توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    فضيحة إسرائيلية: حملة تضليل ممولة لخداع الجمهور الأمريكي    تراوري يسجل الهدف الأول لمنتخب بوركينا فاسو في شباك الفراعنة    القيعي: أشفق على كولر بسبب الضغوط.. وأطالب اللاعبين بالتركيز    "هدية" تطلق خدماتها لقرابة ال 10 ملايين حاج ومعتمر وزائر    الحبس وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة استخدام برنامج معلوماتي في محتوى مناف للآداب    بظل شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. اقتحام واسع للمسجد الأقصى وطقوس ل"أمناء الهيكل"    الأربعاء ..الصحفيين توقع بروتوكول تعاون مع بنك ناصر الاجتماعي    ارتفاع أسعار النفط وسط آمال خفض الفائدة الأمريكية في سبتمبر    نور الشربينى تواصل الدفاع عن اللقب وتتأهل لنصف نهائى بريطانيا المفتوحة للاسكواش    أحلى بطيخ ممكن تاكله والناس بسأل عليه بالاسم.. بطيخ بلطيم.. فيديو    الأرصاد تكشف حالة الطقس أيام عيد الأضحى وتؤكد: الجمعة ذروة الموجة الحارة    عمرو دياب يُحيي حفل زفاف جميلة عوض وأحمد حافظ    الشوبكى: الهدف من بيان «شاس الإسرائيلى» مواجهة الأحزاب المتشددة    وفاة المخرج المسرحي محمد لبيب    ماذا كان يفعل النبي محمد بعد رؤية هلال شهر ذي الحجة؟ دار الإفتاء توضح    «زوجي عاوزني أشتغل وأصرف عليه؟».. وأمين الفتوى: عنده مشكلة في معرفته لذاته    «يقول الشيء وعكسه ويروي قصصًا من خياله».. ماذا قالت اللجنة الطبية عن القوى العقلية ل«سفاح التجمع»؟    تفاصيل إصابة لاعبي الكاراتية بمركز شباب مساكن إسكو    ميلان يعثر على خليفة جيرو    حزب مصر أكتوبر يجتمع بأمانة الغربية بشأن خطة عمل الفترة المقبلة    جمال شقرة يرد على اتهامات إسرائيل للإعلام: كيف سنعادى السامية ونحن ساميون أيضا؟    توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الثاني من شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أحمد فايق: الثانوية العامة مرحلة فى حياتنا علينا الاجتهاد والنتيجة على ربنا    وجدي زين الدين: خطاب الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة يحمل توجيهات لبناء الإنسان    موعد صلاة عيد الأضحى 2024.. بالقاهرة والمحافظات    جامعة أسيوط تشارك في المؤتمر ال32 للجمعية الأوروبية لجراحي الصدر بإسبانيا    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    خبير علاقات دولية: جهود مصر مستمرة في دعم القضية الفلسطينية (فيديو)    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    انطلاق فعاليات الملتقى السنوي لمدراء الالتزام في المصارف العربية بشرم الشيخ    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    المشدد من 7 إلى 10 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    «تموين القاهرة» تضبط أكثر من 11 طن دواجن ولحوم و أسماك «مجهولة المصدر»    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القنوات المتخصصة».. من القيادة الإعلامية إلي القيادة البيروقراطية وبالعكس
نشر في القاهرة يوم 24 - 11 - 2009

عالمنا الآن هو عالم تشابك المعرفة عالم الشفافية في النفاذ إلي أفكار الآخرين فالإنترنت يضع كوكبنا الصغير هذا في متناول يدك فماذا تفعل قنوات الإرسال التليفزيوني إزاء هذا الزخم؟
الاتجاه العام هو: «التخصص» فبدلا من أن تتابع قناة تقدم لك الأخبار، ثم التحقيقات التليفزيونية ثم الأفلام، إلخ إلخ رأي بعض خبراء الإعلام أن تتم «فهرسة» القنوات: قناة للرياضة وأخري للأفلام وثالثة للأزياء وعلي هذا النحو يستطيع المشاهد أن يعثر بسهولة شديدة علي نوعية المادة التي تجيب علي رغباته.
الفراغ الكبير
ومنذ ما يقرب من عشرين عاما بدأ التليفزيون المصري يأخذ بهذا المبدأ وربما ترجع الفكرة إلي الإعلامي حسن حامد فقد رأي ضرورة مخاطبة العالم بلغته مع التوسع في البرامج الناطقة بالإنجليزية وكذلك الناطقة بالفرنسية فضلا عن العبرية ثم انتقل حسن حامد إلي إرساء قنوات متخصصة للرياضة وللمرأة والطفل وللثقافة وللدراما وللأخبار إلخ.
لكن يبدو أن إحالة حسن حامد إلي المعاش تركت فراغا كبيرا إن لم أقل اضطرابا في تسيير العمل بالقنوات المتخصصة وذلك لانعدام وجود قيادة «متخصصة» لتلك القنوات.
لقد تحولت القيادة من إعلامية توسعية إلي قيادة بيروقراطية أرشيفية ولم يحدث في تاريخ وسائل الإعلام في أي بلد يكون علي قمة الهرم - القائد - ينحصر عمله في حجز الكاميرات، المساومة علي ساعات المونتاج، رفض المشروعات الفكرية والحضارية بمعيار: «دمها تقيل - عايزين حاجة دمها خفيف» كأنما نحن في جلسة سمر عائلية.
وفي تلك المرحلة لم تصمد سوي القنوات التي يرأسها من لهم «بل: لهن» خبرات ومكتب إعلامي، وفي مقدمة هذه القنوات الأخبار وعلي رأسها سميحة دحروج والمنوعات وعلي رأسها سلمي الشماع ثم إلي حد بعض إنتاج درامي متكامل أفلتته عفاف طبالة من قبضة القيادة البيروقراطية.
قنوات الدم الثقيل
أما القنوات الأخري ذات «الدم التقيل» مثل التنوير فقد ضيقت الإدارة البيروقراطية الخناق عليها وذلك بدلا من أن تقيم منافسة رياضية بينها وبين القناة الثقافية.
لكن مهما كانت قوة الإدارة البيروقراطية فالعمل التليفزيوني عمل يراه الناس ولكي يراه الناس لابد أن يضلع به فريق عمل متجانس من مخرج وسيناريست «أو معد» ومصور ومصمم ديكورات إلخ.
وهنا تقع الإدارة البيروقراطية في الفخ لماذا؟ لأنها استبعدت كبار الإعلاميين وكبار الفنانين والفنيين ولجأت إلي توظيف مؤقت للشباب وبعقود لا تزيد مدتها علي ستة أشهر قابلة للتجديد حسب الحالة المزاجية للقيادة البيروقراطية.
والشباب عندما تتاح لهم الفرصة يتشبثون بها بكل قواهم لا تهم المكافآت التي تصل إلي ما بين 40 و70 ألف جنيه شهريا للقيادة البيروقراطية بل يكتفون بمائتي وثمانين جنيها قد لا تكفي لتسديد فاتورة البوفيه ومع ذلك ولد مخرجون جدد بعضهم علي أعلي مستوي فكرا وتعبيرا رغم الحدود الضيقة المفروضة عليهم.
أفلام وثائقية
فمثلا في قناة الأخبار ولدت مخرجتان لم تعط لهن في البداية الفرصة إلا لإخراج تحقيقات لا تتجاوز بضع دقائق فحولوا البضع دقائق هذه إلي أفلام وثائقية تتكامل فيها كل عناصر الإبداع البصري - السمعي، وهما: هالة خليل وهالة جلال.
كذلك قدم جمال الشاعر الفرصة لعدد من الشباب بالاشتراك مع القناة الفرنسية TV5 ليقدم كل واحد منهم أحد مظاهر القاهرة ولم يقل مستوي عملهم عن مستوي زملائهم الفرنسيين.
أيضا ساهم برنامج قصة قصيرة الذي تشرف عليه عفاف طبالة في إيجاد جيل جديد من السيناريست والمخرجين والمصورين، أذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر قصة لبهاء طاهر أسلوبها هو اللمسات والترقب والتطلع بنظرات ساهمة إلي حد بعيد والحدث محدود مكانيا فهو حديقة عامة بمدينة سويسرية لا أدري إن كانت جينيف التي أعرفها وفي الحديقة في موعد يحدد مصادمة بين اثنين شاب وفتاة لا يعرف أحدهما الآخر ومع ذلك فهناك نوع من المشاركة الوجدانية تربط بينهما
عمل صعب إلا أنه نفذ بنفس قدر أسلوب بهاء، أسلوب يعمل علي تخطي ترجييف ودستونيسكي في قصصه المتوسطة الطول كالليالي البيضاء وأن تعطينا الشاشة المعادل البصري - السمعي لعمل كهذا لهي قمة في الإخراج.
طاقات متفجرة
أصبح الوضع كالآتي: قيادة تحبس طاقات متفجرة وطاقات متفجرة تتحدي القيود رغم أنها لا تعطي ساعات مونتاج كافية ولا أيام تصوير كافية وإلي جانب ذلك اتجهت القيادة البيروقراطية إلي ما سمته بالتقشف وترجمته القيام بمسح لأرشيف التليفزيون - أو ما تبقي منه - واستخراج موضوعات قابلة لتجديد ما تم تصويره منذ الستينات.
بالطبع لا توجد وسائل لنقل أي أرشيف ما لم يتم «الضغط» أولا أي ما نسميه «Digitise» وتوحيد المصادر من شرائط ووثائق مكتوبة ووثائق مصورة وتصوير Life بحيث تتفاعل كلها لتصبح مادة رقمية موحدة.
ومثل هذا العمل يتطلب ساعات هي أضعاف أضعاف ما يتطلبه برنامج جديد.
الفخ مزدوج إذن، وكان لابد من اللجوء إلي متخصص لأن القنوات كما نعرف جميعا تسمي بقنوات النيل «المتخصصة» وجاء تكنولوجي في صورة متميزة هو: أسامة الشيخ، وأقول «متميز» نتيجة لتعاملي معه عندما كنت أقدم أعمالا فيديوية لل ART.
خيبة أمل
أسامة دقيق في عمله ويعرف جيدا حساب الزمن اللازم لإنتاج برنامج ناجح وانتظرت حتي يقوم بكنس ما تركته القيادة البيروقراطية من غبار وإذا بي أصاب بخيبة أمل.
قناة الدراما لم تعد تطرق دور الدراما في حياتنا ولا تناقش مشاكل المبدعين وإنما تعيد عرض المسلسلات التي قدمتها القنوات الأرضية بالتركيز علي «الرمضانيات».
وعندما أهتم بعمل درامي فهي لا تعطي الكلمة لمبدع العمل بل تلجأ إلي ثرثرة مع النجوم مع ختام كل تعليق بأفعل التفضيل: ما أروع هذا السيناريست ما أجمل هذا الممثل إلخ، إلخ.
أما مكان الثقافة فقد بدأ بإلغاء قناة التنوير عندما أحيل رئيسها الشاعر ماجد يوسف إلي المعاش فطلب منه أن يأخذ القناة معه إلي بيته ولم يعد لها وجود بالرغم من محاولة جمال الشاعر إنقاذ ما هو قيم بإعادة عرضه علي شاشة الثقافية.
أين مكان الثقافة السينمائية في عصر الانتقال من حضارة النص المكتوب إلي حضارة النص البصري - السمعي؟
أين الصورة التي تقدمها مصر للعالم، بينما قنوات العالم هي التي تعرض مظاهر الحضارة المصرية بعمق وبدقة تاريخية، وبالاعتماد علي الكشوف الحديثة؟
أفلام وثائقية
منذ خمسة أعوام قدمت القناة الفرنسية T.V5 سلسلة من الأفلام الوثائقية عن رواد الغناء المصري فيلم «أم كلثوم» مثلا يبدأ بالقرية التي ولدت فيها وتعلمت فيها قراءة القرآن حتي وصولها إلي القمة وكذلك فيلم عن عبدالوهاب وفيلم عن فريد الأطرش بينما نحن، نحن لا نفعل شيئا.
هذا عن القنوات المتخصصة وإلي جانبها وتحت نفس القيادة إدارة تسمي بإدارة الإنتاج المميز تبني رئيسها السابق دويدار الطاهر مجموعة من المخرجين منهم علي سبيل المثال: «عمر ناجي» وبعد دويدار جاء مهدي القماطي ولا أدري كيف استطاع في فترة وجيزة تزيد علي عامين أن يعطي الفرصة لعدد من الشباب منهم مخرج «متميز» هو «عز الدين سعيد» وقد نال فيلمه «الرهوان» نجاحا كبيرا عندما عرض في المهرجان القومي الخامس عشر للسينما المصرية هذا العام.
ثم هناك ما هو أخطر: من الآن يبدأ الإرسال بالألياف الضوئية يحل محل نظام الكابلات وكل ما عندنا من شرائط لابد أن يعاد ضغطها لتوائم ميكانيكيات الإرسال الجديد فالشاشة ستصبح عريضة شبه مقوسة وليست الشاشة شبه البيضاوية الحالية وهذه الثورة الفوتونية تجيء بعد الثورة الإلكترونية وتصوير أي عمل حسب نظامها يتطلب تمرسا علي التصوير والإخراج وفق نسب 9*16 بدلا من النسبة الحالية 3*4.
ما الذي تعده القنوات المتخصصة لمواجهة هذه الثورة البصرية - السمعية التفاعلية؟
مجرد سؤال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.