"صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    لشهر مايو.. قائمة أسعار جديدة للبنزين في الإمارات    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024    بدء صرف معاشات مايو ل11 مليون مستفيد بزيادة 15% غدا    البيت الأبيض يكشف تفاصيل مكالمة أجراها بايدن مع السيسي بشأن غزة    الجيش الأمريكي يعلن استهداف صواريخ الحوثيين لسفينة يونانية في البحر الأحمر    صدام ناري بين بايرن والريال في دوري أبطال أوروبا    نجم الأهلي يعلق على إلغاء هدف مازيمبي بنصف نهائي الكونفدرالية    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    الأجواء مستقرة مؤقتًا.. الأرصاد تعلن عن موجة حارة جديدة قادمة    بسبب خلافات الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    فصل قضائي جديد في دعوى إثبات نسب طفل لاعب الزمالك السابق    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    أول رد رسمي من «الصحة» بشأن حقيقة أعراض لقاح أسترازينيكا    «الصحة»: الانتهاء من إعداد حزمة حوافز استثمارية لقطاع الرعاية الطبية    كيلو الأرز ب 33 جنيها.. قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 30-4-2024    التعليم تنظم المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني.. اليوم    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    طريقة عمل طاجن البطاطس بقطع الدجاج والجبن    غدا.. "الصحفيين" تحتفل بميلاد رواد المهنة وتكرم الحاصلين على الماجستير والدكتوراه    ما أول ذنب في السماء والأرض؟.. عضو الشؤون الإسلامية يوضح    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء منتصف الأسبوع الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    "المونيتور": هذه تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التبكيت والتنكيت في ذكرى توليه الحكم.. الرئيس عارياً
نشر في المشهد يوم 04 - 06 - 2015

يحكى أن أحد الرؤساء خدعه خياط محتال أقنعه بأنه سيصنع له ثوبا سحريا عظيما لايراه الا الحكماء.. اقتنع الرئيس بمهارة الخياط المحتال وقرر أن يرتدي الثوب في مؤتمر الذكرى الأولى لتوليه رئاسة الجمهورية والذي من خلالها سيعرض إنجازاته على الحاضرين الموالين له والذين أرسلت لهم دعاوى حضور المؤتمر وهم مجموعة من الإعلاميين الذين يتغنون باسمه ليل نهار في الصحف وعبر الشاشات وبعض قيادات الأحزاب الكرتونية المدافعون عن السلطة وبعض العجائز من الفنانين الموالين لأي رئيس وقليل من الشباب وهم أبناء الفنانين والإعلاميين والسياسيين المتملقين للرئيس ومشايخ يحللون له ما حرم الله.. فضلاً عن وزراء حكومته وأسرهم.
الخياط صنع للرئيس ثوباً من قماش مسحور لا يراه سوى صاحبه أما بقية الناس فلن يروه.
وصل الرئيس إلى القاعة الفارهة والتي جهزت خصيصاً لهذا المؤتمر الكبير.. وبينما ينزل الرئيس من السيارة وحولة قوات الحراسة كان جميع الوزراء في انتظاره اصطفوا يمين ويسار السجادة الحمراء الممتده من باب القاعة إلى باب السيارة الفارهة, وقف الوزراء محنيوا الرؤوس.
فجأه توقف الرئيس عن السير في ممر الرؤوس المحنية قائلاً بصوت هادئ:
* إرفعوا رؤوسكم.
رفع الوزراء الرؤوس واحداً تلو الأخر بالترتيب فانتابتهم دهشة شديدة مما رأوه!
فقال الرئيس مبتسماً:
* انظروا ..ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذى لايراه الا الحكماء ..؟!
بعض الوزراء خافوا من غضب الرئيس فقالوا :
* هذا ثوب عظيم يا صاحب الفخامة.
وبعض الوزراء كانوا طامعين في رضا وعطايا الرئيس فقالوا:
* يا صاحب الفخامة لم نرى في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب.
دخل الرئيس مباشرة إلى جناح الإستراحة المخصص له في القاعة والذي صمم خصيصاً كي يستريح فيه سيادته لدقائق قبل موعد إطلاق المؤتمر.. وبينما يستريح الرئيس في ثوبه السحري دخل وزير الداخلية إلى القاعة قائلاً للحاضرين:
* السيد الرئيس وصل وسيشرفكم بعد دقائق, لكنه يرتدي ثوب سحري لا يراه إلا الحكماء فأرجو من الحاضرين أن يكونوا حكماء أو يبدون على أنفسهم الحكمة ولا يعلقون على ثوب الرئيس إلا بالمديح في حقه وإلا فليتحمل كل واحد مصيره المجهول!
وعدوه الحضور بالثناء على ثوب سيادته الجميل قبل أن يروه.
انصرف الوزير من الباب الجانبي للمنصة وعاد من حيث أتى.
بعد دقائق دخل الوزراء مهرولين إلى القاعة وجلسوا في الكراسي الأمامية التي خصصت لهم وعلى وجوههم حالة من الفزع الشديد تحسباً لحدوث رد فعل سلبي تجاه ثوب الرئيس.. وبعد لحظات سُمع صوت في القاعة قائلاً:
* صاحب الفخامة والمعالي السيد رئيس الجمورية
معها دخل الرئيس إلى المنصة رافعاً يده إلى الأعلى وملوحاً للحاضرين الذين وقفوا يصفقون ويصفرون ويهللون لأناقة الرئيس وثوبه الأسطوري الذي لم يُرى مثله من قبل.
كان هناك طفل صغير إبناً أحد الإعلاميين في القاعة.. قال ببراءة :
* أين هو الثوب الذى تتحدثون عنه.. اني أرى الرئيس عارياً.. وبملابسه الداخلية فقط !
حاول الجالسون بمقربة الطفل اسكاته الطفل بأي طريقة ومعهم أبيه الذي وضع يده على فم إبنه. ولكزوه ووبخوه وهددوه لكنه ظل يصيح :
* انى أرى الرئيس عارياً!
عندئذ ضربوه وأخرجوه هو وأبيه من القاعة حتى يخلو لهم الجو لهم مع الرئيس.

الوزراء والسياسيين والإعلاميين والفنانين يخافون من بطش الرئيس أو يطمعون في عطاياه يتظاهرون بأنهم يرون ثوبا وهميا ويتجاهلون الحقيقة الساطعة : أن الرئيس عاري.. أما الطفل البريء فهو لايريد شيئا ولا يخاف من شيء لذلك يقول الحقيقة التي لم يقولوها وزرائه ولا سياسييه ولا إعلامييه ولا مشايخه الذين عينهم وأجلسهم بجوار كرسى عرشه يتملقونه ويبررون ويحللون ما حرمه الله من سحل وقتل وفساد واستبداد ويحرمون ماحلله الله من قولة حق أمام سلطان جائر، ويقول له مالم يسمعه من بطانته التى تنافقه وتمتدحه وتصعد به إلى مصاف الأبرار المقدسين ولا تنطق إلا بآيات شكره وحمده على مناصبهم ونفوذهم وفلوسهم ، يقول له مالم يقرأه من كتبته ومداحيه وطبالى مواكب نفاق السلاطين ومصاحبيه على جناح طائرته وعرشه، ويظل مخلصا لها حتى النهاية مهما يكن الثمن.
ظن الحاضرون أن بخروج الطفل قد إنتهت الأزمة وأنهم الأن سوف يستأنفون خلوتهم برئيسهم...
لكن جاءت المفاجأة الأخرى...
بعد أن أنتهت حالة التصفيق الحار للرئيس الذي مازال واقفاً يلوح بكلتا يداه.. وقف الرئيس أمام الميكروفون وشرع في قراءة الخطاب المكتوب من الورق الذي وضع أمامه...
كي لا يرتدي الرئيس نظارة القراءة حفاظاً على واجهته الذي يريد تقديمها بأنه مازال شاباً, تكتب الكلمات بالخط الكبير كي يسهل قراءتها وتحوي الصفحة الواحدة على متوسط خمسين كلمة فقط وهذا ما يجعل الرئيس يقلب الصفحات كثيراً أثناء إلقاء خطاباته.
"بسم الله الرحمن الرحيم
شعبي العظيم.. الذي استدعاني لأداء هذه المهمة الثقيلة في هذا الظرف الحساس للغاية.. السيدات والسادة الحضور.. لقد جئت هنا اليوم لا لكي أحتفي أو أتباهى بما حققته وأنجزته خلال العام الماضي.. ولكني جئت هنا لأذكركم بحجم التحديات والتطلعات التي تواجهني منذ يوم إستدعائي لهذه المهمة الثقيلة ونقف أمام ما تحقق وما هو في طور التنفيذ وما سوف ينفذ في الأعوام المتبقية"
إنتهت الصفحة الأولى.. وشرع في قراءة الورقة الثانية..
"في البداية أريد أن أتحدث عن التطور في منظومة الحريات في العام الماضي.. فتشير التقارير إلى أنه تم إعتقال تسعة وأربعون ألف مواطن في السجون المصرية في هذا العام ورصدت 150 حالة وفاه جراء عمليات التعذيب و295 في حالة خطرة بمستشفيات السجون.. وا وا وا"
هنا توقفت الكلمات التي لا تريد أن تخرج من فم الرئيس وشحب وجهه بعد أن هرب الدم من عروقه, ثم نظر الرئيس يميناً ويساراً ثم إلى الجالسين أمامه باحثاً عن سكرتيره الخاص.. وبسبب الحالة النفسية التي انتابته فهو لا يستطيع أن يميز الوجوه الجالسة أمامه.. ومد يده على كأس المياه الذي على يمينه وتجرعه عن أخره حتى صدر المَز من الكأس.. فما كان من الرئيس سوى محاولة الدفاع عن نفسه جراء ما ورد في التقرير قائلاً:
"ولكن أنتم تعلمون حجم المؤامرات التي تحاك بالوطن والإرهاب الذي يضربه من جميع الإتجاهات, وتسعة وأربعون ألف ليس بالرقم الكبير كما يتصور البعض بل أقول لكم أن عدد المتأمرين على الوطن أضعاف هذا الرقم وكل هؤلاء قبض عليهم بإذن قضائي, ومع هذا ليس من نهجنا هو إنتهاك كرامة أي مواطن في السجن أو الحبس الإحتياطي وما حدث من حالات تعذيب هي حالات فردية وسيعاقب مرتكبيها في أقرب وقت"
فجأة أصبح الرئيس مضطراً للدفاع عن قضايا إرتكب في عامه الماضي رغم أنه جاء اليوم ليتحدث عن إنجازاته في ذلك العام.. ولا يعلم كيف كتب له كاتبه المفضل الذي اصطفاه لكتابة خطابه الأهم تلك العبارات البائسة التي جعلته في وضعية المتهم.. يا ويل هذا الكاتب من عقاب شديد ينتظره!
فطن الرئيس إلى أن الكاتب أراد منه أن يخرس الألسنة المعارضة بأن يجيب على الأسئلة التي المعارضون الغوغائيون.. وبعدها سيبدأ سرد إنجازاته.
قلب الرئيس الصفحة الثانية وشرع في القراءة تحسباً للحديث عن إنجازاته...
"تشير المؤشرات إلى أن الحالة الإقتصادية الأن بالنسبة للمواطن في أقل مستواياتها منذ إثنين أربعون عاماً وقت أخر حرب خاضتها البلاد.. حيث تعد فرص العمل للشباب شبه منعدمة وهذا ما تبعه إزدياد معدل البطالة 7% مقارنة بالعام الماضي.. كما أدى رفع الدعم بنسبة 50% هذا العام الماضي إلى إزدياد معدل الفقر للمواطن بنسبة 30% ولا يوجد مردود ملموس للمواطن من إرتقاء مستوى الخدمات بعد رفع الدعم وزيادة الشرائح الضريبية.. فضلاً عن أن الأموال الطائلة التي تم جلبها من الدول الشقيقة المجاورة لم تؤثر في الوضع الإقتصادي بشكل عام وكل التقارير البنكية تشير إلى أنها لم يتم إنفاقها حتى الأن في مشاريع إقتصادية بل تمنح كفروض للمستثمرين.. وأن المشروع الكبير الوحيد وهو توسعة الممر الملاحي للبحر تم تمويله من خلال أموال خاصة بالمواطنين عبر شهادات ادخار بفائدة شهرية.. ورغم هذا فلن يزيد عن دخل المشروع القديم سوى ب 10% زيادة متوقعة"
بدى على الحضور أن الرئيس يقول مالا ينتظروه, فهو يقول الحقيقة كما لم يحدث من قبل, وبدا أنهم لاول مرة أمام رئيس مختلف.. لكن الحقيقة لا يعرفها سوى الرئيس وحده.. إن هذا الحديث مُرغم عليه وليس نابع عن شرف بطوله لن يدعيها.. وقرر الرئيس التعقيب على ما قاله...
"ومن الذي قال أننا لسنا في حالة حرب.. نحن في حرب ضروس على الإرهاب الذي يضرب الوطن, وهي كما تعلمون أقوى من حروب الدول وبعضها.. قوتها نابعة من العدو يعيش بيننا.. من الممكن أن يكون صديقك أو جارك أو أخيك.. وربما تكون أنت دون أن تدري.. مشكلة الشباب أنه يريد أن يعمل في مجال دراسته, من درس الطب يريد أن عمل طبيباً, ودارس الهندسة يريد أن يعمل مهندساً وهذا هو حال جميع الخريجين في بلدنا.. لكن على سبيل المثال لقد أعلنت أن الشركات التي تعمل في مشروع توسعى الممر الملاحي الجديد تريد خمسة ألاف شاب كي يعملون في الحفر.. ولكن لا يوجد شاب جامعي تقدم للمهنة الشريفة.. أليست هذه فرص عمل كبيرة ومتوفرة؟! .. وكان يجب علينا رفع الدعم تدريجياً وبنهاية العام القادم لن يكون هناك دعم لأي سلعة.. وهذا لأنه لا توجد دولة تريد أن تتقدم وهي تدعم تنفق مليارات على الدعم, ونتائج هذا الدعم ستظهر في خلال خمس سنوات.. أما عن إرتفاع الشرائح الضريبية هناك في إنجلترا تصل الضريبة إلى نحو 70% من الدخل.. هذه من شيم الدول الكبرى.. أما عن زيادة أرباح الممر الملاحي بنسبة 10% فهذه نسبة مبدأية سوف تتضاعف في غضون عشرون عاماً عندما نبني محور الممر الملاحي"
تصفيق حاد من الحضور على ما قاله الرئيس دون أن يدرون أن الرئيس الان في مأزق كبير وهو يقول كلمات لا يؤمن بها ولم تكن متفق عليها.. وبينما يصفق ويهلل الحاضرون سُمع صوت من الخلف يقول:
"العلاوة يا سيادة الرئيس"
بعد حالة التصفيق والهتاف بدا على الرئيس الثقة وعدم التردد في قلب الصفحة الثالثة.. فهو الأن يمتلك موهبة الرد على الكلمات التي لا يتوقعها...
"يشعر الجميع أن البلد في حالة من الفراغ السياسي والتشريعي خاصة وأن الوطن بلا مجلس تشريعي وهذا لا يستقيم في أي دولة ديمقراطية, خاصة وأن السلطة التشريعية والتنفيذية في قبضة رجل واحد وهو الرئيس.. والرئيس والحكومة لا يريدون أن يكون هناك برلمان في الوقت الراهن كي لا توجد رقابة على السلطة التنفيذية غير أن الرئيس يريد السلطة التشريعية في قبضته لأطول فترة ممكنة كي يتمكن من إصدار القوانين من دون رقيب"
هنا شعر الرئيس لأول مرة أنه عارياً من التفكير كي يستطيع التعقيب على ما قرأه على الناس وهم يظنون أنه هو من كتب هذه الكلمات أو على أقل تقدير وافق عليها.. ثم قرر أن فجأه أن يلقي الكرة في ملعب السلطة القضائية قائلاً:
"وأنا أيضاً إذا كنت في مكان الناس سينتابني نفس الشعور.. ولكني في الحقيقة طلبت من السلطة القضائية أن يقيموا الإنتخابات في أسرع وقت لأن التشريع عبئ على كاهلي لا أتحمله وأستخدمه في أضيق الحدود.. وأنا أطلب منهم أن يدعوا الناس للإنتخابات في غداً إن أمك"
شعر الرئيس بالإرهاق الشديد بعد أن أجهده الفخ الذي وقع فيه وقرر إنهاء كلمته قائلاً:
"في نهاية حديثي أريد القول بأن مصر تتقدم يوم بعد يوم والناس تشعر بتغيير حقيقي والوضع الإقتصادي في إنتعاش حقيقي ومناخ الحريات في إزدياد حقيقي.. نحن نعيش تحت مظلة حكم ديمقراطي حقيقي... شكراً"
بعد تصفيق الحضور للرئيس إلتف حوله حراسه وظهر سكرتيره الخاص لأول مرة فسحبه الرئيس من يده جانباً وقائلاً بعصبية شديدة:
"من الذي كتب هذا الخطاب؟! ولماذا لم تراجعه بنفسك؟!"
السكرتير متعجباً:
"لم يكن هناك خطاب مكتوب يا سيدي الرئيس"
الرئيس مندهشاً:
"كيف؟؟ ومن ماذا كنت أقرأ إذاً؟!"
السكرتيرمستنكراً:
"سيادتك طلبت بأن تقول خطاباً مرتجلاً من القلب.. لكن فور وقوفك أمام الميكروفون وجدناك تُخرج ورقاً من جعبتك ووضعته أمامك وبدأت تقرأ منه"
الرئيس منفعلاً:
"ظننت أنك وضعته في في جيبي مثل كل خطاب.. من وضعه إذاً؟!"
السكرتير خاجلاً:
"هذا الثوب ليس به جيوب من الأساس سيدي الرئيس"
الرئيس مشيراً على الجيوب التي لا يراها سواه:
"إذا ما هذه أليست جيبوب.. يبدو أنك تحتاج لكشف عند طبيب العيون!"
صمت السكرتير وأشار للحرس بالإلتفاف حول الرئيس تحسباً لإخراجه من القاعة أولاً كي لا يتجمهر الناس حولة.. وبينما يُفتح الباب للخروج شاهد الرئيس الطفل المطرود مع أبيه وحدهما في الخارج والطفل يشير إليه ويضحك.
فوقف الرئيس أمام الطفل الضاحك وأبيه الخائف قائلاً بابتسامته المعهودة:
"عن ماذا تضحك أيها الولد الجميل؟!"
فقال الطفل ضاحكاً بصوتٍ عالٍ وهو يشير إليه:
"ألم تشعر أيها الرئيس أنك اليوم عارياً"
وضع الرئيس عينه إلى أسفل وضعية الإنكسار ثم اقترب أكثر من الطفل وجلس على ركبتيه ثم قال للطفل في أذنيه:
"أنت الوحد الذي شعرت بي من بين هؤلاء الجهلاء"
فقال الطفل مندهشاً:
"كيف أراك عارياً وأنت لا تشعر بعريك !"


اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.