الجديد لقناة السويس بداية الحلم وليس منتهاه، ولتكن أحلامنا على قدر ثقتنا فى همة المصريين وقدرتهم اللامحدودة على الإنجاز حين يصدقون ويؤمنون. ولنفتح الأبواب أمام المصريين لكى يلووا عنق الماء ويقهروا ملوحته، فى الوقت الذى يدللون ماء آخر لينعموا بعذوبته.