أكاديمية الشرطة تناقش «دور الجهاز الحكومى فى مواجهة مخططات إسقاط الدول»    أسعار الخضروات اليوم السبت 25-5-2024 في الدقهلية    أون تايم سبورت تعلن عن نقل مباراة الأهلي والترجي التونسي عبر التردد الأرضي    عدد أيام إجازة عيد الأضحى 1445ه في المملكة العربية السعودية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحتاج رجال يفهمون « لاتزرموه» 000!؟    أبرزها «منتدى لندن».. حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي في أسبوع    انتهاء حصاد 4350 ألف فدان قمح بالشرقية    «البرلمان العربي»: مصر حريصة على دعم دول الجوار والحفاظ على أمنهم القومي    كارثة إنسانية.. مخاوف من توقف محطة تحلية المياه عن العمل في غزة    طائرات هليكوبتر و600 رجل شرطة .. للقبض على المطلوب رقم واحد فى فرنسا    باحث استراتيجي: حكم محكمة العدل الدولية دليل إدانة لجرائم إسرائيل    تنفيذ 4 دورات تدريبية يستفيد منها 122 موظفًا بالمحليات في سقارة    عليكم الاعتذار له| شريف إكرامي يهاجم رابطة النقاد بسبب محمد الشناوي    انطلاق ماراثون امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني بجامعة المنيا    حملات مكثفة على المخابز السياحية.. ضبط 11 طن دقيق مدعم    التحفظ على 14 طن أقطان رديئة داخل محلجين بالقليوبية    إصابة 25 شخصا في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    تأجيل محاكمة المتهم بتزوير محررات رسمية بقصر النيل    بعد فوزه بجائزة من "كان السينمائي".. مخرج "رفعت عيني للسما": "أتمنى الناس تشوفه في السينما والتليفزيون"    زاهي حواس يفوز بجائزة رجل العام من اتحاد الكتاب الصحفيين الإسبان    أحمد العوضي يتصدر ترند «إكس» ويحسم موقفه من ياسمين عبدالعزيز .. ماذا قال؟    محمد الصاوي يروي تفاصيل آخر 30 دقيقة في حياة علاء ولي الدين    "عقبال ويزو".. كيف علق الجمهور على شكل شيماء سيف بعد فقدها 50 كيلو من وزنها؟    جامعة عين شمس تبحث مع وفد «قوانغدونغ للدراسات» الصينية التعاون الأكاديمي والبحثي    وزير الخارجية يجري زيارة إلى بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    وزيرة الهجرة: نتابع موقف المصريين في حادث غرق مركب باليونان    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. وأمين الفتوى ينصح    قافلة طبية لذوي الاحتياجات الخاصة بشمال سيناء    "صحة النواب" تتفقد المنشآت الصحية بجنوب سيناء    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    هل من حق الشاب منع خطيبته من الذهاب للكوافير يوم الزفاف؟ أمين الفتوى يرد    حبس سفاح التجمع لاتهامه بقتل 3 سيدات ورمي جثثهم على الطريق الصحراوي    «أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    منافسة قوية بين الأهلي والترجي لتعزيز رقم تاريخي.. «غير اللقب»    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    الصحة: إصدار 290 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت 1.7 مليار جنيه    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب يتوجه فى زيارة ميدانية لمحافظة البحر الأحمر    وزير الدفاع الأمريكي يستأنف عمله بعد خضوعه لإجراء طبي    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تعلن قصف "هدف حيوي" بإيلات    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    حبس سائق دهس شخصين في النزهة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 25 مايو 2024    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    نصائح الدكتور شريف مختار للوقاية من أمراض القلب في مصر    Genesis Neolun| الكهربائية الفاخرة.. مفهوم يعبر عن الرفاهية    ليست الفضيحة الأولى.. «الشاباك» الإسرائيلي أخطأ مرتين في نشر صورة إعلامي مصري    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    إطلاق مئات الآلاف من البعوض المعدل وراثيا في الهواء    حظك اليوم| برج القوس 25 مايو.. تأثير في الحياة العاطفية والاجتماعية    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش في السينما المصرية.. فرسان وشهداء وقدسية
نشر في القاهرة يوم 15 - 05 - 2012

الذين كانوا يقرأون مجلة «سمير» في النصف الأول من الستينات لن ينسوا أبداً قصص الكومكس المعروفة باسم الشبح، خاصة القصة التي قام فيها الشبح بتجنيد المراسل الصحفي الذي ظل يناهضه، فلما ضمه إليه وصار واحدا منه تغير المراسل وتغيرت مفاهيمه بعد أن عرف أهمية التجنيد. نحن جيل عرفنا متعة التجنيد، رغم خشونته وقسوته، حين صار لكل أسرة مصرية تقريباً جندي أو أكثر علي الجبهة المواجهة للعدو الإسرائيلي، وقد تباينت سنوات التجنيد لكن لاشك ان وجود شباب هذه المرحلة في مصهرة التجنيد قد غيرتهم إلي الأفضل وقد تساءلت وأنا أشاهد شباب العباسية عن موقفهم من التجنيد، هل ذاقوا لذته وخشونته فلو أن التجنيد قد طال الكثير منهم لتغيرت مواقفهم، في الوقت الذي أعلم أن ريادات مصرية عديدة لهؤلاء الشباب كانوا يوما في الجيش. إلا.. الجيش هذا هو ما انتاب مشاعري علي الأقل فأنا واحد من الذين رأوا أن الجيش حائط صد قوي للغاية مرتبط بالمهابة والقدسية والعديد من الرموز المثالية خاصة ان هناك عدواً قوياً مسلحا نوويا يقف عند حدودنا، قام الجيش المصري بمجابهته في أربع حروب، بصرف النظر عن الانكسار الذي أصابنا في ثلاثة من هذه الحروب. في السينما المصرية كان الجيش دوما هو تهذيب وتأديب وإصلاح وتربية وطنية وتحول إلي الأفضل وقد كانت هذه هي صورة الجيش عند المصريين منذ عام 1935 حتي الآن، وفي الوقت الذي تعرضت فيه صورة الشرطة إلي الاهتزاز كثيراً في الأفلام فإن الجيش ظلت له مكانته في قصص الأفلام باعتبار ان الخطر يحوط بمصر في السلم والحرب وانه لا منقذ من رد الخطر إلا من خلال الجيش. ولاشك ان هذه الصورة قد تعاظمت بعد أن صار حكام مصر منذ يوليو 1952 هم من رجال الجيش، وانتقل إلي الحياة المدنية الفنية الكثيرون من رجال الجيش في مجالات متعددة منها الإخراج والتمثيل وكتابة الأفلام والإنتاج فساعد هذا علي تحسين صورة الجيش ورأينا الكثير من القصص تدور أحداثها داخل الثكنات، سواء لمجابهة العدو الإسرائيلي في حرب 1948، أو عدوان 1956، وقد ساعد علي ذلك الضباط الذين حكموا مصر بعد يوليو ومن أبرز هؤلاء الفنانين العسكريين عز الدين ذوالفقار وأحمد مظهر ووجيه أباظة والأسماء كثيرة. والغريب في هذا الأمر أن السينما المصرية بدت كأنها تعلن أن الجيش المصري ولد فقط مساء الثاني والعشرين من شهر يوليو 1952 أي منذ ستين عاماً تقريباً ولم يعد الناس يعرفون أي صورة رآها الناس للجيش في الأفلام التي تم انتاجها قبل هذا التاريخ. قبل الثورة سوف نقصر حديثنا هنا اليوم عن منظور السينما المصرية للجيش قبل يوليو 1952، وذلك لعدة اعتبارات منها كشف الصورة المقدسة للجيش لدي المصريين، حيث وضعوه في مكانة عالية مقدسة وغنوا له ورأوه في المقام الأول تربية وتهذيب وإصلاح وأيضاً رمزاً لقوة الوطن، كما أننا سنتلاقي بهذا الحديث ما قد تشوب أفلام الخمسينات والستينات وما بعدها من «عمد» لتقديم الجيش المصري في الصورة المثالية وأيضاً فنحن بذلك نحاول أن نقدم صفحات مجهولة يجب أن يعرفها الناس عن علاقة الجيش بالوطن، وعلاقة الناس به، فالعسكر هم أبناء الوطن المجندين والعاملين ولم يكن جيش مصر في القرن العشرين للمرتزقة أو للأجانب وهذه الفترة بالذات كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني، لكن الجيش كما صورته الأفلام سيظل مصرياً رغم وجود الأورنس في بعض المناطق لكن هوية جيشنا كانت مصرية. تبعاً لعدم وجود كل النسخ من أفلام العشرينات والثلاثينات فمن الصعب تحديد أول فيلم مصري كان بطله ضابط جيش إلا أن الأمر سهل بالنسبة للشرطة من خلال فيلم «الضحايا» لبهيجة حافظ عام 1932 وتشير الوثائق التي لدىّ أن الأمر كان أكثر وضوحاً عام 1940 من خلال فيلم مصري صميم هو «تحت السلاح» إخراج وسيناريو فؤاد الجزايري، أما الحوار فقد كتبه بديع خيري وزكي صالح واستيفان روستي، عن قصة لزكي صالح والفيلم من تمثيل أحمد علام وزينب شكيب وعباس فارس ومن إنتاج شركة الأفلام الشرقية بالإسكندرية، وهو أحد الأفلام الضائعة من أرشيف السينما المصرية، لكن دفتر الفيلم يشير بقوة أن أحداثه كلها تدور في الجيش والحروب التي خاضتها مصر، وأغلب ان لم يكن كل هؤلاء العسكريون في الفيلم من المصريين، وقد جاء في الدفتر أن الفيلم تم عمله بالاشتراك مع وحدات الجيش المصري وسوف تنقل هنا بعضا مما جاء في الدفتر يتعلق بالجيش: «ستوديو الفيزي يتقدم بوافر الشكر إلي وحدات الجيش المصري وسلاح الطيران الملكي المصري لما قدماه من مساعدة وتسهيلات في إخراج فيلم «تحت السلاح» فأوجد للفيلم جواً حربياً ينطق بما لمصر من رفعة ومجد». وفي إطار عرض قصة الفيلم فإن البطل الرئيسي اليوز باشي خالد السعيد «أحمد علام» هو أركان حرب الأسلحة الميكانيكية يعيش من أجل الجندية ولا يعرف في الحياة إلا الجيش وانظمته وبينما كانت الدنيا تستعد للحرب «المقصود الحرب العالمية الثانية» قامت مصر بنصيبها من الاستعداد للدفاع، فاتجه جيشنا إلي الحدود متربصاً للقاء العدو، وذلك دون الإشارة إلي هوية الحدود، واتجاه الحدود.. ويستكمل الدفتر حديثه عن أبطاله من رجال الجيش أن «الملازم أول عادل زينار يقع فريسة الحمي فيدخل مستشفي الميدان في حالة خطرة، فتحضر أمينة بالطيارة لزيارته وهناك يلتقي بها اليوزباشي خالد فيبهره جمالها». وقد انتقلت كاميرا الفيلم إلي داخل الثكنات العسكرية، كما ذهبت إلي الحدود حيث نري ضابطا يرتاب في زوجته أثناء غيابه عنها. عاش الملك ورغم ان أغلب أحداث الفيلم تدور في الثكنات فان دفتر فيلم «ليلي بنت الفقراء» إخراج وإنتاج أنور وجدي عام 1945 قد أكد أن هذا الفيلم هو «أول فيلم تدور حوادثه بين صفوف الجيش المصري» كأنما هنا سباق بين الفنانين لنيل الشرف ان تكون أفلامهم هي «الأولي» في تصوير ما يدور في ثكنات الجيش المصري والطريف أن «ليلي بنت الفقراء» يظل بالنسبة للناس عملاً غنائياً عاطفياً ليست له علاقة بالجيش، وذلك لأن الحكام العسكر الذين جاءوا بعد يوليو 1952، قد عز عليهم ان يرتبط وجود الجيش في هذا الفيلم من خلال أنشودة عسكرية تحمل عنوان «عاش الملك» من نظم أحمد رامي، وتلحين الصاغ عبدالحميد عبدالرحمن والسبب في ذلك بسيط، أن أسلحة الجيش قد تغنت باسم الفاروق، ونتيجة لأن هذا المشهد الاستعراضي العسكري قد تم حذفه ولا نعرف مصيره أبداً فإننا سننقل كلماته هنا: سلاح المشاة في ظل فاروق رفعنا العلم رمز الولاء للمليك والوطن أرواحنا فدي له وللحمي عزت به أيامنا علي الزمن يامن روينا روحنا من منهلك نحيا لنا عاش الملك عاش الملك سلاح الفرسان علي ظهور الخيل نجري كالرياح إلي سبيل النصر بين الفاتحين في كفنا سمر العوالي والرماح نهوي بها كالبرق في ساح المنون فاروق يافخر الزمن تحيا لنا عاش الملك عاش الملك سلاح الطيران وفي عنان الجو تسري كالشهاب نشق صدر الريح كالسيف السليل لنا بساط طائر بين السحاب نخضي به للعز في كل سبيل فاروق ياكنز المني تحيا لنا عاش الملك عاش الملك سلاح المدفعية وفي لهيب النار نقضي عمرنا حديثنا علي لسان المدفع نزود بالأرواح عن ديارنا ونلتقي حول المليك الأرفع الجميع فاروق ياحامي اللواء تحيا لنا علي المدي معززاً مؤيداً تحيا لنا عاش الملك عاش الملك وهكذا تغنت أغلب وحدات الجيش المصري بأمجادها، وعليها وقد ظهر أنور وجدي في هذا الفيلم كطيار شاب وسط وحدات الجيش كما بدت هذه الوحدات أو رموزاً منها.. لكن كل هذه المشاهد قد اختفت تماماً.. مثلما اختفي فيلم.. قلبي وسيفي.. أحد أشهر الأفلام عن الجيش المصري وهو من إخراج جمال مدكور.. الذي لا نعرف مصيره، ولا أين مصيره فهو من إنتاج المطرب محمد البكار الذي قام بالبطولة أمام صباح عام 1947 وكان هناك أيضاً دولت أبيض وسليمان نجيب وبشارة واكيم وأحمد علام والفيلم من تأليف مصطفي السيد. وفي مقدمة دفتر الفيلم قام المنتج والممثل محمد بكار بتوجيه كلمة إلي «مولاي صاحب الجلالة» أهدي إليه بكل تواضع باكورة أفلامي قلبي وسيفي.. وقال إنه نقل صورة مشرقة في أجمل إطار للجيش المصري الباسل. سلاح الفرسان تاريخ إنتاج هذا الفيلم لم يتحقق مع أحداث سياسية وجد الجيش المصري نفسه يخوضها فليست هناك حروب بالمرة مثلما سيحدث بعد سنة واحدة من إنتاج هذا الفيلم وقصة الفيلم كما جاءت في الدفتر عن طلعت بك المهندس والمقاول الكبير، من ذوي الأملاك وصديق حميم لجاره جلال بك قائد سلاح الفرسان. انعقدت النية فيما بينهما علي خطوبة الآنسة سميحة بنت جلال بك إلي منير نجل صديقه طلعت بك.. ولكننا نري منير يهمل دراسته الجامعية وانساق وراء تيار اللهو والعبث مع خاله المستهتر بهجت أفندي ثم يضبط وهو يغش في الامتحان فيرفض من الجامعة. وفي أثناء ذلك يكون مطلوباً للخدمة العسكرية فيري والده ان الجندية خير وسيلة لتهذيب نفسه وإبعاده عن الغي والضلال. وتقوم الحرب فيطلب آلاي السيارات الذي الحق به منير للاشتراك في الدفاع عن القتال، وهنا تظهر المجهودات العظيمة وفي إحدي هذه المواقع يصاب الجاويش منير برصاصة في ذراعه أثناء مطاردته لإحدي طائرات العدو، لكنه يستمر علي الرغم من هذه الإصابة بضرب الطائرة حتي تسقط ثم ينقل مع اثر ذلك إلي مستشفي حيث يمضي مدة علاج ثم يرقي إلي رتبة باشجاويش تقديرا لبطولته. يتنبه جلال بك قائد سلاح الفرسان ووالد خطيبته سميحة لشجاعة منير فيلحظه برعايته ويشركه في أعماله، وهكذا خلقت حياة الجندية من منير بطلاً شجاعاً أوقف حياته لخدمة الجيش والدفاع عن الوطن. وقد نقلنا أغلب ما جاء في هذا النص كي نؤكد أن هذه القصة كانت فاتحة لإنتاج أفلام كثيرة عن مسألة ان الجيش هو تهذيب وتأديب وإصلاح وهي مجموعة كبيرة كان آخرها فيلم «عبود علي الحدود» لشريف عرفة عام 1999 . وفي هذا الفيلم هناك أكبر عدد من الاغنيات التي تغني أبطالها بالجيش ومنها نشيد الجيش من نظم أحمد رامي، تلحين وغناء محمد البكار وننقل هنا بعضاً مما جاء في هذا النشيد: منير وكورس يارجال الجيش ياروح الوطن مجدكم تاج علي رأس الزمن رفرفت أعلامكم فوق الحمي خافقات بالأماني والفن صفحة التاريخ زانت ذكركم في الخالدين وربوع النيل صانت رسمكم في الفاتحين كورس: نحن للوادي وللعرش الغدا نذكر الماضي ولا ننسي غدا مصرنادتكم إليها ومضيتم طائعين وانقضي الدهر عليها وبقيتم صابرين أما الأغنية الثانية فتحمل اسم «أغنية الجهادية» من تأليف صالح جودت، تلحين وغناء محمد البكار أيضاً وننقلها هنا كاملة: عالجهادية عالجهادية رمز الإخلاص والوطنية عالجهادية عالجهادية ياللي بتهربوا من الجندية فين الهمة والرجولية لو كنتوا عرفتوا إيه هيه ماكنتوا دفعتوا البدلية عالجهادية عالجهادية لما البوري علينا ينادي نوهب أرواحنا للوادي وفداكي الدنيا يابلادي يا بلاد النور والمدينة عالجهادية عالجهادية أرواحنا للنيل وهوانا مكتوب لبلادنا ومولانا وفاروق يهدينا ويرعانا وتعيش الأمة المصرية عالجهادية عالجهادية تسهيل المهمة وقد لوحظ أن الأشخاص هنا هم الذين ينتجون الأفلام، وان الجيش يقدم تسهيلات للتصوير في فترة كان من السهل دفع البدلية لعدم دخول الجيش أي أن الدور الاجتماعي لهذه الأفلام كان واضحاً وهو أن الوطنية مرتبطة بوجود جيش قوي سليم وأطرف ما في دفتر الفيلم هو نشر النوتة الموسيقية، نشيد الجيش التي وضعها عزيز صادق. مع بداية الصراع العربي - الفلسطيني وحدوث المواجهة العسكرية انتبهت السينما المصرية إلي أهمية التلاحم مع الجيش وقد بدا ذلك واضحاً من خلال «فتاة من فلسطين» إخراج محمود ذوالفقار.. الذي عرض في أول نوفمبر عام 1948 أي بعد هزيمة الجيوش العربية بفترة قصيرة جداً، وقد امتلأ الفيلم بحماس وطني ملحوظ وحسب دفتر الفيلم فإن عادل «عشق الجندية» ووهبها حياته، ولم تعد تستهويه المتع التي تستهوي من الشباب حب واحد يملأ قلبه هو حبه لواجبه، وفخر واحد يضم عليه جوانحه هو فخره بأنه من ضباط جلالة الملك، وحلم واحد يساوره بين النوم واليقظة ان يشتري بدمه وسام المجد ويهديه لبلاده. وكأنما الوطن الكريم يحتوي علي حلم هذا الابن البار من أبنائه ويستجيب له فيدعوه للجهاد.. أن فلسطين في محنة وهي عضو في جسد الأمة العربية.. أن تألم أحس الألم بقية الأعضاء وعلي رأسها مصر. «والآن صار الحلم حقيقة أن عادل يحلق بطائرته في سماء الأعداء ويحدث فوق رؤوسهم ضجيجاً تندلع ناره وتلتهم
الظالمين». هذا الكلام مكتوب عام 1948 وقد جاء في دفتر الفيلم أيضاً أن أفلام عزيزة أمين تدين بالشكر العظيم لمعالي وزير الدفاع الوطني ورجال الجيش وضباطه من مختلف الأسلحة علي كريم معاونتهم ومساعدتهم الصادقة التي كان لها أبلغ الأثر في تنفيذ فيلم «فتاة من فلسطين» وإظهاره بالصورة الرائعة التي ظهر بها. وتعتبر أغنية سعاد محمد التي تغنت بها في الفيلم «يامجاهد في سبيل الله» واحدة من أشهر الأغنيات» الوطنية التي تعرفها الأجيال المتلاحقة حتي الآن والطريف أن الشاعر بيرم التونسي الذي كتب الأغنية كان يعيش في الماضي وليس مثل بطل فيلم «تحت السلاح» القائد في الأسلحة المكيانيكية حيث يقول: طول يابطل ما معانا سيوف الدنيا ياما بكره تشوف احنا عرب اسمنا معروف من الحب احنا بدعناه بما يعني ان الجيش المصري يحارب بالسيوف وهذا يعني ان الشاعر لايزال يحارب بالسيوف كعادة الشعراء في نظرهم ان الحياة لم تتحرك منذ قرون طويلة وقد حاول الزوجان عزيزة أمير ومحمود ذوالفقار أن يقدما عملاً آخر هو «نادية» عام 1949 من إخراج فطين عبدالوهاب.. وقد خفت فيه درجة ظهور حرب فلسطين، إلا أننا ما زلنا أمام ضابط جيش يشارك في هذه الحرب، والمرأة في هذا الفيلم تناصر قضية وطنها، هي ممرضة تصدم أن حبيبها الضابط واقع في غرام اختها الصغري، انها القصة نفسها التي رأيناها بعد خمسة عشر عاماً في فيلم «الراهبة» لكنها مغموسة بأجواء العسكرية والحرب. مصطفي كامل وفي السنوات القليلة التي أعقبت حرب فلسطين لم يعد هناك حديث في السينما عن الجيش بالقوة نفسها التي عرفناها فيما قبل إلي أن جاء يوليو 1952 وكتب أحمد بدر خان في دفتر فيلمه «مصطفي كامل» قائلاً: شكراً لثورة الجيش هدمت الطغاة، ونصرت الأحرار وشجعت علي نشر آرائهم فافرجت عن مؤلف قصة فيلم «مصطفي كامل» الأستاذ فتحي رضوان، وعن فيلم مصطفي كامل نفسه، ويكون بدرخان بذلك من أوائل السينمائيين الذين أطلقوا علي ماحدث في يوليو 1952 أنها ثورة الجيش، وقد كان ذلك فاتحة لعشرات الأفلام التي انتجت في عقود متتالية عن الجيش وثورة يوليو، فأعطت المزيد من هالة التقديس للجيش حتي إذا قامت ثورة يناير 2011، بدأت آلية التعامل مع الجيش تتغير، كي تصل الأمور إلي ماحدث في العباسية، ولا نعرف كيف ستكون الصورة في الأفلام السينمائية التي سيتم إنتاجها في العقود التالية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.