تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 9 مايو 2024    جدول مواعيد قطع الكهرباء الجديدة في الإسكندرية (صور)    ارتفاع أسعار النفط مع تقلص مخزونات الخام الأمريكية وآمال خفض الفائدة    قوة وأداء.. أفضل 7 سيارات كهربائية مناسبة للشراء    «رفح الفلسطينية» كابوس يواجه إسرائيل.. شبح العقوبات الأوروبية والأمريكية يلاحق تل أبيب    بعثة الزمالك تسافر اليوم إلى المغرب استعدادا لمواجهة نهضة بركان    مدرب نهضة بركان السابق: جمهور الزمالك كان اللاعب رقم 1 أمامنا في برج العرب    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    محمد فضل: صورة الكرة المصرية بالخارج سيئة.. وهذا موقفي من انتخابات الجبلاية    حر جهنم وعاصفة ترابية، تحذير شديد من الأرصاد بشأن طقس اليوم الخميس    حرارة قاسية اليوم.. والأرصاد تُصدر تحذيرا عاجلا    للفئة المتوسطة ومحدودي الدخل.. أفضل هواتف بإمكانيات لا مثيل لها    يسرا تواسي كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    الغندور يطرح سؤالا ناريا للجمهور عقب صعود غزل المحلة للدوري الممتاز    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    ارتفاع كبير.. مفاجأة في سعر الحديد والأسمنت اليوم الخميس 9 مايو بالبورصة والأسواق    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    الفصائل الفلسطينية تشارك في مفاوضات القاهرة    الأوبرا تحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة على المسرح الصغير    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    ما الأفضل عمرة التطوع أم الإنفاق على الفقراء؟.. الإفتاء توضح    مواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين احذرها    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    معلومات عن ريهام أيمن بعد تعرضها لأزمة صحية.. لماذا ابتعدت عن الفن؟    حقيقة تعديل جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرفها    «المصريين الأحرار»: بيانات الأحزاب تفويض للدولة للحفاظ على الأمن القومي    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خوان ماتا: عانيت أمام محمد صلاح.. وأحترمه كثيرا    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«برلمان العجائب» سلاح الفاشية الدينية لضرب الإبداع
نشر في القاهرة يوم 08 - 05 - 2012


من الواضح تماما أن هجمة الفاشية الدينية علي الإبداع والمبدعين - في مصر ما بعد ثورة يناير 2011 - منظمة ومعدة سلفا، وتتحرك بعناية علي عدة محاور مدروسة، منها القضائي والإعلامي والبرلماني، أي أنها ليست وليدة تصرفات فردية من موتورين أو مهاويس أو ساعين للشهرة مثل الذين أقاموا ما يشبه دعاوي الحسبة ضد عدد من الفنانين في الفترة الماضية.. وكما تحدثت عن ذلك الشق القضائي في مخطط الفاشيين بهذا المكان من قبل، ألقي الضوء اليوم علي الشقين البرلماني والإعلامي، المرتبطين بشكل أو بآخر، كما سأوضح في السطور التالية. وعلي سبيل المثال، كشف الشيخ السيد عسكر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب، عن أن حزب "الحرية و العدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، يعكف حاليا علي إعداد مشروع قانون لتجريم "المشاهد الإباحية" في كل وسائل الإعلام لإقراره بمجلس الشعب في أقرب فرصة، وأشار إلي أنه هو الذي تقدم باقتراح القانون.. وعن أهم ملامح المشروع، قال إنه سيتم تكليف الجهات المسئولة بمنع المشاهد الإباحية علي اختلاف أشكالها من كل وسائل الاتصال، وسيتم توقيع عقوبات رادعة علي المخالفين، يتم مضاعفتها في حالة العودة، وإن العقوبة ستقع علي المنتجين والموزعين وليس الممثلين، قائلا إن الممثل سوف يمتنع من تلقاء نفسه عن أداء أي مشهد مخل عندما يعرف ما بالقانون من عقوبات! ووفقا لتصريحات عسكر، لن يفرق القانون بين الأفلام القديمة والجديدة، وسوف يطبق علي أي محتوي "ما دام يضر المجتمع".. وأضاف: "أي مشهد مسيء قديم أو حديث سيكون قابلا للحذف". وبسؤاله عن طبيعة المشاهد الإباحية التي سيتم حذفها، وعما إذا كانت مشاهد العري فقط أم ستمتد إلي القبلات والأحضان، قال إن القانون لن يخوض في هذه التفاصيل، وإنه سيتعلق فقط بالعموميات، أما التفاصيل فسيتم تركها للائحة التنفيذية للقانون، والتي ستضعها الحكومة لاحقا. وفي نقطة شديدة الأهمية، شدد عسكر علي أن القانون سيكون له القول الفصل في حالة حدوث اختلاف في النصوص مع قانون الرقابة علي المصنفات الفنية، مؤكدا أن الغلبة ستكون لقانون الأحدث.. لكن الشيخ لم يحدد تعريفا لتعبير "المشاهد الإباحية" المطاط، الذي يمكن لأي متأسلم موتور أن يضعه علي مزاجه لتكون معاييره في النهاية إيرانية أو أفغانية! القول الفصل والحقيقة أن الذراع الإعلامية للفاشيين الدينيين لم تنتظر صدور القانون، ونشطت - بالفضائيات التليفزيونية - في ارتكاب جرائم بشعة في حق تراثنا السينمائي وكنوزنا من الأفلام علنا ويوميا.. فقد أصبح تشويه وتمزيق أفلامنا، وفقا لأهواء وعقد مسئولي الفضائيات، سواء قنوات الأفلام أو غيرها، طقسا عاديا جدا يجري بشكل منظم ودوري من دون حسيب ولا رقيب.. وبعد أن كان الحذف يقتصر علي لقطة أو اثنتين من قبل رقباء متخصصين، وبالاتفاق مع مخرجي الأفلام، أصبح يتم الآن بمنطق "الجزارين"، وعلي أيدي كهنة ودراويش يستغلون أجواء الهوس الديني السائدة في مصر حاليا لكسب بعض الإعلانات الرخيصة والجماهيرية الزائفة بشعار "نحن نحمي الناس مما يجرح براءتهم ودينهم"! هناك علي سبيل المثال قناة اسمها "سما سينما" تطلق علي نفسها لقبا مجانيا هو "قناة الأسرة المحترمة"، وترفع شعارا عجيبا هو "أفلام علي ذوقك انت"، وتذيع ليل نهار إعلانات وفواصل خاصة بها (بروموهات) تقول بالنص: "أفلامنا محترمة بدون إباحية.. تتفرج عليها بدون قلق.. بنشوف الفيلم قبل منك ونشيل منه اللي يضايقك.. يعني هنسعدك من غير ما نحرجك"!! هكذا، عيني عينك، أو علي عينك يا تاجر، تعلن قناة فضائية بكل ثقة - ولا أريد أن أقول بجاحة - أن القائمين عليها يشاهدون الفيلم قبل عرضه ويحذفون منه ما يضايق المشاهد.. ولا تسل كيف يتسني لهم، دون غيرهم، أن يعرفوا ما الذي يمكن أن يضايق هذا المشاهد، ومن عينهم أوصياء عليه يحددون ما يشاهده وما هو ممنوع عنه.. والأهم: من منحهم أصلا حق تشويه الأفلام والحذف منها؟ وهل يتم ذلك بالاتفاق مع منتجي الأفلام الذين يتعاقدون مع هذه الفضائيات لعرض أعمالهم، أم لا؟ أسئلة لا ننتظر إجابات عها لأننا اعتدنا في مصر أن نصرخ في البرية من دون أن يهتم أو يبالي أحد. وأقدمت قناة "سيما"، وصدق أو لا تصدق، علي تشويه فيلم كوميدي خفيف مثل "إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين"، ليس فيه - ولا يمكن أن يكون فيه - ما يؤذي أو يجرح مشاعر أحد، حيث حذفت رقصة لفتاة كومبارس في صالة مستشفي المجانين، أثناء انتظار "حسونة" (إسماعيل ياسين) دوره في الدخول لمدير المستشفي (عز الدين إسلام)، بالإضافة للقطات أخري.. هذا هو المستوي الذي وصلنا إليه، أصبحنا نحذف من الأفلام الكوميدية، والتدهور الذي تشهده جميع القطاعات الفنية والثقافية، طال حتي ذائقة الرقباء، أو من نصبوا أنفسهم رقباء في غفلة من الزمن. نوعان من الرقابة وتسير هذه الرقابة الإعلامية التطوعية جنبا إلي جنب مع الرقابة الرسمية التي لاحظت مثلا - في الفترة الأخيرة - أنها حذفت مشاهد من فيلم "تايتانيك" لدي عرضه في مصر الشهر الماضي بمناسبة مئوية حادث الغرق الأشهر في تاريخ العالم، رغم أن نفس هذه المشاهد لم تحذف عندما عرض الفيلم في مصر للمرة الأولي عام 1997، في مؤشر واضح علي أننا نرجع إلي الخلف.. ويأتي ذلك في الوقت الذي يطالب فيه المبدعون بإلغاء جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية وتحويله إلي جهة متخصصة لتصنيف الأعمال عمريا كما يحدث في الولايات المتحدة، وتعطيل العمل بقانون الرقابة الحالي حتي صدور قانون جديد عن البرلمان، لأن المسرح والسينما والتليفزيون مصادر مهمة للدخل القومي، يعمل فيها قطاع واسع من الأفراد، وتحقق دخلا قوميا كبيرا يمكن أن يتضاعف في حالة رفع الرقابة علي المصنفات وصايتها علي هذه الفنون المرئية ذات التأثير العظيم. والغريب - بل المدهش - أن الدكتور سيد خطاب، رئيس جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية، كان قد أكد أنه آن الأوان لحل الجهاز وإلغائه تماماً، تلبية لطلبات معظم الفنانين المصريين، لأن حرية الإبداع تعد جزءا أصيلا من الحريات التي نادت بها ثورة 25 يناير. وأضاف بالحرف الواحد: "قبل الثورة بأيام قليلة قمت بإعداد دراسة عن الرقابة في مختلف دول العالم، واقترحت إنشاء مؤسسة خلفا لجهاز الرقابة، الذي سيتم إلغاؤه - طبقا للدراسة - وليكن اسمها (مؤسسة المصنفات الفنية وحقوق الملكية الفكرية) وهي ستقوم بدورين، الأول نسميه (الرقابة البعدية) أي بعد طرح المصنف الفني للجمهور، وهذا الدور عبارة عن تصنيف كل مصنف فني تصنيفا عمريا فقط، فهناك فيلم نصنفه (عرضا عاما لكل الجمهور)، وآخر يكون تصنيفه (للكبار فقط)، وثالث يشاهده من تجاوز عمره 18 عاما وهكذا.. والدور الثاني يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية واستثمارها، بما يخدم المبدع والمجتمع". هذه هي تصريحات خطاب قبل شهور، فماذا حدث لها وله؟ وأين ما وعد به؟ وهل كانت مجرد تصريحات لركوب موجة الثورة والإيحاء للفنانين بالوقوف في صف مطالبهم، بينما كانت النية متجهة لإرضاء المتأسلمين وتنفيذ مخططاتهم؟ مكارم الأخلاق وفي إطار هجمة البرلمان علي الإبداع، أحال الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، الشهر الماضي، مشروع قانون المجلس الأعلي للبث السمعي والبصري إلي لجنة الثقافة والإعلام لمناقشته تمهيدا لعرضه علي المجلس.. وتؤكد مواد المشروع "القيم الدينية والتزام برامج الإذاعة والتليفزيون بمكارم الأخلاق"، وضرورة الحرص علي تقديم الفن الرفيع البعيد عن الابتذال والسوقية. وتنص علي 12 محظورا منها أنه لا يجوز بث البرامج الإباحية أو المخلة بالآداب بالقول أو بالصورة، أو التي تجرح في المعتقدات الدينية أو ذات الفكر المتطرف أو التي تثير الجدل الديني بين الطوائف.. ولا يجوز بث ما من شأنه تحقير أي مهنة مشروعة أو ما يهدد كيان الأسرة أو ما يفرق بين الناس بسبب اللون أو الجنس أو العقيدة، ولا يجوز عرض البرامج بطريقة تؤدي إلي التقليد، أو بث برامج بها تعاطي المخدرات أو المحرمات الأخري كالخمر والميسر.. ولا يجوز بث آراء ذات صبغة مهنية إلا إذا كانت من مختص. أما العقوبات فهي الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألفا أو بإحدي العقوبتين لكل من قام بأعمال البث بالمخالفة للقانون، وتقضي المحكمة بمصادرة النسخ محل الجريمة والأجهزة التي استخدمت! وهذا المشروع، الذي يستحق أن ينشر في باب "صدق أو لا تصدق"، يليق تماما ببرلمان العجائب والغرائب، الذي لم تخرج إنجازات أعضائه من المتأسلمين - منذ انتخابهم - عن رفع الأذان داخل قاعة المجلس، واقتراح إباحة الختان واغتصاب الزوج لزوجته، بل اقتراح قانون "مضاجعة الوداع"، الذي يبيح للزوج مضاجعة زوجته خلال الساعات الست الأولي بعد وفاتها، بغض النظر عن نفي مناقشة الاقتراح رسميا، لأن مجرد وجوده يعني أن العقلية التي تفكر بهذه الطريقة موجودة، وهي عقلية لا يمكن أن تؤتمن علي آمال وطموحات وحقوق شعب عظيم، وأهمها حقه في الإبداع والتعبير عن رأيه.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.