مدعو "العلم" يطالبون مواجهة "التطرف" بأفكار شاذة تناسوا الدين، وتجاهلوا التراث، وتجمعوا ليخوضوا فى أفكار ليست من شأنهم التبحر فى أبوابها، الإ عندما يمتلكون من العلم ما يؤهلهم لذلك، وبدعوى مواجهة "الإسلام السياسى، الفكر المتطرف"، أشعلوا الجدل فى جميع الأوساط، بزعم أنها لا تتناسب مع العصر الحديث، لتصحيح المفاهيم الوافدة من الحركات الوهابية. بالأمس خرج علينا من يطالب بتنقيح كتب التراث، ومحو القصص الدينية للصحابة و السلف الصالح من المناهج الدرسية، لأنها تدعوا إلى الإرهاب، وتطرف الفكر، واليوم ينادى الدكتور شريف الشوباشى، بعمل مليونية "خلع الحجاب"، فى ميدان التحرير، وسط حماية الرجال مايو المقبل.. الدعوة التى لاقت جدلاً كبيرا من قبل الشارع المصرى، إعتبروا أنّ فحواها يناقض حرية اللباس، كما أنهم رأواأنها لا تختلف عن دعوات التيار الديني المؤيدة للحجاب إذ أن كليهما يرغب في تحريك المرأة في الاتجاه الذي يراه دون أن يترك لها حرية الاختيار. من جانبه اعتبر الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، دعوات خلع الحجاب إهانة للنساء المحجبات، قائلا إنها مرفوضة جملة وتفصيلا، مطالبا من يحملون هذه الأفكار الشاذة بأن يكفوا عن التعرض لقيمنا الأصيلة. وأضاف شومان إن المطالبة بترك الحجاب والتظاهر بدونه يعد تدخل سافر واعتداء صارخ على حرية وكرامة الإنسان، فكما لايجوز له أن يطلب من المرأة ترك الصلاة أو الصيام أو الحج، فلا تجوز أيضا مطالبتها بترك الحق الذي آمنت به من تلقاء نفسها، مشيرًا إلى أن المرأة المصرية غنية عن نصائحهم وتملك إرادتها التي تمكنها من التعبير عن حقوقها والمطالبة بها بعيدا عن وصاية هؤلاء. وأوضح وكيل الأزهر أن دعوى قهر المرأة من قبل أوليائها وإلزامها بارتداء الحجاب تعتبر مردودة على أصحابها فإن كثيرات ممن يرتدين الحجاب يخرجن من بين أسر يوجد بين أفرادها غير المحجبات وربما تكون والدتها نفسها. في السياق ذاته، أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، أن مقابلة الرجال بدون غطاء رأس داخل المنزل يكون علي المرأة ذنب لصغر سنها. وأشار إلى أن الأئمة أجمعوا علي أن المرأة تسقط حجاب الرأس فقط فى السن "فوق ال80 سنة"، رافضا الدعوات الداعية لخلع النساء للحجاب فى ميدان التحرير. وقال إن تلك الدعوات خرجت من قبل، كدعوة هدي شعراوي وسيزا النبراوي، و هدية بركات ونبوية موسي في أسكندرية بعد العودة من اوروبا ولم تتغير طبيعة المجتمع المصرى، موضحًا أن الملكة نازلي أول من خلعت الحجاب أمام الرجال، قائلا:" كل أصحاب تلك الدعوات لايقرءون التاريخ ولا تعيش معانا ومتعرفش الواقع المصري فيه أيه". بينما رحبت الدكتورة هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، دعوة الشوباشي، لفتيات مصر لخلع الحجاب في ميدان التحرير، مؤكدة أن جماعات الإسلام السياسي منذ انتشارها في فترة السبعينات والثمانينات، وهي تحاول تغيير مفاهيم الهوية الثقافية للمجتمع المصري، كي يتلاءم مع حلم "دولة الخلافة"، الذي بدأوه بفرض الحجاب على المرأة المصرية، وانتشار بعض الشعارات، مثل "أختي المسلمة" و"الحجاب فريضة". وقالت بدران، إن بعض الفتيات خلعن الحجاب قبل دعوة الشوباشي، كي يثبتوا أنهم ليسوا "إخوان"، وهي صحوة مضادة للفكر الوهابي المتأسلم. على الجانب الآخر رفض عدد من الحقوقين دعوة "خلع الحجاب"، وطالبت ماجدة فراج، ناشطة حقوقية، بعدم اثارة البلبلة بتلك الظاهرة، واحترام خصوصيات الآخرين،مشيرة إلى أن دعوة مليونية "خلع الحجاب" تثير الفتنة والبلبلة بين المواطنين، قائلة "إننا لا نجبر أحد على ارتداء الحجاب ولكن نرفض من يجبرنا على خلعه". وشددت - غدير أحمد - مؤسسة صفحة "ثورة البنات"، على فيس بوك"، على رفضها لتظاهرت خلع الحجاب ، مبررة ذلك بأن من دعا إلى هذه التظاهرة رجل وليست امرأة، وان من يجب أن يقودها امرأة . بينما قال نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، إن الدعوة التى أطلقها الشوباشى تعتبر شكلاً من أشكال العنصرية، وتؤدى إلى حدوث فتنة فى المجتمع وتُمثل تحدياً لتناغم مسلمى مصر وأقباطها. أضاف إن مثل تلك الدعوات مرفوضة، لأن الحجاب فريضة دينية يجب عدم المساس بها، كما أن مثل هذه الدعوات تمثل انتهاكاً صارخاً للحرية الشخصية، واعتداءً على قيم وفرائض دينية، وشكلاً من أشكال العنصرية، وتؤدى إلى إحداث الفتن والبلبلة، بين الفتيات اللاتى يرغبن فى ارتداء الحجاب، وبين أخريات قد لا يرغبن فى ارتدائه. وعلى شبكات التواصل الإجتماعى، انتقل الجدل سريعا إلى موقع "تويتر" بالتغريدات التي تطرح وجهات نظر مؤيدة ومعارضة لدعوة خلع الحجاب في ميدان التحرير إذ تصدر هاشتاغ "مليونية خلع الحجاب"، لاسيما بعد تصريح الشوباشي الذي رأى فيه أن "99% من العاهرات يرتدين الحجاب" وهو تصريح أثار جدلا واسع النطاق. وانعكس الجدل على موقع "تويتر" إذ نشر المغردون الرافضون للدعوة صورا لحجاب المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام وصورا لأول مذيعة محجبة في التليفزيون الأمريكي، في حين بدأ مؤيدو الدعوة في نشر صور تظهر نساء مصر في خمسينات وستينات القرن الماضي بدون حجاب مع دعوات للعودة إلى "الزمن الجميل". من العدد المطبوع من العدد المطبوع