ظاهرة صارت سمة أو ملازمة للأعمال الأدبية وهي انتشار وتعدد الأخطاء اللغوية من إملاء ونحو وصرف مما يؤثر علي علاقة القارئ بالنص الأدبي حيث قد يفهمه بطريقة معكوسة كما قد يؤثر علي عملية التواصل والتأثير المرجو من كل عمل أدبي . حول هذه الظاهرة وكيف يتصدي لها الأدباء والمؤسسات الثقافية كان هذا التحقيق. ورش للتقييم والمناقشة طالب الناقد الأدبي دكتور مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة الزقازيق وعضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب المصريين بضرورة عقد ورش لتقييم ومناقشة ودراسة الأعمال الأدبية التي تصدرها الجهات الثقافية الرسمية المختلفة أو أن يتم عمل مسودة ملاحظات للأعمال الأدبية يستعين بها الأدباء في تجويد إبداعاتهم أو ما يشبه ورشة عمل أو حفل توقيع علي بروفة الرواية بحيث يتم تحليلها ومناقشتها ويتم تصحيحها ومراجعتها قبل الطبع حتي تخرج إلي المطبعة خالية من الأخطاء والعيوب وتخرج بشكل لائق خال من الأخطاء الإملائية والنحوية خاصة أنها صارت ظاهرة تحتاج إلي وقفة عاجلة ويجب أن يتصدي لها الجميع فقد أصبح من النادر وجود عمل أدبي أو حتي محرر رسمي خال من الأخطاء. أوضح الجيار أن هذه الخطوة لن تؤدي إلي تغيير الكاتب لروايته لكن من شأنها تدارك بعض الأخطاء التي يجب ألا تصدر عن مؤسسة ثقافية رسمية وخصوصا أن البعض في الدول العربية يتركون كل شيء ويعلقون علي هذه الأخطاء في النحو والإملاء والطباعة . وأضاف قائلا : كنا نناقش عبد الحكيم قاسم في قصصه أو مسرحياته قبل أن ينشرها، ويمكن تعديل الفكرة بعرض العمل علي المختصين لنعرف هل هو جيد أو رديء وأن يشيروا إلي الأخطاء اللغوية الموجودة به لتصحيحها ، وقد يستدعي هذا الأمر تغيير المحكمين لأن بعضهم يحتاج إلي محكمين ، وقال أحيانا أقرأ لبعض المشاهير وبغض النظر عن موهبتهم الفنية أجد أخطاءً تشير إلي نفسها بوضوح ، وقد قال لي واحد أو اثنان منهم في ندوة بالأتيليه نحن نقصد ذلك .. نقصد تكسير النحو ، وأن الكتاب الذي يخرج من المؤسسات الثقافية الرسمية يعد نموذجا ونحن افتقدنا الكتاب الذي يخلو من الأخطاء حتي التقارير الرسمية التي تخرج من وزارة الثقافة لماذا لا نعمل ورشة للالتفات لهذه الأخطاء ثم يصححها الكاتب بنفسه حتي لا يتم تشويه العمل ، لأنه لا يقبل أن يصدر بيان من اتحاد الكتاب وبه أخطاء نحوية وهذا يحدث أحيانا ، فيجب أن نبدأ بأنفسنا ، فمفهوم الورشة لا أن يفقد الكاتب تلقائيته لكن يلتفت لعمله ويعمل علي تجويده. يري الجيار أن الأعمال والمطبوعات الأدبية لكبار الكتاب تجب مراجعتها قبل إعادة طباعتها لأن بها أخطاء وأن هذه الورشة ستأتي بنتائج باهرة لأنه حتي بعض المتخصصين في اللغة العربية يقعون في هذه الأخطاء جراء الاستسهال الذي طال كل شيء في حياتنا حتي العمل الأدبي والإبداعي. مشكلة مسودات الأدباء رفض الشاعر حزين عمر اقتراح الناقد مدحت الجيار قائلا: مع التسليم باحتواء الأعمال الأدبية علي أخطاء إملائية ولغوية كثيرة إلا أن موضوع "مسودات الأدباء" الذي طرحه الناقد مدحت الجيار فقد يؤدي ذلك إلي ظهور 20 أو 30 نسخة من الرواية ويصبح مبدعها الأصلي هو آخر واحد له علاقة بها ولكن الحل بالتشديد علي المصحح والمراجع اللغوي الذي يراجع نسخة الرواية قبل طباعتها نظرا لمسئوليته عن هذه الأخطاء الإملائية والنحوية . وكشف مدحت الجيار أنه تقدم باقتراح لاتحاد الكتاب يقضي بعرض الأعمال الأدبية علي لجنة متخصصة بالاتحاد لإجازة طباعة هذه الأعمال لضمان خلوها من الأخطاء خاصة عند إعادة طبع أعمال رواد الأدب المصري مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي حيث تصدر الطبعات الجديدة لأعمالهم مليئة بالأخطاء مما يعيب هذه الأعمال ويشوه صورة هؤلاء الأدباء العظام خاصة أمام الأجيال الجديدة من المثقفين وتغريم دار النشر التي تعيد طبع الأعمال الأدبية دون تصحيح الأخطاء اللغوية. يقول الروائي نبيل عبدالحميد ردا علي اقتراح الجيار أن الرواية عمل فردي شخصي بحت لا يمكن تحويله إلي عمل جمعي فهذا سيفقده التلقائية والتواصل بين الكاتب والطرف الآخر. لجان فحص تقول الروائية أمينة زيدان والمشرفة علي سلسلة "إبداعات التفرغ" بالمجلس الأعلي للثقافة أنه من الممكن وجود لجان فحص قبل الطباعة لتلافي الأخطاء ، أما فكرة تشكيل ورشة عمل لتشريح النص قبل طباعته فلا أعتقد أن أحدا من الكتاب سيرحب بها. وأضافت زيدان أن اقتراح الجيار سوف يضطرنا لإحضار الأدباء أصحاب الأعمال المقرر طبعها لمراجعة النص قبل الطباعة حتي لا يحدث أي خطأ في الإخراج أو الترتيب . أما القاص مصطفي الأسمر فقد كان تعليقه علي فكرة ورشة العمل التي طرحها د. مدحت الجيار: بأنه اقتراح لا يمكن أن يقبل به كاتب حيث لا يوجد من يرضي بتغيير عمله بالمناقشات ، فالمبدع لا يمكن أن يقبل بهذا وأنا لو أعطيت 1000 جنيه لتغيير كلمة واحدة فقط في أحد أعمالي لن اقبل ، لكن يمكن الاستفادة من هذه الأخطاء فيما يلي من أعمال وأقوم بإصلاحها بنفسي ولا أنتظر أن يصلحها لي أحد. يتفق دكتور شريف الجيار مع طرح الدكتور مدحت في ضرورة مناقشة بروفة الأعمال الأدبية قبل طبعها وينصح بها تحديدا لشباب الكتاب خاصة مع أعمالهم الأولي مؤكدا أن ذلك لا يعد انتقاصا من قدر العمل الأدبي أو صاحبه لكن هي خطوة للتبصير بالعيوب حتي يتفاداها الكاتب وذلك حرصا ممن يطالب بذلك علي إخراج أعماله الأدبية بأبهي وأكمل صورة دون نقصان أو عيوب خاصة أمام المهازل التي تتعرض لها المطبوعات الأدبية في دور النشر الخاصة والعامة نتيجة استسهال القائم علي مراجعتها لغويا أو ضعف مستواه العلمي والمهني وأكد أن ورش القراءة للأعمال تكشف عن الكثير من نواحي القصور التي كان يجب تداركها قبل الطبع .