آخر تحديث ل سعر الذهب بمحلات الصاغة.. اعرف عيار 21 بكام    توقيع خطاب النوايا بین «الكفایة الإنتاجیة» ومكتب «يونيدو» بالبحرين    رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة يستعرض أعمال تطوير محطة مياه الشرب    تعرف على مواصفات هيونداي كريتا 2024 فئة Smart أهم مزايا السيارة الداخلية والخارجية    حماس: تعديلات إسرائيل على المقترح الأخير وضعت المفاوضات في طريق مسدود    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى مقدمة التحرير والاستقلال.. والاحتلال يصارع من أجل البقاء    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى اجتاحت قلاع الاحتلال الحصينة.. وتذل جيشا قيل إنه لا يقهر    الأمم المتحدة: لم يعد لدينا طعام أو خيام لحوالي مليوني شخص في غزة    وصول الشحنة السابعة من المساعدات الباكستانية لغزة إلى بورسعيد    عاجل.. كاف يكافئ الزمالك بسبب الأهلي ويصدم نهضة بركان بقرار رسمي.. مستند    مؤتمر «الكيانات المصرية فى أوروبا» يناقش استعدادات تنظيم بطولة الكاراتيه الدولية في الغردقة    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس لمدة أسبوع.. الحرارة تصل إلى 42 درجة    قرار قضائي بشأن متهمين في مشاجرة دامية بالمقطم    خالد أبو بكر مهنئا «القاهرة الإخبارية»: فكرة وصناعة مصرية خالصة 100%    نادين: مسلسل «دواعي سفر» يستعرض دور الطب النفسي في علاج المشاكل    أيمن حسن داود يكشف مشكلات سفر الشباب في عودة المجد    3 قوافل لجامعة كفر الشيخ ضمن حياة كريمة في مطوبس.. تفاصيل    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    كوارث النقل الذكى!!    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    6 مستشفيات جديدة تحصل على اعتماد «جهار» بالمحافظات    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    نائب محافظ الجيزة تشهد فعاليات القافلة العلاجية الشاملة بقرية ميت شماس    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    "رسميًا".. موعد عيد الاضحى 2024 تونس وعدد أيام إجازة العيد للموظفين    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما زلنا نقيم حفلات الاحتفاء والتكريم لفن صار علينا أن نؤبنه
نشر في القاهرة يوم 17 - 11 - 2009

كنت أتصور أن المؤتمر الذي أقامه المجلس الأعلي للثقافة هو بمثابة تأبين في وداع هذا النوع من الفن الإبداعي العظيم الذي تألف في فترة بعينها من الزمن وليس محاولة لإحيائه وتمجيده كي يبقي لسنوات أخري أو لعقود علي قيد الحياة أشبه بجثة لم يتم دفنها بعد.
والغريب أنني كنت قد كتبت مقالا في «القاهرة» نشر قبل عدة أشهر حول القصة القصيرة أشرت فيه إلي معركة أدبية أثرتها منذ أكثر من ربع قرن، حين كتبت وأنا في بداياتي مقالا نشر في كل من مجلة الهلال وجريدة الأهرام حول نهاية عصر القصة القصيرة حين أعلن كتاب القصة القصيرة آنذاك ما يشبه بإحلال دمي لأنني بذلك ألغيت نشاطا إبداعيا مزدهرا في مصر والعالم العربي دونا عن بقية العالم.
حادثتان
والحقيقة أنني لم أكن أنوي الرجوع إلي هذا الموضوع أو استغلاله أو التطرق إليه مرة أخري وأنا الواثق دوما بأن المسئولين لا يقرءون وأيضا المبدعين أنفسهم وتابعت المؤتمر عن بعد إلي أن وجدت نفسي أتحدث إلي الكاتب الكبير بهاء طاهر بشأن آخر غير هذا الموضوع ووجدتني أطرح عليه سؤالا غير مقصود في نهاية المكالمة عمن يكتب القصة القصيرة في العالم الآن فقال: ماركيز. وهنا أسقط الأمر من يدي فماركيز كتب إبداعاته القصيرة المعروفة قبل نصف قرن ثم تفرغ للروايات التي منحته كل هذا المجد.
وفي يوم الثلاثاء 10 نوفمبر كان هناك أمران أثارا في نفسي الرغبة في العودة إلي موضوع القصة القصيرة الأول مقال منشور في القاهرة للدكتورة فاتن حسين تحت عنوان «ملتقي القاهرة الأول محاولة جادة لإحياء فن القصة القصيرة» والأمر الثاني متابعة لحفل تكريم بدار الكتب المصرية بباب الخلق في مجلة صباح الخير بقلم الدكتورة عزة بدر..
في مقدمة هذا التكريم جاء علي لسان الأستاذ بهاء طاهر الآتي: «إن مصر جنة القصة القصيرة في العالم كله» وأن «فن القصة القصيرة الذي أوشك أن يندثر في العالم كله يزدهر في مصر ويعد من المعجزات أنه يوجد لدينا العديد من كتاب القصة القصيرة المجيدين من كل الأجيال.. وهذه ظاهرة مبشرة جدا، وما زالت دور النشر عندنا تنشر ولا أقول ترحب بنشر القصة القصيرة..
ما جاء في كل من «القاهرة» و«صباح الخير» يؤكد علي السطر الأول من مقالي الذي نشرته في الهلال في يونية عام 1982 أن أدباء العالم في واد وأن أدباء مصر في واد آخر وأشرت أن كتابنا في تلك الآونة وربما حتي الآن لا يتابعون ما يحدث في الأدب العالمي بشكل جيد وأن القصة القصيرة التي تزدهر في مصر قد تم إعلان وفاتها في العالم وأن كبار كتاب العالم إن لم يكن أكثر من 90% منهم قد هجروا القصة القصيرة إلي الأبد.
أذكر أنه في تلك الآونة كانت جريدة لومون تنشر في ملحقها الأدبي الأسبوعي قصصا قصيرة متوسطة المستوي لأدباء لا يذكر أحد عنهم شيئا سواء في تلك الفترة أو بعد مرور ربع قرن وما لبثت الجريدة أن توقفت عن ذلك مما زاد من انكماش اللجوء إلي قراءة أو كتابة القصة القصيرة..
موضة
أما في مصر فإن الأمر تحول إلي «موضة» أو «بدعة» حيث فتحت صحف كثيرة بعضا من مساحاتها لنشر القصص القصيرة وعلي رأسها الملحق الأسبوعي لجريدة الأهرام وأيضا جريدة المساء والكثير من الصحف الخليجية والجدير بالذكر أن الأمر نفسه تم للشعر الذي كان قد أعلن عن وفاته أيضا ببطء شديد وتم الأمر نفسه أيضا بالنسبة للمسرح كنص مكتوب.
أي أنه كانت هناك أسباب لازدهار القصة القصيرة في مصر؟ أولا وجود مساحات للنشر بالإضافة إلي الحاجز الأقرب إلي سوربرلين بين مثقفينا وبين ما يحدث في العالم بالإضافة إلي أزمة الترجمة في مجال الإبداع بشكل خاص..
ما جاء علي لسان الدكتورة عزة بدر نقلا عن بهاء طاهر، والدكتورة فاتن حسين فإن هناك اعترافا أن القصة القصيرة حتي في مصر قد ماتت والدليل العنوان «محاولة جادة لإحياء.. وان فن القصة القصيرة الذي أوشك أن يندثر في العالم كله يزدهر في مصر» مما يؤكد عبارتي القديمة أن مثقفينا في واد والعالم في واد آخر، فمازلنا نقيم حفلات التكريم لفن صار علينا أن نؤبنه. لا أن نحتفل به..
لا أميل إلي إصدار الأحكام القاطعة في شأن الإبداع والثقافة وأن نؤكد أن أحدا لم يعد يكتب هذا الفن في العالم، فهو موجود تواجد الأنفاس الأخيرة لكائن حي يحتضر وأذكر علي سبيل المثال أن الكاتبة الفرنسية - السنغالية الأصل - ماري ندياي الفائزة بجائزة جونكور في الأدب هذا الشهر صدرت لها 23 رواية ولها مجموعة قصصية واحدة وأنها حصلت علي أكثر من جائزة مرموقة عن رواياتها وأن النقاد لم يكتبوا كلمة واحدة عن مجموعتها القصصية «كلهم أصدقائي» المنشورة عام 2004.
أعرف أن أدبائي المعاصرين المفضلين مثل باتريك موديانو الفرنسي وجون فاولز البريطاني وأيضا الشباب مثل ايان ماكوين وآمالي موتومب وغيرهم لم يكتبوا القصة القصيرة قط.
وإذا فكر أحدهم في أن يغير الكتابة فإنه يلجأ إلي السيناريو السينمائي وقد لجأت ماري نديان في كتابة مسرحيات كي تشارك زوجها الكاتب المسرحي جان - ايف سندري إبداعه بدافع أنها تحبه ولكنها لم تتميز في تأليف المسرحيات.
وفي مصر فإن الأمر لا يختلف كثيرا.. وأذكر تجربة نعمات البحيري التي تخصصت في تأليف القصة القصية وعندما قررت تأليف الرواية أبلغتني بقلقها الشديد حول التجربة فلما جاءت روايتها الأولي «أشجار عند المنحني» تفجرت فيها كل ينابيع الإبداع ورحب النقاد بعملها فصارت روائية وتركت القصة القصيرة جانبا إلا لدواع خاصة وأعرف أن سعيد الكفراوي قد كتب مؤخرا رواية ولديه حالة القلق الحادة التي راودت نعمات قبل نشر روايتها الأولي.
كتابنا الكبار الآن قامت شهرتهم المتألقة علي الروايات حتي وإن كانت بداياتهم كانت في القصة القصيرة والأسماء عديدة لكننا نذكر قليلا منها مثل بهاء طاهر، خيري شلبي، إبراهيم عبدالمجيد، يوسف القعيد، جمال الغيطاني، جميل عطية، محمد ناجي، وغيرهم.
ولا شك أن يحيي الطاهر عبدالله الذي لو قدر له أن يعيش إلي عصرنا لكتب الرواية ويمكن لهذا أن يتطبق علي الأغلبية أما حالة زكريا تامر وأنا الذي تابعته جيدا ورافقته عشرة أيام في معرض الكتاب في تونس عام 2007 فهي أيضا حالة إبداعية في الماضي أي أن الكاتب الذي بلغ أكثر من سبعة عقود من الزمن أي أنه ينتمي إلي مرحلة ازدهرت فيها القصة القصيرة.
الموضوع طويل ومتشابك وأخشي أن أكرر ما قلته مسبقا في هذا الشأن كل ما أتمناه أن يكون مبدعونا علي صلة بالعالم فيما يقرءون..
أي تآمر
لكن المثير حقا هو ما جاء في مقال الدكتورة فاتن حسين حين قالت: «لقد كان المتلقي حقا بمثابة قبلة الحياة التي أحيت فن القصة القصيرة. بعد أن تآمر عليها كثيرون لا لشيء إلا لأنها أدب جاء يحاول أن يبرز أدق لحظات الحياة الإنسانية يفضح الزيف الكامن في النفوس المريضة بكلمات قليلة معبرة وهي أشياء لا تقدر عليها الرواية لطولها وعدم وقوفها علي تلك التفاصيل الدقيقة».
هل هذا كلام يا دكتورة.. أي تآمر هذ الذي تقصدين ومن هم المتآمرون بالضبط وما أسماؤهم؟ فما جاء علي لسانك ينطبق أيضا علي الرواية وعلي جميع أشكال الإبداع الأخري وهو موقفك مع الرواية ووصفك لها أنها عاجزة أمام التفاصيل الدقيقة.
مقال الدكتورة مليء بالمعلومات المنقوصة فقالت إن القصة القصيرة شكل أدبي عبقري اخترعه في نهاية القرن التاسع عشر الكاتب الفرنسي جي دي موباسان بعد أن قرأ قصص «غرفة الأكاذيب» التي كانت تحكي في القرن الرابع عشر الميلادي في مقر الفاتيكان بإيطاليا ومخترعها «بوتشيو» إلي آخر ما جاء من معلومات.
نعم لمع موباسان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بأقاصيصه لكن ادجار إلن بو سبق زميله الفرنسي بثلاثة عقود وهو يكتب أروع القصص القصيرة في تاريخ هذا الفن وإذا كان هناك من برع في هذا الفن فهو «بو» ثم جاء موباسان من بعده والحقيقة أنه رغم سحر الكتابة في القصة القصيرة عند «موباسان» فإن قراءة متكاملة لروايته «حياة» تعد أكثر متعة من كل أقاصيص الكاتب.. ولعل هذا رأي شخصي في المقام الأول. كما أن الأمر ينطبق علي بعض من ذكرتهم الكاتبة فرواية واحدة لهيمنجواي بجميع ما كتب من قصص قصيرة كما أن قراءة المرحوم ماتيا باسكال لبيراند يللو تعادل كل ما كتبه ويكفي أنها كانت سبب منحه جائزة نوبل عقب نشرها بعامين وليست مسرحياته العظيمة المتألقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.