وزير الأوقاف من مسجد السيدة زينب: أئمتنا على قدر المسئولية في بناء خطاب ديني رشيد    مساندة الخطيب تمنح الثقة    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    شراكة جديدة بين وزارة التضامن وأحد المستثمرين بجنوب سيناء    5723 طلبًا للتصالح في مخالفات البناء بالشرقية    سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر يرتفع بحلول تعاملات المساء    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    دول مجلس أوروبا تعتمد اتفاقية بشأن الذكاء الاصطناعي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    عضو «حقوق الإنسان»: دعم مصر لجنوب إفريقيا أمام «العدل الدولية» جاء في توقيت مهم    القسام: قنصنا جنديًا إسرائيليًا شرق جباليا    وزير الأوقاف: كلمة الرئيس بالقمة العربية تأكيد بأن مصر لن تفرط في ذرة من ترابها    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    "7 لاعبين و3 ألقاب".. ماذا تغير في النادي الأهلي منذ نهائي دوري الأبطال 2018؟    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم : نطالب بتطبيق قوانين الفيفا على الاحتلال الإسرائيلي بشأن المباريات الدولية    "يمنح الطلاب شهادات مزورة".. ضبط سيدة تُدير كيان تعليمي وهمي في الغربية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    الهرم الرابع وطاغية وبطل جماهيري.. ماذا قال النجوم عن عادل إمام؟    ليلي علوي: عادل إمام قيمة فنية كبيرة يعكس ثقافة مصر    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: قد نتوجه لكونجرس الكاف بشأن مشاركة إسرائيل في المباريات الدولية    بعد إعادة افتتاحه.. تاريخ متحف «كفافيس» بالإسكندرية ومواعيد دخوله «صور»    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    توخيل يعلن نهاية مشواره مع بايرن ميونخ    كولر: الترجي فريق كبير.. وهذا ردي على أن الأهلي المرشح الأكبر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    آخر موعد لتلقي طلبات المنح دراسية لطلاب الثانوية العامة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف بسمة الفيومي.. طريقة عمل الكرواسون المقلي    لا داع للقلق.. "المصل واللقاح" توجه رسالة عاجلة للمواطنين بشأن متحور FLiRT    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطر أن يختلط الدين بالأساطير والأخطر أن يصبح تشريعاً
نشر في القاهرة يوم 17 - 04 - 2012


الإسلاميون «اسم خطأ لكنه شائع» صعد نجمهم، وكثر ظهورهم، وانهمرت فتاواهم وأكثرها من دون دليل قطعي.. والإعلام يذيع.. والناس يسمعون، وغالباً يصدقون.. الخطر أن يختلط الدين بالأساطير والخرافة.. والأخطر أن يصير تشريعا!! لذلك آن الأوان لوضع موضوع الاجتهاد في الدين في دائرة الضوء، من واقع قواعد أصول الفقه، وأعمال الفقهاء السابقين، ليبين الصواب والخطأ، ومما يجوز وما لا يجوز. وإلي السؤال المهم: ما المسموح به في الاجتهاد، وما حدوده المباحة؟ ونقول: إن للدين أصولاً وفروعاً. «أصول» الدين هي «العقائد» (أي الإيمان بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر). و«فروع» الدين هي: «العبادات» و«المعاملات». فإذا تمسك المسلم بأصول الدين له أن يجتهد في الفروع علي أن يقدم الدليل الذي يستند إليه. والأدلة الشرعية التي ينظر فيها عند استنباط الأحكام هي: أولاً: القرآن الكريم: وهو مرجع الأدلة كلها.. والمعلوم أن نصوص القرآن جميعها قطعية الثبوت والنقل عن الرسول إلينا، بمعني أنه يجب أن نجزم ونقطع أن كل ما نتلوه من آيات القرآن هو النص نفسه الذي أنزله الله علي رسوله عليه السلام، فبلغه الرسول المعصوم عن الخطأ في التبليغ إلي الأمة من غير تحريف ولا تبديل، فكان يتلو ما يوحي إليه من ربه علي أصحابه، فيكتبه كتبة الوحي له «عليه السلام»، ومات عليه السلام وكل آية من آيات القرآن مدونة علي ما اعتاد العرب التدوين فيه أو محفوظة في صدور كثير من المسلمين. أما النص القرآني من حيث «دلالته» علي المعاني وعلي ما تضمنه من الأحكام فينقسم إلي قسمين: 1- نص قطعي الدلالة، وهو مادل علي معني متعين فهمه منه لايحتمل تأويلاً: ولا مجال لفهم معني آخر منه، أو بمعني آخر: نص لا يحتمل أكثر من معني واحد، مثل قول الله تعالي: «ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد» (البقرة 228)، وقوله: «كتب عليكم الصيام» (البقرة 183) وقوله: «وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» (البقرة 43). فالآية الأولي «قطعية الدلالة» لأنها أفادت أن نصيب الزوج في هذه الحال النصف فقط.. ونص. الآية لا تحتمل غير هذا.. كما أفاد النص الثاني فرضية الصيام.. وأفاد الثالث فرضية الصلاة والزكاة. 2- نص ظني الدلالة: وهو ما دل علي أكثر من معني، مثل قوله تعالي: «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء» (البقرة 228).. «والقرء» في اللغة لفظ مشترك بين معنيين «الطهر» و«الحيض» والنص يحتملهما وليس قطعياً في أحدهما، ولهذا اختلف المجتهدون في المراد منه أهو الطهر أم الحيض؟ وبعد أن علمنا ما سبق نسأل: ما موقف المجتهد من هذين النوعين من آيات القرآن «قطعية الدلالة وظنية الدلالة»؟ إن هذين النوعين من الآيات منها ما ورد في «العبادات» ومنها ماورد في «المعاملات» وموقف المجتهد منها كما يلي: 1- آيات العبادات قطعية الدلالة: لا تقبل الاجتهاد. مثل قول الله تعالي: «إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا».. وقوله «كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم».. فهاتان الآيتان فرضتا الصلاة والصيام، وهما قطعيتا الدلالة فليس لمجتهد أن يقول بعدم فرضية الصلاة والصيام. 2- آيات المعاملات قطعية الدلالة: تقبل الاجتهاد. «فالمعاملات» تختلف عن «العبادات» في أن العبادات «لا تعلل» والمعاملات «تعلل» أي أن أي حكم من أحكام المعاملات لابد أن يكون له «علة»، لأن الله سبحانه لم يشرع أحكامه إلا لمصالح وأسباب وعلل بنيت عليها الأحكام فإذا وجدت العلة كان الحكم، وإذا انتفت العلة سقط الحكم، ولذلك قال الفقهاء: «إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدما». وآيات المعاملات قطعية الدلالة يجوز فيها الاجتهاد آخذاً «بالمصلحة» إذا كانت ضرورية والمثل البارز علي هذا اجتهاد الخليفة «عمر بن الخطاب» فيما ورد فيه نص قرآني قطعي الدلالة لزوال «العلة» الموجبة كما فعل في سهم الزكاة «للمؤلفة قلوبهم» وكان لهم سهم يأخذونه من رسول الله «صلوات الله عليه» تألفا لقلوبهم أيام ضعف الإسلام، فلما جاءوا يسألون «عمر» سهمهم هذا «في عهد أبي بكر وقد خوله أبوبكر ذلك» قال لهم «عمر»: «لا حاجة لنا بكم فقد أعز الله الإسلام وأغني عنكم». ويعلق «العقاد» في كتاب «التفكير فريضة إسلامية» علي اجتهاد عمر فيقول: «إن من سوء الفهم أن يقال إن الفاروق خالف النص في هذه القضية، وإنما يقال إنه اجتهد في فهم النص كما ينبغي وأنه بحث عن المؤلفة قلوبهم فلم يجدهم، لأن تأليف القلوب إنما لا يكون مع مصلحة للإسلام والمسلمين فإن لم يكن تأليف لم يكن هنا مؤلفة يستحقون العطاء» أ.ه. ولذلك قال الشيخ: «عبدالله المشد» في كتابه «مصادر التشريع الإسلامي»: عند معارضة المصلحة للنص القطعي ترجح المصلحة المقطوع بها علي النص «والشيخ عبدالله المشد هو الرئيس الأسبق للجنة الفتوي بالأزهر الشريف». وقبل الخليفة «عمر» اجتهد النبي «صلي الله عليه وسلم» واجتهد «أبوبكر».. ويقول الأستاذ «العقاد» «إن ما صنعه النبي «عليه السلام» وتابعه فيه الراشدون من خلفائه وأصحابه وجب علي المسلمين أن يصنعوا مثله، ولهم قدوة من أولي الناس أن يقتدوا بسيرته وعمله». 3- آيات العبادات ظنية الدلالة: تقبل الاجتهاد. ولعل من يقرأ كتاب «الفقه علي المذاهب الأربعة» (قسم العبادات) يلمس الخلاف في أمور العبادات بين فقهاء المذاهب الأربعة بسبب اختلافهم في فهم آية ظنية الدلالة كاختلافهم في آية «الوضوء» التي قال فيها المولي سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلي الكعبين». فاختلفوا في دلالة حرف «الباء» في «برءوسكم» وهل هي للتبغيض أم الاستيعاب، ومن ثم اختلفوا فيما يمسح من الرأس: فقال المالكية والحنابلة: يجب مسح جميع الرأس. وقال الشافعية: يجب مسح بعض الرأس ولو قلّ. وقال الحنفية: يجب مسح ربع الرأس. 4- آيات المعاملات ظنية الدلالة: تقبل الاجتهاد. وتلفت القارئ مرة أخري إلي الفقه علي المذاهب الأربعة ففيه ما لا يكاد يحصي من اجتهادات الفقهاء الأربعة في آيات المعاملات ظنية الدلالة بسبب اختلافهم في فهم ما تدل عليه هذه الآيات. وبذلك ننهي هذه النبذة عن الاجتهاد في آيات القرآن الكريم ومنها علمنا أن الاجتهاد جائز في جميع آيات القرآن «عبادات ومعاملات» ما عدا آيات العبادات قطعية الدلالة. ثانيا: السنة النبوية ونقصد الأحاديث المروية عن رسول الله «صلي الله عليه وسلم» والتي وردت بكتب الحديث وأشهرها الكتب الستة للبخاري ومسلم وأبوداود والترمذي وابن ماجه والنسائي. وهذه الأحاديث - كما قرر العلماء- أحاديث آحاد «أو أخبار آحاد» نقلها عن النبي راو عن راو أو عدد يسير «وليس جمعا كبيراً «ولذلك فهي «ظنية الثبوت» أي ظنية الورود عن رسول الله لأن سندها لا يفيد القطع، ولذلك فهي تصير محلا للنظر والاجتهاد. ويؤخذ بها بعد عرضها علي القرآن «القطعي» وقد قال الإمام «الشاطبي» في كتابه «الموافقات» «إن مخالفة الظني لأصل قطعي يسقط اعتبار الظني علي الإطلاق وهو مما لا يختلف فيه أحد». وقد اختلف فقهاء المذاهب في الأحاديث، ومنهم من رد بعضها ولم يعتمد عليها في استنباط الأحكام بعد أن وجدها تخالف القرآن أو تناقض العقل. «فالإمام مالك» لم يأخذ بحديث الحج عن الغير الذي يقول: «من مات وعليه الحجة المفروضة حج عنه ولىّه».. وردّه لأنه وجده يخالف القاعدة المستمدة من القرآن وهي: «ألا تزر وازرة وزر أخري وأن ليس للإنسان إلا ما سعي» «محمد البنا.. الكتاب والسنة». «والإمام أبوحنيفة» كان يقول: «كل ما خالف القرآن ليس عن رسول الله وإن جاءت به الرواية» وافتي بنحو مائتي مسألة خالف فيها «الحديث»: فقد روي أن رسول الله قال: للفرس سهمان وللرجل سهم.. فقال أبوحنيفة: أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن. وروي أن النبي كان يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في سفر.. وقال أبوحنيفة: القرعة قمار «أحمد أمين، ضحي الإسلام». ثالثا: الإجماع: تحدث بعض الأصوليين القدامي والمحدثين عن أن «الإجماع» يمنع من الاجتهاد فقالوا: إن إجماع المجتهدين في عصر من العصور علي حكم اجتهادي «لم تدل عليه نصوص قطعية ولا ظنية» يمنع الاجتهاد في هذا الحكم. وقد علق علي هذا الأمر «د .عبدالمنعم النمر» (وزير الأوقاف الأسبق) في كتابه «الاجتهاد» فقال: «إن هذا فيه إسراف كبير وتجاوز للمعقول حين نمنع الاجتهاد في المسائل التي حصل عليها إجماع بالاجتهاد.. وإننا نري أن الإجماع القائم علي اجتهاد بحت ولا نص فيه لا يمنع العقول أن تجتهد هي كذلك فيه فيما بعد، ولا يمنع المجتهدين أن يروا فيه رأياً غير ما رآه الأولون باجتهادهم، فما دام الأمر يرجع إلي العقل والاجتهاد فهو باستمرار معروض علي العقول في كل زمن العقول التي تستطيع أن تبحث وتجتهد وتخرج برأي في أي عصر وفي أي قطر» انتهي. وبعد فقد كان هذا بحثا مختصراً في أبعاد الاجتهاد وحدوده.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.