جامعة حلوان تدرس تحويل كلية التكنولوجيا والتعليم لجامعة دولية    أوقاف الفيوم تواصل فعاليات برنامج "صحح قراءتك" بالمساجد الكبرى    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    استقرار أسعار الفراخ والبيض في الأسواق يوم الأربعاء 29 مايو 2024    معلومات الوزراء: السيارات الكهربائية تحدث تحولا جذريا بقطاع النقل    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    الأول من نوعه.. وزير النقل يشهد توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع لتخريد السفن بميناء دمياط    توريد 223 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    وفد مصر يشارك فى الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الأفريقى فى كينيا    استقالة مسؤولة رفيعة المستوى بالخارجية الأمريكية    إخلاء مستشفى القدس الميداني في خان يونس    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    عاجل| إعلام فلسطيني: مروحيات إسرائيلية تنقل جنودا مصابين جراء معارك غزة لمستشفى ببئر السبع    عيد عبد الملك: منافسة الشناوي وشوبير ستكون في صالح الأهلي    «15قذيفة مثيرة».. ملخص تصريحات شيكابالا    اليوم.. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 30 درجة    صفحات الغش تنشر أسئلة امتحانات الدبلومات الفنية والتعليم «كالعادة» تحقق    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    رئيس الرعاية الصحية يستقبل رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    وزارة الصحة تكشف نصائح لمساعدة مريض الصرع على أداء مناسك الحج بأمان    "اختر صحتك قل لا للتبغ".. ندوة بطب عين شمس    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    دولة الإمارات وكوريا الجنوبية توقعان اتفاقية تجارية    الصالة الموسمية بمطار القاهرة الدولي تستقبل طلائع حجاج بيت الله الحرام    90 عاماً من الريادة.. ندوة ل«إعلام القاهرة وخريجى الإعلام» احتفالاً ب«عيد الإعلاميين»    محمد فاضل: «تجربة الضاحك الباكي لن تتكرر»    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    الصحة: روسيا أرسلت وفدا للاطلاع على التجربة المصرية في القضاء على فيروس سي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    شوفلك حاجة تانية، هل حرض شيكابالا مصطفى شوبير للرحيل عن الأهلي؟    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    بلاتر يتغنى بقوة منتخب مصر ويستشهد ب محمد صلاح    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان في بيت مواطن مسيحي.. هو في الأصل مصري
نشر في القاهرة يوم 07 - 08 - 2012


لأن الوطن وكل الأوطان هي ملك مواطنيها.. كل مواطنيها، ولأن تاريخ البشر يكتبه الناس بما يفعلون ويديرون.. كل الناس، ولأن رمضان شهر له طقوس دينية في جانب العبادات للمسلمين ومصرية وشعبية وتراثية خاصة يعيشها أهالينا في بر المحروسة.. كل المحروسة، فقد كانت لي مع رمضان كمواطن مصري الكثير من الذكريات.. صرخة في شطانوف كانت صرخة هائلة قد دوت في سماء "شطانوف"، وشطانوف أشمون منوفية "نوف" من المصطلحات الفرعونية من مشتقات نفر وتعني الجميلة والطيبة و"شطا" اسم مصري قديم سمي به الذكور وكثر تسميته في الحقبة القبطية وشط بالعامية مرادف لساحل جسر النيل وكلمة نيف الفرنسية بمعني جديد كلها متداخلات محيرة في تفسير اسم شطانوف ومنطبقة عليها وهنا تاتي صعوبة تعليل الأسماء، والأرجح أنها تعني الشط الجميل، وتعد من القري المصرية القديمة الضاربة في التاريخ للعصور الفرعونية والشهيرة بكنائسها وآبائها وقساوستها في العصر المسيحي ومنهم "أري الشطانوفي" ومازال بها كنيسة ترعي شعبها المسيحي والقري المجاورة، ومن المهم ذكره أن أشهر من حمل اسم المنطقة هو الإمام الشطانوفي مؤلف كتاب «بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني».. أما الصرخة فكانت للراحلة الطيبة أمي وهي تُعاني آلام الولادة الصعبة، ومع كل آهة كانت بالخارج تزداد أهازيج أطفال القرية وهم يسيرون خلف المسحراتي رغم عتمة ليلة شتوية باردة، وشوارع باتت مستنقعات وأوحال لكنها أبداً ما منعت فرحة أطفال القرية وأغانيهم "وحوي يا وحوي إيوحه.. رحت يا شعبان، جيت يا رمضان وحوينا الدار..والخير أهو بان.. هل هلالك شهر مبارك"، وتتقارب الصرخات وتعلو في سماء بيتنا، بينما والدي وكيل البوستة بالقرية (والبوستة جزء من المنزل يفصلهما باب جانبي هكذا كانت تعليمات هيئة البريد) يحاول إيقاظ "أبوحطب" ساعي البريد الحارس للمكتب ليوقظ زوجته لمعاونة والدتي حتي يأتي هو بالدكتورة نادية (هكذا كانوا يسمونها فهي كبيرة ممرضات قسم النساء بمستشفي المركزالميري ومساعدة الدكتور مدحت أجدعها دكتور في الناحية )، المهم خرج إلي الدنيا المولود بعد معاناة صعبة وساعات طوال من الألم، وكان المولود هو أنا ذلك البائس صاحب الرأس الضخمة التي كادت تحول بيني وبين الخروج إلي الدنيا في أمسية شتوية رمضانية بعد عام من ثورة يوليو 1952، ونادي المسحراتي هاتسموه إيه علشان نسحره يا خواجة بشاي ردت أمي والدكتورة نادية في صوت واحد "مدحت " ويارب يطلع دكتور زيه (ملحوظة رغم عدم حضوره الولادة لكنه كان المتابع فقط للجنين الغريب!). مولود في رمضان ومع بداية شهر رمضان من كل سنة كان الوالد الشاعر والفنان خفيف الظل رحمه الله يجمعنا، ويحكي لنا عن تلك الليلة الغريبة وفرحة المسحراتي وولاد الحتة وهو يوزع عليهم حلاوة المولود، وهو كمان بيسأل عن الطفل ابن عمتي ضيفنا القادم من القاهرة اللي سلمه لأبوحطب الساعي علشان ما يسمعش صوت صراخ أمي، وقال له خده بعيد عن البيت وخد معاك الخروف ده حميه ونضفه فإذا بيه يحمي الولد بميه ساقعه في عز الشتا ويكتفي بإبعاد الخروف، أما أختي سهير الكبيرة فدخلت غرفتها لتستمع للست آمال فهمي وفزورتها اللي كاتبها بيرم التونسي، وخرجت فرحانة " بابا.. بابا.. حزر فزر.. حاجات وصي عليها الحكيم كل الشفا فيها للسقيم سموها بي وسموها سي وسموها دال وسموها جيم فإيه هي؟".. ليلة كان فاكرها والدي ويحكيها بكل تفاصيلها كل رمضان ومع أننا عارفينها لكننا في كل مرة نضحك. ولأن هيئة البريد كانت تعليماتها نقل مديري الإدارات كل 4 سنوات فقد كانت المحطة التالية قرية "سرس الليان" القرية النموذجية بعد أن اختارها " اليونسكو " لإنشاء مركز بحثي علمي تعليمي تثقيفي، وفي أول يوم رمضان طلب مدرب الفنون التشكيلية في المركز من أطفال القرية رسم المسحراتي، وكان عملي من الأعمال الفائزة، وتم تصويرنا مع مدربنا وأعمالنا تحت تمثال ضخم لأعداء التقدم الفقر والمرض والجهل في مدخل ذلك المركز الدولي الرائع.. وفي المساء كان الجيران يحضرون إلي بيت وكيل البوستة لأن لديه راديو كبيرا (أتذكر شكله جيداً والرف العالي والكبير لأنه لابد يتسع لعدد كبير من الأكواب التي يوضع فيها قطع من الكربون بديلاً للبطارية توضع بجانب الراديو).. وبعد سماعهم فوازير الست آمال فهمي التي صار يؤلفها صلاح جاهين خلفاً للتونسي والتي كان الجميع يتباري في حلها.. كانت تبتدي بحوار بين آمال وجاهين كمقدمة.. أذكر منها .. آمال : مادام للغنوة معني جاهين: ومادام في الغنوة صورة آمال: نرسمها تاني إحنا جاهين: وتبقي دي الفزورة آمال: مثلاً غنوة زي الأطلال جاهين: مادام للغنوة معني آمال: ياحرام متكسر ميت حتة جاهين: وميت ذكري تخطر علي البال آمال: والآخر نقفلها بسطرين جاهين: علي نفس الوزن اللي تقال آمال: فزورة تحلوها في الحال جاهين: تبعتوا حلالانها مع المرسال آمال: اسم الغنوة جاهين: الأطلال وبعدها كان الصمت يسود المكان للاستماع إلي ليلة جديدة من ليالي ألف ليلة التي كان يعدها للإذاعة العبقري طاهر أبو فاشا ويخرجها الإعلامي الأسطورة بابا شارو، فتنساب موسيقي الحلقات الشهيرة وصوت الممثلة العظيمة زوزو نبيل وكأنه يأتيك من عوالم أسطورية بعيدة. الفنون التطبيقية وبعد 20 سنة كنت قد أصبحت طالباً في كلية الفنون التطبيقية، وفي برنامج تدريبي يشرح لنا أستاذنا الراحل الجميل الفنان فهمي عبد الحميد كيف يتم إعداد الصور المتتابعة لسيناريو حلقات ألف ليلة وليلة، ولما سألته " لكن حضرتك مش شايف إنه مهما كانت الصور هايلة وبديعة ممكن لا توازي الخيال الجميل اللي كنا بنستمتع بيه في حلقات الإذاعة؟ أجاب : سؤال هايل بس كل عصر ليه أدواته وفنونه.. في البداية هيبقي في حاجز بين المشاهد واللي بيشوفه، وبعدين بالتدريج بيحصل التفاعل.. ثم نظر لي متأملاً ثم لباقي الطلاب وسألهم تفتكروا لو رسمنا إيه في مدحت يبقي هوه من غير منكمل رسم الملامح.. بصوا لعينيه وبدأ يرسم دايرتين وجواهم دايرتين النني الأسود وهما متعلقين بأعلي الدواير الفاضية.. ثم قال ده أهم ما يميز ملامحه مش كتير الناس اللي النني عندهم متشعلق فوق كده وتحته بياض، ونظر إلي زملائي وكأنهم يرونني للمرة الأولي.. وراحوا في ضحكة جماعية.. وبالمرة عزيزي القارئ إليك نكتة رمضانية " سأل مسطول زوجته صارخا : هو فين السحور ياوليه، فقالت له : هو أنت بتصوم علشان تتسحر، فقال المسطول : ياه لا فطار ولا كمان سحور هوه احنا كفار للدرجة دي؟». ده يوم رمضاني في بيت مسيحي أهديه إلي من ندهتهم نداهة "الإخوان المسلمين" ومن قلدوهم ليشكلوا جماعة "الإخوان المسيحيين" ليقسموا في البلد ويقطعوا في أوصالها!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.