واشنطن وتل أبيب تدفنان "المبادرة الفرنسية" بسبب حماس وحماية الدور الامريكي بالمنطقة أبو مازن مصمم ومعسكر المعارضين يضم: «فياض» و"قريع" و"القدوة".. والأسباب: الخسائر تفوق الأرباح! 29 سيناتوراً يطالبون أوباما بتعديل خطته لعدم إجبار إسرائيل علي الانسحاب إلي حدود 67! هل بدأ الفلسطينيون في التراجع عن اصرارهم علي خوض معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في الاممالمتحدة؟.. يبدو أن الأمر كذلك!.. فقد فوجئنا في الايام الاخيرة بتسريبات وتصريحات وكتابات تمهد لهذا التراجع الفلسطيني بسبب الضغوط الامريكية، التي لعب فيها "الدولار" دورا لافتا!.فنشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الاسرائيلية تقريرا بعنوان "فياض يضغط لتأجيل الاعلان أحادي الجانب"، وذكرت في سياقه ان رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، يناشد رئيس السلطة أبو مازن للعمل علي تأجيل خطوة الاعلان أحادي الجانب عن دولة فلسطينية في سبتمبر المقبل. ونقلت الصحيفة علي لسان مسئول فلسطيني لم تذكر اسمه قوله ان فياض يخشي "مصيبة اقتصادية" بسبب العقوبات الاقتصادية التي ستبادر إليها الولاياتالمتحدة واسرائيل، والتي من المتوقع ان تأتي كرد فعل علي سعي الفلسطينيين الي الحصول علي الاعتراف بدولتهم في الجمعية العمومية للامم المتحدة. وخرج صائب عريقات في رام الله ليقول إن الفلسطينيين سيوافقون علي تأجيل تقديم طلبهم الي الاممالمتحدة بشرط ان تعلن اسرائيل عن استئناف المفاوضات بالشروط المقبولة عليهم وعلي أساس صيغة اوباما. وادعت صحيفة هآرتس الاسرائيلية وجود خلاف حاد في القيادة الفلسطينية حول معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الاممالمتحدة. فبينما يصمم رئيس أبو مازن علي خوض المعركة، أعربت مجموعة من كبار المسئولين الفلسطينيين في الاسابيع الاخيرة في احاديث مغلقة عن سلسلة تحفظات من التوجه الي الاممالمتحدة لتلقي الاعتراف بدولة فلسطينية، وحذرت من ان الخسائر التي ستلحق بالفلسطينيين ستفوق الارباح. وأوضحت الصحيفة ان معسكر المعارضين يضم سلام فياض، ورئيس الوزراء السابق احمد قريع (أبو العلاء) والسفير الفلسطيني السابق في الاممالمتحدة ناصر القدوة. وقالت الصحيفة ان المعارضين الفلسطينيين يخشون ان تؤثر خطوة الاممالمتحدة بصورة خطيرة علي كل ما يتعلق بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة، ولا سيما مع الكونجرس، فضلا عن قولهم ان الحصول علي الاعتراف الدولي بدولتهم لن يؤدي الي اي تغيير علي الارض، فضلا عن ان ذلك يتضمن تصعيدا خطيرا في الضفة قد يصل الي حد اشعال انتفاضة جديدة. ويضيف المعارضون الي قائمة اسبابهم ايضا أن الاعتراف في الاممالمتحدة من شأنه ان يمنح الفلسطينيين دولة في حدود مؤقتة فقط، ويزيل ملفات مهمة مثل القدس واللاجئين. 29 سيناتوراً قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" الاسرائيلية ان المعارضة تتزايد داخل الكونجرس الامريكي بشأن رؤية اوباما لتحقيق السلام في الشرق الاوسط. وأوضحت الصحيفة ان السيناتور الجمهوري ارون هاش، والمستقل اليهودي جو ليبرمان، الذي كان مرشحا عن الحزب الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس الامريكي في انتخابات 2004، اقترحا ان يصدر اوباما ملحقا رسميا لما ورد في خطابه يعلن فيه انه لا ينبغي علي اسرائيل ان تنسحب الي حدود 1967، بدعوي ان ذلك يتعارض مع السياسة الخارجية للولايات المتحدةالامريكية، لان هذه الحدود تضع اسرائيل في وضع امني خطير يؤثر علي استقرار المنطقة، وقد حمل اقتراحهما توقيعات 29 سيناتوراً ديمقراطياً وجمهورياً. لكن مصادر امريكية ذكرت ان اوباما يصر علي عدم التنازل عن الخطوط الرئيسية لخطته، وأجري مسئول رفيع بالبيت الابيض الابيض محادثة هاتفية مع زعماء اللوبي اليهود ،بالولاياتالمتحدة لإبلاغهم ان الرئيس الامريكي يتظر اعلان نتنياهو عن موقفه من الخطة المعلنة لبدء المفاوضات. وقال ستيف سيمون رئيس ادارة الشرق الاوسط بمجلس الامن الوطني الامريكي، الذي تم تعيينه خلفا لدان شابيرو، الذي سيتم تعيينه سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل، إن اوباما يضغط علي الفلسطينيين والاسرائيليين علي حد سواء للقبول بمبادئه المعلنة لاستئناف مفاوضات السلام. ويتزامن ذلك مع اعلان نتائج استطلاع للرأي في الولاياتالمتحدة اجرته شبكة "سي إن إن" الاخبارية الامريكية، حيث تبين ان 67% من الامريكيين يؤيدون اسرائيل، بينما يحظي الفلسطينيون بتأييد 16% فقط. المبادرة الفرنسية هل نحن امام محاولة لخفض سقف المطالب العربية (المنخفضة أساسا) فيما يتعلق بعملية السلام؟.. فقد خرج علينا الرئيس الامريكي باراك اوباما بمبادرة لاستئناف المفاوضات، ينحاز فيها الي الموقف الاسرائيلي، ثم تثار ضجة مفتعلة في وسائل الاعلام بين تل ابيب وواشنطن، بدعوي ان المبادرة الامريكية تنحاز للفلسطينيين. وما كادت تمر ساعات حتي خرج اوباما نفسه ليعلن ان تصريحاته ومبادرته أسيء فهمها، وأعاد تفسيرها مجددا لصالح اسرائيل بالكامل، إذعانا لضغوط اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدةالامريكية، واتساقا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي يسعي فيها اوباما للفوز بفترة ثانية. وكأن ذلك لم يكن كافيا، فبدأ الترويج لمبادرة جديدة، انطلقت من اوروبا هذه المرة، وحملت اسم "المبادرة الفرنسية". المصيبة ان الفرنسيين راحوا يقدمون المزيد من التنازلات العربية لاسرائيل. فقد قام وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، بتسليم وثيقة تتضمن خطة فرنسية لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين الي نتنياهو، نهاية الاسبوع الماضي. ويتضمن الاقتراح الفرنسي لأول مرة قولا من الأسرة الدولية بأن هدف المفاوضات هو "دولتان للشعبين"، بما يعد اقترابا من مطلب نتنياهو فيما يتعلق بالاعتراف باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. وتتحدث الوثيقة الفرنسية عن استئناف المفاوضات علي أساس عدة مبادئ: - بحث موضوع الحدود علي أساس حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للاراضي، وفقا لخطاب الرئيس الامريكي. - تُدار مفاوضات علي ترتيبات أمنية "للطرفين"، اسرائيل والدولة الفلسطينية. - تبدأ المفاوضات في بحث الحدود ومسألة الترتيبات الامنية، مع تأجيل المفاوضات علي اللاجئين والقدس الي موعد لاحق، لا يزيد علي سنة من لحظة بدء المحادثات عن الحدود والأمن. * تتضمن الوثيقة قولا صريحا بأن هدف المفاوضات هو الوصول الي "دولتين للشعبين" وليس فقط "حل الدولتين"، كما درجت الأسرة الدولية والفلسطينيين علي القول. وهذا تغيير ذو مغزي كبير يقترب من نتنياهو ومن مطلبه من الفلسطينيين بأن يعترفوا بإسرائيل بأنها "الدولة القومية للشعب اليهودي". وتتضمن الوثيقة حلا وسطا آخر في صالح اسرائيل في موضوع القدس، فخلافا لمواقف سابقة للأسرة الدولية، لا تقضي بأن تكون القدس عاصمة الدولتين، بل فقط أن حل موضوع القدس يتحقق بالمفاوضات. وذكرت صحيفة معاريف الاسرائيلية ان جوبيه اوضح أنه فقط إذا ما رد الطرفان بالايجاب علي المباديء في الوثيقة، فإن فرنسا مستعدة لأن تعقد مؤتمرا للسلام في باريس، في شهر يوليو القادم، لتستأنف فيه المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، مؤكدا ان فرنسا ستتخلي عن الفكرة تماما إذا رفضها ابو مازن ونتنياهو. ونقلت الصحيفة عن مسئول اسرائيلي قوله ان نتنياهو شدد أمام جوبيه علي أن اسرائيل تطالب بأن تقوم كل المفاوضات علي أساس مبدأ تواجد عسكري اسرائيلي علي نهر الاردن، والاعتراف بدولة يهودية وعدم عودة اللاجئين الي دولة اسرائيل، وان نتنياهو استبعد استئناف المفاوضات السياسية مع حكومة وحدة بين فتح وحماس، لا تعترف بإسرائيل ولا تتخلي عن الارهاب. وأشار وزير الخارجية الفرنسي الي أن صيغة الوثيقة نالت مصادقة من الادارة الامريكية ودول بارزة أخري في الاتحاد الاوروبي، وأوضح أن هدف المبادرة هو عرض بديل للخطوة الفلسطينية أحادية الجانب في الاممالمتحدة في سبتمبر المقبل، لقبول فلسطين عضوا كاملا في الاممالمتحدة، محذرا من أنه اذا لم يحدث تقدم في المسيرة السلمية حتي سبتمبر، فإن فرنسا ستفكر في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وجاءت الخطوة الفرنسية بعد 10أ يام تقريبا من خطاب نتنياهو في الكونجرس الامريكي، والذي استُقبل بخيبة امل شديدة من جانب الادارة الامريكية والاعضاء المركزيين في الاتحاد الاوروبي، فرنسا، المانيا، بريطانيا، ايطاليا واسبانيا. وأشار دبلوماسيون اوروبيون كبار الي أن الخطاب "لم يوفر بضاعة يمكنها ان توقف الخطوة الفلسطينية في سبتمبر". ولكن بعد ايام قليلة، لم تجد صحيفة معاريف الاسرائيلية غضاضة في الاعلان عن نجاح واشنطن وتل ابيب في دفن مبادرة السلام الفرنسية، مشيرة الي مؤتمر صحفي عقدته وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون مع نظيرها الفرنسي، الان جوبيه، قالت خلاله انه "لا معني لعقد مؤتمر في فرنسا يكرس للمسيرة السلمية في الشرق الاوسط اذا لم يكن توافق بين الطرفين للعودة الي المفاوضات". وأوضحت الصحيفة انه منذ الاسبوع الماضي، حين استلم تفاصيل المبادرة الفرنسية، عمل نتنياهو مع واشنطن لإجهاضها، خاصة ان ثمة مصالح خاصة للولايات المتحدة في دفنها، لأن قبول المبادرة يعني بروز دور فرنسي في عملية السلام بالمنطقة، بينما لا ترغب الادارة الامريكية في التخلي عن قيادة المساعي لاستئناف المفاوضات. واشار نتنياهو في جلسة الحكومة الي التحفظات المزعومة علي المبادرة الفرنسية، مثل انها لم تتضمن تحفظا علي اشتراك حماس في الحكومة الفلسطينية، فضلا عن أنه خلافا للولايات المتحدة، التي تعارض معارضة قاطعة الاعتراف بدولة فلسطينية في الاممالمتحدة، فإن فرنسا لا تخفي انها ستعترف بدولة فلسطين اذا لم تستأنف المفاوضات.