الأسرة هي اللبنة الأولي في المجتمع، ووحدة بنائه، فإذا صلح أفرادها صلح المجتمع بأكمله، لذلك تسعي الشعوب والأمم إلي أن يتكون المجتمع من أفراد صالحين تقوم العلاقة بينهم علي التعاون والحب والود والاخاء لتؤسس مجتمعات سليمة يطمح أفرادها إلي التقدم والرقي. ومسرحية «علاقات خطرة» تعالج قضية العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، بكشف العلاقة بين الأبوين من ناحية والعلاقة بين كل من الأبوين والابن والابنة من ناحية أخري وبين الابن والابنة. المسرحية مأخوذة عن مسرحية «الحداد يليق بالكترا» للمؤلف المسرحي الأمريكي يوجين أونيل أعدها منتصر ثابت، وأخرجها مجدي حكيم، ويعرضها مركز الهناجر للفنون، وتعرض حكاية إزرامانون وأسرته. عشرة مشاهد تشتمل هذه المسرحية علي عشرة مشاهد يتم من خلالها تجسيد الحدث الدرامي، وافتتاحية للتعرف علي المكان الذي تدور فيه أحداث المسرحية، والتعرف علي الشخصيات الرئيسية ويسمي سماتها ومعالمها، والإشارة إلي الخط الدرامي للمسرحية، وتوجد أيضا خاتمة لاستخلاص العظة والعبرة للمسرحية والمضمون الفكري الذي تسعي لتحقيقه. الشخصية الأولي في المسرحية، هي شخصية إزرامانون الحاكم المستبد الذي يحمل السوط في يده لتأكيد هيبته ويعتقد أن الحاكم ينبغي أن يكون رجلا يخاف منه الجميع، وأن السوط علي ظهور العبيد يشعرهم بأنك سيدهم، لذا يعتمد حكمه علي سياسة القهر والتخويف والبطش. الشخصية الثانية بالمسرحية هي شخصية كريستينا زوجة إزرامانون حاكم المقاطعة، سيدة عاطفية أحبت إزرامانون قبل الزواج لأنه يرضي طموحها وتكتشف بعد الزواج أنه شخص آخر. الشخصية الرئيسية الثالثة شخصية ابنها أورين، شاب يكره أباه لقسوته وطغيانه ويحب أمه. الشخصية الرئيسية الرابعة شخصية ابنتهما لافينيا، وهي فتاة تحب أباها وتقلده لأنه يمثل القوة وتمقت أمها. الشخصية الرئيسية الخامسة شخصية القبطان آدم براندي، يتردد علي المنزل متظاهرا بحبه لكريستينا زوجة إزرامانون ويضمر العداء لهذه الأسرة والرغبة في الانتقام منها شر انتقام. أحداث رئيسية تبدأ الأحداث الرئيسية للمسرحية بعد سفر إزرامانون إلي الحرب بشهور عندما يخبر البستاني لافينيا بأن القبطان براندي علي علاقة عاطفية بكريستينا، وأنه ابن الممرضة التي تزوج بها شقيق جدها من حوالي أربعين عاماً. تعتقد لافينيا أن البستاني يهذي، فتقابل القبطان وتستدرجه في الحديث، وتعلم أيضا أن جدها ابتاع أملاك أخيه بعشر ثمنها تقريبا، وطرد الزوجين من المنزل، وأن أمه اضطرت إلي أن تعمل لتعيش ثم أقعدها المرض عن العمل فكتبت إلي شقيق زوجها - جد لافينيا - ترجوه أن يعاونها فرفض وبعد وفاة الأم يقرر القبطان أن ينتقم من إزرامانون، فتقرر أن تمنع حدوث ذلك. وتتصاعد حدة الأحداث بعد ذلك، ويعلم المشاهد من اللقاء الذي تم بين لافينيا وكريستينا أن لافينيا تعقبت كريستينا إلي نيويورك، ورأتها تقابل القبطان وتذهب إلي حجرته. وتدعي كريستينا أنها قابلت القبطان براندي كخطيب لابنتها، ثم تعترف للافينيا بأن إزرامانون أراد أن يضايقها بأن أرسل أورين إلي الحرب لأنه علي علم بحبها لأورين. لافينيا تهدد كريستينا بأنها إذا لم تقطع علاقتها بالقبطان براندي سوف تكتب إلي أبيها وأخيها تخبرهما بهذه العلاقة. تطيع كريستينا لافينيا في الظاهر، لكنها تلتقي بالقبطان وتطلب منه شراء زجاجة من السم وتخطط لقتل إزرامانون. يعود إزرامانون من الحرب ويصاب بأزمة قلبية فتعطي له كريستينا السم علي أنه دواء يشفيه من المرض، لكنه ما يلبث أن يفارق الحياة. يعود أورين ويسأل كريستينا عن علاقتها بالقبطان براندي، فتنفي وجود علاقة بينهما، وتزعم أن لافينيا تكن له عاطفة الحب، وأنها أصيبت بلوثة جعلتها تتحدث عن كريستينا بما لم يحدث. يستفسر أورين من لافينيا عما بلغه من كريستينا، فتخبره لافينيا بوجود علاقة عاطفية بين كريستينا والقبطان، وتنصحه بأن يستيقن من ذلك بنفسه. أورين يتعقب كريستينا عندما تذهب إلي القبطان ويطلق النار علي القبطان ويريده قتيلا ويفر هاربا، وتعود كريستينا إلي المنزل، وتنتهي أحداث المسرحية بوفاة كريستينا. تتميز هذه المسرحية بأنها ذات حبكة درامية جيدة متماسكة البنيان، وذلك من خلال حدث درامي بسيط ذات بداية ووسط ونهاية، ويتم عن طريق تحقيق الوحدة العضوية للمسرحية، وهي تنتمي إلي المسرح التراجيدي. العدالة والقصاص نلاحظ في هذه المسرحية أن المأساة التي التفت خيوطها حول لافينيا، وجعلتها تحمل علي عاتقها تبعة جريمة ارتكبها جدها لأبيها، وجعلتها تفقد والديها تباعا، وتحيا في أجواء الحزن والدسائس والمؤامرات، وجعلت الشخصيات تفكر في العدالة والقصاص، وهي في حقيقة الأمر المتهم والقاضي في ذات الوقت. وتقوم العلاقة بينها علي أساس «الجريمة والعقاب»، وأن العدالة قد وقفت بالمرصاد، ولن تجعل المجرم يفلت من العقاب. وما أحوج مجتمعنا في هذه الأيام إلي أن يعاقب كل مجرم علي ارتكاب الجريمة، لكي ينتشر الأمن والسلام في ربوع مصر، وأن تدور عجلة الإنتاج من جديد، وأن يشغل كل مواطن بعمله وأن يجتهد فيه لكي تعم الطمأنينة والرخاء أنحاء البلاد. الصراع الدرامي في هذه المسرحية صراع قوي يدور بين فريقين متكافئين في القوة تقريبا، فيصر كل منهما علي الوصول إلي هدفه، فقد احتدم الصراع بين القبطان براندي ولافينيا بقوة جعلته لابد من أن يصل إلي نتيجة حتمية تحسم الصراع بين الفريقين. وعلي الرغم من أن الصراع قد حسم لصالح لافينيا، غير أن لافينيا تعتبر فائزة ومهزومة في ذات الوقت ويليق بها الحداد. وقد حرص كل من منتصر ثابت «الإعداد» ود.كرم جورجيوس «رؤية نقدية» علي تأكيد بعض الكلمات مثل العدالة والعدل والقصاص من خلال الغناء والأداء الحركي، والمونولوجات الداخلية وحديث الراوي. إذ يوجد بالمسرحية شخصية رجل مسن علي علم ببواطن الأمور يظهر في بعض مشاهد المسرحية يروي أحداثا وقعت لإحدي الشخصيات أو يعلق علي أحداث أو يدلي برأيه فيما يحدث، وفي كل الحالات يتحدث في أسلوب فكاهي، ويستخدم الارتجال في بعض الأحيان. يلاحظ في هذه المسرحية أن الأداء الحركي يصاحب الغناء، ويؤكد كل منهما الآخر ويسانده، ويضفي ذلك علي أداء الممثلين المزيد من المصداقية والبعد عن التكلف، والقدرة علي التأثير علي إحساس المتفرج. فهناك تآلف كبير بين أشعار أحمد زيدان ذات الكلمات العذبة الرقيقة، والأداء الحركي المتميز الذي صممه سيد البنهاوي في الافتتاحية والخاتمة علي الأخص فكانت الأولي للتعريف بالشخصيات والمكان والإشارة إلي الخط الدرامي والثانية لاستخلاص العظة والدرس المستفاد مما حدث لأبطال المسرحية. وكان للموسيقي دور مهم في تحقيق هذا التآلف وما نتج عنه من تأثيرات علي وجدان وعقل المشاهد. ويضاف إلي ذلك المنظر المسرحي الرائع المبتكر الذي صممه مهندس الديكور محمد عزام ومن أجمل المناظر في المسرحية المنظر المسرحي لكل من البستان والسفينة الراسية قرب الشاطئ. المنظر والأداء وقد ضاعف المنظر المسرحي من جمال الأداء وغيره من العناصر المشتركة في العرض المسرحي، وأدي ذلك أيضا إلي التخفيف من آثار الحزن والشجن الذي يصيب المشاهد من جراء مايحدث لشخوص المسرحية. وكان أداء الممثلين علي درجة كبيرة من الجودة والمصداقية الفنية، بحيث ظهروا وهم يؤدون أدوارهم علي خشبة المسرح كأنهم أناس يمرون بهذه المواقف في الواقع الذي نعيشه وقد أدت الممثلة نهاد سعيد دور لافينيا بطلة المسرحية ذات الدور الفعال المؤثر علي شخصيات المسرحية جميعا، وجعل الخط الدرامي للمسرحية يسير في الاتجاه الذي سارت فيه أحداث المسرحية. وأدي الممثل مجدي إدريس دور إزرامانون، الرجل القوي الجبار الذي يحكم بالسوط، وأدت الممثلة زينة منصور دور كريستينا. وأدي الممثل الشاب مجدي رشوان دور أورين، وأدي الممثل منير مكرم دور الراوي وكان لسان حال الشخصيات، وقد استعان بما يمتلك من حضور مسرحي وخفة ظل في أداء هذا الدور، وأدي الممثل مجدي شكري دور القبطان آدم براندي. وكانت الملابس التي ارتداها كل ممثل مناسبة للدور الذي يؤدي علي خشبة المسرح. وقد استعان الممثلون ببعض المكملات وكانت ذات أثر لايستهان به علي الأداء المسرحي، وكانت الإضاءة وسيلة لإبراز جميع العناصر الجمالية التي استخدمت في إخراج هذا العرض المسرحي. وقد استخدمت تقنيات السينما في المشهد الرابع - مشهد حجرة نوم إزرامونون وكريستينا - للإشارة إلي العلاقة الحميمية بين إزامانون وكريستينا في السابق. وعلي الرغم من أن هذه المسرحية تعتمد علي قواعد المسرحية الارسطية، غير أن وجود الغناء والأداء الحركي والمنظر المسرحي المبتكر واستخدام تقنيات السينما تجعلها عرضا مسرحيا تجريبياً.