تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    فلسطين.. مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    تفاصيل الاتصال الهاتفي بين وزيري الدفاع الأمريكي ونظيره الإسرائيلي    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    هشام يكن: خسارة سموحة محزنة.. ويجب أن نلعب بشخصية البطل ضد نهضة بركان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    مخرج "العادلون": تقديم المسرحية ضمن المهرجان الإقليمي لفرق القاهرة الكبرى    حملات تموينية على المخابز السياحية في الإسكندرية    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب: ورثة جمال حمدان أمام خلاف حاد حول نشر أوراقه السرية
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 05 - 2010

هل عُرضت أوراق جمال حمدان الأخيرة علي الأستاذ محمد حسنين هيكل؟ وهل سلمت للدكتور صبحي عبد الحكيم؟ أين كان شقيق جمال حمدان الباريسي خلال حياته؟ أين حدود حق الناس في أن تعرف؟ وحق جمال حمدان في صيانة أسراره؟ كان جمال حمدان مشغولاً في أيامه الأخيرة بثلاثة كتب.. أين هي بعد رحيله؟ لماذا لم تطلب أسرته التحقيق في ملابسات وفاته؟ لماذا لم تحاول الأسرة جمع مؤلفاته ونشرها علي شكل أعمال كاملة؟
جمال حمدان
أوراق جمال حمدان السرية
عندما رحل جمال حمدان عن عالمنا قبل سبعة عشر عاماً. اكتشفت أسرته وجود أوراق دونها بخط يده علي شكل خواطر وانطباعات. إن كان وجود هذه الأوراق مؤكداً. فإن طريقة التصرف فيها تنوعت فيها الحكايات. قال لي أحد الأشقاء إنهم عرضوها علي الأستاذ محمد حسنين هيكل. وقال لي شقيق آخر إنهم أعطوها للدكتور صبحي عبد الحكيم.
عن نفسي رأيت هذه الأوراق وقرأتها لدي شقيقه اللواء عبدالعظيم حمدان. وبعد الأخذ والعطاء كان القرار عدم نشرها. فالرجل كتبها في أيامه الأخيرة. وفيها آراء بالغة الخطورة. ورغم مشاركتي في النقاش وموافقتي علي القرار وعدم تفكيري - مجرد تفكير - في نشرها. فإن الأمر يستحق الآن التوقف أمامه. هل من حق القارئ العادي أن يقرأ أي حرف كتبه جمال حمدان مهما كانت هذه الكتابة ومهما كانت ظروف كتابتها العامة والخاصة والوضع النفسي الذي كان يمر به جمال حمدان في أيامه الأخيرة؟ أم أن احترام خصوصيات جمال حمدان يفرض عدم النشر؟ بتحديد أكثر: ماذا يقول القانون في هذه المسألة؟ هل نصون الكاتب بعد رحيله بحجب أوراقه الأخيرة؟ أم أننا في زماننا هذا. زمن الفضائح علي الهواء. وزمن القتل رمياً بالشائعات من حق الجماهير أن تعرف. وأنه لا يقف أمام هذا الحق أي عائق يمكن أن يحول دونه؟
قال لي اللواء عبد العظيم إنه عندما عرض هذه الأوراق علي الدكتور عمر الفاروق - أستاذ الجغرافيا، وأحد تلاميذ جمال حمدان بل والروائي والكاتب المعروف - أشار عليه بشكل قاطع ألا يفكر في نشرها. تبقي القضية. هل كان من المفروض أن تودع لدي جهة علمية من أجل التاريخ وحقائق التاريخ فقط؟ أم تخرج علي العامة؟ هذا حوار دائر علي مدي سبعة عشر عاماً. أخرجه إلي النور مؤخراً التصرف الذي أقدم عليه شقيق آخر للدكتور جمال حمدان. هو الدكتور عبد الحميد صالح حمدان. وهو مغترب مصري في باريس علي المعاش الآن. دأب علي إصدار كتب عن جمال حمدان بعد رحيله. بعضها تلخيص لكتبه الأساسية. مثل: شخصية مصر. وبعضها الآخر كتابات عنه. ومنذ سنوات نشر كتاباً. قال إنه أوراق جمال حمدان. مر مرور الكرام. أي أن الشقيق الباريسي يريد أن يبقي أطول فترة ممكنة علي كتفي الشقيق الراحل. إلي أن فوجئت مؤخراً بالكتاب. أو إن شئت الدقة بالكتيب القنبلة. وأنا أقول الكتيب لأنه يقع في 71 صفحة. وعنوانه: العلامة الدكتور جمال حمدان. ولمحات من مذكراته الخاصة. وحتي هذا الكتاب لا توجد فيه الأوراق السرية الكاملة التي تركها جمال حمدان. بل حذف منها الكثير.
ورثة حمدان: قصور وتقصير
لا تنتظر مني التوقف أمام ما في هذه الأوراق. لأنني هذا الأسبوع أناقش فقط حدود حق الناس في معرفة كل ما يدور حوله. لكنني آخذ علي ورثة جمال حمدان الكثير من المآخذ. أولاً شقيقه الباريسي الذي لم تظهر له أي صلة بجمال حمدان في حياته. ولا أي كتابة عنه عندما كان حياً يرزق. ثم إنه من الثابت والمؤكد أن جمال حمدان كان يعمل في ثلاثة كتب في أيامه الأخيرة. تحدث عنها كثيراً معي ومع غيري من الآخرين. الذين تمكنوا من الوصول إليه في أيامه الأخيرة. كتاب عن اليهود أنثروبولوجياً. وهو تطوير لكتاب قديم كتبه كان يري أنه كان لا بد أن يكتب من جديد. ويصبح كتاباً جديداً. وكتاب عن العالم الإسلامي المعاصر. وله أيضاً كتاب صدر في أواخر الخمسينيات عنوانه: العالم الإسلامي المعاصر. وكان جمال حمدان يري بعد بروز الإسلام السياسي. وبعد تفجر البترول في دول إسلامية. أن الأمر يستلزم كتابة جديدة للكتاب القديم. أما الكتاب الثالث. فلن أذكر سوي اسمه فقط: سيكولوجية الحشاش.
هذه الكتب الثلاثة ضاعت ولم يتم التوصل إليها بعد رحيله المأساوي عن عالمنا. فهل أخذها أحد أفراد الأسرة الذين وصلوا إلي شقته بعد الحادث مباشرة؟ أم أن جهات التحقيق صادرتها؟ أم أن من تخلصوا منه وقتلوه كان هدفهم الحصول علي هذه الكتب؟ حتي مصير شقته الصغيرة المكونة من غرفة وصالة. لا نعرف عنها أي شيء الآن. بل إنني آخذ علي الأسرة أنها لم تتقدم بأي طلب للنيابة العامة منذ رحيله وحتي هذه اللحظة. تطالب بالتحقيق في ملابسات وفاته. التي أشك كثيراً أنها عملية قتل. مع احترامي لقرار النيابة بقفل التحقيق في الموضوع في ذلك الوقت. لكني أعتقد أن ورثته هم أصحاب المصلحة الأساسية في إعادة فتح التحقيق وصولاً لحقيقة هل مات جمال حمدان ميتة ربه؟ أم أنه قُتل؟ وعن نفسي لديّ أسباب كثيرة أنه مات مقتولاً. ولكن الحق في طلب التحقيق لا يخرج عن إطار ورثته فقط. أيضاً آخذ علي الورثة أن أحداً منهم لم يحاول جمع كل ما كتبه جمال حمدان علي شكل كتب. وما تناثر في الصحف والمجلات علي شكل مقالات. وما أدلي به من حوارات صحفية. رغم قلتها وندرتها. وإصدار ما يمكن أن يكون الأعمال الكاملة لجمال حمدان. وهو الجهد الذي لم يفكر الورثة في القيام به. ولم يحاول أحد من التلاميذ التقدم لعمل اللازم تجاه هذه القضية.
أيضاً من المعروف أن بعض كتب جمال حمدان تعرضت لحذف فصول كاملة منها. قال لي جمال حمدان. إن كتابه: شخصية مصر. حذفت منه في طبعته الأولي مائة صفحة كاملة. هي التي تدور حول التوقيع علي معاهدة كامب ديفيد وما ترتب عليه من آثار سلبية بالنسبة لوضع مصر ودور مصر وقيمة مصر وأهمية مصر. وأن المائة صفحة أخذت من المطبعة مباشرة وطبع الجزء الأخير من شخصية مصر ناقصاً هذه الصفحات. وقد اعترف ناشر الكتاب بصحة الواقعة عندما تكلمت عنها في ندوة عقدت منذ سنوات في ساقية الصاوي. ألا يستلزم الأمر البحث عما حذف من الكتاب سواء من خلال المطبعة التي كان يطبع بها. أو الجهة التي هاجمت المطبعة وانتزعت هذه الصفحات وأخذتها عنوة خارج أي سياق قانوني رغم أننا كنا وما زلنا وسنظل نسمع كلاماً لا أول له ولا آخر عن سيادة القانون؟
أعترف أن الاهتمام بجمال حمدان زاد كثيراً في الفترة الأخيرة بصورة لم تكن حادثة حتي في أيامه. كل يوم أكتشف دراويش جددًا لجمال حمدان. واستشهادات جديدة بجمال حمدان. وعودة إن لم تكن عودات لما كتبه جمال حمدان. لكن كل هذا الاهتمام لا يخرج عما قلته. بمعني أن الواقع المصري والعربي والإسلامي لم يفرز اسما يقرر أن يهب هذا الرجل جزءاً من عمره حتي يجمع أشتات ما تركه. بل إنه حتي قصة جمال حمدان نفسها لم تكتب بشكل كامل. أعرف أنه صدرت حوالي ستة كتب عنه. لكنها كلها تتعامل مع جمال حمدان علي طريقة العميان الذين وجدوا شيئاً هائلاً في الطريق. حاول كل منهم أن يتلمسه. واحد أمسك بقدمه. وواحد توصل لذيله. واحد وضع يده علي رأسه. لكنهم جميعاً لم يدركوا طبيعة هذا الشيء الذي يعترضهم. وهكذا كان التعامل مع جمال حمدان جزئياً بعيداً عن نظرة كلية لهذا الرجل صاحب المشروع الكبير. بما له وبما عليه.
العبارة الأولي في هذه الأوراق: مصر هي مصر.
والعبارة الأخيرة في هذه الأوراق: السؤال الحائر الملح القرن 21 قرن من؟
شهدي عطية والتنسيق الغائب
استغربت كثيراً جدا أن يقوم الدكتور أحمد القصير بتأسيس جمعية أصدقاء شهدي عطية الشافعي. وأن يقرر إقامة احتفال بمرور 50 سنة علي استشهاده. متجاهلاً في ذلك قصة طويلة لشهدي. هي قصة: حارة أم الحسيني. وهي أقرب للنوفيللا من حيث الشكل الفني. فهي رواية قصيرة أو قصة طويلة. ومعها قصة قصيرة عنوانها: من الجامعة إلي الوظيفة. وقصة قصيرة أخري عنوانها: جمال رخيص. اكتشف هذه الأعمال الشاعر والباحث والناشط الثقافي: شعبان يوسف. وأصدرها عن المجلس الأعلي للثقافة. مع مقدمة طويلة. حكي فيها ظروف وملابسات اغتيال شهدي عطية. نحن نعيب علي الحكم والدولة غياب التنسيق. وأن الكل يعمل منفرداً. مع أن التنسيق أكثر من مهم. ولكننا نقع في نفس الخطأ. فمثلاً أقام حلمي شعراوي ندوة منذ أكثر من عام عن أدب السجون. كانت فيها تناولات أكثر من مهمة لتجربة شهدي عطية الشافعي. بما فيها عملية اغتياله. وإن كانت أبحاث هذه الندوة المهمة لم تصدر بعد في كتاب. وها هو الكتاب الإبداعي لشهدي الذي يعد كشفاً أدبياً بكل معاني الكلمة سبقه تحقيق مهم قام به الدكتور رفعت السعيد. باعتباره مؤرخاً للحركة الشيوعية المصرية. عنوانه: الجريمة. فيه التحقيق الذي أجري وقت وقوع الحادث كاملاً. لفت نظري في مقدمة شعبان يوسف لهذه القصص نص النعي الذي نشرته أسرة شهدي عطية في الأهرام. وأبيات الشعر التي نشرت في النعي. عموماً عرفت أن المجلس الأعلي للثقافة يستعد لإقامة احتفالية الثلاثاء المقبل لشهدي عطية الشافعي. بمناسبة مرور نصف قرن علي واقعة الاستشهاد. كتبت هذا الكلام لأذكر جميع الفرقاء بأهمية وضرورة التنسيق.
حالة حوار مرة أخرى
أتوقف لثاني أسبوع أمام حلقة «حالة حوار» التي أجراها معي الإعلامي والروائي والكاتب الصحفي عمرو عبد السميع. وربما كانت المرة السادسة التي أظهر فيها في هذا البرنامج. ولكنها المرة الأولي التي أفاجأ فيها بردود أفعال كثيرة. تجاوزت حدود الوطن المصري. جاءني اتصال من الدكتور وليد محمود عبد الناصر سفيرنا في طوكيو باليابان. كان الصوت شديد الوضوح لدرجة أنني شعرت بأنه يتكلم من الغرفة المجاورة لي. وليد عبدالناصر وغيره من الذين اتصلوا ركزوا كثيراً جداً علي قدرة عمرو علي إثارة الحوار والجدل والنقاش وطرق الموضوعات. وهي الفريضة الغائبة في التليفزيون المصري. التي لم يكن يجرؤ أحد علي الاقتراب منها من قبل. وأيضاً الصدق الذي أجبت به عن كل التساؤلات دون حسابات أو توازنات. تبعه اتصال من الدكتورة ريم بسيوني. الروائية المصرية والباحثة والأستاذة في الجامعات الأمريكية. قالت لي إن زوجها - وهو أستاذ تاريخ - نبهها لضرورة تسجيل الحلقة. لتجعلها ضمن مواد تدريسها في الجامعات الأمريكية. ضمن برنامج لدراسة لغة الخطاب السياسي في مصر الآن. ولها قبل ذلك وبعد ذلك الكثير من الدراسات حول اللغة العربية في مصر الآن.
أما الدكتورة أماني فؤاد مدرس النقد الأدبي واللغة العربية والبلاغة في أكاديمية الفنون. فقد رأت في الكثير مما قلته تطوراً مهماً. لأفكاري وآرائي التي تشبثت بها سنوات طويلة. حول ثورة يوليو. والقومية العربية. والمجتمع المصري. والحراك الاجتماعي الذي تمر به مصر. وعن نفسي لا أشعر بما نتكلم عنه. عموماً من يري الإنسان من خارجه قد يلمح أموراً قد لا يراها الإنسان نفسه. وأنا أقول لها إنني أفرق دائماً بين أمرين أساسيين في حياتي. الثوابت والمتغيرات. أما الثوابت فلا اقتراب منها علي الإطلاق. لكن هذا لا يعني الجمود. ربما يعني التعامل مع المتغيرات انطلاقاً من الثوابت. في حالة توازن نادرة بين كل ما هو ثابت وكل ما يمكن أن يقبل التغيير.
عطر الأحباب
كثيرون ممن يقرأون هذه الصفحة انزعجوا في الأسبوع الماضي، لأن العنوان الرئيسي كان عن عزاء الأستاذ هيكل في محمود السعدني. ومعظم العناوين كانت تدور حول هذا الكلام، لكن المفارقة الغريبة أن نص الخطابين اللذين أرسلهما الأستاذ هيكل لأكرم السعدني وصلاح السعدني لم ينشرا. وكنت قد أرسلت صورة للخطابين، بعد أن أعطاهما لي الأستاذ هيكل بهدف النشر. رغم اعتراض الأستاذة جيهان عطية. مديرة مكتب الأستاذ هيكل وسكرتيرته الخاصة علي النشر. باعتبار أن الخطاب ملك المرسل إليه. وليس مرسله. وقد طلبت منها التجاوز عن هذه المسألة الشكلية باعتبار أن الهدف النهائي من النشر هو المصلحة العامة وتعليم الأجيال الجديدة قيمة الوفاء التي تراجعت كثيراً من حياتنا.
لذلك وجب الاعتذار عن هذا الخطأ غير المقصود إطلاقاً. أنا عن نفسي أعتذر. ولأنني أكتب في الدستور «من منازلهم». كاتب لا يملك سوي رصيد قلمه عند الناس. لذلك أعترف أنني لا أملك حتي معرفة حقيقة ما جري. أفوض أمري لله. وأعتذر مرة أخري - وأتمني أن تكون الأخيرة -.
وهذا نص الرسالتين. الرسالة الأولي موجهة لأكرم السعدني.
القاهرة في 5 مايو 2010
الابن والصديق العزيز/ «أكرم السعدني»
لقد كنت أتمني لو كنت معك ومع الأسرة كلها في هذه اللحظة الحزينة التي أخذت منا ذلك الصديق الكريم، والكاتب الكبير «محمود السعدني» لكن الظروف قضت أن أكون بعيداً عن السعي إليكم، والوجود بينكم في مراسم الرحيل.
وأنا أعرف كم أن «محمود السعدني» كان عاشقاً لأسرته، ولكني أعلم في نفس الوقت كم كان عاشقاً لوطنه، وفياً لمبادئه، مقيماً علي عهوده، ساخراً في كل المواقف بالحكمة، مبتسماً في كل الأزمات بذلك الرضا الذي يسبغه الله علي عباده من المؤمنين.
إنني أرجو أن تتقبل - وكل أفراد الأسرة - عميق مشاعري، وإحساسي معكم بهذه الأحزان التي أصابتكم وأصابت كثيرين من أصدقاء «محمود» وأحبابه، وهم ملء مصر والعالم العربي كله، مع أصدق التحية - وبكل المودة.
محمد حسنين هيكل
أما رسالة صلاح السعدني، فهذا نصها:
القاهرة في 5 مايو 2010
عزيزي الأستاذ - صلاح السعدني:
إن الظروف لسوء الحظ لم تتح لنا أن نلتقي كثيراً، لكنني أعرف عنك ما فيه الكفاية من الناحية العامة كفنان مبدع - ومن الناحية الشخصية كأخ مرهف الحس - عطوف وقريب بالروح والجسد من شقيق له أتاحت ليَّ الظروف أن أتعرف أكثر إلي شخصيته النادرة وتميزه الأصيل.
وأستطيع أن أتصور كم أن رحيل محمود السعدني «يؤثر عليك عميقاً»، ويهز مشاعر الأخ والإنسان والفنان فيك - وإنني لأرجو أن تحمل لك هذه السطور تعاطف واحترام صديق قد يكون بعيداً بالمسافة، لكنه قريب بالحس، يجد نفسه معكم في لحظة حزن كبير.
لك صادق الود ومع كل الاحترام.
محمد حسنين هيكل
صدر العدد الثاني من دورية نجيب محفوظ عن المجلس الأعلي للثقافة بعد سنة من صدور العدد الأول. مكتوب علي العدد أن تاريخ صدوره ديسمبر 2009، عموماً إن مجرد القدرة علي الاستمرار أمر أكثر من مهم في بلاد لا تعرف سوي الخطوة الأولي. هذا العدد موضوعه نجيب محفوظ والتراث الإنساني. وإن كانت مواد العدد تقول: إن موضوعه محفوظ والتراث الصوفي. يرأس تحرير الدورية جابر عصفور الذي رأيته مع نجيب محفوظ أكثر من مرة أذكر منهما مرتين. الأولي عندما جاء إلي «فرح بوت» بصحبة جمال الغيطاني. ليُطلع نجيب محفوظ علي تفاصيل الإعداد لملتقي القاهرة للرواية العربية، والمسابقة التي ستنظم مع الملتقي، وقد شرح له بالتفصيل تفاصيل الملتقي.
عرفت من وسائل الإعلام أن جائزة القذافي التي حصل عليها جابر عصفور. وهو يستحقها بجدارة عن كتاب له عن نجيب محفوظ، وأن مؤسسة القذافي ستطبع الكتاب بالعربية وبكل لغات العالم، وها أناذا أطلب من جابر عصفور الطبعة المصرية من هذا الكتاب لكي أصدرها في سلسلة مكتبة نجيب محفوظ التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. فهل يستجيب؟!
وعند عقد الملتقي الثاني. ذهب معي جابر عصفور إلي فندق في المعادي. في ليلة شاتية. أذكر أننا ذهبنا في السيارة المخصصة للدكتور عماد أبو غازي. عندما كان مسئولاً عن الشعب واللجان في المجلس. ذهب معي جابر لكي يطلب من نجيب محفوظ أن يكتب كلمة تلقي باسمه في ملتقي الرواية. وهي الكلمة التي شرفني نجيب بإلقائها. ودارت حول العلاقة بين الرواية والشعر وكان ذلك مقدمة لاقتراح محفوظ بإقامة ملتقي الشعر يقام بالتناوب مع ملتقي الرواية.
في دورية نجيب محفوظ مقدمة كتبها جابر عصفور بأستاذيته عن نجيب محفوظ. أحب التوقف طويلاً أمام من يلعبون أدوار الجنود المجهولين. باعتباري تفننت في لعب هذا الدور أكثر من ربع قرن من حياتي. أتوقف مع الدكتور حسين حمودة. الذي أخرج هذا العدد وتولي الإشراف عليه. وهو يقع في حوالي خمسمائة صفحة من القطع الكبير. ومع هذا لم يحرص حسين حمودة أن يكتب مقالاً من المقالات. نوع أكثر من نادر من المسئول عن تحرير مطبوعة. يعطي الفرصة للآخرين حتي ولو جاءت علي حسابه شخصياً.
يزداد تقديري لحسين حمودة له وإعجابي به. وامتناني لوجوده بيننا. كل يوم كلما شاهدت حالات التدافع بالمناكب بين دكاترة زماننا الآخرين. بالمناسبة حسين حمودة كان من الأصدقاء القريبين جداً من نجيب محفوظ. وله ذكريات كثيرة عنه. عن نفسي عرفته أول ما عرفته في جلسات نجيب محفوظ. يستمع أكثر مما يتكلم. ويستوعب أكثر مما يكون في حالة إرسال. ومع هذا لم يفكر حسين حمودة في كتابة ذكرياته مع نجيب محفوظ. وتلك هي آفة الأكاديميين الذين لا يحبون الكتابة الوجدانية. ولا أدري السبب في هذا.بالمناسبة أعلن أن موضوع الدورية في عددها الثالث سيكون: نجيب محفوظ: التاريخ والزمن وأن آخر موعد لتقديم الدراسات إلي المجلة هو يوليو المقبل. أي يوليو 2010.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.